• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الثاني : النبوّة الخاصّة

    يقع البحث الثاني من أصل النبوّة ، في إثبات النبوّة لنبيّنا الأكرم الرسول الأعظم ، وأفضليّته وخاتميته ومعجزاته ومختصّاته صلوات الله عليه وعلى آله .
    فإنّ هذا من الأركان الدعائم والاُصول القوائم في العقائد الحقّة ، والمعتقدات الصادقة .
    قال الشيخ الصدوق فيما يجب الإعتقاد به : « وأنّ محمّداً سيّدهم وأفضلهم ، وأنّه جاء بالحقّ وصدّق المرسلين ، وأنّ الذين كذبوا لذائقوا العذاب الأليم ، وأنّ الذين ( آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ) (1) الفائزون .
    ويجب أن نعتقد أنّ الله تعالى لم يخلق خلقاً أفضل من محمّد والأئمّة ، وأنّهم أحبّ الخلق إلى الله ، وأكرمهم عليه ، وأوّلهم إقراراً به لمّا أخذ الله ميثاق النبيّين ( وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) (2) » (3).
    وقد عرفت ذلك من الأحاديث المتواترة المتقدّمة المفيدة للعلم ، فتثبت أفضليّته وأشرفيّته من جميع الجهات على جميع الخلق بالأدلّة العلميّة .
    ولاحظ لمزيد علمك بذلك وأهليّتهم لذلك ، الأحاديث التالية :
    1 ـ حديث داود الرقي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « لمّا أراد الله عزّ وجلّ أن يخلق الخلق خلقهم ونشرهم بين يديه ثمّ قال لهم : مَن ربّكم ؟ فأوّل من نطق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين فقالوا : أنت ربّنا ، فحمّلهم العلم والدين ، ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة ديني وعلمي واُمنائي على خلقي ... » (4).
    2 ـ حديث صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : بأي شيء سبقتَ وُلد آدم ؟
    قال : إنّي أوّل من أقرّ ببَلى ، إنّ الله أخذ ميثاق النبيّين وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربّكم ؟ قالوا : بلى ، فكنت أوّل من أجاب » (5).
    هذا ، ويقع بحث النبوّة الخاصّة في بيان الفوائد الخمسة التالية بعون الله تعالى :
    الاُولى : شخصية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    الثانية : نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    الثالثة : سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    الرابعة : عصمة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    الخامسة : خاتمية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    الاُولى : شخصية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)
    ينتمي نسب الرسول الأعظم ، وينتهي أباً واُمّاً إلى أشرف الأنساب ، وأعلاها وأطهرها وأفخرها ، فهو أعظم شخصيّة في عالم الوجود .
    ينتسب إلى سيّدنا آدم بسلسلة الأجداد الأنبياء ، والآباء الأزكياء ، والاُمّهات الطاهرات والأرحام المطهّرات .
    قال شيخنا المفيد (قدس سره) : « آباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آدم (عليه السلام) كانوا موحّدين على الإيمان بالله ... وعليه إجماع عصابة الحقّ . قال الله تعالى : ( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) (6) يريد به : تنقّله في أصلاب الموحّدين .
    وقال نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) :
    « ما زلت أتنقّل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهّرات ، حتّى أخرجني الله تعالى في عالمكم هذا » .
    فدلّ على أنّ آباءه كلّهم كانوا مؤمنين ، إذ لو كان فيهم كافر لما استحقّ الوصف بالطهارة ، لقول الله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (7) فحكم على الكفّار بالنجاسة ، فلمّا قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بطهارة آبائه كلّهم ووصفهم بذلك ، دلّ على أنّهم كانوا مؤمنين » (8).
    فلقد كان والده عبدالله سيّد الحرم الأزهر ، وصاحب الوجه الأغر ، وحليف الإيمان الأكبر ، كما تلاحظ شرح حاله الزكي في البحار (9).
    وقد كان جدّه عبدالمطّلب من أوصياء إبراهيم (عليه السلام) ، وكذلك سائر آبائه إلى إسماعيل كلّهم كانوا أوصياء .
    كما كان عمّه وكفيله أبو طالب (عليه السلام) وصيّاً بعد أبيه عبدالمطّلب ، عاش حليف الإيمان ولم يسجد لصنم قطّ ، ولذا ورد عنهم (عليهم السلام) : « ليس مِن شيعتنا مَن لم يقل بإسلام أبي طالب » (10) ـ (11).
    وقد أفاد العلاّمة المجلسي (12) : « إجماع الشيعة على إسلام أبي طالب وأنّه قد آمن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أوّل الأمر ولم يعبد صنماً قطّ ، بل كان من أوصياء إبراهيم (عليه السلام) ... وتواترت الأخبار من طرق الخاصّة والعامّة بذلك ، وصنّف كثير من علمائنا ومحدّثينا كتاباً مفرداً في ذلك كما لا يخفى على من تتبّع كتب الرجال ... » .
    ثمّ ذكر أنّه قال الطبرسي رحمه الله : « قد ثبت إجماع أهل البيت (عليهم السلام) على إيمان أبي طالب ، وإجماعهم حجّة لأنّهم أحد الثقلين اللذين أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتمسّك بهما » .
    وقد ذكر العلاّمة الأميني في الغدير (13) أربعين حديثاً في ذلك ، فلاحظ .
    وكفى لأبي طالب فخراً أنّه والد الأمير وذريّة إبراهيم الخليل وشيخ الأبطح وكفيل الرسول وسيّد القوم ، عاش النبي في كفالته وترعرع في بيته واستقام الإسلام بسيف إبنه .
    ونعود إلى النسب السامي لنبيّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو : محمّد بن عبدالله بن عبدالمطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ابن نزار بن معد بن عدنان ... والمشهور أنّ عدنان هو ان أدّ بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن حَمَل بن قيدار بن إسماعيل (عليه السلام) بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) بن تارخ بن ناخور بن شروع بن أرغو ـ وهو النبي هود (عليه السلام) ـ ابن قالع بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن النبي نوح (عليه السلام) ابن مالك بن متوشلح بن أخنوخ ـ وهو النبي إدريس (عليه السلام) ـ ابن البارز بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث ـ وهو هبة الله (عليه السلام) ـ ابن النبي آدم (عليه السلام) .
