• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الخامس : وظائف الاُمّة تجاه أهل بيت العصمة (عليهم السلام)

هناك وظائف شرعيّة وحقوق دينية يلزم على الرعيّة أداؤها لرعاتها ومواليها وأئمّتها دلّت عليها النصوص والأدلّة ، كما نوّه بها شيخنا الاُستاذ أعلى الله مقامه وجاء أيضاً في ميزان المطالب (1).
    فإنّ أعظم حقّ بعد حقّ الله تعالى هو حقّ رسوله والأئمّة المعصومين من بعده ، حيث إنّه بهم أخرجنا الله من ذلّ الكفر وببركتهم هدانا الله إلى نور الإيمان .
    وحقّهم على الاُمّة كحقّ الوالد على ولده ، بل أعظم من ذلك ، وبهم فسّر قوله تعالى : ( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) (2) ، وتلاحظ تفصيل أحاديث تفسيره في غاية المرام (3).
    ومن حقوقهم بالنسبة إلينا ، ووظائفنا بالنسبة إليهم ما يلي :
    1 ـ معرفة الأئمّة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين ، كما دلّ عليها حديث زرارة ، قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع
الخلق ؟
    فقال :
    « إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الناس أجمعين رسولا وحجّةً لله على جميع خلقه في أرضه ، فمن آمن بالله وبمحمّد رسول الله واتّبعه وصدّقه فانّ معرفة الإمام منّا واجبة عليه ... » (4).
    2 ـ الإقرار بإمامتهم وولايتهم ، كما يستفاد من حديث الصدوق الذي رواه عن الإمام الصادق (عليه السلام) :
    « إنّ أوّل ما يُسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله جلّ جلاله الصلوات المفروضات وعن الزكاة المفروضة وعن الصيام المفروض وعن ولايتنا أهل البيت ، فمن أقرّ بولايتنا ثمّ مات عليها قُبلت منه صلاته وصومه وزكاته وحجّه ، وإن لم يقرّ بولايتنا بين يدي الله جلّ جلاله لم يقبل الله جلّ وعزّ شيئاً من أعماله » (5).
    3 ـ التسليم لهم وعدم الإعتراض عليهم ، حيث إنّ الإعتراض عليهم يكون ناشئاً من الجهل . ويدلّ على هذه الوظيفة حديث الثمالي عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) :
    « إنّ دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقاييس الفاسدة ، ولا يصاب إلاّ بالتسليم ، فمن سلّم لنا سَلِم ، ومن اهتدى بنا هُدي ، ومن دان بالقياس والرأي هلك ، ومن وجد في نفسه شيئاً ممّا نقوله أو نقضي به حرجاً كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم » (6).
    4 ـ التولّي لهم والتبرّي من أعدائهم كما يستفاد من حديثي الأعمش حيث جاء في الأوّل ، عن الصادق (عليه السلام) قال :
    « حبّ أولياء الله واجب والولاية لهم واجبة ، والبراءة من أعدائهم واجبة ومن الذين ظلموا آل محمّد صلّى الله عليهم وهتكوا حجابه وأخذوا من فاطمة (عليها السلام) فدك ومنعوها ميراثها وغصبوها وزوجها حقوقهما » .. إلى آخر الحديث .
    وجاء في الثاني ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « ... يا علي ! والذي بعثني بالنبوّة ، واصطفاني على جميع البريّة لو أنّ عبداً عَبَدَ الله ألف عام ما قَبِلَ الله ذلك منه إلاّ بولايتك وولاية الأئمّة من وُلدِك ، وانّ ولايتك لا تُقبل إلاّ بالبراءة من أعدائك وأعداء الأئمّة من ولدك ، بذلك أخبرني جبرئيل (عليه السلام) ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر » (7).
    5 ـ إطاعتهم وامتثال أوامرهم ونواهيهم كما دلّ عليه حديث أبي حمزة (8) ، سألت أبا جعفر [ الباقر ] (عليه السلام) : ما حقّ الإمام على الناس ؟
    قال :
    « حقّه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا .. » (9).
6 ـ الرجوع إليهم والتحاكم إليهم في جميع الاُمور الدينية والدنيوية والاُخروية ، والمنازعات الشخصية ، والإختلافات الإجتماعية ، والشبهات الواردة ، كما يستفاد من حديث سدير الصيرفي ، عن أبي جعفر [ الباقر ] (عليه السلام) قال في حديث :
    « إنّما كُلّف الناس ثلاثة : معرفة الأئمّة ، والتسليم لهم فيما ورد عليهم ، والردّ إليهم فيما اختلفوا فيه » (10).
    7 ـ تعلّم جميع العلوم والمعارف والأحكام منهم لا من غيرهم ; لأنّ الصحيح منها هو ما كان عندهم وهم باب علم النبي وطريق حكمته ، كما يستفاد من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
    « أنا مدينة العلم وعلي بابها ، وهل تؤتى المدينة إلاّ من بابها » .
    المتّفق عليه بين الخاصّة والعامّة ، المروي من طريق العامّة في ستّة عشر حديثاً ومن طريق الخاصّة في سبعة أحاديث جاءت في غاية المرام (11).
    وتلاحظها في باب وجوب الرجوع في جميع الأحكام إلى المعصومين (عليهم السلام) في أحاديث الوسائل (12).
    ومنها حديث فضيل قال : سمعت أبا جعفر [ الباقر ] (عليه السلام) يقول :
    « كلّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل » .
    8 ـ الرجوع إليهم في جميع ما يعود إلى القرآن الكريم من تفسيره وتأويله ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وخاصّه وعامّه ، ومورده ومعناه .. فهم
العالمون بحقائقه ، والوارثون لمهبط وحيه ، والعين الصافية من معدنه ، كما تستفيده من أحاديث اُصول الكافي (13) ، ومنها : حديث جابر قال : سمعت أبا جعفر [ الباقر ] (عليه السلام) يقول :
    « ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما اُنزل إلاّ كذّاب ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) والأئمّة من بعده (عليهم السلام) » .
    9 ـ الفزع إليهم في الدواهي ، والإستغاثة بهم في الحوائج كما استفيد من حديث عبدالعزيز بن مسلم المتقدّم الذي جاء فيه :
    « الإمام الأنيس الرفيق والوالد الشفيق ... ومفزع العباد في الداهية النآد » (14).
    وحديث البحار في خطاب الله تعالى لآدم (عليه السلام) :
    « هؤلاء خيار خليقتي ، وكرام بريّتي ، بهم آخذ ، وبهم اُعطي ، وبهم اُعاقب ، وبهم اُثيب ، فتوسّل إليّ بهم ياآدم ، وإذا دهتك داهية فاجعلهم إليّ شفعاءك ، فإنّي آليت على نفسي قَسَماً حقّاً لا اُخيّب بهم آملا ، ولا أردّ بهم سائلا .. » (15).
