• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

(14) ـ الجنّة والنّار

    الغاية القصوى والنهاية الخالدة للمؤمنين هي الجنّة ونعيمها .
    كما أنّ الخزي المستمرّ والهوان الدائم لغير المؤمنين هي النار وجحيمها .
    أفاد العلاّمة المجلسي : أن الإيمان بالجنّة والنار ـ على ما وردتا في الآيات والأخبار من غير تأويل ـ من ضروريات الدين ، ومنكرهما أو مؤوّلهما بما أوّل به بعض الفلاسفة خارج من الدين ، وأمّا كونهما مخلوقتان الآن فقد ذهب إليه جمهور المسلمين إلاّ شرذمة من المعتزلة فإنّهم يقولون ستخلقان في القيامة .. والآيات والأخبار المتواترة دافعة لقولهم ، مزيّفة لمذهبهم (1).
    وأفاد السيّد الشبّر : يجب الإيمان بالجنّة والنار الجسمانيتين على نحو ما تكاثرت به الآيات المتظافرة والأخبار المتواترة ..
    وذلك من ضروريات الدين الذي لم يخالف فيه أحد من المسلمين ..
    ومن أنكر وجودهما مطلقاً كالملاحدة ، أو أوّلهما بعالم المثال كالرؤيا في المنام وهم الإشراقيون ، أو أوّلهما باللذات والآلام العقليّة لكون النفوس البشرية أزلية كما عليه المشّائيون ، فلا ريب في كفرهم (2).
    وقال الشيخ الصدوق : « إعتقادنا في الجنّة أنّها دار البقاء ودار السلامة . لا موت فيها ، ولا هرم ، ولا سقم ، ولا مرض ، ولا آفة ، ولا زوال ، ولا زمانة ، ولا غمّ ، ولا همّ ، ولا حاجة ، ولا فقر .
    وأنّها دار الغنى والسعادة ، ودار المقامة والكرامة ، لا يمسّ أهلها فيها نصب ، ولا يمسّهم فيها لغوب ، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين ، وهم فيها خالدون ...
    واعتقادنا في النار أنّها دار الهوان ، ودار الإنتقام من أهل الكفر والعصيان ، لا يخلّد فيها إلاّ أهل الكفر والشرك . وأمّا المذنبون من أهل التوحيد ، فإنّهم يخرجون منها بالرحمة التي تدركهم ، والشفاعة التي تنالهم ...
    وإعتقادنا في الجنّة والنار أنّهما مخلوقتان ...
    وإعتقادنا أنّه لا يخرج أحد من الدنيا حتّى يرى مكانه من الجنّة أو من النار ...
    وأمّا جنّة آدم ، فهي جنّة من جنان الدنيا ، تطلع الشمس فيها وتغيب ، وليست بجنّة الخلد ، ولو كانت جنّة الخلد ما خرج منها أبداً .
    واعتقادنا أنّ بالثواب يخلّد أهل الجنّة في الجنّة وبالعقاب يخلّد أهل النار في النار ، وما من أحد يدخل الجنّة حتّى يعرض عليه مكانه من النار ، فيقال له : هذا مكانك الذي لو عصيت الله لكنت فيه . وما من أحد يدخل النار حتّى يعرض عليه مكانه من الجنّة ، فيقال له : هذا مكانك الذي لو أطعت الله لكنت فيه . فيُورّث هؤلاء مكان هؤلاء ، وهؤلاء مكان هؤلاء ، وذلك قوله تعالى : ( أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (3) » (4).
    والخلود لأهل الجنّة والنار ممّا هو ثابت قطعي بالكتاب العلمي والحديث المعصومي والإجماع الكلّي .
    قال العلاّمة الحلّي في شرح التجريد : « أجمع المسلمون على أنّ عذاب الكافر مؤبّد لا ينقطع » (5).
    وقال العلاّمة المجلسي : « اعلم أنّ خلود أهل الجنّة في الجنّة ممّا أجمع عليه المسلمون ، وكذا خلود الكفّار في النار ودوام تعذيبهم ، قال شارح المقاصد : أجمع المسلمون على خلود أهل الجنّة ، وخلود الكفّار في النار » (6).
    وقال العلاّمة الشبّر : « اعلم أنّه لا خلاف بين كافّة المسلمين في أنّ الكفّار الذين تمّت عليهم الحجّة مخلّدون في النار وفي العذاب ... وقد تظافرت بذلك الآيات وتواترت به الروايات عن النبي والأئمّة الهداة ، بل هو ضروري الدين لا خلاف فيه بين أحد من المسلمين ... » (7).
    والدليل على الجنّة والنار من الكتاب والسنّة متظافر متكاثر ، بالغ حدّ العلم ومفيد لليقين .
    أمّا الكتاب :
    فآيات كثيرة تربو على مائتين منها :
    1 ـ قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (8).
    2 ـ قوله تعالى : ( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (9).
    3 ـ قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (10).
    وأمّا السنّة : فالروايات الواردة البالغة فوق حدّ التواتر ، المنقولة عن أهل بيت الوحي المتّصلين بربّ الجنّة والنار .
    وتلاحظ هذه الروايات مجموعة في بحار الأنوار ، باب الجنّة ونعيمها المشتمل على 215 حديثاً (11) ، ثمّ باب النار وجحيمها المشتمل على 102 حديثاً (12) ، ونحن نختار منها ما تكفي للتذكرة والذكرى ، فنقدّم أوّلا ما يخصّ الجنّة مثل :
    1 ـ حديث عبدالله بن علي أنّه لقي بلال ، مؤذّن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فسأله عن وصف بناء الجنّة ؟
    قال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول :
    « إنّ سور الجنّة لبنة من ذهب ، ولبنة من فضّة ، ولبنة من ياقوت ، وملاطها (13) المسك الأذفر ، وشُرُفها (14) الياقوت الأحمر والأخضر والأصفر .
    قلت : فما أبوابها ؟
    قال : أبوابها مختلفة ، باب الرحمة من ياقوتة حمراء .
    قلت : فما حلقته ؟
    قال : ويحك ! كفّ عنّي فقد كلّفتني شططاً (15).
    قلت : ما أنا بكافٍّ عنك حتّى تؤدّي إليّ ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك .
    قال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا باب الصبر فباب صغير مصراع واحد من ياقوتة حمراء لا حلق له .
    وأمّا باب الشكر فإنّه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان مسيرة ما بينهما خمسمائة عام ، له ضجيج وحنين يقول : اللهمّ جئني بأهلي .
    قلت : هل يتكلّم الباب ؟!
    قال : نعم يُنطقه ذو الجلال والإكرام .
    وأمّا باب البلاء .
    قلت : أليس باب البلاء هو باب الصبر ؟
    قال : لا .
    قلت : فما البلاء ؟
    قال : المصائب والأسقام والأمراض والجذام ، وهو باب من ياقوتة صفراء مصراع واحد ما أقلّ من يدخل منه !
    قلت : رحمك الله ! زدني وتفضّل عليّ فإنّي فقير .
    قال : يا غلام ! لقد كلّفتني شططاً ، أمّا الباب الأعظم فيدخل منه العباد الصالحون ، وهم أهل الزهد والورع والراغبون إلى الله عزّ وجلّ المستأنسون به .
    قلت : رحمك الله ! فإذا دخلوا الجنّة ماذا يصنعون ؟
    قال : يسيرون على نهرين في مصافّ في سفن الياقوت ، مجاذيفها اللؤلؤ ، فيها ملائكة من نور ، عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها .
