الصراط في اللغة هو الطريق ، ولذلك سمّي الدين صراطاً لأنّه طريق إلى الصواب ، وبه سمّي الولاء لأمير المؤمنين والأئمّة من ذرّيته (عليهم السلام) صراطاً ، ومن معناه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : « أنا صراط الله المستقيم والعروة الوثقى التي لا انفصام لها .. » يعني أنّ معرفته والتمسّك به طريق إلى الله سبحانه كما أفاده الشيخ المفيد (1).
وإعتقادنا في الصراط أنّه حقّ ، وأنّه جسر على جهنّم وأنّ عليه ممرّ جميع الخلق قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ) (2).
والصراط في وجه آخر : اسم حجج الله فمن عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوازاً على الصراط الذي هو جسر جهنّم يوم القيامة ، كما أفاده الشيخ الصدوق (3).
وهو من ضروريات الدين ولا خلاف فيه بين أحد من المسلمين ، والآيات فيه متظافرة ، والأخبار به متواترة ، كما بيّنه السيّد الشبّر (4).
وقد دلّ على الصراط كتاب الله الكريم في الآيات الصادعة ، وسنّة الرسول والآل (عليهم السلام) في رواياتهم الرائعة .
فمن الكتاب :
1 ـ قوله تعالى : ( وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ) (5).
2 ـ قوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) (6).
ومن السنّة :
الروايات الكثيرة الواردة في المقام ، من الأحاديث التسعة عشر (7) مثل :
1 ـ حديث أبي بصير ، عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال :
« الناس يمرّون على الصراط طبقات ، والصراط أدقّ من الشعر ومن حدّ السيف ، فمنهم من يمرّ مثل البرق ، ومنهم من يمرّ مثل عدْو الفرس ، ومنهم من يمرّ حبواً ، ومنهم من يمرّ مشياً ، ومنهم من يمرّ متعلّقاً قد تأخذ النار منه شيئاً وتترك شيئاً » (8).
2 ـ حديث المفضّل بن عمر قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصراط ؟
فقال :
« هو الطريق إلى معرفة الله عزّ وجلّ ، وهما صراطان : صراط في الدنيا ، وصراط في الآخرة .
فأمّا الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفروض الطاعة ، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنّم في الآخرة ، ومن لم يعرفه في الدنيا زلّت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردّى في نار جهنّم » (9).
3 ـ حديث سعد بن طريف ، عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
« يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط فلم يجز أحد إلاّ من كان معه كتاب فيه براة (10) بولايتك » (11).
4 ـ محمّد بن الفضيل الرزقي ، عن الإمام الصادق ، عن آبائه ، عن الإمام علي (عليهم السلام) ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ :
« فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول : ربّ ! سلّم شيعتي ومحبّي وأنصاري ومن تولاّني في دار الدنيا .. » (12). إلى آخر ما مرّ في باب الشفاعة .
5 ـ الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر ، عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) :
« ما ثبت حبّك في قلب امرئ مؤمن فزلّت به قدم على الصراط إلاّ ثبتت له قدم حتّى أدخله الله بحبّك الجنّة » (13).
هذا وتلاحظ أحاديث تُصرّح أنّ أهل البيت (عليهم السلام) هم الصراط إلى الله تعالى بما يبلغ خمسة وعشرين حديثاً فراجع (14).
________________________________________
(1) تصحيح إعتقادات الإمامية : (ص108) .
(2) سورة مريم : (الآية 71) .
(3) الإعتقادات : (ص70).
(4) حقّ اليقين : (ج2 ص140) .
(5) سورة المؤمنون : (الآية 74) .
(6) سورة الفجر : (الآية 14) .
(7) بحار الأنوار : (ج8 ص64 ب22) .
(8) بحار الأنوار : (ج8 ص64 ـ 65 ب22 ح1) .
(9) بحار الأنوار : (ج8 ص66 ب22 ح3) .
(10) أي صكّ البراءة والأمان من النار .
(11) بحار الأنوار : (ج8 ص66 ب22 ح4) .
(12) بحار الأنوار : (ج8 ص69 ب22 ح15) .
(13) بحار الأنوار : (ج8 ص69 ب22 ح17) .
(14) بحار الأنوار : (ج35 ص363 ب16 الأحاديث) .
(13) ـ الصراط
- الزيارات: 855