    واُمّه السيّدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف أخي هاشم (عليه السلام) جدّ النبي صلوات الله عليه وآله .
    الثانية : نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)
    ثبتت نبوّة الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله وسلّم بجميع الطرق الثلاثة المتقدّمة لمعرفة الأنبياء وإثبات نبوّتهم ، وذلك :
    أوّلا : الإعجاز ، فقد تحقّق إعجازه الباهر بالنقل المتواتر لجميع الملل ، وبعيان البيان في نصّ القرآن .
    ثانياً : تنصيص النبي السابق الثابتة نبوّته عليه ، حيث بَشّر به كليم الله موسى
ونبي الله عيسى (عليهما السلام) ، وجاء في كتبهم المقدّسة أعني التوراة والإنجيل ، كما تلاحظ نصوصها المترجمة بالعربية في أنوار الهدى والرحلة المدرسية للشيخ العلم البلاغي (قدس سره) ، وبالفارسية في ميزان المطالب (14).
    ثالثاً : حقيقة رسالته ، وعلوّ أحكامه ، وجامعيّة شريعته ، ونزاهة شخصيته ، وصدق لسانه وبيانه وأخباره وأنبائه وأعماله وفعاله ومواعيده .. فدراسة كلّها شاهد قطعيّ على صدقه في إظهار نبوّته .
    وجميع الطرق المتقدّمة تسلك بنا وتوضّح لنا نبوّة خاتم الأنبياء من قبل ربّ السماء ، إلاّ أنّا نتابع للإختصاراً المسلك الأوّل فقط في الإستدلال ، يعني طريق الإعجاز الذي هو أوضح الطرق ، ونقول :
    إنّه صلوات الله عليه وآله أخبر بنبوّة نفسه وعقّبه بمعجزة ربّه ، فكان كاشفاً عن صدقه في نبوّته ، وطريقاً إلى العلم برسالته ، وموجباً لليقين بكونه مؤيّداً من قبل مُرسِله ..
    وقد ثبتت نبوّته بالإعجاز من طريقين :
    الف ـ طريق القرآن الكريم ، وهي المعجزة الخالدة التي ليست لأحد من الأنبياء معجزة مثلها ، باقية سواها .
    ب ـ طريق الخوارق الإلهيّة الاُخرى ، وهي المعجزات الثابتة المتواترة التي كانت من الآيات الباهرات والدلائل الواضحات الدالّة على صدقه وصحّة نبوّته .
    فلنشرح هذين الطريقين بعونه تعالى :
    الطريق الأوّل : القرآن الكريم
    وكفى به معجزاً عظيماً مدى الدهر ، ودليلا على نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في كلّ عصر .
    قال الشيخ الصدوق : « إعتقادنا في القرآن أنّه كلام الله ، ووحيه وتنزيله ، وقوله ، وكتابه .
    وأنّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
    وأنّه القصص الحقّ ، وأنّه قول فصل ، وما هو بالهزل .
    وأنّ الله تعالى مُحدثه ، ومنزله ، وحافظه ، وربّه » (15).
    وإعجاز القرآن ثبت لكلّ العلماء وجميع العقلاء وكافّة البشرية جمعاء ، في كلّ زمان ومكان وبكلّ لغة للإنسان .
    فالقرآن الكريم تحدّى العرب العرباء ومصاقع الخطباء ، وقَرَع بالعجز أهل البلاغة والفصاحة على أن يأتوا بمثله ، بل بعشر سور مثله ، بل إتيان سورة واحدة مثله ، فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا ولن يستطيعوا على الإتيان به أبداً إلى زماننا هذا والأزمنة الآتية تلواً ، بالرغم من أنّ جزيرة العرب وبلدانهم كانت مملوءةً بالفصحاء ومشحونة بالبلغاء وواجدةً لأرفع الشعراء ، ممّن امتاز بالكلمات المليحة ، والأشعار الفصيحة إلى حدّ إنشاد الأشعار المعلّقة والخطب البليغة .
    وبالرغم من ذلك عجزوا عن الإتيان بمثله ، وهم الآن ناكصون عن معارضته ومعترفون بالعجز عن مماثلته ، كما أخبر به مُنزله الكريم في آيات الذكر الحكيم :
    1 ـ قال عزّ اسمه : ( قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الاِْنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا
الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهِيراً ) (16).
    2 ـ وقال تبارك وتعالى : ( قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَر مِثْلِهِ مُفْتَرَيَات وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (17).
    3 ـ وقال تعالى شأنه : ( وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْب مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَة مِنْ مِثْلِهِ ... ) (18).
    ومع توفّر دواعيهم وكثرة مساعيهم على المعارضة ، عجزوا عن الإتيان بمثله واعترفوا بعدم إمكان معارضته ، كما تلاحظه في الحديث التالي :
    روي أنّ ابن أبي العوجاء وثلاثة نفر من الدهرية اتّفقوا على أن يعارض كلّ واحد منهم ربع القرآن . وكانوا بمكّة عاهدوا على أن يجيؤوا بمعارضته في العام القابل ، فلمّا حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم (عليه السلام) قال أحدهم : إنّي لمّا رأيت قوله : ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ ) (19) كففت عن المعارضة ، وقال الآخر : وكذا أنا لمّا وجدت قوله : ( فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً ) (20) أيست من المعارضة ، وكانوا يسرّون بذلك إذ مرّ عليهم الصادق (عليه السلام) فالتفت إليهم وقرأ عليهم : ( قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الاِْنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ) (21) فبهتوا (22).
    وقد تمّت الحجّة وثبتت المحجّة في الإعجاز على غير العرب أيضاً بألفاظ القرآن الكريم من حيث نقل لهم إعجاز القرآن في ألفاظه تواتراً ، مضافاً إلى أنّه ثبت الإعجاز في معاني القرآن الحكيم أيضاً في ترجمته عياناً ، بما اشتمل عليه من عوالي المعاني ورفيع المباني ، وإخباراته الغيبيّة ومداليله الزكيّة .
    ومن لم يقبل الإسلام بعده فإنّما أنكره لعناد فيه ، وعصبيّة منه ، وقد جحدوا بها وإستيقنتها أنفسهم .
    ولذلك عدل المعاندون والمشركون إلى الحرب والمشاقّة مع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أبوا من قبول الحقّ منه .