    قلت : رحمك الله ! هل يكون من النور أخضر ؟
    قال : إنّ الثياب هي خضر ولكن فيها نور من نور ربّ العالمين جلّ جلاله ، يسيرون على حافتي ذلك النهر .
    قلت : فما اسم ذلك النهر ؟
    قال : جنّة المأوى .
    قلت : هل وسطها غير هذا ؟
    قال : نعم ، جنّة عدن ، وهي في وسط الجنان ، فأمّا جنّة عدن فسورها ياقوت أحمر ، وحصباؤها اللؤلؤ .
    قلت : فهل فيها غيرها ؟
    قال : نعم ، جنّة الفردوس .
    قلت : وكيف سورها ؟
    قال : ويحك ! كفّ عنّي حيّرت عليَّ قلبي .
    قلت : بل أنت الفاعل بي ذلك ، ما أنا بكافّ عنك حتّى تتمّ لي الصفة وتخبرني عن سورها .
    قال : سورها نور .
    فقلت : والغرف التي هي فيها ؟
    قال : هي من نور ربّ العالمين .
    قلت : زدني رحمك الله !
    قال : ويحك ! إلى هذا انتهى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، طوبى لك إن أنت وصلت إلى بعض هذه الصفة ، وطوبى لمن يؤمن بهذا » (16). الخبر .
    2 ـ حديث أبي بصير ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه (عليهم السلام) قال :
    « قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : طوبى شجرة في الجنّة أصلها في دار النبي (صلى الله عليه وآله) ، وليس من مؤمن إلاّ وفي داره غصن منها ، لا تخطر على قلبه شهوة شيء إلاّ أتاه به ذلك الغصن ، ولو أنّ راكباً مجدّاً سار في ظلّها مئة عام ما خرج منها ، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتّى يسقط هرماً ، ألا ففي هذا فارغبوا » (17). الخبر .
    3 ـ حديث أبي بصير ، عن الإمام الصادق ، عن آبائه ، عن الإمام علي (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « إنّ في الجنّة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، يسكنها من اُمّتي من أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأفشى السلام ، وصلّى بالليل والناس نيام » (18). الخبر .
    4 ـ حديث الهروي قال : قلت للرضا (عليه السلام) : يا بن رسول الله ! أخبرني عن الجنّة والنار أهما اليوم مخلوقتان ؟ فقال :
    « نعم ، وإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد دخل الجنّة ورأى النار لمّا عرج به إلى السماء ; قال : فقلت له : فإنّ قوماً يقولون : إنّهما اليوم مقدّرتان غير مخلوقتين .
    فقال (عليه السلام) : ما اُولئك منّا ولا نحن منهم ، من أنكر خلق الجنّة والنار فقد كذّب النبي (صلى الله عليه وآله) وكذّبنا وليس من ولايتنا على شيء ، وخلّد في نار جهنّم ، قال الله عزّ وجلّ : ( هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيم آن ) (19).
    وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : لمّا عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنّة فناولني رطبها فأكلته فتحوّل ذلك نطفة في صلبي ... ففاطمة حوراء إنسيّة ، فكلّما اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رائحة إبنتي فاطمة » (20).
    5 ـ حديث موسى بن إبراهيم ، عن الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السلام) قال :
    « قالت اُمّ سلمة رضي الله عنها لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : بأبي أنت واُمّي المرأة يكون لها زوجان فيموتون ويدخلون الجنّة لأيّهما تكون ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) :
يا اُمّ سلمة ! تخيّر أحسنهما خلقاً وخيرهما لأهله ، يا اُمّ سلمة ! إنّ حسن الخُلُق ذهب بخير الدنيا والآخرة » (21).
    6 ـ حديث أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : جعلت فداك يا بن رسول الله ! شوّقني .
    فقال :
    « يا أبا محمّد ! إنّ الجنّة توجد ريحها من مسيرة ألف عام ، وإنّ أدنى أهل الجنّة منزلا لو نزل به الثقلان الجنّ والإنس لوسعهم طعاماً وشراباً ولا ينقص ممّا عنده شيء ، وإنّ أيسر أهل الجنّة منزلة من يدخل الجنّة فيرفع له ثلاث حدائق ، فإذا دخل أدناهنّ رأى فيها من الأزواج والخدم والأنهار والثمار ما شاء الله ، فإذا شكر الله وحمده قيل له : ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية ، ففيها ما ليس في الاُولى ، فيقول : يا ربّ ! أعطني هذه . فيقول : إن أعطيتكها سألتني غيرها ، فيقول : ربّ ! هذه هذه ، فإذا هو دخلها وعظمت مسرّته شكر الله وحمده .
    قال : فيقال : افتحوا له باب الجنّة ، ويقال له : ارفع رأسك ، فإذا قد فتح له باب من الخلد ويرى أضعاف ما كان فيما قبل ، فيقول عند تضاعف مسرّاته : ربّ ! لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت عليّ بالجنان وأنجيتني من النيران ، فيقول : ربّ أدخلني الجنّة وأنجني من النار .
    قال أبو بصير : فبكيت وقلت له : جعلت فداك ! زدني .
    قال : يا أبا محمّد ! إنّ في الجنّة نهراً في حافيتها جوار نابتات ، إذا مرّ المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت الله مكانها اُخرى .
    قلت : جعلت فداك ! زدني .
    قال : المؤمن يزوّج ثمان مئة عذراء وأربعة آلاف ثيّب وزوجتين من الحور العين .
    قلت : جعلت فداك ! ثمان مئة عذراء ؟
    قال : نعم ، ما يفترش منهنّ شيئاً إلاّ وجدها كذلك .
    قلت : جعلت فداك ! من أيّ شيء خلقن الحور العين ؟
    قال : من الجنّة (23) ويرى مخّ ساقيها من وراء سبعين حلّة .
    قلت : جعلت فداك ! ألهنّ كلام يتكلّمن به في الجنّة ؟
    قال : نعم كلام يتكلّمن به لم يسمع الخلائق بمثله .
    قلت : ما هو ؟
    قال : يقلن : نحن الخالدات لا نموت ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن المقيمات فلا نظعن ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن خلق لنا ، وطوبى لمن خلقنا له ، نحن اللواتي (لو علّق إحدانا في جوّ السماء لأغنى نورنا عن الشمس والقمر ـ خل) لو أنّ قرن إحدانا علّق في جوّ السماء لأغشى نوره الأبصار » (24).
    7 ـ حديث محمّد بن الفضل الزرقي ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال :
    « إنّ للجنّة ثمانية أبواب : باب يدخل منه النبيّون والصدّيقون ، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون ، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا ، فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول : ربّ ! سلّم شيعتي ومحبّي وأنصاري ومن تولاّني في دار الدنيا ; فإذا النداء من بطنان العرش : قد اُجيبت دعوتك وشفعت في شيعتك ، ويشفع كلّ رجل من شيعتي ومن تولاّني ونصرني وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألفاً من جيرانه وأقربائه ; وباب يدخل منه سائر المسلمين ممّن يشهد أن لا إله إلاّ الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت » (25).
    8 ـ حديث ابن عبّاس ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال :
    « إنّ حلقة باب الجنّة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، فإذا دقّت الحلقة على الصفحة طَنَّت وقالت : يا علي » (26).
    9 ـ حديث عمر بن عبدالله الثقفي قال : سأل نصراني الشام الباقر (عليه السلام) عن أهل الجنّة : كيف صاروا يأكلون ولا يتغوّطون ؟ أعطني مثله في الدنيا .