    10 ـ مودّتهم وحبّهم ونصرتهم وصلتهم وعرض النصرة عليهم ، كما أفادته آية المودّة في قوله تعالى : ( قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (16)
وأحاديث اُصول الكافي (17) ، وبحار الأنوار (18) مثل حديث الفضيل ، عن أبي جعفر [ الباقر ] (عليه السلام) :
    « ... إنّما اُمروا أن يطوفوا بها .. ـ أي الكعبة ـ ثمّ ينفروا إلينا فيُعلمونا ولايتهم ومودّتهم ويُعرضوا علينا نصرتهم .. » .
    وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « من أحبّ عليّاً في حياته وبعد موته كتب الله عزّ وجلّ له من الأمن والإيمان ما طلعت عليه شمس وغربت ، ومن أبغضه في حياته وبعد موته مات موتةً جاهلية وحوسب بما عمل » .
    فيلزم علينا مودّة أهل البيت (عليهم السلام) وإبراز المحبّة لهم ، والولاء إليهم بجميع أنحائها ومعانيها ، ومن أظهرها أن نفرح لفرحهم ، ونحزن لحزنهم ، ونقيم شعائرهم وذكرياتهم .
    وفّقنا الله تعالى لذلك ، ونفعنا بحبّهم وولايتهم فإنّه هو النافع في الأهوال والشدائد في الدنيا والآخرة ، كما تلاحظ أحاديثه في معالم الزلفى (19) مثل حديث صاحب الكشّاف والثعلبي في تفسيره بإسناده إلى جرير بن عبدالله البجلي قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « ... ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له .
    ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً .
    ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان .
ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر ونكير .
    ألا ومن مات على حبّ آل محمّد يُزفّ إلى الجنّة كما تُزفّ العروس إلى بيت زوجها .
    ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله زوّار قبره الملائكة بالرحمة .
    ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السُنّة والجماعة ...
    ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله .
    ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة » .
    ثمّ اعلم أنّه تزيد على هذه الوظائف وظيفتنا في زمان الغيبة بالنسبة إلى سيّدنا ومولانا وإمام زماننا حجّة الله الإمام المهدي أرواحنا فداه بوظائف اُخرى مثل : إنتظار فرجه الشريف ، وظهوره المبارك ، والتهيّؤ لنصرته ، والتصدّق لسلامته ، والدعاء له ولفرجه وللثُبات على معرفته ، والقيام والإحترام للقبه الخاص ، ونُدبته الشريفة ، والصلاة الخاصّة عليه خصوصاً الصلوات المروية عن يعقوب بن يوسف الغسّاني المروية في البحار (20).
    كما تلاحظ هذه الوظائف مع أدلّتها من السيّد التقي الاصفهاني في مكيال المكارم ، ووظيفة الأنام ، والمحدّث النوري في النجم الثاقب ، والمحقّق اليزدي في إلزام الناصب ، فراجع .
    هذا تمام البحث فيما تيسّر من أصل الإمامة ويتلوه بحث المعاد ونبدؤه بذكر الرجعة ثمّ المعاد ثمّ مراحل القيامة .
على أعتاب المعاد
عرفت في أوّل الكتاب أنّ من تمام التوحيد وأصل الإعتقاد ، التصديق بكلّ ما جاء به رسول الله وآله الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين ، الناطقون عنه في جميع ما أخبروا به عن الله تعالى من الاُصول والفروع ، والتصديق بجميع ما جاءوا به من اُمور الدنيا والآخرة ، والتصديق بكلّ ما اُخبروا به عن الله تعالى من حقائق النشأتين الاُولى والاُخرى ; فإنّ من دعائم الإسلام الإقرار بما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو أصل أساسي في المقام ثبت بالأحاديث المتظافرة التالية :
    1 ـ حديث عجلان أبي صالح قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) :
    « أوقفني على حدود الإيمان .
    فقال : شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وصلوات الخمس ، وأداء الزكاة ، وصوم شهر رمضان ، وحجّ البيت ، وولاية وليّنا ، وعداوة عدوّنا ، والدخول مع الصادقين » (21).
    2 ـ حديث عيسى بن السريّ أبي اليسع المتقدّم قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أخبرني بدعائم الإسلام التي لا يسع أحد التقصير عن معرفة شيء منها ، الذي من قصّر عن معرفة شيء منها فسد عليه دينه ، ولم يقبل [ الله ] منه
عمله ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله ولم يضق به ممّا هو فيه (22) لجهل شيء من الاُمور جهله ؟ فقال :
    « شهادة أن لا إله إلاّ الله والإيمان بأنّ محمّداً رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وحقّ في الأموال الزكاة ; والولاية التي أمر الله عزّ وجلّ بها : ولاية آل محمّد (صلى الله عليه وآله) ... » (23).
    3 ـ حديث عيسى بن السري الآخر قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : حدّثني عمّا بنيت عليه دعائم الإسلام إذا أنا أخذت بها زكى عملي ولم يضرّني جهل ما جهلت بعده ، فقال :
    « شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله (صلى الله عليه وآله) والإقرار بما جاء به من عند الله وحقّ في الأموال من الزكاة ; والولاية التي أمر الله عزّ وجلّ بها ولاية آل محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، قال الله عزّ وجلّ : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ ) (24) فكان علي (عليه السلام) ، ثمّ صار من بعده حسن ، ثمّ من بعده الحسين ، ثمّ من بعده علي بن الحسين ، ثمّ من بعده محمّد بن علي ، ثمّ هكذا يكون الأمر ، إنّ الأرض لا تصلح إلاّ بإمام ، ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هاهنا ـ قال : وأهوى بيده إلى صدره ـ يقول حينئذ :
لقد كنت على أمر حسن (25).
    4 ـ حديث أبي الجارود المتقدّم قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : يا بن رسول الله ! هل تعرف مودّتي لكم وإنقطاعي إليكم وموالاتي إيّاكم ؟ قال : فقال :
    « نعم ، قال : فقلت : فإنّي أسألك مسألة تجيبني فيها فإنّي مكفوف البصر قليل المشي ولا أستطيع زيارتكم كلّ حين ، قال : هات حاجتك .
    قلت : أخبرني بدينك الذي تدين الله عزّ وجلّ به أنت وأهل بيتك لاُدين الله عزّ وجلّ به .
    قال : إن كنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة ، والله لاُعطينّك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عزّ وجلّ به : شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، والولاية لوليّنا ، والبراءة من عدوّنا ، والتسليم لأمرنا ، وانتظار قائمنا ، والإجتهاد والورع » (26).