    ونفس حربهم كان دليلا على عجزهم ، وإلاّ فالإنسان لا يختار في المقابلة مع خصمه الطريق الأصعب مع وجود الطريق الأسهل الأرغب .
    ولو كان يسعهم ويمكنهم مماثلة القرآن والإتيان بسورة مثله ، لكانوا يقابلوه بالقرآن المماثل بدل أن يختاروا الحرب القاتل الذي أفناهم وأخزاهم ، وقد ظهر الحقّ على كلّ حال والحمد لله .
    وحين ثبت العجز في جميع القرون الطويلة بعد التحدّي الواضح المبين ثبت أنّه ليس كلام الآدميّين والمخلوقين ، بل هو كلام الله تعالى ، وإعجاز نبيّه ، وتنزيل الله الخالق العظيم الذي أنزله على وليّه ..
    وثبوت نبوّة نبيّه ورسوله يكون بنصّ كلام خالقه ومُنزله .
    فقد شهد القرآن صريحاً برسالته ونصّ على نبوّته ودلّ على خاتميته في آيات عديدة من الذكر الحكيم مثل :
    1 ـ قوله تعالى : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ
النَّبِيِّينَ ) (23).
    2 ـ قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ) (24).
    3 ـ قوله تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ... ) (25).
    هذا ، والإعجاز القرآني باق ببقاء الدهور وخالد على مرّ العصور ..
    كما يستفاد خلوده مضافاً إلى الحسّ الوجداني من الدليل الروائي بل القرآني .
    فمن الكتاب الكريم :
    نفي الإستقبال المفيد للإستمرار في قوله تعالى : ( لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهِيراً ) (26) بل اللام في ( لئن ) في أوّل الآية موطّئة للقسم ودالّة عليه ، والتقدير : فوالله لا يأتون بمثله .. كما أفاده المفسّرون .
    ومن الروايات الشريفة :
    أحاديث عديدة مثل :
    1 ـ ما رواه محمّد بن موسى الرازي ، عن أبيه قال : ذكر الرضا (عليه السلام) يوماً القرآن فعظّم الحجّة فيه والآية المعجزة في نظمه ، فقال :
    « هو حبل الله المتين ، وعروته الوثقى ، وطريقته المثلى ، المؤدّي إلى الجنّة ، والمنجي من النار ، لا يخلق من الأزمنة ، ولا يغثّ على الألسنة ، لأنّه لم يجعل لزمان دون زمان ، بل جعل دليل البرهان ، وحجّة على كلّ إنسان ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد » (27).
    2 ـ حديث إبراهيم بن العبّاس عن الإمام الرضا ، عن أبيه (عليهما السلام) أنّ رجلا سأل أبا عبدالله (عليه السلام) : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلاّ غضاضة ؟ فقال :
    « لأنّ الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، ولا لناس دون ناس ، فهو في كلّ زمان جديد ، وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة » (28).
    ثمّ إنّ إعجاز القرآن الكريم محقّق من جهات عديدة كثيرة ، نذكر منها عشرة كاملة وهي :
    الاُولى : إنّ القرآن الكريم معجزٌ من حيث إختصاصه بمرتبة عليا في الفصاحة والبلاغة خارقة للعادة ، لا يمكن لأحد من البشر أن يأتي بمثلها ، أو أن يدانيها .
    الثانية : من حيث كونه مركّباً من نفس الحروف الهجائية التي يَقْدر على تأليفها كلّ أحد ، ومع ذلك عجز الخلق عن تركيب مثله بهذا التركيب العجيب والنمط الغريب .
    الثالثة : من حيث إمتيازه عن غيره من الكلام العربي بإمتياز مليح ، فإنّ أيّ كلام في هذه اللغة مهما كان فصيحاً وبليغاً إذا زيّن بالقرآن الكريم ، تجد القرآن ممتازاً عنه ، متفوّقاً عليه  
    الرابعة : من حيث اتّصافه بنظم فريد ، واُسلوب وحيد ، غير معهود في جميع الأزمنة لا شعراً ولا نثراً ، لذلك نسبه اُدباء الكفّار إلى السحر وذلك لأخذه بمجامع القلوب ، واتّصافه بالجاذبية الخاصّة .
    الخامسة : من حيث إنّه مع طوله ووفرة آياته ، وكثرة سوره ، خال عن الإختلال والتناقض والتهافت ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) (29).
    فلا تجد فيه كلمة خالية عن الفصاحة ، ولا آية مخالفة لآية اُخرى ، بل جميعه موصوف بغاية الجودة ، ومتّصف بما لم تجر بمثله العادة .
    السادسة : من حيث إشتمال القرآن الكريم على أحسن الآداب ، وأمتن الحِكَم وأكمل المواعظ ، وأصوب القوانين ، وأتمّ الأحكام في العبادات والمعاملات والمعاشرات ، في اُمور الحياة في الاُسره والإجتماع ، وفي جميع الحدود والأقضية في السفر والحضر ، والأمن والخوف ، والحرب والسلم ، والعُسرة والغلبة ، وكلّ ما يحتاجه الإنسان في اُصوله وفروعه ، بشكل ليس فيها أدنى خلل ، ولا يحتاج إلى أقلّ تصحيح ، علماً بأنّ ما كان فيه من النسخ فهو مفيد لموقّتيّة الحكم المنسوخ لا تصحيحاً لأصل الحكم .
    فجعل الله تعالى هذا القرآن مشتملا على كلّ ما يحتاج إليه الاُمم ، وهادياً إلى التي هي أقوم ، كما جعل بيانه وتبيانه عند مهابط وحيه وخزّان علمه ،
وترجمانه في خلقه النبي الأمين وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
    السابعة : من حيث ما تضمّنه من الأخبار والآثار في قضايا الاُمم السالفة ، وخفايا القصص الماضية ، ودقائق القرون الخالية ، مثل نبأ النبي آدم ومسائل نوح واُمور إبراهيم وقصّة أصحاب الكهف وقضايا موسى وأسرار الخضر ومسائل ذي القرنين وحياة يوسف (عليهم السلام) ممّا لم يطّلع عليها أحد إلاّ خواصّ الأحبار والرهبان الذين لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معاشراً معهم ، بل كان بعيداً عن مخالطتهم .