    فقال (عليه السلام) :
    « هذا الجنين في بطن اُمّه يأكل ممّا تأكل اُمّه ولا يتغوّط » (27). الخبر .
    10 ـ حديث ابن عبّاس قال : قدم يهوديّان فسألا أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالا : أين تكون الجنّة ؟ وأين تكون النار ؟
    قال :
    « أمّا الجنّة ففي السماء ، وأمّا النار ففي الأرض ، قالا : فما السبعة ؟
    قال : سبعة أبواب النار متطابقات ، قالا : فما الثمانية ؟ قال : ثمانية أبواب الجنّة » (28). الخبر .
    11 ـ حديث سليمان بن داود رفعه قال : قال علي بن الحسين (عليهما السلام) :
    « عليك بالقرآن فإنّ الله خلق الجنّة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ، وجعل ملاطها المسك ، وترابها الزعفران ، وحصباءها اللؤلؤ ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ، فمن قرأ القرآن قال له : اقرأ وارقَ ، ومن دخل منهم الجنّة لم يكن في الجنّة أعلى درجة منه ما خلا النبيّون والصدّيقون » (29).
    12 ـ حديث هشام بن الحكم : سأل الزنديق أبا عبدالله (عليه السلام) فقال :
    « من أين قالوا : إنّ أهل الجنّة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها فإذا أكلها عادت كهيأتها ؟
    قال : نعم ذلك على قياس السراج يأتي القابس فيقتبس منه فلا ينقص من ضوئه شيء وقد امتلأت الدنيا منه سرجاً .
    قال : أليسوا يأكلون ويشربون ؟ وتزعم أنّه لا تكون لهم الحاجة !
    قال : بلى لأنّ غذاءهم رقيق لا ثفل له ، بل يخرج من أجسادهم بالعرق ، قال : فكيف تكون الحوراء في كلّ ما أتاها زوجها عذراء ؟
    قال : إنّها خلقت من الطيّب لا تعتريها عاهة ، ولا تخالط جسمها آفة ، ولا يجري في ثقبها شيء ، ولا يدنّسها حيض ، فالرحم ملتزقة ، إذ ليس فيه لسوى الإحليل مجرى .
    قال : فهي تلبس سبعين حلّة ويرى زوجها مخّ ساقيها وراء حللها وبدنها ؟ قال : نعم كما يرى أحدكم الدراهم إذا اُلقيت في ماء صاف قدره قيد رمح ، قال : فكيف ينعم أهل الجنّة بما فيها من النعيم وما منهم أحد إلاّ وقد إفتقد إبنه أو أباه أو حميمه أو اُمّه ؟ فإذا افتقدوهم في الجنّة لم يشكّوا في مصيرهم إلى النار ؟ فما يصنع بالنعيم من يعلم أنّ حميمه في النار يعذّب ؟
    قال (عليه السلام) : إنّ أهل العلم قالوا : إنّهم ينسون ذكرهم ، وقال بعضهم : انتظروا قدومهم ورجوا أن يكونوا بين الجنّة والنار في أصحاب الأعراف » (30). الخبر .
    13 ـ ما عن تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) :
    « إنّ في الجنّة طيوراً كالبخاتي ، عليها من أنواع المواشي ، تصير ما بين سماء الجنّة وأرضها ، فإذا تمنّى مؤمن محبّ النبي وآله (عليهم السلام) الأكل من شيء منها وقع ذلك بعينه بين يديه ، فتناثر ريشه وانشوى وانطبخ ، فأكل من جانب منه قديداً ومن جانب منه مشوياً بلا نار ، فإذا قضى شهوته ونهمته قال : الحمد لله ربّ العالمين عادت كما كانت فطارت في الهواء ، وفخرت على سائر طيور الجنّة تقول : من مثلي وقد أكل منّي وليّ الله عن أمر الله ؟ » (31).
    14 ـ حديث عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « لمّا اُسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل (عليه السلام) : قد أمرت الجنّة والنار أن تعرض عليك ، قال : فرأيت الجنّة وما فيها من النعيم ، ورأيت النار وما فيها من العذاب ; والجنّة فيها ثمانية أبواب ، على كلّ باب منها أربع كلمات ، كلّ كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن يعلم ويعمل بها .
    وللنار سبعة أبواب ، على كلّ باب منها ثلاث كلمات ، كلّ كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن يعلم ويعمل بها .
    فقال لي جبرئيل (عليه السلام) : اقرأ يا محمّد ما على الأبواب فقرأت ذلك .
    أمّا أبواب الجنّة فعلى أوّل باب منها مكتوب : ( لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي ولي الله ، لكلّ شيء حيلة وحيلة العيش أربع خصال : القناعة ، وبذل الحقّ ، وترك الحقد ، ومجالسة أهل الخير ) .
    وعلى الباب الثاني مكتوب : ( لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي ولي الله ، لكلّ شيء حيلة وحيلة السرور في الآخرة أربع خصال : مسح رؤوس اليتامى ، والتعطّف على الأرامل ، والسعي في حوائج المؤمنين ، والتفقّد للفقراء والمساكين ) .
    وعلى الباب الثالث مكتوب : ( لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي ولي الله ، لكلّ شيء حيلة وحيلة الصحّة في الدنيا أربع خصال : قلّة الكلام ، وقلّة المنام ، وقلّة المشي ، وقلّة الطعام ) .
    وعلى الباب الرابع مكتوب : ( لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي ولي الله ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم والديه ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يسكت ) .
    وعلى الباب الخامس مكتوب : ( لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول ، علي ولي الله ، من أراد أن لا يُظلَم فلا يَظلم ، ومن أراد أن لا يُشتم فلا يَشتم ، ومن أراد أن لا يُذلّ فلا يُذِلّ ، ومن أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا والآخرة فليقل : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي ولي الله ) .
    وعلى الباب السادس مكتوب : ( لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي ولي الله ، من أراد أن يكون قبره وسيعاً فسيحاً فليبنِ المساجد ، ومن أراد أن لا تأكله الديدان تحت الأرض فليسكن المساجد ، ومن أحبّ أن يكون طريّاً مطرّاً لا يبلى فليكنس المساجد ، ومن أحبّ أن يرى موضعه في الجنّة فليكسُ المساجد بالبُسُط ) .
    وعلى الباب السابع مكتوب : ( لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي ولي الله ، بياض القلب في أربع خصال : عيادة المريض ، واتّباع الجنائز ، وشراء الأكفان ، وردّ القرض ) .
    وعلى الباب الثامن مكتوب : ( لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي ولي الله ، من أراد الدخول في هذه الأبواب فليتمسّك بأربع خصال : السخاء ، وحسن الخُلُق ، والصدقة ، والكفّ عن أذى عباد الله تعالى ) .
    ورأيت على أبواب النار مكتوباً على الباب الأوّل ثلاث كلمات : ( من رجا الله سعد ، ومن خاف الله أمن ، والهالك المغرور من رجا غير الله وخاف سواه ) .
    وعلى الباب الثاني : ( من أراد أن لا يكون عرياناً يوم القيامة فليكس الجلود العارية في الدنيا ، من أراد أن لا يكون عطشاناً يوم القيامة فليسق العطاش في الدنيا ، من أراد أن لا يكون يوم القيامة جائعاً فليطعم البطون الجائعة في الدنيا ) .
    وعلى الباب الثالث مكتوب : ( لعن الله الكاذبين ، لعن الله الباخلين ، لعن الله الظالمين ) .