    5 ـ حديث إسماعيل الجعفي قال : دخل رجل على أبي جعفر [ الباقر ] (عليه السلام) ومعه صحيفة فقال له أبو جعفر (عليه السلام) :
    « هذه صحيفة مخاصم يسأل عن الدين الذي يقبل فيه العمل فقال : رحمك الله ! هذا الذي اُريد ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله وتقرّ بما جاء من عند الله والولاية لنا أهل البيت والبراءة من عدوّنا والتسليم لأمرنا والورع
والتواضع وانتظار قائمنا ; فإنّ لنا دولة إذا شاء الله جاء بها » (27).
    فتلاحظ أنّ هذه الأحاديث الشريفة التي كرّرناها لمزيد الإستفادة صريحة في لزوم الإقرار بما جاء به النبي من دعائم الإسلام .
    واعلم أنّ ممّا جاؤوا به صلوات الله عليهم ـ وأثبتوا حقّانيته في الدنيا فيلزم الإقرار به ـ رجعتهم صلوات الله عليهم .
    فلنبدأ بذكر مبحث الرجعة ثمّ مباحث المعاد ، ومن الله تعالى التوفيق والسداد .
الرجعة
الرجعة هي الرجوع إلى الدنيا بعد الموت ، والحياة قبل يوم القيامة .. عند ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ، ويطلق عليها الكرّة أيضاً من الكرّ بمعنى الرجوع ، كما يستفاد من كتاب العين (28) ، ومجمع البحرين (29) ، والقاموس المحيط (30).
    وهي من الحقائق الثابتة بالأدلّة ، والمحقّقة بالبراهين ، كما سيأتي ذكرها .
    قال الشيخ الصدوق : « إعتقادنا في الرجعة انّها حقّ » (31).
    وقال الشيخ المفيد : « وأمّا قوله (عليه السلام) : من لم يقل برجعتنا فليس منّا ، فإنّما أراد بذلك ما يختصّه من القول به في أنّ الله تعالى يحيي قوماً من اُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) بعد موتهم قبل يوم القيامة ، وهذا مذهب يختصّ به آل محمّد صلّى الله عليه وعليهم ... والرجعة عندنا تختصّ بمن محض الإيمان ومحض الكفر دون ما سوى هذين الفريقين » (32).
    وقال السيّد المرتضى : « إعلم أنّ الذي تذهب الشيعة الإمامية إليه أنّ الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي (عليه السلام) قوماً ممّن كان قد تقدّم موته من شيعته ، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم ، فيلتذّوا بما يشاهدون من ظهور الحقّ وعلوّ كلمة أهله » (33).
    وقال العلاّمة المجلسي : « الإعتقاد بالرجعة واجب وهو من الإعتقادات الخاصّة بالشيعة وثبوتها من الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام) مشهور بين الشيعة والسنّة » (34).
    وقال السيّد الشبّر : « إنّ ثبوت الرجعة ممّا إجتمعت عليه الشيعة الحقّة والفرقة المحقّة ، بل هي من ضروريات مذهبهم » (35).
    هذا ، وقد ثبتت الرجعة بالأدلّة القطعيّة والبراهين البيّنة من الكتاب العزيز والسنّة المتواترة والإجماع المحقّق .
    فلا يُصغى إلى ما زعمه ابن الأثير في النهاية (36) ، وتبعه ابن منظور في اللسان (37) ، من نسبة الرجعة إلى قوم من عرب الجاهلية وفرقة من اُولي البدع والأهواء .
    وزوّر الإستدلال لدعواه بقوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِي * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ) (38).
    ويردّه أنّ الرجعة لم تكن في عرب الجاهلية ولم يقل بها أهل الأهواء والبدع ، بل هي قول الطائفة الحقّة ومستندة إلى الأدلّة .
    وأمّا هذه الآية الشريفة فهي تحكي قول الكفّار المكذّبين بالبعث حين موتهم وعندما يشرفون على الموت ، كما جاء في التفسير ، وفسّره بهذا من العامّة ابن جريح .
    كما فسّرت أيضاً في أحاديثنا الشريفة بمانع الزكاة حين موته .
    وتلاحظ بيانه في مجمع البيان (39) ، ممّا يستفاد منه أنّ الرجعة الواردة في هذه الآية الشريفة هي تمنّي رجعة الكافر والفاسق ، لا رجعة المؤمن إلى الدنيا في الدولة المحقّة التي وعدها الله سبحانه بقوله : ( .. لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (40).
    وفيما يلي نذكر الأدلّة الثلاثة : الكتاب والسنّة والإجماع لإثبات الرجعة بالبيان التالي ، بل يمكن إثباتها بالحكم العقلي أيضاً بالتقرير الآتي في هذه الأدلّة ثمّ الحكومة العقلية :
    1 ـ دليل الكتاب :
    دلّ الكتاب الكريم في آيات عديدة على الرجعة ، ومنها :
    1 ـ قوله تعالى : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّة فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ) (41).
    حيث دلّت الآية على أنّ الحشر خاصّ ببعض دون بعض وهو غير الحشر الأكبر يوم القيامة الذي هو عام للجميع حيث قال الله تعالى فيه : ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ
نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (42).
    2 ـ قوله تعالى : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (43) ، وقد فُسّرت هذه الآية في أحاديث كثيرة بالرجعة الحقّة بل هي ظاهرة فيها .
    3 ـ قوله تعالى : ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) (44).
    فقد فُسّرت في الأخبار الآتية بالرجعة بل لا مصداق كامل تامّ لها سوى الرجعة .
    4 ـ قوله تعالى : ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) (45).
    فقد وردت الأحاديث في تفسير إحدى الحياتين والموتين ، بالحياة والموت في الرجعة ، بل لا تنطبق الموتتان لشخص واحد إلاّ مع الرجعة .
    5 ـ قوله تعالى : ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الاَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ ) (46).
    وقد تظافر النقل في أخبارنا بتفسيرها بمورد رجعتهم سلام الله عليهم في هذه الدنيا .
    .. إلى غير ذلك من الآيات الشريفة التي فسّرت بالرجعة وتلاحظها بالتفصيل في كتاب الإيقاظ من الهجعة للمحدّث الحرّ العاملي (قدس سره) .
