• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

موقف الشيعة من روايات اهل البيت (عليهم السلام) في فضائل الخلفاء

73 ـ قال: وأخرج أيضاً عن جعفر الصادق رضي الله عنه إنه قال: ما أرجو من شفاعة علي شيئاً إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله ولقد ولدني مرتين انتهى.
اقول: يدل على كذب هذا الخبر إن صاحب الشفاعة العظمى هو جده صلى الله عليه وآله فلا يليق به عليه السلام نسيان شفاعة جده صلى الله عليه وآله وإظهار رجاء شفاعة غيره سيما أبو بكر الذي لاشافع له ولا حميم يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتىالله بقلب سليم، اللهم إلا إن قصد به مجرد التقية فافهم.
وأما قوله عليه السلام «ولقد ولدني مرتين» فبيان للواقع لا للإفتخار به كيف وقد مر الإتفاق على إن قوم أبي بكر أرذل طوائف قريش وقد وقع التصريح به من أبي سفيان كما مر وقال علي عليه السلام في شأن محمد بن أبي بكر «إنه ولد نجيب من أهل بيت سوء» فتدبر.
74 ـ قال: واخرج ايضاً عن زيد بن علي إنه قال لمن يتبرأ منهما: أعلم والله أن البراءه من الشيخين البراءة من علي فتقدم أو تأخر وزيد هذا كان إماماً جليلاً إستشهد في صفر سنة إحدى وعشرين ومائة ولما صلب عرياناً جاءت العنكبوت ونسجت على عورته حتى حفظت عن رؤية الناس فإنه إستمر مصلوباً مدة طويلة وكان قد خرج وتابعه خلق من الكوفة وحضر اليه كثير من الشيعة فقالوا له إبرأ عن الشيخين ونحو نبايعك فأبى، فقالوا إنا نرفضك فقال إذهبوا فأنتم الرافضة فمن حينئذ سموا الرافضة وسميت شيعته بالزيدية انتهى.
أقول: بعد تسليم صحة السند أراد رضي الله عنه بقوله البراءه من علي إن علياً عليه السلام أمر شيعته بالتقية والإحتراز عن الطعن في أبي بكر وعمر فمن تبرأ عنهما تبرأ عن علي عليه السلام لمخالفة أمره.
وأما ماذكره من «إن الشيعة التي حضروا اليه قالوا له إبرأ عن الشيخين؛ الى آخره» فكذب محض لأن الشيعة لو لم يعلموا علماً قطعياً بأن زيداً رضي الله عنه على ما عليه إبائه عليهم السلام من فساد حال الشيخين لما حضروا اليه من أول الأمر ولما إغتروا بإظهار تبريه لهما ايضاً لتجويزهم أعماله للتورية حين إذ وإنما توهم المخالف ذلك من حال زيد رضي الله عنه وما قاله من قول بعضهم لزيد عن إضطراره الي الحرب مع قلة الأنصار «إين أبو بكر وعمر ؟» يعني لو كانا خليفة في هذا الزمان لما إضطر زيد لذلك فقال رضي الله عنه هما أقاماني هذا المقام فتوهم بعض من سمع ذلك إن مراده رضي الله عنه إن عدم التبري عنهما صار سبب فقد أنصاره من الشيعة وليس كذلك بل كان مراده أن غصبهما الخلافة عن آبائه عليهم السلام وحملهما الناس على رقاب آل محمد صلى الله عليه وآله أوجل إذلال زيد وسائر أولادهم رضي الله عنهم وجرأة من غصب الخلافة بعدهما من بني أمية على سفك دمائهم وإقامتهم مقام فنائهم وإلا فإنما تركه الشيعة بعد إطلاعهم على عدم رضا إمام زمانهم مولانا الصادق عليه السلام بخروج زيد وإنه منعه عن ذلك وأخبره بأنه لو خرج قتل فكان خروجهم معه معصية وغاية مايلزم من تسمية هؤلاء الطائفة بالرافضة رفضهم لنصرة زيد لا لنصرة الحق كما زعمه أهل الباطل.