    وعلى الباب الرابع مكتوب ثلاث كلمات : ( أذلّ الله من أهان الإسلام ، أذلّ الله من أهان أهل البيت ، أذلّ الله من أعان الظالمين على ظلمهم للمخلوقين ) .
    وعلى الباب الخامس مكتوب ثلاث كلمات : ( لا تتّبعوا الهوى فالهوى يخالف الإيمان ، ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتسقط من رحمة الله ، ولا تكن عوناً للظالمين ) .
    وعلى الباب السادس مكتوب : ( أنا حرام على المجتهدين ، أنا حرام على المتصدّقين ، أنا حرام على الصائمين ) .
    وعلى الباب السابع مكتوب ثلاث كلمات : ( حاسبوا نفوسكم قبل أن تحاسبوا ، ووبّخوا نفوسكم قبل أن توبّخوا ، وادعوا الله عزّ وجلّ قبل أن تردوا عليه ولا تقدروا على ذلك ) » (32).
15 ـ حديث تنبيه الخواطر أنّه قال رجل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا أباالقاسم ! أتزعم أنّ أهل الجنّة يأكلون ويشربون ؟
    قال :
    « نعم والذي نفسي بيده إنّ أحدهم ليُعطى قوّة مئة رجل في الأكل والشرب ، قال : فإنّ الذي يأكل تكون له الحاجة والجنّة طيّب لا خبث فيها ؟
    قال : عرق يفيض من أحدهم كرشح المسك فيضمر بطنه » (33).
    16 ـ حديث النهج الشريف أنّه قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
    « واعلموا أنّ من يتّق الله يجعل له مخرجاً من الفتن ، ونوراً من الظلم ، ويخلّده فيما إشتهت نفسه ، وينزله منزل الكرامة عنده ، في دار إصطنعها لنفسه ، ظلّها عرشه ، ونورها بهجته ، وزوّارها ملائكته ، ورفقاؤها رسله ، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله) : فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله ، رافق بهم رسله ، وأزارهم ملائكته ، وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار أبداً ، وصان أجسادهم أن تلقى لغوباً ونصباً ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم » (34).
    17 ـ حديث تفسير فرات الكوفي عن سلمان ( رضي الله عنه ) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال :
    « والله يا علي ! إنّ شيعتك ليؤذن لهم في الدخول عليكم في كلّ جمعة ، وإنّهم لينظرون إليكم من منازلهم يوم الجمعة كما ينظر أهل الدنيا إلى النجم في السماء ، وإنّكم لفي أعلى علّيين في غرفة ليس فوقها درجة أحد من خلقه » (35). الخبر .
    18 ـ حديث تفسير فرات الكوفي أيضاً عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ـ وساق الحديث في تجهيز النبي (صلى الله عليه وآله) سريّة إلى جهاد قوم إلى أن قال ـ :
    « فمن منكم يخرج إليهم قبل أن ينظر في ديارنا وحريمنا لعلّ الله أن يفتح على يديه وأضمن له على الله اثني عشر قصراً في الجنّة ـ وساقه إلى أن قال ـ :
    فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : فداك أبي واُمّي يا رسول الله ! صف لي هذه القصور ؟
    فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا علي ! بناء هذه القصور لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ، ملاطها المسك الأذفر والعنبر ، حصباؤها الدرّ والياقوت ترابها الزعفران ، كثيبها الكافور ، في صحن كلّ قصر من هذه القصور أربعة أنهار : نهر من عسل ، ونهر من خمر ، ونهر من لبن ، ونهر من ماء ، محفوف بالأشجار من المرجان ، على حافتي كلّ نهر من هذه الأنهار خيم من درّة بيضاء لا قطع فيه ولا فصل ، قال لها : كوني فكانت ، يرى باطنها من ظاهرها ، وظاهرها من باطنها ، في كلّ خيمة سرير مفصّص بالياقوت الأحمر ، قوائمها من الزبرجد الأخضر ، على كلّ سرير حوراء من الحور العين ، على كلّ حور سبعون حلّة خضراء ، وسبعون حلّة صفراء ، يرى مخّ ساقيها خلف عظامها وجلدها وحليّها وحللها ، كما ترى الخمرة الصافية في الزجاجة البيضاء ، مكلّلة بالجواهر ، لكلّ سبعون ذؤابة (36) ، كلّ ذؤابة بيد وصيف ، وبيد كلّ وصيف مجمر تبخر تلك الذؤابة ، يفوح من ذلك المجمر بخار لا يفوح بنار ولكن بقدرة الجبّار » .. الحديث (37).
    19 ـ حديث الشيخ الصدوق في الأمالي بسنده عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن الإمام أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال :
    « كان لي عشر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يعطهنّ أحد قبلي ، ولا يعطاهنّ أحد بعدي ، قال لي : يا علي ! أنت أخي في الآخرة ، وأنت أقرب الناس منّي موقفاً يوم القيامة ، ومنزلي ومنزلك في الجنّة متواجهان كمنزل الأخوين » .. الحديث (38).
    20 ـ حديث إكمال الدين بإسناده عن أبي الطفيل ، عن الإمام علي (عليه السلام) في أجوبته (عليه السلام) عن مسائل اليهودي ـ إلى أن قال ـ :
    « وأمّا منزل محمّد (صلى الله عليه وآله) من الجنّة في جنّة عدن وهي وسط الجنان ، وأقربها من عرش الرحمن جلّ جلاله ، والذين يسكنون معه في الجنّة هؤلاء الأئمّة الإثنا عشر » (39).
    21 ـ حديث موسى بن إسماعيل بن الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « اُدخلت الجنّة فرأيت على بابها مكتوباً بالذهب : لا إله إلاّ الله ، محمّد حبيب الله ، علي ولي الله ، فاطمة أمة الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، على مبغضيهم لعنة الله » (40).
    22 ـ حديث عدّة الداعي أنّه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « لو أنّ ثوباً من ثياب أهل الجنّة اُلقي على أهل الدنيا لم يحتمله أبصارهم ولماتوا من شهوة النظر إليه .
    وقد ورد عنهم (عليهم السلام) : كلّ شيء من الدنيا سماعه أعظم من عيانه ، وكلّ شيء من الآخرة عيانه أعظم من سماعه .
    وفي الوحي القديم : أعددت لعبادي ما لا عين رأت ، ولا اُذن سمعت ، ولا خطر بقلب بشر » (41).
    23 ـ حديث الطبرسي (رحمه الله) في قوله تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَة يُحْبَرُونَ ) (42). أخبرنا عبيدالله بن محمّد البيهقي ، عن جدّه أحمد بن الحسين ، عن عبدالملك بن أبي عثمان ، عن علي بن بندار ، عن جعفر بن محمّد الفريابي ، عن سليمان بن عبدالرحمن ، عن خالد بن يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه ، عن خالد بن معدان ، عن أبي اُمامة الباهلي ، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال :
    « ما من عبد يدخل الجنّة إلاّ ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين تغنّيانه بأحسن صوت سمعه الإنس والجنّ ، وليس بمزمار الشيطان ، ولكن بتمجيد الله وتقديسه » (43).
    24 ـ ما حكاه في تفسير المجمع :
    « إنّ في الجنّة لأشجاراً عليها أجراس من فضّة ، فإذا أراد أهل الجنّة السماع بعث الله ريحاً من تحت العرش فتقع في تلك الأشجار فتحرّك تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طرباً » (44).