    فكتاب كهذا من هذا النبي الكريم الذي لم يتعلّم عند أحد ، يكشف قطعاً عن كونه من الله بجميع الاُمور .
    علماً بأنّ ما بيّنه النبي ، من أخبار القرآن لم يكن إقتباساً من كتبهم ، بل نقلا لحقيقة الأمر ، وواقعه الموجود عندهم ، وإلاّ لكانوا يرمونه بالسرقة من كتبهم وهم غير آبين عن توجيه التهمة فكيف بافشاء العائبة .
    الثامنة : من حيث إشتماله على الإخبار عن ضمائر المنافقين ، وبواطن الكافرين ونوايا المشركين الخفيّة التي لم يطلع عليها أحد .. حتّى أنّهم كانوا يحذرون من أن تنزل فيهم آية تفضحهم وتكشف نواياهم .
    بل أخبر عن الاُمور المستقبلة والحوادث المقبلة ، والغيب الصادق ، والنبأ المطابق ، ممّا لم يطّلع عليه إلاّ علاّم الغيوب ، مع كمال المطابقة والصدق ، كما في قوله تعالى : ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) (30) وقوله تعالى : ( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ ) (31) وقوله تعالى : ( وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) (32)
وقوله عزّ اسمه : ( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ ) (33) وقوله عزّ شأنه : ( لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهِيراً ) (34) وقوله تعالى : ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الاَْبْتَرُ ) (35) وغير ذلك من الآيات الكثيرة .
    هذا ، مضافاً إلى إخباراته عن الاُمور العلميّة التي لم تنكشف إلاّ في الآونة الأخيرة والقرون المتأخّرة ممّا كانت آنذاك غيباً لم يطّلع عليها أحد ، وهي كثيرة تجدها في الكتب المؤلّفة لبيانها .
    التاسعة : من حيث خواصّه المعنوية ، وخصائصه الذاتيّة ، وشفائه للأرواح ، وعلاجه للأجسام ، وإطمئنانه للقلوب ، وبركاته في النفوس .
    العاشرة : من حيث طراوته وحلاوته وعدم الملل منه عند تلاوته وقراءته مهما زادت وتكرّرت .
    ولا يخلق على طول الأزمان ، ولا يبلى في طول الدهر ، بل يستفاد منه في كلّ قراءة جديدة ، نكتة جديدة .
    فهو كلام الله البالغ ، وحكمه الساطع ، وهو نور لا يطفأ ، وسراج لا يخبو ، كما تلاحظه في خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة (36).
    الطريق الثاني : الخوارق الإلهية الاُخرى ...
    وهي الخوارق الإلهية والمعجزات الربّانية ، الجارية على يد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ممّا كانت في أفعاله وأقواله وشمائله وأحواله ونعوته وأوصافه وشخصيّته وشأنه وما كان يختصّ به منذ بداية ولادته إلى نهاية شهادته .
    وقد كانت شاهدة على حقيقة نبوّته ، وصدق مبعوثيّته ، ومصدّقةً لرسالته ، وكاشفةً عن اتّصاله بالقوّة الإلهيّة والتأييدات السماوية .
    وقد ذكر الشيخ الجليل ابن شهر آشوب السروي المازندراني في المناقب : « أنّه كانت له أربعة آلاف وأربعمائة وأربع وأربعون معجزة ، ذكرت منها ثلاثة آلاف ، والمشهور منها التي ذكرها المؤرخّون ألف معجزة ، وقد تواتر منها الكثير الوفير » (37).
    وقد اُحصيت هذه المعجزات الشريفة في مدينة المعاجز للسيّد البحراني ، والجزء السابع عشر من البحار للعلاّمة المجلسي ، والمجلّد الأوّل من إثبات الهداة للمحدّث الحرّ العاملي ، ناقلا إيّاها من ثمانية وخمسين كتاباً ، والمجلّد الأوّل من كشف الغمّة للشيخ الإربلي ، وباب النبوّة الخاصّة من حقّ اليقين للسيّد الشبّر .
    وقد ذكرت الأحاديث المتظافره شرح معجزاته الكريمة وبيان مختصّاته العظيمة ، نشير إلى بعضها ، والتفسير والتفصيل في محلّها ممّا تقدّم ذكرها آنفاً ، علماً بأنّ كثيراً ممّا نذكرها من المتواترات ...
    وسنبيّن إن شاء الله تعالى ما ذكر منها في القرآن الكريم وكلام ربّ العالمين الذي لا يأتيه الباطل أبداً .
    فمن المعجزات ما ظهر حين ولادته ، وظهور نوره المبارك ، حيث ولد حينما
ولد طاهراً من الدم ، نقيّاً من القذارات ، ساقطاً على رجليه ، ساجداً إلى الكعبة ، ثمّ رفع رأسه الشريف إلى السماء شاهداً بتوحيد الله ، ونبوّة نفسه ، فأضاء بنوره المشرق والمغرب .
    فنوديت اُمّه المعظّمة سيّدتنا آمنة بنت وهب : « وَلَدتِ خير الناس فسمّيه محمّداً » (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    ومُنعت الشياطين ليلة ولادته من الصعود إلى السماء .
    وبطل عمل الكهانة وسحر السحرة .
    وانكبّ كلّ صنم في العالم على وجهه .
    وانفطر سقف ايوان كسرى مع نهاية إستحكامه ، وأثره باق إلى اليوم .
    وجفّ بحر ساوه الذي كان يُعبد فانقلب ملحاً .
    وخمدت نيران فارس التي لم تنطفئ منذ ألف سنة .
    ونُكس سرير كلّ سلطان ، وخرسوا ولم يقدروا على الكلام في ذلك اليوم .
    وظهر نور ساطع من طرف الحجاز وانتشر في العالم .
    وجرى الماء في نهر سماوة وكان يابساً منذ أعوام كثيرة فكان بركةً للناس .
    ومن ذلك ما كان في بدنه المبارك من المعجزات الباهرات والآيات الكريمات : فقد كان جبينه الشريف يضيء كالقمر المنير .
    وكان يرفع يديه في بعض الأحيان فتضيء أصابعه كالشموع .
    وكان عَرَقه الشريف أطيب عطر وله أزكى رائحة .
    وكان إذا قام في إشراق الشمس أو القمر لم يظهر له ظلّ .
