• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

البحث الأول :في شبهة المنكرين لإمامة علي (عليه السلام)

واعلم أن من الناس من ينكرها مطلقا، أما الأولون فهم القائلون بإمامة أبي بكر، وأما الآخرون فهم الخوارج أما الأولون فتمسكوا بعشرة شبه:
الأولى: قوله تعالى(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) (1) ولفظ " الذين آمنوا " لفظ جمع وأقل الجمع ثلاثة فقد وعد الله الثلاثة فما فوقها من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) أن يستخلفهم في الأرض ويمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وكل ما وعد الله تعالى فلا بد وأن يوجد وإلا وقع الخلف في خبره تعالى وهو محال ومعلوم أنه لم يوجد إلا خلافة هؤلاء الأربعة.
الشبهة الثانية:التمسك بقوله(قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد)الآية(2)فنقول:إن الداعي لهؤلاء الأعراب إما محمد(صلى الله عليه وآله)أو الخلفاء الثلاثة الذين بعده وإما علي(عليه السلام)ومن بعده أما أن الداعي هو محمد(صلى الله عليه وآله)فمحال لقوله تعالى(سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها) الآية(3) وأما أنه علي (عليه السلام) فباطل لأنه تعالى قال في صفة هؤلاء الدعاة (تقاتلونهم أو يسلمون) ولم يتفق لعلي (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله) قتال بسبب الإسلام، بل كانت محاربته بسبب طلب الإمامة. وأما أن الدعاة هم الذين كانوا بعد علي (عليه السلام) فهو ظاهر البطلان، لأنهم عندنا كانوا فساقا، وعند الخصم كفارا، وعلى التقديرين فلا يليق بهم [ ما ](4) في قوله تعالى (فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا) الآية(5) فلم يبق إلا أن يكون المراد هو إمامة هؤلاء الثلاثة.
الشبهة الثالثة: لو كانت إمامة أبي بكر باطلة لما كان ممدوحا معظما عند الله تعالى وقد كان كذلك، فوجب القطع بصحة خلافته، أما الملازمة فظاهرة، وأما أنه ممدوح معظم عند الله فلقوله تعالى (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة)(6) وهو من بايع تحت الشجرة، فوجب أن يكون مرضيا عند الله تعالى
(والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)(7) وإذا ثبت أنه مرضي عنه وجب صحة إمامته.
الشبهة الرابعة: أن الصحابة كانوا يخاطبون أبا بكر بخليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) حاضر والخصم يعترف بذلك إلا أنه يحمله على التقية، ثم إن الله سبحانه وتعالى وصف الصحابة بالصدق فقال (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم) إلى قوله (أولئك هم الصادقون) (8) فلما ثبت أنهم خاطبوه بالخليفة، وثبت أنهم صادقون، وجب أن يكون خليفة حقا.
الشبهة الخامسة: تمسكوا بقوله (صلى الله عليه وآله) " اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر "(9) وقوله " اقتدوا " لفظ للجمع، وهو إما للوجوب أو الندب وعلى التقديرين فإنه يدل على جواز الاقتداء بهما في الأحكام، ولو كان على الخطأ والضلالة لما جاز ذلك.
الشبهة السادسة: روى شعبة: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " إن الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا عضوضا "(10) وصف القائمين بهذا الأمر بعده مدة ثلاثين سنة بالوصف المقتضي للمدح والتعظيم ووصف من بعدهم بالوصف الدال على أنهم أرباب الدنيا لا أرباب الدين وذلك نص على صحة خلافة الخلفاء الأربعة.
الشبهة السابعة: أبو بكر أفضل الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأفضل هو الإمام وإنما قلنا إنه أفضل لقوله (صلى الله عليه وآله): " ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أحد أفضل من أبي بكر "(11) وأما أن الأفضل هو الإمام فقد مر تقريره.
الشبهة الثامنة:أن النبي (صلى الله عليه وآله) استخلف أبا بكر في الصلاة، فوجب أن يبقى خليفته في باقي الأحكام ضرورة، لأنه لا قائل بالفرق. الشبهة التاسعة:طريق ثبوت الإمامة إما بالنص وإما الاختياروقد بينا أن النص باطل فثبت الاختياروكل من قال أن الطريق إليه الاختيار قال أن الإمام هو أبوبكر فوجب القول بصحة إمامته ضرورة لأنه لا قائل بالفرق.
الشبهة العاشرة: لو كانت الإمامة حقا لعلي (عليه السلام) لكان تركه لها إما حال ما كانت الأمة مساعدة على الطلب أو حال ما كانت مخالفة له، فإن كان الأول تعين عليه الطلب، بحيث لو لم يطلب تبين أن الإمامة لم تكن حقا له، وإن كان الثاني وجب أن تكون هذه الأمة شر أمة أخرجت للناس، مع أنهم خير أمة أخرجت للناس، وإذا ثبت أنهم خير أمة لم يكن تركه (عليه السلام) طلب للإمامة إلا بسبب دفعهم له عنها، وذلك يقتضي أن يكون تركه لها إنما كان لأنها ليست حقا له.