    25 ـ حديث جابر ، عن أبي جعفر ـ الباقر ـ (عليه السلام) قال :
    « إنّ أرض الجنّة رخامها فضّة ، وترابها الورس والزعفران ، وكنسها المسك ، ورضراضها الدرّ والياقوت » (45).
    26 ـ وعن جابر ، عن أبي جعفر ـ الباقر ـ (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « إنّ أنهار الجنّة تجري في غير اُخدود ، أشدّ بياضاً من الثلج ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، طين النهر مسك أذفر ، وحصاه الدرّ والياقوت ، تجري في عيونه وأنهاره حيث يشتهي ويريد في جنانه وليّ الله ، فلو أضاف من في الدنيا من الجنّ والإنس لأوسعهم طعاماً وشراباً وحللا وحليّاً لا ينقصه من ذلك شيء » (46).
    27 ـ وعن جابر ، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « إنّ نخل الجنّة جذوعها ذهب أحمر ، وكربها زبرجد أخضر ، وشماريخها (47) درّ أبيض ، وسعفها حلل خضر ، ورطبها أشدّ بياضاً من الفضّة ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ليس فيه عجم ، طول العذق إثنا عشر ذراعاً ، منضودة أعلاه إلى أسفله ، لا يؤخذ منه شيء إلاّ أعاده الله كما كان ، وذلك قول الله : ( لاَ مَقْطُوعَة وَلاَ مَمْنُوعَة ) (48) ، وإنّ رطبها لأمثال القلال (49) ، وموزها ورمّانها أمثال الدليّ (50) ، وأمشاطهم الذهب ، ومجامرهم الدرّ » (51).
    28 ـ وعن جابر ، عن أبي جعفر ـ الباقر ـ (عليه السلام) قال :
    « إنّ أهل الجنّة يحيون فلا يموتون أبداً ، ويستيقظون فلا ينامون أبداً ، ويستغنون فلا يفتقرون أبداً ، ويفرحون فلا يحزنون أبداً ، ويضحكون فلا يبكون أبداً ، ويكرمون فلا يهانون أبداً ، ويفكهون ولا يقطبون (52) أبداً ، ويحبرون ويسرون أبداً ، ويأكلون فلا يجوعون أبداً ، ويروون فلا يظمؤون أبداً ، ويكسون فلا يعرون أبداً ، ويركبون ويتزاورون أبداً ، ويسلّم عليهم الولدان المخلّدون أبداً ، بأيديهم أباريق الفضّة وآنية الذهب أبداً ، متكئين على سرر أبداً ، على الأرائك ينظرون أبداً ، يأتيهم التحيّة والتسليم من الله أبداً ، نسأل الله الجنّة برحمته إنّه على كلّ شيء قدير » (53).
    وأمّا الأحاديث الشريفة الاُخرى المبيّنة لجحيم النار أعاذنا الله منها ، فمن ذلك ما يلي ذكره :
    1 ـ حديث أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : يا بن رسول الله ! خوّفني فإنّ قلبي قد قسا .
    فقال :
    « يا أبا محمّد ! استعدّ للحياة الطويلة ، فإنّ جبرئيل جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله)
وهو قاطب وقد كان قبل ذلك يجيء وهو متبسّم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا جبرئيل ! جئتني اليوم قاطباً .
    فقال : يا محمّد ! قد وضعت منافخ النار .
    فقال : وما منافخ النار يا جبرئيل ؟
    فقال : يا محمّد ! إنّ الله عزّ وجلّ أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتّى ابيضّت ، ثمّ نفخ عليها ألف عام حتّى احمرّت ، ثمّ نفخ عليها ألف عام حتّى اسودّت ، فهي سوداء مظلمة ، لو أنّ قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ، ولو أنّ حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعاً وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرّها ، ولو أنّ سربالا من سرابيل أهل النار علّق بين السماء والأرض لمات أهل الدنيا من ريحه .
    قال : فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبكى جبرئيل ، فبعث الله إليهما ملكاً فقال لهما : إنّ ربّكما يقرؤكما السلام ويقول : قد أمنتكما إن تذنبا ذنباً اُعذّبكما عليه .
    فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : فما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) جبرئيل متبسّماً بعد ذلك ، ثمّ قال : إنّ أهل النار يعظّمون النار ، وإنّ أهل الجنّة يعظّمون الجنّة والنعيم ، وإنّ جهنّم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاماً ، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد واُعيدوا في دركها ، فهذه حالهم ، وهو قول الله عزّ وجلّ : ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) (54) ثمّ تبدّل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم .
    قال أبو عبدالله (عليه السلام) : حسبك ؟ قلت : حسبي حسبي » (55).
    2 ـ حديث عمرو بن ثابت ، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) قال :
    « إنّ أهل النار يتعاوون فيها كما يتعاوى الكلاب والذئاب ممّا يلقون من أليم (ألم ـ خل) العذاب ، فما ظنّك ـ يا عمرو ! ـ بقوم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها ، عطاش فيها ، جياع ، كليلة أبصارهم ، صمّ بكم عمي ، مسودّة وجوههم ، خاسئين فيها نادمين ، مغضوب عليهم ، فلا يرحمون من العذاب ، ولا يخفّف عنهم ، وفي النار يسجرون ، ومن الحميم يشربون ، ومن الزقّوم يأكلون ، وبكلاليب (56) النار يحطّمون ، وبالمقامع يضربون ، والملائكة الغلاظ الشداد لا يرحمون ، فهم في النار يسحبون على وجوههم ، مع الشياطين يقرنون ، وفي الأنكال والأغلال يصفّدون ، إن دعوا لم يُستجب لهم ، وإن سألوا حاجة لم تُقض لهم ، هذه حال من دخل النار » (57).
    3 ـ حديث معاوية بن وهب قال : كنّا عند أبي عبدالله (عليه السلام) فقرأ رجل ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) ، فقال الرجل :
    « وما الفلق ؟
    قال : صدع في النار فيه سبعون ألف دار ، في كلّ دار سبعون ألف بيت ، في كلّ بيت سبعون ألف أسود ، في جوف كلّ أسود سبعون
ألف جرّة سمّ ، لابدّ لأهل النار أن يمرّوا عليها » (58).
    4 ـ ما عن تفسير القمّي في قوله تعالى : ( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً ) (59) فقيل لأبي عبدالله (عليه السلام) :
    « كيف تبدّل جلودهم غيرها ؟ فقال : أرأيت لو أخذت لبنة فكسرتها وصيّرتها تراباً ثمّ ضربتها في القالب أهي التي كانت ؟ إنّما هي ذلك وحدث تغيّر (وجدت تغييراً ـ خل) آخر والأصل واحد » (60).
    5 ـ حديث أبي الجارود ، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله : ( إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً ) (61) يقول :
    « ملازماً لا يفارق . قوله : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ) (62) قال : أثام : واد من أودية جهنّم من صفر مذاب قدّامها حرّة في جهنّم ، يكون فيه من عبد غير الله ومن قتل النفس التي حرّم الله وتكون فيه الزناة » (63).
    6 ـ حديث القمّي في قوله تعالى : ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَاب لِكُلِّ بَاب مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) (64).
    قال :
    « يدخل في كلّ باب أهل ملّة ... » .
وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله : ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) فوقوفهم على الصراط :
    « وأمّا : ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَاب لِكُلِّ بَاب مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) فبلغني ـ والله أعلم ـ أنّ الله جعلها سبع دركات :
    أعلاها الجحيم ; يقوم أهلها على الصفا منها ، تغلي أدمغتهم فيها كغلي القدور بما فيها .
    والثانية لظى ; نزّاعة للشوى ، تدعو من أدبر وتولّى ، وجمع فأوعى .