    وكان إذا مشى مع أحد لم يظهر لأحد عليه علوّ قامة .
    وكانت الطيور لا تعلوه ولا تطير على رأسه .
    وكان لا يقع على بدنه الشريف بَقّ ولا ذباب .
    وكان حين النوم غير معطّل الحواسّ ، بل نومه ويقظته سواء .
    وكان خاتم النبوّة منقوشاً على كتفه الشريفة ، له ضوء ونور ، كلّما أبداه علا نوره .
    وكان في لحيته الشريفة سبعة عشرة شعرة بيضاء تلمع كالشمس .
    وكان له مع حسن أخلاقه وبشاشته وتواضعه ومحبوبيته ، مهابة عظيمة في القلوب ، وأثرخاصّ في النفوس بحيث لم يقدر أحد من إمعان النظر في وجهه المنير.
    ومن ذلك ما أجرى الله من المعجزات على يديه ، كرّات ومرّات في حياته فشقّ الله له القمر حينما سألته قريش آية .
    وسُخّر له الشمس في التوقّف عن الغروب مرّةً ، والطلوع بعد الغروب مرّة اُخرى .
    وأطعم النَفَر الكثير من طعام قليل في منزل جابر ، ودار أبي طلحة .
    ونَبَع الماء من بين أصابعه فشرب أهل العسكر كلّهم وهم عطاشى .
    وتوضّأ من قدح صغير ضاق أن يبسط فيه يده ، ثمّ أهرق في عين تبوك ولم يكن فيها ماء فجرت بماء كثير شرب منه الجيش وهم اُلوف .
    وأهرق ماء وضوئه مرّة اُخرى في بئر الحديبية فجاشت بالماء وشرب منها ألف وخمس مئة .
    وكان في إجتماعه مرّةً كومة (38) تمرّ فأمر أن يزوّدوا منها أربع مئة راكب فزوّدوهم وبقي بحسبه لم ينقص منه شيء .
    ورمى جمعاً من الأعداء يوم بدر بقبضة تراب فعميت عيونهم .
    وحنّ له الجذع الذي كان يخطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، مستنداً إليه في مسجد المدينة ، حينما صنع له المنبر حتّى سمع حنينه جميع أصحابه فكان ذلك من الكرامات التي حصلت لأجله ، ثمّ التزَمَ الجذع فسكن .
    وأخبر صلوات الله عليه وآله ، أمير المؤمنين بشهادته وخضاب لحيته المباركة بدم رأسه الشريف .
    وأخبر إبنته الزهراء (عليها السلام) بأنّها أوّل أهله لحوقاً به ، والإمام الحسن بصلحه ، والإمام الحسين بشهادته ، فكان كما أخبر غيباً .
    وكذلك أخبر عمّاراً بأنّه ستقتله الفئة الباغية ، وأخبر بشهادة جعفر وزيد وابن رواحة ساعة قُتلوا في واقعة مؤته .. وأخبر بموت النجاشي بأرض الحبشة ، فكان كما أنبأ .. إلى غير ذلك من الإخبارات الغيبية المحقّقة .
    ودعا شجرتين فأتياه وإجتمعتا ثمّ أمرهما فافترقتا .
    وأخبر يوم بدر بمصارع صناديد قريش واحداً واحداً قبل الحرب فلم يتعدّوا ذلك الموضع .
    ومَسَح ضرع شاة حائل ، لا لبن فيها فدرّت باللبن ، وكان ذلك سبب إسلام عبدالله بن مسعود .
    وبَدَرَت عين بعض أصحابه وسقطت ، فردّها بيده فصارت أصحّ عينيه وأحسنهما .
    وألقى ماء فمه المبارك في عين علي (عليه السلام) لمّا رمدت يوم خيبر ، فصحّت من وقتها ولم ترمد بعد ذلك أبداً .
    وأخبر الناس أنّه سيظفر علي (عليه السلام) في ذلك اليوم الرهيب بعد هزيمة غيره فكان كما بشّر .
    وحكى الحكم بن العاص عليه اللعنة مشيه مستهزءاً فقال له : كذلك فكن ، فلم يزل على حاله يرتعش حتّى مات .
    وأمرّ يده الشريفة على رؤوس الأقرعين من الأطفال فنبتت شعورهم .
    وأعطى رجلا عُرجوناً في ليلة مظلمة فأضاء له الطريق .
    وأعطى آخر قطعةً من جريد النخل حين شكا إنقطاع سيفه ، فصارت سيفاً في يده .
    وألقى بصاقه المبارك على كفّ ابن عفر المقطوعة فلصقت من ساعته .
    ودعا آية للدّوسي حتّى يدعو قومه إلى الإسلام ويصدّقوه ، فحصل مصباح على رأس سوطه .
    وارتضع من حليمة السعدية ، فظهرت لها البركات ، ودرّ لبنها من ثديها الأيمن بعد ما كان يابساً .
    وتناول الحصى فسبّح في كفّه الشريفة .
    وظلّل عليه الغمام دون القوم في طريق الشام ، فكان هذا من عظيم شأنه .
    وشهد له الذئب برسالته في قضيّة وهبان بن أسفى .
    .. إلى غير ذلك من المعجزات الاُخرى التي يتعذّر على الخلق إتيانها ، وتكشف عن صدق صاحبها ، وعن عدم إمكان تقوّله على مولاه ، وتثبت رسالته من ربّه ونبوّته من قبل خالقه ، وقد شاهدها الناس عياناً ، وسمعها بياناً ، ونُقلت لنا ولجميع من جاء بعده بطريق الناقلين تواتراً علميّاً ، بشكل يُؤمن من تواطئهم على الكذب ، ويحصل بنقلهم القطع من حيث بلوغه أعلى حدّ التواتر ، من نقل المحبّ والمبغض ، والصديق والعدوّ ، فثبتت النبوّة بالعلم .
    بل إنّ بعض المعجزات النبوية واردة في الآيات القرآنية التي هي قطعيّة
ويقينيّة ومعلوم الصدور من الربّ الغفور من قبيل المعراج الشريف ، وشقّ القمر العظيم ، وفتح مكّة بأمن وأمان .
    وقد ذكرت تلك الآيات القرآنية في أبواب معجزات الرسول في بحار الأنوار المجلّد السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر ، وخصوصاً في ما حكى من كلام الشيخ الجليل ابن شهر آشوب السروي (39) ، فلاحظ .