    2 ـ دليل السنّة :
    أفاد شيخ الإسلام المجلسي (قدس سره) (47) أنّه تواترت أحاديث الرجعة بما يقرب من مائتي حديث صريح رواه نيف وأربعون من الثقات العظام وكبار العلماء الأعلام في أزيد من خمسين كتاباً من تصانيفهم مثل : سليم بن قيس الهلالي ، والحسن بن محبوب ، والفضل بن شاذان ، ومحمّد بن الحسن الصفّار ، وسعد بن عبدالله الأشعري ، وشاذان بن جبرئيل ، وعلي بن إبراهيم القمّي ، وفرات بن إبراهيم الكوفي ، ومحمّد بن مسعود العياشي ، وثقة الإسلام الكليني ، والشيخ الصدوق محمّد بن بابويه ، والشيخ ابن قولويه ، والشيخ المفيد ، والسيّد المرتضى ، والشيخ الطوسي ، والشيخ النعماني ، وإبراهيم بن محمّد الثقفي ، والشيخ الكراجكي ، والسيّد ابن طاووس ، والشيخ الطبرسي ، والعلاّمة الحلّي ، والقطب الراوندي ، والشيخ ابن شهر آشوب المازندراني ، والشهيد الأوّل ، وغيرهم من الأعاظم .
    بل صُنّفت الكتب الخاصّة في إثباتها لعظماء الأصحاب وأكابر المحدّثين الأطياب ممّن ليس في جلالتهم شكّ ولا إرتياب .
    بحيث قال العلاّمة المجلسي : « وظنّي أنّ من يشكّ في أمثالها فهو شاكّ في أئمّة الدين » (48).
    هذا والأحاديث الشريفة في المقام كثيرة وفيرة تلاحظ احصاءها مجموعةً في البحار منها :
    1 ـ حديث محمّد بن مسلم قال : سمعت حمران بن أعين وأبا الخطاب يحدّثان جميعاً قبل أن يُحدث أبو الخطّاب ما أحدث أنّهما سمعا أبا عبدالله (عليه السلام) يقول :
    « أوّل من تنشقّ الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا ، الحسين بن علي (عليه السلام) وإنّ الرجعة ليست بعامّة ، وهي خاصّة لا يرجع إلاّ من محض الإيمان محضاً أو محض الشرك محضاً » (49).
    2 ـ حديث أبي بصير قال : قال لي أبو جعفر [ الباقر ] (عليه السلام) :
    « ينكر أهل العراق الرجعة ؟ قلت : نعم ، قال : أما يقرؤون القرآن : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّة فَوْجاً ) (50) » (51).
    3 ـ حديث سليمان الديلمي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ : ( إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً ) (52) ؟ فقال :
    « الأنبياء رسول الله وإبراهيم وإسماعيل وذرّيته ، والملوك الأئمّة (عليهم السلام) ... قال : فقلت : وأي مُلك اُعطيتم ؟ فقال : ملك الجنّة وملك
الكرّة » (53).
    4 ـ حديث يونس بن ظبيان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « إنّ الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي (عليهما السلام) ، فأمّا يوم القيامة فإنّما هو بعث إلى الجنّة وبعث إلى النار » (54).
    5 ـ حديث حمران ، عن أبي جعفر [ الباقر ] (عليه السلام) قال :
    « إنّ أوّل من يرجع لجاركم الحسين (عليه السلام) فيملك حتّى تقع حاجباه على عينيه من الكِبَر » (55).
    6 ـ حديث تفسير علي بن إبراهيم : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ) (56) فإنّه روى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رجع آمن به الناس كلّهم .
    قال : وحدّثني أبي ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن أبي حمزة ، عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجّاج : ياشهر ! آية في كتاب الله قد أعيتني ، فقلت : أيّها الأمير ! أيّة آية هي ؟ فقال : قوله : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) والله لأنّي لآمر باليهودي والنصراني فتضرب عنقه ، ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يحمل ، فقلت : أصلح الله الأمير ! ليس على ما تأوّلت ، قال : كيف هو ؟ قلت : إنّ عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملّة يهودي ولا غيره إلاّ آمن به قبل موته ، ويصلّي
خلف المهدي . قال : ويحك ! أنّى لك هذا ؟ ومن أين جئت به ؟ فقلت : حدّثني به محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، فقال : جئت والله بها من عين صافية (57).
    7 ـ حديث معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : قول الله : ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ) (58) ؟ قال :
    « هي والله للنُصّاب ، قال : جعلت فداك ! قد رأيناهم دهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا ؟ قال : ذاك والله في الرجعة ، يأكلون العذرة » (59).
    8 ـ حديث الحسن بن الجهم ، قال : قال المأمون للرضا (عليه السلام) : يا أبا الحسن ! ما تقول في الرجعة ؟
    فقال (عليه السلام) :
    « إنّها الحقّ ، قد كانت في الاُمم السالفة ونطق بها القرآن (60) ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يكون في هذه الاُمّة كلّ ما كان في الاُمم السالفة حذو النعل بالنعل ، والقذّة بالقذّة ، وقال (صلى الله عليه وآله) : إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم (عليهما السلام) فصلّى خلفه ، وقال (صلى الله عليه وآله) : إنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ، قيل : يا رسول الله ثمّ ماذا يكون ؟ قال : ثمّ يرجع الحقّ إلى أهله ... » (61).
    9 ـ ما جاء في الزيارة الجامعة المباركة التي رواها الشيخ الصدوق بسنده المعتبر عن موسى بن عبدالله النخعي ، عن أبي الحسن الثالث الإمام الهادي (عليه السلام) :
    « وجعلني ممّن يقتصّ آثاركم ، ويسلك سبيلكم ، ويهتدي بهداكم ، ويحشر في زمرتكم ، ويكرّ في رجعتكم ، ويملّك في دولتكم ، ويشرّف في عافيتكم ، ويمكّن في أيّامكم ، وتقرّ عينه غداً برؤيتكم » .
    وفي زيارة الوداع :
    « ومكّنني في دولتكم وأحياني في رجعتكم » (62).
    10 ـ حديث أحمد بن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، سئل عن الرجعة أحقّ هي ؟ قال :
    « نعم ، فقيل له : من أوّل من يخرج ؟ قال : الحسين (عليه السلام) يخرج على أثر القائم (عليه السلام) ، قلت : ومعه الناس كلّهم ؟ قال : لا بل كما ذكر الله تعالى في كتابه : ( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً ) (63) قوم بعد قوم » .
    وعنه (عليه السلام) :
    « ويقبل الحسين (عليه السلام) في أصحابه الذين قتلوا معه ، ومعه سبعون نبيّاً كما بعثوا مع موسى بن عمران ، فيدفع إليه القائم (عليه السلام) الخاتم ، فيكون الحسين (عليه السلام) هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ، ويواريه في حفرته » (64).
    .. إلى غير ذلك من الأحاديث الشريفة الفائقة على حدّ التواتر ، والموجبة للقطع واليقين بذلك الرجوع الزاهر ، فيلزم الإعتقاد به ، والتديّن بحقّانيته .