    والثالثة سقر ; لا تبقي ولا تذر ، لوّاحة للبشر ، عليها تسعة عشر .
    والرابعة الحطمة ; ومنها يثور شرر كالقصر ، كأنّها جمالات صفر ، تدقّ كلّ من صار إليها مثل الكحل ، فلا يموت الروح ، كلّما صاروا مثل الكحل عادوا . والخامسة الهاوية ; فيها ملأ يدعون : يا مالك ! أغثنا ، فإذا أغاثهم جعل لهم آنية من صفر من نار فيه صديد ماء يسيل من جلودهم كأنّه مهل ، فإذا رفعوه ليشربوا منه تساقط لحم وجوههم فيها من شدّة حرّها ، وهو قول الله تعالى : ( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً ) (65) ، ومن هوى فيها هوى سبعين عاماً في النار ، كلّما احترق جلده بدّل جلداً غيره  
    والسادسة هي السعير ; فيها ثلاث مئة سرداق من نار ، في كلّ سرادق ثلاث مئة قصر من نار ، في كلّ قصر ثلاث مئة بيت من نار ، في كلّ بيت ثلاث مئة لون من عذاب النار ، فيها حيّات من نار ، وعقارب من نار ، وجوامع من نار ، وسلاسل من نار ، وأغلال من نار ،
وهو الذي يقول الله : ( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلا وَأَغْلاَلا وَسَعِيراً ) (66).
    والسابعة جهنّم ; وفيها الفلق وهو جبّ في جهنّم إذا فتح أسعر النار سعراً ، وهو أشدّ النار عذاباً .
    أمّا صعوداً فجبل من صفر من نار وسط جهنّم .
    وأمّا أثاماً فهو واد من صفر مذاب يجري حول الجبل فهو أشدّ النار عذاباً » (67).
    7 ـ حديث منصور بن يونس ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « إنّ في النار لناراً تتعوّذ منها أهل النار ، ما خُلقت إلاّ لكلّ متكبّر جبّار عنيد ولكلّ شيطان مريد ، ولكلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب ، وكلّ ناصب لآل محمّد .
    وقال : إنّ أهون الناس عذاباً يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار ، عليه نعلان من نار ، وشركان (68) من نار ، يغلي منها دماغه كما يغلي المرجل ، ما يرى أنّ في النار أحداً أشدّ عذاباً منه ، وما في النار أحد أهون عذاباً منه » (69).
    8 ـ حديث تفسير القمّي في قوله تعالى : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) (70).
    قال :
    « الفلق جُبّ في جهنّم يتعوّذ أهل النار من شدّة حرّه ، سأل الله أن يأذن له أن يتنفّس ، فأُذن له فتنفّس فأحرق جهنّم ، قال : وفي ذلك الجبّ صندوق من نار يتعوّذ أهل تلك الجبّ من حرّ ذلك الصندوق ، وهو التابوت ، وفي ذلك التابوت ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين .
    فأمّا الستّة من الأوّلين فابن آدم الذي قتل أخاه ، ونمرود إبراهيم الذي ألقى إبراهيم في النار ، وفرعون موسى ، والسامري الذي اتّخذ العجل ، والذي هوّد اليهود ، والذي نصّر النصارى .
    وأمّا الستّة من الآخرين فهو الأوّل والثاني والثالث والرابع وصاحب الخوارج وابن ملجم » (71).
    9 ـ حديث ميسّر ، عن أبي جعفر ـ الباقر ـ (عليه السلام) قال :
    « إنّ في جهنّم لجبلا يقال له : الصعدى ، وإنّ في الصعدى لوادياً يقال له : سقر ، وإنّ في سقر لجُبّاً يقال له : هبهب ، كلّما كشف غطاء ذلك الجبّ ضجّ أهل النار من حرّه ، وذلك منازل الجبّارين » (72).
    10 ـ حديث تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) في قوله تعالى : ( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) (73) :
    « حجارة الكبريت أشدّ الأشياء حرّاً ( أُعِدَّتْ ) تلك النار ( لِلْكَافِرِيْنَ ) بمحمّد والشاكّين في نبوّته ، والدافعين لحقّ أخيه علي والجاحدين لإمامته (عليه السلام) » (74).
    11 ـ حديث الدروع الواقية أنّه لمّا نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله) ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَاب لِكُلِّ بَاب مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) (75) بكى النبي (صلى الله عليه وآله) بكاءً شديداً وبكت صحابته لبكائه ، ولم يدروا ما نزل به جبرئيل (عليه السلام) ولم يستطع أحد من صحابته أن يكلّمه .
    وكان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا رأى فاطمة (عليها السلام) فرح بها ، فانطلق بعض أصحابه إلى باب بيتها فوجد بين يديها شعيراً وهي تطحنه وتقول : ( وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) (76) فسلّم عليها وأخبرها بخبر النبي (صلى الله عليه وآله) وبكائه ، فنهضت والتفّت بشملة لها خلقة قد خيطت إثنا عشر مكاناً بسعف النخل ، فلمّا خرجت نظر سلمان الفارسي إلى الشملة وبكى وقال : واحزناه ! إنّ قيصر وكسرى لفي السندس والحرير ، وإبنة محمّد (صلى الله عليه وآله) عليها شملة صوف خلقة في إثني عشر مكاناً ، فلمّا دخلت فاطمة (عليها السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) قالت :
    « يا رسول الله ! إنّ سلمان تعجّب من لباسي .
    فوالذي بعثك بالحقّ ما لي ولعليّ منذ خمس سنين إلاّ مسك (77) كبش نعلّف عليها بالنهار بعيرنا فإذا كان الليل افترشناه .
    وإنّ مرفقتنا لمن اُدم حشوها ليف (78).
    فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : ياسلمان ! إنّ إبنتي لفي الخيل السوابق .
    ثمّ قالت : يا أبت ! فديتك ما الذي أبكاك ؟ فذكر لها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدّمتين .
    قال : فسقطت فاطمة (عليها السلام) على وجهها وهي تقول : الويل ثمّ الويل لمن دخل النار .
    فسمع سلمان فقال : يا ليتني كنت كبشاً لأهلي فأكلوا لحمي ومزّقوا جلدي ولم أسمع بذكر النار .
    وقال أبو ذرّ : يا ليت اُمّي كانت عاقراً ولم تلدني ولم أسمع بذكر النار .
    وقال عمّار : يا ليتني كنت طائراً في القفار ولم يكن عليَّ حساب ولا عقاب ولم أسمع بذكر النار .
    وقال علي (عليه السلام) : يا ليت السباع مزّقت لحمي وليت اُمّي لم تلدني ولم أسمع بذكر النار .
    ثمّ وضع علي (عليه السلام) يده على رأسه وجعل يبكي ويقول : وابعد سفراه ! واقلّة زاداه ! في سفر القيامة يذهبون ، وفي النار يتردّدون ، وبكلاليب النار يتخطّفون ، مرضى لا يعاد سقيمهم ، وجرحى لا يداوى جريحهم ، وأسرى لا يفكّ أسيرهم ، من النار يأكلون ، ومنها يشربون ، وبين أطباقها يتقلّبون ، وبعد لبس القطن والكتّان مقطّعات النار يلبسون ، وبعد معانقة الأزواج مع الشياطين مقرّنون » (79).
