فلا يصحّ عليه النوم واليقظة ، والحركة والسكون ، والقيام والقعود ، والطفولة والكهولة ، والشباب والشيب ، والضعف والكلال ونحو ذلك .
كما دلّ عليه أوّلا الكتاب الكريم :
في مثل قوله تعالى : ( لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ) (1).
ودلّت عليه ثانياً السنّة الشريفة :
في مثل حديث أبي المغرا عن أبي جعفر (عليه السلام) قال :
« إنّ الله تعالى خلوٌ من خلقه ، وخلقه خلوٌ منه » (2).
ودلّ عليه ثالثاً حكم العقل :
من حيث إنّ هذه الاُمور الحادثة توجب الإنفعال والتأثّر ، والإنفعال ممتنع عليه ; لأنّه من صفة المادّيات ، والله تعالى ليس مادّياً فلا يكون منفعلا أو متغيّراً ولا يكون محلا للحوادث .
مضافاً إلى أنّ تلك الحوادث هي من لوازم الجسم والله تعالى منزّه عن الجسمية .
بالإضافة إلى أنّ تلك الاُمور عوارض مخلوقة حادثة ، والخالق القديم يستحيل عليه أن يتّصف ذاتاً بالصفات المخلوقة الحادثة ، فلا تكون الحوادث عارضة عليه .
ثمّ إنّ ما ورد في القرآن الكريم من وصفه تعالى بشيء من تلك الصفات كقوله عزّ إسمه : ( رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (3) ، وقوله تعالى : ( وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ ... ) (4) ، وقوله تعالى : ( فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ ) (5) ونحو ذلك ، فهي مؤوّلة بأنّ المراد في جملة منها غاياتها ونتائجها دون مباديها ونفس حالاتها ، فغاية الرضا مثلا الإكرام والإحسان ، وغاية الغضب مثلا العقاب والعذاب ، فيكون رضاه تعالى بمعنى إكرامه ، وغضبه بمعنى معاقبته ، ولذا قيل في حقّه تعالى : « خذ الغايات واترك المبادي » .
كما يكون « آسفونا » بمثل معنى « آسفوا أولياءنا » ، فإنّ لله تعالى أولياء منتسبين إليه من حاربهم فكأنّما حارب الله ، ومن آذاهم فكأنّما آذى الله ، كما في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « فاطمة بضعة منّي مَن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله » (6).
كما أفاده في حقّ اليقين (7).
______________________________
(1) سورة البقرة : (الآية 255) .
(2) بحار الأنوار : (ج3 ص322 ب14 ح18) .
(3) سورة المائدة : (الآية 119) .
(4) سورة الفتح : (الآية 6) .
(5) سورة الزخرف : (الآية 55) .
(6) إحقاق الحقّ : (ج10 ص206) .
(7) حقّ اليقين : (ج1 ص37) .
الخامسة : أنّه تعالى ليس محلا للحوادث
- الزيارات: 942