    الثالثة : سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)
    إذا لاحظنا وتأمّلنا سيرة النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله وسلّم ، وحياته الكريمة ، نرى أنّ نفس سيرته وسريرته وأخلاقه وآدابه وعشرته ورويّته ، تدلّ على أنّه آية إلهيّة عظمى ، وحجّة ربّانية كبرى ، وأهل لأن يكون رسولا من قِبَل الله ربّ العالمين ، وقدوة لأهل الدنيا أجمعين ، بل جامعيته تدلّ على أفضليته .
    فقد كان صلوات الله عليه وآله ، أجود الخلق يداً ، وأجرأ الناس صدراً ، وأصدقهم لهجةً ، وأوفاهم ذمّةً ، وألينهم عريكةً ، وأكرمهم عشيرةً ، من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفةً أحبّه ، ولقد كانت أمانته مقبولةً عند الجميع حتّى لقّب بالأمين .
    وكان أخشى الناس لربّه ، وأتقاهم لخالقه ، وأعلمهم بالله ، وأقواهم في طاعة الله ، وأصبرهم على عبادته ، وأكثرهم حبّاً لله ، وأزهدهم فيما سواه .
    وكان يقوم في صلاته حتّى تنشقّ بطون أقدامه من طول قنوته وقيامه ، وكان إذا قام إلى صلاته تتساقط دموعه إلى الأرض من صدره ، ويسمع من صدره
أزيزٌ كأزيز المرجل (40).
    وكان ذا خُلُق عظيم ، وإبتهال دائم ، وضراعة كثيرة ، وأدب فائق .
    وكان أحلم الناس ، وأشجعهم ، وأعدلهم ، وأسخاهم ، بحيث لم يبق عنده دينار ولا درهم إلاّ أنفقه .
    وكان أكثر الناس تواضعاً ، يخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويخدم في أهله .
    وكان أشدّ الناس حياءاً ، ولم يُثبت بصره في وجه أحد استحياءاً .
    وكان يجيب دعوة الحرّ والعبد ، ويقبل الهديّة ويكافئ عليها ، ولا يأكل الصدقة ، ولا يستكبر عن إجابة الأمة والمسكين .
    وكان غضبه لربّه ولا يغضب لنفسه .
    وكان يشيع الجنازة ، ويعود المرضى ، ويجالس الفقراء ، ويؤاكل المساكين ، ويكرم أهل الفضل ، ويتألّف أهل الشرف بالبرّ لهم ، ويصل ذوي رحمه ، ولا يجفو على أحد ، ويقبل معذرة المعتذر ، ولا يقول إلاّ حقّاً ، ولا يتكلّم إلاّ صدقاً .
    وكان ضحكه من غير قهقهة ، بل تبسّماً إلى أن تبدو نواجذه .
    وكان لا يترفّع على عبيده ، ولا يحقّر مسكيناً ، ولا يهاب من ملك ، ولا يخاف منه .
    ويبدأ من لقيه بالسلام والمصافحة ، ويسلّم على الصبيان .
    وكان لا يقوم ولا يقعد إلاّ بذكر الله تعالى ، وأكثر ما يجلس مستقبل القبلة ، ويجلس حيث انتهى المجلس ، ولم يُرَ قطّ مادّاً رجليه .
    وكان يكرم من يدخل عليه حتّى ربّما بسط له ثوبه ، ويُؤْثر الداخل عليه
بالوسادة ، ويعطي كلّ من جلس إليه نصيبه من وجهه ، ويقضي دَين كلّ ميّت فقير .
    وكان دائم البُشر ليس بفظّ ولا صخّاب ولا فحّاش ولا عيّاب ولا مدّاح .
    وكان يدعو أصحابه بكُناهم إكراماً لهم ، ولا يتنازع في الحديث .
    وكان أفصح الناس منطقاً ، وأحلاهم كلاماً ، إذا نطق ليس بمهذار ، وإذا أوجز ليس في إيجازه إخلال ، أحسن الناس نغمة ، وأنفع الناس للناس .
    وقد شرّف بسيادته على ولد آدم ، وكانت اُمّته التابعة له خير الاُمم .
    وسيرته في جميع حياته سيرة علياء ، تكشف عن أنّ صاحبها متّصل بربّ السماء ، وأنّه أصلح من وُجد على وجه الأرض لأن يكون اُسوة وقدوة (41).
    هذا مضافاً إلى أنّه تواترت السنّة ، واتّفقت الاُمّة على أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل من جميع الأنبياء الذين كانوا قبله ، وأنّ كلّ كرامة وفضيلة اُعطيت للأنبياء اُعطي هو أفضل منها ، كما إستفاضت الأخبار بنطقه بالحكمة والصواب هو وأولاده الطاهرين الأطياب ، من حين صغرهم ، وفي جميع حياتهم ، كما أفاده في حقّ اليقين (42).
    هذا ، بالإضافة إلى إنفراده ببعض الفضائل كعظيم سيرته ، وحقيقة سيره في معراجه إلى العوالم الملكوتيّة العُليا ، ممّا لم يكن له مثيل في ذلك ، وقد حاز أقرب قرب معنوي أسنى ، حتّى كان قاب قوسين أو أدنى .
    وقد نطق بمعراجه القرآن الكريم ، والأحاديث المفيدة لليقين التي تلاحظها
في بابه من الآثار (43).
    بل جاء في حديث المزني عروجه إلى السماء مئة وعشرين مرّة كما تلاحظها في الخصال (44).
    هذا ، مع خصائصه وما أعطاه الله تعالى وتفضّل به عليه وعلى أهل بيته ممّا تلاحظه في أحاديث البحار (45).
    وجميع ذلك يُثبت أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) اُسوة وقدوة ، وأنّه أفضل النبيّين والمرسلين .
    الرابعة : عصمة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)
    قد عرفت في بحث عصمة الأنبياء من النبوّة العامّة أنّ ممّا لا شكّ فيه ولا ريب يعتريه لزوم عصمة الأنبياء ونزاهتهم عن كلّ ذنب ومعصية ، بعمد أو سهو ، قبل النبوّة وبعدها ، للزوم أن يكون الواسطة بين الله وخلقه معصوماً حتّى يبلّغ ما أوحى إليه الله بصدق وأمانة ، ولا يصدر منه كذب ولا خيانة ، فيُسلب وثوق الاُمّة به وإعتماد الخلق عليه .