    وقد ورد في زيارة صاحب الأمر أرواحنا فداه : « اللهمّ إنّي أدين لك بالرجعة بين يدي صاحب هذه البقعة » (65).
    3 ـ دليل الإجماع :
    قد تظافر نقل الإجماع من الإماميّة الحقّة على الرجعة بل صُرّح بكونها من ضروريات مذهبهم كما تلاحظه فيما أفاده الأعلام العظام .
    فقد أفاد الشيخ المفيد : « قد قالت الإماميّة إنّ الله تعالى ينجز الوعد بالنصر للأولياء قبل الآخرة عند قيام القائم ، والكرّة التي وعد بها المؤمنين » (66).
    وقال السيّد المرتضى في المسائل الرازيّة : « اعلم أنّ الذي تذهب الشيعة الإمامية إليه أنّ الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي (عليه السلام) قوماً ممّن كان قد تقدّم موته من شيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته .. » (67).
    وقال أمين الإسلام الطبرسي في مجمع البيان : « المعوّل في ذلك ـ الرجعة ـ على إجماع الشيعة الإماميّة » (68).
    وقال العلاّمة المجلسي : « أجمعت الشيعة عليها ـ الرجعة ـ في جميع الأعصار وإشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار » (69).
    وقال المحدّث الحرّ العاملي : « الرجعة من ضروريات مذهب الإمامية عند جميع العلماء المعروفين والمصنّفين المشهورين » (70).
    وقال السيّد الشبّر : « إنّ أصل الرجعة حقّ لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه ، ومنكرها خارج عن ربقة المؤمنين ; فإنّها من ضروريات مذهب الأئمّة الطاهرين » (71).
    فالأدلّة الثلاثة المعتبرة إذاً متطابقة ، والأقوال متوافقة ، والآراء متّفقة على كون الرجعة من العقائد الحقّة والوقائع الصادقة .
    هذا ، مضافاً إلى إمكان الرجعة عقلا لوقوعها في الاُمم سابقاً ، والوقوع دليل الإمكان ..
    ولا شكّ أنّ من المحاسن العقليّة تَحقّق حكومة العدل الإلهي والدولة الكريمة وإنتشار الدين في رجعة الأئمّة المعصومين مع إحياء الصفوة الذين تقرّ عيونهم بها ، والطائفة من الكافرين الذين ترغم اُنوفهم بمشاهدتها ، وهو من إستمرار العدل ومحو الظلم الذي يحكم العقل بحسنه ..
    والرجعة تحقّق هذا المعنى فتكون مورداً للحسن العقلي مضافاً إلى الإمكان الوقوعي ..
    أنعم الله تعالى علينا وأقرّ عيوننا بفيض سرور تلك الرجعة الحقّة والدولة المحقّة إن شاء الله تعالى .
يوم المعاد
    المعاد بمعنى المصير والمرجع ، وهو في الأصل اللغوي مَفْعَل أي مَعْوَد .. مأخوذ من العَود ، ويطلق لغة على المعنى المصدري يعني العَود والرجوع ، وعلى زمان العود فيكون إسم زمان ، كما يطلق على مكان العود فيكون إسم مكان .
    هذا إشتقاقاً وإطلاقاً ، وأمّا تعريفاً فقد عرّفه الشيخ الطريحي بأنّه هو : « بعث الأجسام البشرية وتعلّق أنفسها بها للنفع والإنتصاف والجزاء » (72).
    وعرّفه الفاضل المقداد بأنّه هو : « الوجود الثاني للأشخاص الإنسانية بعد موتها لأخذ الحقّ منها أو إيفائه » (73).
    فالمعاد إذاً هو إعادة جسد الإنسان بروحه وبعثه في القيامة ـ ذلك اليوم الرهيب ـ يوم الحساب العدل والخلود الفصل .
    والإعتقاد بهذا اليوم الأعظم من العقائد الحقّة الأصيلة المهذِّبة للنفوس البشرية ، قال شيخنا الصدوق : « إعتقادنا في البعث أنّه حقّ » (74).
    وقال العلاّمة الحلّي في محكي كتاب أنوار الملكوت الذي هو شرح كتاب الياقوت لأبي إسحاق إبراهيم النوبختي الذي هو من قدماء المتكلّمين ، كما حكاه
في حقّ اليقين : « اتّفق المسلمون على إعادة الأجساد خلافاً للفلاسفة » (75).
    وقال المحقّق الدواني في محكي شرح العقائد العضدية كما حكاه في حقّ اليقين : « والمعاد ـ أي المعاد الجسماني ـ فإنّه المتبادر من إطلاق أهل الشرع إذ هو الذي يجب الإعتقاد به ويكفر من أنكره .. حقّ بإجماع أهل الملل الثلاثة » (76).
    وقال شيخ الإسلام المجلسي رضوان الله تعالى عليه :
    « اعلم أنّ القول بالمعاد الجسماني ممّا اتّفق عليه جميع الملّيين وهو من ضروريات الدين ، ومنكره خارج عن عداد المسلمين ، والآيات الكريمة في ذلك ناصّة لا يعقل تأويلها ، والأخبار فيه متواترة لا يمكن ردّها ولا الطعن فيها ، وقد نفاه أكثر ملاحدة الفلاسفة تمسّكاً بامتناع إعادة المعدوم ، ولم يقيموا دليلا عليه ، بل تمسّكوا تارةً بادّعاء البداهة ، واُخرى بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من نظر فيها بعين البصيرة واليقين وترك تقليد الملحدين من المتفلسفين » (77).
    وقال السيّد الشبّر : « القول بالمعاد الجسماني والروحاني معاً أقوى المذاهب ، وهو الذي دلّت عليه الآيات القرآنية والأحاديث المعصومية وأيّدته المؤيّدات العقلية حيث إنّ الكاسب للطاعات والمعاصي البدن والروح معاً فينبغي عودهما معاً » (78).
    هذا ، والأدلّة القطعيّة والبراهين الجليّة متّفقة في إثبات هذا الأصل الأصيل والأمر الجليل بالكتاب والسنّة والإجماع والعقل ممّا يوجب العلم واليقين لكلّ
عاقل مستبين .. بل وضوح معناه العرفي وتطابق الأدلّة على عود الروح والبدن يقتضي ضروريته ، والأدلّة هي :
    1 ـ دليل الكتاب :
    ما أكثر الآيات القرآنية والحكم الربّانية في بيان يوم القيامة وشؤون يوم الطامّة حتّى قال بعض أهل المعرفة : إنّها تقارب ألف آية كريمة وإشارة قيّمة .
    وقد أحصاها العلاّمة المجلسي (قدس سره) في أبواب متعدّدة من كتاب العدل والمعاد في المجلّد السابع من بحار الأنوار ، فلاحظ .