الجواب عن الشبهة الأولى: لا نسلم حملها على الأربعة فقط، فإن اللفظ (الذين آمنوا) لفظ عام يتناول كل من آمن وعمل صالحا، فتخصيصه بالبعض دون البعض ترجيح من غير مرجح، فوجب حمله على كل المؤمنين وأما لفظ الخلافة فلا نسلم أن المراد منها الإمامة فإن الخلافة أعم، ووضع العام مكان الخاص مجاز، بل المراد أن الله تعالى وعد جميع من آمن أن يستخلفهم عوضا من الكفار في الجاهلية.
وعن الثانية: لم لا يجوز أن يكون الداعي هو النبي (صلى الله عليه وآله)، وأما ما تبين الاستقبال في (سيقول) فتحمل على أن الآية نزلت قبل بعض الغزوات، وحينئذ يكون الوعد بالقول في المستقبل عند تلك الغزوة حسنا ويصلح دخول التبيين فيه سلمناه، لكن لم قلتم أن الداعي إذا كان أحد هؤلاء الثلاثة وجب أن تكون إمامتهم صحيحة؟ إذ من الجائز أن يكون الانسان على الفسق المخرج عن قبول الشهادة فضلا عن الإمامة ويدعو مع ذلك إلى طاعة الله، ويحرص على بعض أوامر الله، ويؤيده ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) " إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاسق "(12) وعن الثالثة: لا نسلم أن أبا بكر بقي معظما مطلقا، وبيانه من وجهين:
أحدهما: أن لفظ " رضى " لفظ فعل ماض ومع ذلك فهو مقيد بوقت البيعة في الشجرة، والمقيد بوقت يحتاج في استيعابه في باقي الأوقات إلى دليل.
الثاني: أن الرضا أعم من الرضا عنه في أفعاله وأحواله ومن الرضا في بعضها، والمشترك لا يدل على إحدى الخصوصيتين، فلم لا يجوز أن يحمل رضاه عنه ها هنا على الرضا عنه من جهة تصديقه بالرسول (صلى الله عليه وآله) ومبايعته له فقط، وهذا لا ينافي أن يكون غاصبا للخلافة من أهلها. وبأنه يجوز أن يرضى عن المؤمن من جهة إيمانه ويسخط عليه من جهة فسقه.
وعن الرابعة: أن مخاطبة الصحابة أبا بكر بالخلافة كمخاطبتهم لمعاوية، بل كمخاطبة بني مروان بها، وسكوت علي لا يدل على الرضا، فإن من لزم التقية في وقت عدم تمكن أبي بكر في طلب هذا الأمر العظيم فلئن يلزم السكوت عن إطلاق لفظ بعد امتداد يد أبي بكر أولى.
وأما كون الصحابة صادقين فلا نسلم أن الفقراء الموصوفين بالصفات المذكورة كانوا هم المخاطبين لأبي بكر بالخلافة، بل كما يحتمل ذلك يحتمل أن يكونوا هم أصحاب علي (عليه السلام) ومن أنكر إمامة أبي بكر سلمناه، لكن الصادق أعم من الصادق في كل أحواله أو في بعضها، فلم قلتم أن المراد أنهم صادقون في كل أقوالهم، وحتى لا يجوز أن يكذبوا ومعلوم أن الكذب جائز بالاتفاق على آحادهم، وإذا جاز ذلك كانت مخاطبتهم له بالخلافة كذبا.
وعن الخامسة: لا نسلم صحة الخبر، سلمناه لكنه خبر واحد لا يجوز العمل به، سلمناه لكن الاقتداء أعم من الاقتداء في كل الأمور أو في بعضها، ولم لا يجوز أن يحمل الاقتداء بها على الاقتداء في المشاورات في أمور الدنيا، أو في أمر جزئي، سلمناه لكن الأمر لا يقتضي التكرار فلم لا يجوز الاقتداء بهما في وقت ما فلا يتعين أن يكون في خلافتهما، سلمناه لكن الأمر ورد بالاقتداء بهما معا وظاهره يقتضي أن يقتدى بهما حالة اجتماعهما على الفتوى أو على الأمر المقتدى فيه بهما، وهما حال الاجتماع لا يكونان إمامين، فإن الإمام يشترط أن لا يكون معه غيره، بل يشترط أن لا يكون معه في الحكم غيره.
وعن السادسة: لا نسلم صحة هذا الخبر، سلمناه، لكنه خبر واحد فلا يعتمد عليه، سلمناه لكنه معارض بما أن خلافة الحسن والحسين (عليهما السلام) كانت عندكم بعد أبيهما، فعلى تقدير صحة هذا الخبر لا يكون خلافتهما صحيحة لأن مفهومه أن هذه الرئاسة لا تسمى خلافة إلا في مدة ثلاثين سنة فأما بعدها فتكون ملكا.