    كما ويقبح أن يأمر الحكيم بإطاعة من يجوز عليه الخطأ ، فتنتفي فائدة البعثة ، ويسقط غرض الرسالة ، فيحتاج إلى من يسدّده ويمنعه عن الخطأ ، وهكذا متسلسلا .
    فيلزم في كلّ شريعة إلهيّة أن يكون رسولها معصوماً حتّى يتمّ الوثوق به وتصحّ الإطاعة له ، خصوصاً الشريعة الإسلامية الباقية إلى يوم القيامة لِعظم أهميّتها ومزيّتها فمن اللازم الضروري أن يكون رسولها معصوماً عن جميع الخطايا ، بل يلزم أن يكون متّصفاً بالعصمة الكبرى التي سنذكرها ونبيّنها ..
    وقد أفاد شيخنا المفيد (46) : « إنّ نبيّنا والأئمّة (عليهم السلام) من بعده كانوا سالمين من ترك المندوب والمفترَض قبل حال إمامتهم وبعدها ، وأمّا الوصف لهم بالكمال في كلّ أحوالهم ، فإنّ المقطوع به كمالهم في جميع أحوالهم التي كانوا فيها حججاً لله تعالى على خلقه ، وقد جاء الخبر بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة من ذرّيته كانوا حججاً لله تعالى منذ أكمل عقولهم إلى أن قبضهم ، ولم يكن لهم قبل أحوال التكليف أحوال نقص وجهل ، وأنّهم يجرون مجرى عيسى ويحيى (عليهما السلام) ، في حصول الكمال لهم مع صغر السنّ وقبل بلوغ الحلم » .
    وقد قامت البراهين ودلّت الأدلّة على مزيّة عصمة النبي الأكرم ونزاهته وسموّ شأنه وجلالته من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، بما نذكره ونفصّله في مبحث الإمامة ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، مضافاً إلى ما قدّمناه في بحث عصمة الأنبياء بالأدلّة الثلاثة .
    ونكتفي هنا بذكر الإشارة فقط إلى عصمة نبيّنا الأكرم ، وتأويل ما يوهم خلاف ذلك ممّا عقد له العلاّمة المجلسي باباً في كتابه الشريف (47) ، ذكر فيه للعصمة آيات وأحاديث كثيرة ، نتبرّك بذكر واحدة من كلّ دليل من أدلّتها :
    فمن الكتاب :
    قوله عزّ إسمه : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى ) (48).
    ومعلوم أنّ الذي لا يكون نطقه عن الهوى والميول الطبيعية لا تكون أفعاله عن الهوى بالأولوية ، خصوصاً مع الحصر الملحوظ في الآية الشريفة .
    ومن الأحاديث :
    ما رواه عمر بن يزيد بيّاع السابري ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : قول الله في كتابه : ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) (49) ؟
    قال (عليه السلام) : ما كان له ذنب ولا همّ بذنب ولكنّ الله حمّله ذنوب شيعته ثمّ غفرها له » (50).
    وهذا تصريح وتأكيد بعدم الذنب ولا نيّة الذنب .
    وينبغي ملاحظة دليل العصمة في حديث علي بن محمّد بن الجهم في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) المتقدّم (51).
    ومن العقل :
    ما يأتي من الأدلّة العقلية العشرة الآتية في مبحث العصمة من الإمامة (52).
    الخامسة : خاتمية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)
    يلزم الإيمان بأنّ رسولنا الأكرم صلوات الله عليه وآله وسلّم خاتم الأنبياء ، كما صرّح به الدليل القطعي :
    1 ـ من الكتاب الكريم :
    قوله تعالى : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) (53).
    2 ـ من السنّة المتواترة :
    مثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث المنزلة ، المتّفق عليه بين الفريقين الذي ورد فيه : « إلاّ أنّه لا نبي بعدي » (54).
    3 ـ أنّ الخاتميّة من ضروريات الدين المبين :
    فقد أصبح من بديهيّات الدين المبين أنّ الرسول الأكرم خاتم النبيّين .
    ثمّ إنّه يجب الإيمان أيضاً بأنّ دينه ناسخ لجميع الأديان ، وأنّه مبعوث إلى العرب والعجم ، والإنس والجنّ ، وكذا أوصياؤه المعصومون حجج الله على الخلق أجمعين (55).
    فهو صلوات الله عليه وآله أفضل من جميع النبيّين ، ودينه ناسخ لكلّ دين ..
    والنسخ لغةً هو النقل ، ورفع حكم شرعي بحكم آخر شرعي أيضاً متراخ عنه على وجه لولا الثاني لبقي الأوّل .. ويكشف الناسخ أنّ الحكم المنسوخ كان موقتاً بوقته الخاصّ .
    وقد بيّنت السنّة الشريفة أنّ الشرائع السابقة كانت إلى زمن نبيّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأنّ شريعة محمّد لا تنسخ إلى يوم القيامة ، كما تلاحظ ذلك في الحديث التالي :
    ما رواه علي بن الحسن بن فضّال ، عن أبيه ، عن الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال :
    « إنّما سمّي اُولو العزم اُولي العزم لأنّهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع ، وذلك أنّ كلّ نبيّ كان بعد نوح (عليه السلام) كان على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل ، وكلّ نبي كان في أيّام إبراهيم وبعده كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن موسى ، وكلّ نبيّ كان في زمن موسى وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى أيّام عيسى ، وكلّ نبي كان في أيّام عيسى وبعده كان على منهاج عيسى وشريعته وتابعاً لكتابه إلى زمن نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) .
    فهؤلاء الخمسة اُولو العزم وهم أفضل الأنبياء والرسل (عليهم السلام) .
    وشريعة محمّد لا تنسخ إلى يوم القيامة ، ولا نبي بعده إلى يوم القيامة ، فمن ادّعى بعده نبوّة أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه » (56).
    ويدلّ على النسخ عقلا أنّ الأحكام الشرعيّة تابعة للمصالح ، والمصالح قد تختلف باختلاف الأزمان والأشخاص بحيث يصير ما كان مصلحة في وقت مفسدة في آخر .