    ويكفيك تصديقاً وتأكيداً وتهويلا من الآيات الشريفة المبيّنة للمعاد الآيتان الأوّلتان من سورة الحجّ المباركة ، قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَة عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْل حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ ) (79).
    وتلاحظ لمزيد البيان تفسير القرآن بالنسبة إلى هاتين الآيتين في البرهان (80) ، والصافي (81) ، وكنز الدقائق (82).
    وحسبك دليلا من القرآن الكريم على المعاد بالجسم بالإضافة إلى الروح :
    1 ـ قوله تعالى : ( وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْء ) (83) ، والآية صريحة في بعثة الجلود .
    2 ـ قوله عزّ إسمه : ( قَالَ مَنْ يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيمٌ ) (84) ، وهي صريحة في إحياء العظام .
    3 ـ قوله جلّ وعلا : ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (85) ، وهي صريحة في بعثة الأبدان بألسنتهم والأيدي والأرجل .
    4 ـ قوله جلّ شأنه : ( أَيَحْسَبُ الاِْنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّىَ بَنَانَهُ ) (86) حيث يستفاد إعادة جزئيات الإنسان كالبنان ، وهي الأنامل .
    فليس المعاد بالروح فقط بل بالروح والجسد .
    2 ـ دليل السنّة :
    السنّة المحمّدية غنيّة بالأخبار المعصومية ومتواترة بالأحاديث العلمية التي تفيد اليقين بيوم الدين وتبيّن تفاصيل حشر العالمين ، بل تبيّن مصير الإنسان من يوم موته إلى غاية عاقبته من الجنّة أو النار .
    كما تلاحظ ذلك في الإحتجاج (87) ، والبحار (88) ، ومعالم الزلفى (89).
    وتلاحظ دراسة نموذج من تلك الدرر الغوالي في أحاديث النبي وأهل البيت (عليهم السلام) فيما يلي :
    1 ـ خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) المعروفة بالغرّاء وقد ورد فيها :
    « حتّى إذا تصرّمت الاُمور ، وتقضّت الدهور ، وأزف النشور أخرجهم من ضرائح القبور ، وأوكار الطيور ، وأوجرة السباع ، ومطارح المهالك سراعاً إلى أمره ، مهطعين إلى معاده » (90).
    2 ـ حديث الإحتجاج عن الإمام الصادق (عليه السلام) في جواب المسائل :
    « ... قال : أفتتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق ؟
    قال (عليه السلام) : بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور ، فعند ذلك تبطل الأشياء ، وتفنى فلا حسّ ولا محسوس ، ثمّ اُعيدت الأشياء ، كما بدأها مدبّرها ، وذلك أربعمائة سنة يسبُت (91) فيها الخلق ، وذلك بين النفختين .
    قال : وأنّى له بالبعث والبدن قد بلى ، والأعضاء قد تفرّقت ! فعضو ببلدة يأكلها سباعها ، وعضو باُخرى تمزّقه هوامها ، وعضو قد صار تراباً بُني به مع الطين حائط ؟
    قال (عليه السلام) : إنّ الذي أنشأه من غير شيء ، وصوّره على غير مثال كان سبق إليه ، قادر أن يعيده كما بدأه .
    قال : أوضح لي ذلك ?
    قال (عليه السلام) : إنّ الروح مقيمة في مكانها ، روح المحسن في ضياء وفسحة ، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير تراباً كما منه خُلق ، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها ، ممّا أكلته ومزّقته ، كلّ ذلك في التراب ، محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرّة في ظلمات الأرض ، ويعلم عدد الأشياء ووزنها ، وإنّ تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب ، فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور ، فتربو الأرض ثمّ تمخّضوا مخض السقاء ، فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء ، والزبد من اللبن إذا مخض ، فيجتمع تراب كلّ قالب إلى قالبه ، فينتقل بإذن الله القادر إلى حيث الروح ، فتعود الصور بإذن المصوّر كهيئتها ، وتلج الروح فيها ، فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئاً ... » (92).
    3 ـ حديث جامع الأخبار : إنّ فاطمة صلوات الله عليها قالت لأبيها : يا أبت أخبرني كيف يكون الناس يوم القيامة ؟
    قال (صلى الله عليه وآله وسلم) :
    « يا فاطمة ! يشغلون فلا ينظر أحد إلى أحد ، ولا والد إلى الولد ولا ولد إلى اُمّه ; قالت : هل يكون عليهم أكفان إذا خرجوا من القبور ؟
    قال : يا فاطمة ؟ تبلى الأكفان وتبقى الأبدان ، تستر عورة المؤمن ، وتبدى عورة الكافرين .
    قالت : يا أبت ! ما يستر المؤمنين ؟
    قال : نور يتلألأ لا يبصرون أجسادهم من النور ، قالت : يا أبت ! فأين ألقاك يوم القيامة ، قال : انظري عند الميزان وأنا اُنادي : ربّ أرجح من شهد أن لا إله إلاّ الله ، وانظري عند الدواوين إذا نشرت الصحف وأنا اُنادي : ربّ ! حاسب اُمّتي حساباً يسيراً ، وانظري عند مقام شفاعتي على جسر جهنّم ، كلّ إنسان يشتغل بنفسه وأنا مشتغل باُمّتي اُنادي : يا ربّ ! سلّم اُمّتي ، والنبيّون (عليهم السلام) حولي ينادون : ربّ ! سلّم اُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) .
    وقال (عليه السلام) : إنّ الله يحاسب كلّ خلق إلاّ من أشرك بالله فإنّه لا يحاسب ويؤمر به إلى النار » (93).
    4 ـ حديث ابن مسعود قال : كنت جالساً عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال :
    « إنّ في القيامة لخمسين موقفاً كلّ موقف ألف سنة ، فأوّل موقف خرج (94) من قبره حبسوا ألف سنة عراة حفاة جياعاً عطاشاً ، فمن خرج من قبره مؤمناً بربّه ومؤمناً بجنّته وناره ومؤمناً بالبعث والحساب والقيامة مقرّاً بالله مصدّقاً بنبيّه (صلى الله عليه وآله) وبما جاء من عند الله عزّ وجلّ نجا من الجوع والعطش ، قال الله تعالى : ( فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً ) (95) من القبور إلى الموقف اُمماً ، كلّ اُمّة مع إمامهم » إلى آخر الحديث الشريف (96).
    5 ـ حديث حفص بن غياث قال : قال أبو عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) :
    « ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا ، فإنّ في القيامة خمسين موقفاً كلّ موقف مثل ألف سنة ممّا تعدّون ، ثمّ تلا هذه الآية : ( فِي يَوْم كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة ) (97) » (98).