فإن قلت: المراد بالخلافة التي يكون المسلمون متمكنون فيها من إجراء الشريعة على وجهها.
قلت: الخلافة أعم من الإمامة، فلم لا يجوز أن يكون المراد خلافة المسلمين بعدي التي يتمكنون فيها من إظهار الحق ثلاثون سنة، وحينئذ لا يكون في الخبر دلالة على صحة الإمامة ولا على فسادها.
وعن السابعة: لا نسلم أنه الأفضل، وأما الخبر فممنوع الصحة، وأيضا فهو معارض بقوله (صلى الله عليه وآله) " علي خير البشر فمن أبى فقد كفر "(13) وأيضا لو صح هذا الخبر لكان مكذبا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله " وليتكم ولست بخيركم "(14) وذلك يستلزم سقوطه عن درجة الاعتبار في الإمامة.
وعن الثامنة: فلا نسلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) استخلفه في الصلاة فإن الذي صح وثبت أن عائشة قالت: مروا أبا بكر يصلي بالناس(15) وكان الأمر بذلك من جهتها في ظاهر الحال، والخصم يقول: إنما أمر بذلك النبي (صلى الله عليه وآله) ولم تثبت لهم هذه الدعوى بحجة.
ويدل على اختصاص ذلك الأمر بعائشة قول النبي (صلى الله عليه وآله) عند إفاقته من عشيته وقد سمع صوت أبي بكر في المحراب " إنكن لصويحبات يوسف "(16) ومبادرته معجلا معتمدا على أمير المؤمنين (عليه السلام) والفضل بن العباس (رحمه الله) ورجلاه يخطان في الأرض من الضعف حتى نحى أبا بكر عن المحراب، ولو كان (صلى الله عليه وآله) هو الذي أمر بالصلاة لما رجع باللوم على أزواجه في ذلك ولا بادر في تلك الحال الصعبة حتى صرفه عن الصلاة.
سلمناه لكن أمر النبي (صلى الله عليه وآله) لا يقتضي شيئا آخر بل لا يقتضي مرة أخرى، لأن الأمر لا يقتضي التكرار وأيضا فمثل هذا الأمر لا يستدعي العزل لأن العرب لا تحتاج إليه لو ثبت أن الاستخلاف دائما، والخصم يعترف بأنه لم يوله دائما.
وعن التاسعة: أنا بينا أن الطريق إلى إثبات الإمامة هو النص وأما الاختيار فهو ساقط عن درجة الاعتبار.
وعن العاشرة: إنما ترك بسبب خذلان أكثر الأمة وجمهورهم له قوله: يلزم أن يكونوا شر أمة أخرجت للناس قلنا لا نسلم كونهم بأسرهم كذلك بل بعضهم، وهم الدافعون لهذا الحق عن أهله، والمقصرون عن نصرته، وكون البعض أشرارا لا ينافي (كنتم خير أمة أخرجت للناس) لأن هذا الخطاب إما مع كل الأمة بحيث لا يخرج منها واحد وهذا باطل بالاتفاق لأن فيهم كثيرا من الأشرار فيبقى أن يحمل على الأخيار من الأمة وحينئذ يصير التقدير: لو كان هذا الحق مدفوعا عن أهله لكان الدافع له شر أمة أخرجت للناس والدافع له بعض الصحابة. قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) لأنه خاص ببعضهم أيضا والجزئيتان لا يتناقضان. سلمناه لكن لفظة " كنتم " تدل على أنهم كانوا في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذلك، أما بعده فلا نسلم، لأن ذلك يدل على الزمان الماضي.
وقوله (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) لا نسلم لأنه للاستقبال بل بحال الماضي، والله الموفق.
*************
(1) النور: 55.
(2) الفتح: 16.
(3) الفتح: 15.
(4) زيادة بمقتضى السياق.
(5) الفتح: 16.
(6) الفتح: 18.
(7) التوبة: 100.
(8) الحشر: 8.
(9) الصواعق المحرقة: 19، والجامع الصغير للسيوطي 1 - مادة أق.
(10) الصواعق المحرقة، والرياض النضرة، باب فضائل أبي بكر، وانظر تلخيص الشافي 3: 39 وفيه الرواية عن سفينة بدل شعبة.
(11) الروض الفائق: 220، مع اختلاف يسير.
(12) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 2: 309.
(13) مرت مصادره قبل هذا.
(14) أنظر سيرة ابن هشام 4: 311، وعنه في الطبري 3: 210، وفي الإمامة والسياسة 1:
16، وشرح النهج للمعتزلي 1، 134، وتأريخ الخلفاء: 82 طبعة بيروت.
(15) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 6: 44.
(16) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 9: 197.   


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page