    ففي وقت صيرورته مفسدة يجب أن يتغيّر الحكم المتعلّق به في وقت مصلحته وإلاّ لزم من التكليف على تقدير صيرورته مفسدة فعل قبيح ، وهو محال على الله تعالى (57).
    وأمّا شريعة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد جاءت للبقاء ، ولوحظت فيها المصلحة إلى يوم اللقاء ، فكانت الحكم الأفضل والشرع الأمثل ، وصارت ناسخة غير منسوخة .
    ثمّ بعد معرفة ناسخيّة وأكمليّة دينه وأفضليّة شخصه يتّضح لك أنّ الحقّ المحقّق هو أنّه (صلى الله عليه وآله) كان متعبّداً بنفس شريعته المقدّسة الفضلى للأدلّة القائمة في هذا المجال ومنها :
    1 ـ قوله (صلى الله عليه وآله) المستفيض بين الخاصّة والعامّة :
    « كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين » .
    2 ـ ما استفاض في الأخبار الصحيحة من أنّه كان مؤيّداً بروح القدس من حين ولادته فلم يحتج إلى الأنبياء الذين كانوا قبله .
    3 ـ إنّ مقتضى أفضليته من الأنبياء قبله هو أن يكون كيحيى الذي اُوتي الحكم صبيّاً ، وعيسى الذي كان في المهد نبيّاً .
    وأمّا اقتداؤه بمن سلف قبله في قوله تعالى : ( فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ) (58) فهو محمول على هداهم في اُصول الدين ، أو صبره على مشاقّ النبيين لا الإقتداء بأحكامهم وشريعتهم (59).
    هذا تمام الكلام في مبحث النبوّة .. ويليه بحث الإمامة .
________________________________________
(1) سورة الأعراف : (الآية 157) .
(2) سورة الأعراف : (الآية 172) .
(3) إعتقادات الصدوق : (ص92) .
(4) بحار الأنوار : (ج15 ص16 ب1 ح22) .
(5) بحار الأنوار : (ج15 ص16 ب1 ح23) .
(6) سورة الشعراء : (الآيتان 218 و219) .
(7) سورة التوبة : (الآية 28) .
(8) تصحيح إعتقادات الإماميّة : (ص139) .
(9) بحار الأنوار : (ج15 ص108) .
(10) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : (ج1 ص311) .
(11) حقّ اليقين : (ج1 ص134) .
(12) بحار الأنوار : (ج35 ص138) .
(13) الغدير : (ج7 ص385) .
(14) ميزان المطالب : (الطبعة الرابعة ص136) ، نقلها عن التوراة : (السفر الأوّل الباب17 الآية20 ، والسفر الخامس الباب18 الآية17 ، 18 ، 19 ، والباب33 الآية1 ـ 2) .
وعن انجيل برنابا : (الفصل42 ، 43 ، 44 ، 72 ، 96 ، 97 ، 112 ، 163) فلاحظ .
(15) إعتقادات الصدوق : (ص83) .
(16) سورة الإسراء : (الآية 88) .
(17) سورة هود : (الآية 13) .
(18) سورة البقرة : (الآية 23) .
(19) سورة هود : (الآية 44) .
(20) سورة يوسف : (الآية 80) .
(21) سورة الإسراء : (الآية 88) .
(22) بحار الأنوار : (ج92 ص ب1 ح15) .
(23) سورة الأحزاب : (الآية 40) .
(24) سورة الأحزاب : (الآيتان 45 و46) .
(25) سورة الفتح : (الآية 29) .
(26) سورة الإسراء : (الآية 88) .
(27) بحار الأنوار : (ج92 ص14 ب1 ح6) .
(28) بحار الأنوار : (ج92 ص15 ب1 ح8) .
(29) سورة النساء : (الآية 82) .
(30) سورة القمر : (الآية 45) .
(31) سورة الفتح : (الآية 27) .
(32) سورة الروم : (الآية 3) .
(33) سورة المائدة : (الآية 67) .
(34) سورة الإسراء : (الآية 88) .
(35) سورة الكوثر : (الآية 3) .
(36) نهج البلاغة : (ص202 رقم الخطبة193 من الطبعة المصرية) .
(37) مناقب ابن شهر آشوب : (ج1 ص106 ـ 144 باب معجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ) .
(38) الكومة بضمّ الكاف هي القطعة والمجموعة من الشيء .
(40) بحار الأنوار : (ج16 ص402) .
(41) المرجل : القدر ، يعني له صوت من خشية الله تعالى كصوت القدر حين غليانه .
(42) فلاحظها بالتفصيل في كتب سيرته ، وأحاديث صفته سلام الله عليه وآله ، مثل المجلّد السادس عشر من كتاب بحار الأنوار : (ص144 ـ 401 الأبواب 8 ـ 11) .
(43) حقّ اليقين : (ج1 ص135) .
(44) بحار الأنوار : (ج18 ص282 ب3 الأحاديث) .
(45) الخصال للصدوق : (ص600 ح3) .
(46) بحار الأنوار : (ج16 ص317 ب11 الأحاديث خصوصاً الحديث السابع) .
(47) تصحيح إعتقادات الإمامية : (ص129) .
(48) بحار الأنوار : (ج17 ص34 ـ 97 ب15) .
(49) سورة النجم : (الآيتان 3 و4) .
(50) سورة الفتح : (الآية 2) .
(51) بحار الأنوار : (ج17 ص73 ب15 ح1) .
(52) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : (ج1 ص155 ب15 ح1) .
(53) يأتي في ص357 من هذا الكتاب .
(54) سورة الأحزاب : (الآية 40) .
(55) إحقاق الحقّ : (ج4 ص78) ، وغاية المرام : (ص109) في سبعين حديثاً من طرق الخاصّة ومائة حديث من طرق العامّة .
(56) حقّ اليقين : (ج1 ص133) .
(57) بحار الأنوار : (ج11 ص34 ب1 ح28) ، وسائل الشيعة : (ج18 ص124 ب12 ح47) .
(58) إرشاد الطالبين : (ص318) ، ولاحظ فيه وقوع النسخ من الأديان السابقة أيضاً .
(59) سورة الأنعام : (الآية 90) .
(60) حقّ اليقين : (ج1 ص135) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page