    6 ـ حديث ثوير بن أبي فاخته ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال : سئل عن النفختين : كم بينهما ؟ قال : ما شاء الله ، فقيل له : فأخبرني يا بن رسول الله كيف ينفخ فيه ؟ فقال :
    « أمّا النفخة الاُولى فإنّ الله يأمر اسرافيل فيهبط إلى الدنيا ومعه الصور ، والصور رأس واحد وطرفان وبين طرف كلّ رأس منهما ما بين السماء والأرض ، فإذا رأت الملائكة إسرافيل هبط إلى الدنيا ومعه الصور ، قالت : قد أذن الله في موت أهل الأرض وفي موت أهل السماء ، قال : فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس ويستقبل الكعبة فإذا رأوه أهل الأرض قالوا : قد أذن الله في موت أهل الأرض ، قال : فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الأرض فلا يبقى في الأرض ذو روح إلاّ صعق ومات ، ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماء فلا يبقى ذو روح في السماوات إلاّ صعق ومات إلاّ إسرافيل ، قال : فيقول الله لإسرافيل : يا إسرافيل ! مُت ، فيموت إسرافيل ، فيمكثون في ذلك ما شاء الله ، ثمّ يأمر الله السماوات أن تمور ويأمر الجبال فتسير وهو قوله : ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً ) (99) يعني تنبسط وتبدّل الأرض غير الأرض يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب ، بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أوّل مرّة ، ويعيد عرشه على الماء كما كان أوّل مرّة ، مستقلا بعظمته وقدرته .
    قال : فعند ذلك ينادي الجبّار جلّ جلاله بصوت من قبله جهوري يُسمع أقطار السماوات والأرضين : ( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) (100) فلا يجيبه مجيب فعند ذلك يجيب الجبّار ـ وفي نسخة : يقول الجبّار ـ لنفسه ( للهِِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) (101) وأنا قهرت الخلائق كلّهم إنّى أنا الله لا إله إلاّ أنا وحدي لا شريك لي ولا وزير وأنا خلقت خلقي بيدي وأنا أمتّهم بمشيتي وأنا اُحييهم بقدرتي ، قال : فينفخ الجبّار نفخة في الصور فيخرج الصوت من أحد طرفيه الذي يلي السماوات فلا يبقى أحد في السماوات إلاّ حَيي وقام كما كان ، ويعود حملة العرش وتحضر الجنّة والنار وتحشر الخلائق للحساب . قال : فرأيت علي ابن الحسين (عليهما السلام) يبكي عند ذلك بكاءاً شديداً » (102).
    3 ـ دليل الإجماع : مضافاً إلى دليل الكتاب القطعي والحديث العلمي دلّت الإجماعات الجليّة بل إجماع جميع الفرق المِليّة على تحقّق يوم المعاد وجزاء جميع العباد .
    بل هو ضروري من ضروريات الدين وبديهيات الشرع المبين بحيث يوجب العلم واليقين كما عرفت ذلك من كلمات العلاّمة الحلّي في محكي أنوار الملكوت ، وشيخ الإسلام المجلسي في سابع البحار ، والمحقّق الدواني في شرح العقائد .
    4 ـ دليل العقل :
    بالإضافة إلى الأدلّة المتقدّمة يحكم العقل السليم والنظر المستقيم بتحقّق يوم المعاد لحساب العباد ، وذلك لوجوه عديدة :
    أوّلا : أنّ الكون كما نراه ونجده مبني على أساس العدل ونظام العدالة ، وبالعدل قامت السماوات والأرض ، وما من خلل يخالف العدل إذا وقع في الكون إلاّ وظهرت مساويه وبدت مفاسده .
    على هذا النظام يُلزم العقل باستقرار العدل بمعاقبة المجرم ، وإثابة المحسن .
    ولا تحصل هذه الحقيقة ولا يتحقّق هذا الحقّ في هذا العالم بالبداهة .. فلابدّ وأن يتشكّل عالم يُقضى فيه بالعدل ويُحكم فيه بالإنصاف ، فينتصف من الظالم وينتصر للمظلوم ، ولولاه لذهبت حقوق العباد ولضاعت الدماء بالفساد ، وهو ظلم لا يقبله العقل في جزء حقير وزمان يسير في هذا الكون ـ فكيف بمرّ الأجيال في الأزمنة الطوال ـ على ظهر جميع الأرض البسيطة وبالنسبة إلى جميع الخلق والخليقة .
    لذلك يحكم العقل على أساس العدل بتحقّق يوم الفصل .
    ثانياً : إنّ الحكمة الإلهية البالغة تقضي بيوم المعاد ومجازاة العباد ، وإلاّ لكان التكليف عبثاً وكان إرسال الأنبياء لغواً وكان الوعد والوعيد باطلا .
    وحاشا الحكيم العليم العادل عن ذلك أبداً !
    فلابدّ وأن يتحقّق الرجوع هنالك بإقتضاء الحكمة حتّى لا يلزم العبث واللغو والبطلان .
    فيحكم العقل على أساس حكمة الله الحكيم بتحقّق ذلك اليوم العظيم .
    ثالثاً : إنّه لو لم يكن ذلك اليوم الخالد ولم يظهر الفرق بين العاصي والمطيع لتساوى الأنبياء النبلاء مع أشقى العصاة الأشقياء ، وتعادل جبابرة الكافرين مع كبار المؤمنين ، وتساوى البرّ والفاجر ، وتوازن الظلم والعدل والحقّ مع الباطل والنور مع الظلمة .
    وهذا شيء قبيح مخالف للحقّ الصريح ، فيحكم العقل بإستحالته على الله تعالى .
    وعليه ، فالعقل حاكم على أساس الحسن وعدم القبح بضرورية يوم الحشر للإنسان ، وقيام يوم المعاد والميزان ، لتمييز الحقّ وإبطال الباطل .
    على أنّ الفطرة بنفسها تقضي بمجازاة الظالم ومؤاخذة الجاني .. حتّى فطرة الملحدين والمنكرين للربوبية ; لذلك تراهم يعاقبون السارق ويؤاخذون المتجاوز .
    فحقّانية يوم القيامة ثابتة بوحي الفطرة ، مضافاً إلى ما تقدّم من الأدلّة .
________________________________________
(1) ميزان المطالب : (ص195) .
(2) سورة لقمان : (الآية 14) .
(3) غاية المرام : (ص544 ـ 549 ب50 ـ 53) ، خصوصاً حديث الإمام العسكري (عليه السلام) .
(4) اُصول الكافي : (ج1 ص180 باب معرفة الإمام والردّ عليه ح3) .