    12 ـ حديث موفّق مولى أبي الحسن (عليه السلام) قال :
    « كان مولاي أبو الحسن (عليه السلام) إذا أمر بشراء البقل يأمر بالإكثار منه ومن الجرجير (80) فنشري له ، وكان يقول (عليه السلام) : ما أحمق بعض الناس يقولون : إنّه ينبت في وادي جهنّم ، والله عزّ وجلّ يقول : ( وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) (81) فكيف ينبت البقل ؟ » (82).
    13 ـ حديث سيّدنا عبدالعظيم الحسني ، عن الإمام الجواد (عليه السلام) ، عن أبيه الإمام الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال :
    « دخلت أنا وفاطمة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجدته يبكي بكاءً شديداً ، فقلت : فداك أبي واُمّي يا رسول الله ! ما الذي أبكاك ؟ فقال : يا علي ! ليلة اُسري بي إلى السماء رأيت نساء من اُمّتي في عذاب شديد ، فأنكرت شأنهنّ فبكيت لما رأيت من شدّة عذابهنّ ، ورأيت امرأة معلّقة بشعرها يغلي دماغ رأسها ; ورأيت امرأة معلّقة بلسانها والحميم يصبّ في حلقها ; ورأيت امرأة معلّقة بثديها ، ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها ; ورأيت امرأة قد شدّ رجلاها إلى يديها وقد سلّط عليها الحيات والعقارب ; ورأيت امرأة صمّاء خرساء في تابوت من نار ، يخرج من دماغ رأسها من منخرها ، وبدنها متقطّع من الجذام والبرص ; ورأيت امرأة معلّقة برجليها في تنّور من نار ; ورأيت امرأة تقطّع لحم جسدها من مقدّمها ومؤخّرها بمقاريض من نار ; ورأيت امرأة يحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعاءها ; ورأيت امرأة رأسها رأس خنزير ، وبدنها بدن الحمار ، وعليها ألف ألف لون من العذاب ، ورأيت امرأة على صورة الكلب ، والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها ، والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار .
    فقالت فاطمة (عليها السلام) : حبيبي وقرّة عيني ! أخبرني ما كان عملهنّ وسيرتهنّ حتّى وضع الله عليهنّ هذا العذاب ؟
    فقال : يابنتي ! أمّا المعلّقة بشعرها فإنّها كانت لا تغطي شعرها من الرجال ; وأمّا المعلّقة بلسانها فإنّها كانت تؤذي زوجها ; وأمّا المعلّقة بثديها فإنّها كانت تمتنع من فراش زوجها ; وأمّا المعلّقة برجليها فإنّها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها ; وأمّا التي كانت تأكل لحم جسدها فإنّها كانت تزيّن بدنها للناس ; وأمّا التي شُدّت يداها إلى رجليها وسلّط عليها الحيات والعقارب فإنّها كانت قذرة الوضوء قذرة الثياب ، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ، ولا تتنظف ، وكانت تستهين بالصلاة ; وأمّا العمياء الصمّاء الخرساء فإنّها كانت تلد من الزنا فتعلّقه في عنق زوجها ; وأمّا التي تقرض لحمها بالمقاريض فإنّها تعرض نفسها على الرجال ; وأمّا التي كانت تحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعاءها فإنّها كانت قوّادة ; وأمّا التي كان رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار فإنّها كانت نمّامة (83) كذّابة ; وأمّا التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فإنّها كانت قينة (84) نوّاحة حاسدة .
    ثمّ قال (عليه السلام) : ويل لامرأة أغضبت زوجها ، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها » (85).
    14 ـ حديث مسعدة بن زياد ، عن الإمام الصادق ، عن آبائه (عليهم السلام) أنّ عليّاً (عليه السلام) قال :
    « إنّ في جهنّم رحى تطحن خمساً ، أفلا تسألوني ما طحنها ؟
    فقيل له : وما طحنها يا أمير المؤمنين ؟
    قال : العلماء الفجرة ، القرّاء الفسقة ، والجبابرة الظلمة ، والوزراء الخونة ، والعرفاء الكذبة ، وإنّ في النار لمدينة يقال لها : الحصينة ، فلا تسألوني ما فيها ؟ فقيل : وما فيها يا أمير المؤمنين ؟ فقال : فيها أيدي الناكثين » (86).
    15 ـ حديث محمّد بن أحمد ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال :
    « قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم : يا علي ! إنّ جبرئيل (عليه السلام) أخبرني أنّ اُمّتي تغدر بك من بعدي ، فويل ثمّ ويل ثمّ ويل لهم ـ ثلاث مرّات ـ .
    قلت : يا رسول الله ! وما ويل ؟
    قال : واد في جهنّم أكثر أهله معادوك ، والقاتلون لذرّيتك ، والناكثون لبيعتك ، فطوبى ثمّ طوبى ثمّ طوبى ـ ثلاى مرّات ـ لمن أحبّك ووالاك ، قلت : يا رسول الله ! وما طوبى ؟
    قال : شجرة في دارك في الجنّة ، ليس دار من دور شيعتك في الجنّة إلاّ وفيها غصن من تلك الشجرة ، تهدل عليهم لكلّ ما يشتهون » (87).
    16 ـ حديث أبي عبيدة ، عن أبي جعفر ـ الباقر ـ (عليه السلام) قال :
    « إنّ في جهنّم لواد يقال له : غسّاق ، فيه ثلاثون وثلاث مئة قصر ، في كلّ قصر ثلاثون وثلاث مئة بيت ، في كلّ بيت ثلاثون وثلاث مئة
عقرب ، حمة (88) كلّ عقرب ثلاثون وثلاث مئة قُلّة (89) سمّ ، لو أنّ عقرباً منها نضحت سمّها على أهل جهنّم لوسعتهم سمّاً » (90).
    ثمّ انّه نقل حديث تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) (91) بالنسبة إلى الزمهرير وتفسيره بطبقة في جهنّم مع بيانه الذي تلاحظه في سفينة البحار (92).
    .. إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة والروايات الوفيرة الاُخرى التي تثبت وجود الجنّة وتحقّق ثبوت الجحيم ممّا يحصل بها العلم واليقين .
    كما تثبت أنّ بينهما الأعراف وعليه رجال يعرفون كلا بسيماهم كما صرّح به القرآن الكريم في سورة الأعراف الآية 45 .
    ولا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه كما تلاحظه في أحاديث بحار الأنوار ، ومنها :
    1 ـ حديث بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر ـ الباقر ـ (عليه السلام) عن قول الله : ( وَعَلَى الاَْعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ) (93) ؟
    قال :
    « اُنزلت في هذه الاُمّة ، والرجال هم الأئمّة من آل محمّد ، قلت : فما الأعراف ؟ قال : صراط بين الجنّة والنار ، فمن شفع له الأئمّة منّا من
المؤمنين المذنبين نجا ، ومن لم يشفعوا له هوى » (94).
   2 ـ حديث سلمان رضوان الله تعالى عليه قال :
    « سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي أكثر من عشر مرّات : يا علي ! إنّك والأوصياء من بعدك أعراف بين الجنّة والنار ، لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفكم وعرفتموه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكركم وأنكرتموه » (95).
    3 ـ حديث تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال :
    « فأمّا في يوم القيامة فإنّا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كلّ جزاء ، ليكوننّ على الأعراف بين الجنّة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) والطيّبون من آلهم ، فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات ممّن كان منهم مقصراً في بعض شدائدها ، فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذرّ وعمّار ونظرائهم في العصر الذي يليهم وفي كلّ عصر إلى يوم القيامة ، فينقضّون عليهم كالبزاة والصقورة ويتناولونهم كما تتناول البزاة والصقورة صيدها فيزفّونهم إلى الجنّة زفّاً » (96). الخبر .
