إذا كان يوم القيامة وتحقّق الحشر في يوم الطامّة دُعي الناس للحساب ، فيتمّ وزن أعمالهم ويُبدأ بأمر حسابهم .
والميزان في اللغة مفسّر بما يُوزن به الأشياء وتُعرف به مقاديرها ليتوصّل به إلى الإنصاف والإنتصاف كما أفاده في مرآة الأنوار (1).
ولا خلاف بين المسلمين في حقّانيّة الميزان كما اُفيد في حقّ اليقين (2).
وإعتقاد الإمامية أنّه حقّ كما في إعتقادات الشيخ الصدوق (3).
وقد دلّ الكتاب الكريم على الميزان في آيات عديدة منها :
قوله تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّة مِنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) (4).
كما دلّت السنّة المتظافرة عليه في روايات كثيرة يستفاد من مجموعها وجود أصل الميزان وحقّانيته وإن اختلف في معناه وكيفيّته فلاحظ :
1 ـ ما روى هشام بن الحكم أنّه سأل الزنديق أبا عبدالله (عليه السلام) فقال :
« أو ليس توزن الأعمال ؟
قال : لا إنّ الأعمال ليست بأجسام ، وإنّما هي صفة ما عملوا ، وإنّما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء ولا يعرف ثقلها وخفّتها ، وإنّ الله لا يخفى عليه شيء .
قال : فما معنى الميزان ؟ قال : العدل ، قال : فما معناه في كتابه : ( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) (5) ؟ قال : فمن رجّح عمله » (6). الخبر .
2 ـ ما كتب الإمام الرضا (عليه السلام) للمأمون :
« وتؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير والبعث بعد الموت والميزان والصراط » (7). الخبر .
3 ـ حديث هشام بن سالم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ) (8) ؟
قال :
« هم الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) » (9).
فالميزان أساساً حقّ يلزم الإعتقاد به ، وإن كان وقع الإختلاف في معناه وكيفيته كما تلاحظ بيانه في حقّ اليقين (10).
لذلك أفاد العلاّمة المجلسي : « فنحن نؤمن بالميزان ، ونردّ علمه إلى حملة القرآن ولا نتكلّف علم ما لم يوضّح لنا بصريح البيان ، والله الموفّق وعليه التكلان » (11).
ولعلّ من الصحيح أن نقول في مقام الجمع بتعدّد الموازين : فكلّ ما يوزن به العمل ، ويُقدّر به الفعل ، ويُميّز به الحقّ عن الباطل والمقبول عن المردود ، ويكون محكّاً للعمل يكون ميزاناً ..
ومن الموازين نفس أمير المؤمنين (عليه السلام) كما تلاحظه في التسليم عليه بميزان الأعمال في زيارته المطلقة الرابعة المرويّة عن الإمام الباقر (عليه السلام) (12).
بل جميع الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) موازين لأعمال العباد كما في بعض الأخبار (13).
وكذلك الأنبياء وأوصياؤهم كما في حديث هشام بن سالم المتقدّم .
بل قد يكون نفس عمل كالصلاة ميزاناً من حيث كونها إن قُبلت قُبل ما سواها من الأعمال وإن رُدّت رُدّ ما سواها كما يستفاد ذلك من بعض الأحاديث الشريفة (14).
________________________________________
(1) مرآة الأنوار : (ص221) .
(2) حقّ اليقين : (ج2 ص109) .
(3) إعتقادات الصدوق : (ص73) .
(4) سورة الأنبياء : (الآية 47) .
(5) سورة الأعراف : (الآية 8) ، وسورة المؤمنون : (الآية 102) .
(6) بحار الأنوار : (ج7 ص248 ب10 ح3) .
(7) بحار الأنوار : (ج7 ص249 ب10 ح5) .
(8) سورة الأنبياء : (الآية 47) .
(9) بحار الأنوار : (ج7 ص249 ب10 ح6) .
(10) حقّ اليقين : (ج2 ص109) .
(11) بحار الأنوار : (ج7 ص253) .
(12) مستدرك الوسائل : (ج10 ص222) .
(13) مرآة الأنوار : (ص221) .
(14) وسائل الشيعة : (ج3 ص22 ب8 ح10) .
(7) ـ الميزان
- الزيارات: 896