(5) غاية المرام : (ص257 ب47 ح28) .
(6) بحار الأنوار : ج2 ص303 ب34 ح41) .
(7) بحار الأنوار : (ج27 ص52 ح3 ، وص199 ح66 ، وص219 ح4) .
(8) بحار الأنوار : (ج27 ص53 ح3 ، وص199 ح66 ، وص219 ح4) .
(9) بحار الأنوار : (ج27 ص244 ب11 ح4) .
(10) وسائل الشيعة : (ج18 ص45 ب7 ح14) .
(11) غاية المرام : (ص520 ب29 و30 الأحاديث) .
(12) وسائل الشيعة : (ج18 ص48 ب7 ح29 و34 و40) .
(13) اُصول الكافي : (ج1 ص228) .
(14) اُصول الكافي : (ج1 ص198 ح1) .
(15) بحار الأنوار : (ج26 ص328 ب7 ح10) .
(16) سورة الشورى : (الآية 23) .
(17) اُصول الكافي : (ج1 ص392 الأحاديث) .
(18) بحار الأنوار : (ج27 ص73 ب4 ح1 و7 و8 و9 ، وص162 ب6 ح10) .
(19) معالم الزلفى : (ص190) .
(20) بحار الأنوار : (ج52 ص17 ب18 ح14) .
(21) اُصول الكافي : (ج2 ص18 باب دعائم الإسلام ح2) .
(22) أي لم يضق عليه شيء ممّا هو فيه .
(23) اُصول الكافي : (ج2 ص19 باب دعائم الإسلام ح6) .
(24) سورة النساء : (الآية 59) .
(25) اُصول الكافي : (ج2 ص21 باب دعائم الإسلام ح9) .
(26) اُصول الكافي : (ج2 ص21 ـ 22 باب دعائم الإسلام ح10) .
(27) اُصول الكافي : (ج2 ص22 ـ 23 باب دعائم الإسلام ح13) .
(28) كتاب العين للخليل : (ج1 ص658) .
(29) مجمع البحرين للطريحي : (ص378) .
(30) القاموس المحيط : (ج3 ص28) .
(31) كتاب الإعتقادات للصدوق : (ص60) .
(32) المسائل السرويّة : (ص32) .
(33) كتاب الرسائل للسيّد المرتضى : (ج1 ص125) .
(34) كتاب الإعتقادات للمجلسي : (ص40) .
(35) حقّ اليقين : (ج2 ص2) .
(36) النهاية لابن الأثير : (ج2 ص202) .
(37) لسان العرب : (ج8 ص114) .
(38) سورة المؤمنون : (الآيتان 99 و100) .
(39) مجمع البيان : (ج7 ص117) .
(40) سورة التوبة : (الآية 33) ، وسورة الصفّ : (الآية 9) .
(41) سورة النمل : (الآية 83) .
(42) سورة الكهف : (الآية 47) .
(43) سورة النور : (الآية 55) .
(44) سورة القصص : (الآية 5) .
(45) سورة غافر : (الآية 11) .
(46) سورة النمل : (الآية 82) .
(47) بحار الأنوار : (ج53 ص122) .
(48) بحار الأنوار : (ج53 ص123) .
(49) بحار الأنوار : (ج53 ص39 ب29 ح1) .
(50) سورة النمل : (الآية 83) .
(51) بحار الأنوار : (ج53 ص40 ب29 ح6) .
(52) سورة المائدة : (الآية 20) .
(53) بحار الأنوار : (ج53 ص45 ب29 ح18) .
(54) بحار الأنوار : (ج53 ص43 ب29 ح13) .
(55) بحار الأنوار : (ج53 ص43 ب29 ح14) .
(56) سورة النساء : (الآية 159) .
(57) بحار الأنوار : (ج53 ص50 ب29 ح24) .
(58) سورة طه : (الآية 124) .
(59) بحار الأنوار : (ج53 ص51 ب29 ح28) .
(60) كما تلاحظه فيما اقتصّه الله تعالى في سورة البقرة : (الآيتان 55 و56) من خبر قوم موسى (عليه السلام) : ( فَأَخَذَتْكُمْ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .
(61) بحار الأنوار : (ج53 ص59 ب29 ح45) .
(62) بحار الأنوار : (ج53 ص92 ب29 ح99) .
(63) سورة النبأ : (الآية 18) .
(64) بحار الأنوار : (ج53 ص103 ب29 ح130) .
(65) مفاتيح الجنان المعرّب : (ص529) .
(66) المسائل العكبرية : (ص74) .
(67) المسائل الرازيّة : (ج1 ص125) .
(68) مجمع البيان : (ج7 ص235) .
(69)    بحار الأنوار : (ج53 ص123) .
(70) إيقاظ الهجعة : (ص60) .
(71) حقّ اليقين : (ج2 ص35) .
(72) مجمع البحرين : (ص319) .
(73) الإرشاد : (ص385) .
(74) إعتقادات الصدوق : (ص64) .
(75) حقّ اليقين : (ج2 ص36) .
(76) حقّ اليقين : (ج2 ص37) .
(77) بحار الأنوار : (ج7 ص47) .
(78) حقّ اليقين : (ج2 ص38) .
(79) سورة الحجّ : (الآيتان 1 و2) .
(80) تفسير البرهان : (ج2 ص698) .
(81) تفسير الصافي : (ج3 ص361) .
(82) تفسير كنز الدقائق : (ج9 ص41) .
(83) سورة فصلت : (الآية 21) .
(84) سورة يس : (الآيتان 78 و79) .
(85) سورة النور : (الآية 24) .
(86) سورة القيامة : (الآية 3 و4) .
(87) الإحتجاج : (ج2 ص97) .
(88) بحار الأنوار : (ج7 أبواب المعاد) .
(89) معالم الزلفى : (ص134 الجملة الرابعة) .
(90) نهج البلاغة : (الخطبة 83) .
(91) من السُبات ، وهو النوم .
(92) الإحتجاج : (ج2 ص97 ـ 98) .
(93) بحار الأنوار : (ج7 ص110 ب5 ح41) .
(94) هكذا ورد في البحار وفي مصدر الحديث وهو جامع الأخبار ولعلّ الأصل خرجوا من قبورهم .
(95) سورة النبأ : (الآية 18) .
(96) بحار الأنوار : (ج7 ص111 ب5 ح42) .
(97) سورة المعارج : (الآية 4) .
(98) بحار الأنوار : (ج7 ص126 ب6 ح3) .
(99) سورة الطور : (الآيتان 9 و10) .
(100) سورة غافر : (الآية 16) .
(101) سورة غافر : (الآية 16) .
(102) معالم الزلفى : (ص135 ب6 ح1) ، عن تفسير القمّي : (ج2 ص252) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page