    والرجال هم رسول الله وأوصياؤه الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين ، وسلام الله على شفيعتنا اُمّ الأئمّة المعصومين فاطمة الزهراء عليها صلوات المصلّين ، وثبّتنا الله على ولايتهم في الدنيا ورزقنا شفاعتهم يوم الدين ، وتفضّل علينا بالجنّة ونعيم المقرّبين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
________________________________________
(1) بحار الأنوار : (ج8 ص144 ـ 146 ب23 ح67) .
(1) بحار الأنوار : (ج8 ص149 ب23 ح82) .
(2) بحار الأنوار : (ج8 ص163 ب23 ح105) .
(3) بحار الأنوار : (ج8 ص172 ب23 ح121) .
(4) الذؤابة هو الشعر المظفور المرسل .
(5) بحار الأنوار : (ج8 ص175 ب23 ح125) .
(6) بحار الأنوار : (ج8 ص185 ب23 ح148) .
(7) بحار الأنوار : (ج8 ص189 ب23 ح161) .
(8) بحار الأنوار : (ج8 ص191 ب23 ح167) .
(9) بحار الأنوار : (ج8 ص191 ب23 ح168) .
(10) سورة الروم : (الآية 15) .
(11) بحار الأنوار : (ج8 ص195 ب23 ح181) .
(12) بحار الأنوار : (ج8 ص196 ب23 ح183) .
(13) بحار الأنوار : (ج8 ص218 ب23 ح209) ، والرضراض في الحديث بمعنى الحصى الصغار .
(14) بحار الأنوار : (ج8 ص219 ب23 ح211) .
(15) شماريخ جمع الشمروخ وهو العذق عليه البُسر .
(16) سورة الواقعة : (الآية 33) .
(17) القلال : جمع قلّة ـ بضم القاف وتشديد اللام ـ : إناء للعرب كالجرّة الكبيرة والحبّ .
(18) الدليّ : جمع كثرة للدلو التي يستقي بها .
(19) بحار الأنوار : (ج8 ص219 ب23 ح212) .
(20) يقال : قطب الرجل أي جمع ما بين عينيه كما يفعل العبوس .
(21) بحار الأنوار : (ج8 ص220 ب23 ح215) .
(22) سورة الحجّ : (الآية 22) .
(23) بحار الأنوار : (ج8 ص280 ب24 ح1) .
(24) الكلاليب : جمع كلاب وكلوب : حديدة معطوفة الرأس يُجرّ بها الجمر .
(25) بحار الأنوار : (ج8 ص281 ب24 ح3) .
(26)    بحار الأنوار : (ج8 ص287 ب24 ح17) .
(27) سورة النساء : (الآية 56) .
(28) بحار الأنوار : (ج8 ص288 ب24 ح20) .
(29) سورة الفرقان : (الآية 68) .
(30) سورة الفرقان : (الآية 68) .
(31) بحار الأنوار : (ج8 ص289 ب24 ح26) .
(32) سورة الحجر : (الآيتان 43 و44) .
(33) سورة الكهف : (الآية 29) .
(34) سورة الإنسان : (الآية 4) .
(35) بحار الأنوار : (ج8 ص289 ب24 ح27) .
(36) شركان : تثنية شَرَك بفتحتين وهي حبالة الصائد .
(37) بحار الأنوار : (ج8 ص295 ب24 ح44) .
(38) سورة الفلق : (الآية 1) .
(39) بحار الأنوار : (ج8 ص296 ب24 ح46) .
(40) بحار الأنوار : (ج8 ص297 ب24 ح49) .
(41) سورة البقرة : (الآية 24) .
(42) بحار الأنوار : (ج8 ص299 ب24 ح53) .
(43) سورة الحجر : (الآيتان 43 و44) .
(44) سورة القصص : (الآية 60) ، وسورة الشورى : (الآية 36) .
(45) المسك هو الجلد .
(46) الاُدُم جمع الأديم ، وهو الجلد المدبوغ ، والليف قشر النخل .
(47) بحار الأنوار : (ج8 ص303 ب24 ح62) .
(48) الجرجير هي البقلة المعروفة وتسمّى بالفارسية : تره تيزك .
(49) سورة البقرة : (الآية 24) .
(50) بحار الأنوار : (ج8 ص306 ب24 ح65) .
(51) النمّام هو القنّات يعني الذي ينقل كلام أحد لآخر على وجه السعاية والإفساد .
(52) القينة وجمعها قيان هي الأمة والجارية المغنّية .
(53) بحار الأنوار : (ج8 ص309 ب24 ح75) .
(54) بحار الأنوار : (ج8 ص311 ب24 ح78) .
(55) بحار الأنوار : (ج8 ص312 ب24 ح82) .
(56) الحمّة : هي الابرة التي تلدغ بها العقرب .
(57) القُلّة هي الجرّة العظيمة .
(58) بحار الأنوار : (ج8 ص314 ب24 ح89) .
(59) بحار الأنوار : (ج103 ص261) .
(60) سفينة البحار : (ج3 ص495) .
(61) سورة الأعراف : (الآية 46) .
(62)    بحار الأنوار : (ج8 ص335 ب25 ح3) .
(63) بحار الأنوار : (ج8 ص337 ب25 ح9) .
(64) بحار الأنوار : (ج8 ص337 ب25 ح9) .
(65) بحار الأنوار : (ج8 ص205) .
(66) حقّ اليقين : (ج2 ص145) .
(67) سورة المؤمنون : (الآيتان 10 و11) .
(68) الإعتقادات : (ص76 ـ 80) .
(69) شرح التجريد : (ص250) .
(70) بحار الأنوار : (ج8 ص350) .
(71) حقّ اليقين : (ج2 ص178) .
(72) سورة البقرة : (الآية 82) .
(73) سورة النساء : (الآية 13) .
(74) سورة البقرة : (الآية 39) .
(75) بحار الأنوار : (ج8 ص116 ـ 222 باب الجنّة ونعيمها) .
(76) بحار الأنوار : (ج8 ص222 ـ 329) .
(77)    الملاط هو الطين الذي يجعل بين سافَي البناء كما في مجمع البحرين : (ص366) .
(78) الشُرُف : جمع شرفة وهو من القصر ما أشرف من بنائه .
(79) أي أمراً شاقّاً .
(80) بحار الأنوار : (ج8 ص116 ـ 117 ب23 ح1) .
(81) بحار الأنوار : (ج8 ص117 ـ 118 ب23 ح2) .
(82) بحار الأنوار : (ج8 ص119 ب23 ح5) .
(83) سورة الرحمن : (الآيتان 43 ـ 44) .
(84) بحار الأنوار : (ج8 ص119 ب23 ح6) .
(85) بحار الأنوار : (ج8 ص119 ب23 ح7) .
(86) في المصدر : من تربة الجنّة النورانية .
(87) بحار الأنوار : (ج8 ص120 ـ 121 ب23 ح11) .
(88) بحار الأنوار : (ج8 ص121 ـ 122 ب23 ح12) .
(89) بحار الأنوار : (ج8 ص122 ب23 ح13) .
(90) بحار الأنوار : (ج8 ص122 ب23 ح15) .
(91) بحار الأنوار : (ج8 ص128 ب23 ح28) .
(92) بحار الأنوار : (ج8 ص133 ب23 ح39) .
(93) بحار الأنوار : (ج8 ص136 ب23 ح48) .
(94) بحار الأنوار : (ج18 ص141 ب23 ح58) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page