75 ـ قال: وأخرج الحافظ عمر بن شبت إن زيداً هذا الإمام الجليل قيل له: إن أبا بكر إنتزع من فاطمة فدك فقال إنه كان رحيماً فكان يكره أن يغير شيئاً ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتته فاطمة رضي الله عنها فقالت له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني فدك فقال هل لك بينة فشهد لها علي وأم أيمن فقال لها فبرجل وإمرأة تستحقيها ؟ ثم قال زيد والله لو رجع الأمر فيها الي، لقضيت بقضاء ابي بكر رضي الله عنه انتهى.
اقول: لايخفى ما في هذا الخبر من التناقض الدال على تلاعب زيد رضي الله عنه مع السائل تقية لأنه إذا كان أبو بكر لم يغير شيئاً تركه رسول الله صلى الله عليه وآله فقد كان فدك شيئاً تركه رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام كما مر ويدل عليه قولها هاهنا «أعطاني رسول الله صلى الله عليه وآله فدك» فكان يجب عليه أن لايغيره ولا يخرجه عن يدها عليها السلام وقوله قال لها «هل لك بينة» تذكر لجوره في الحكم بطلب البينة عنها عليها السلام بما مر من أن فدك كان مالاً في يد فاطمة عليها السلام والبينة على المدعي واليمين على من أنكر. وكذا في قوله «فبرجل وإمرأة تستحقيها ؟» تذكر بظلمه عليها في عدم إكتفائه في الشهادة على ذلك كما سبق بيانه فدلالة كلامه على الذم هو الظاهر كما لايخفى.
وأما قوله رضي الله عنه «لو رجع الأمر فيها اليّ، لقضيت بقضاء ابي بكر» فليس أول قارورة كسرت في الإسلام لأن علياً عليه السلام قضى في ذلك عند رجوع الأمر اليه بما قضى أبو بكر لما مر من أن تصرفه في فدك كان يستلزم الطعن في عمل الشيخين وإنه عليه السلام لم يكن قادراً على تغير بدعهم والطعن على أحكامهم فكلامه رضي الله عنه دليل على وجوب أعمال التقية عليه بموافقة أبي بكر في القضاء عند رجوع الأمر اليه كما فعله آبائه عليهم السلام فتدبر.
76 ـ قال: وأحرج ايضاً ابن عساكر عن سالم بن ابي الجعد قلت لمحمد بن الحنفية رضي الله عنه هل كان أبو بكر أول القوم إسلاماً قال لا ؟ قلت: فبمن علا أبو بكر ؟ قال لأنه كان أفضل إسلاماً حين أسلم حتى لحق بربه انتهى.
أقول: لا ذكر في كتب رجال الإمامية لسالم المذكور اصلاً لا في المقبولين ولا في المردودين فهو من المجهولين عندهم نعم هو مذكور في التقريب لإبن حجر العسقلاني الشافعي حيث قال: «سالم بن ابي الجعد رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي ثقة كان يرسل كثيراً» وقال عند ذكر الكنى: «إنه صدوق تكلم فيه الأزدي بغير حجة» انتهى والظاهر إنه إنما حكم بصدقه لأجل إختراعه مثل هذه الروايات والأزدي المسكين غفل عن هذه الدقيقة وإلا لما تكلم فيه ولو بحجة فافهم. ثم الظاهر إن مراد السائل سؤاله عن وجه علو أبي بكر في أرض الخلافة، وإستعلائه على عرش الإمامة، وقوله رضي الله عنه «لأنه كان أفضل إسلاماً حين أسلم» لا يصلح وجهاً له إلا تهكماً وإستهزاء لأن غاية مايدل عليه أفضلية إسلام أبي بكر حين إسلامه على مابعده من الأحيان وليس في ذلك دلالة على فضيلة يستحق بها الخلافة بل يدل على سوء عاقبته بمخالفته رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك ونحوه بعد حين فتأمل.
77 ـ قال: وأخرج الدارقطني عن سالم بن أبي حفصة وهو شيعي ولكنه ثقة قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي وجعفر بن محمد عن الشيخين فقالا: ياسالم تولهما وإبرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى انتهى.
اقول: وثقاة سالم هذا غير مسلمة بل هو معتل أجوف غير سالم عن القدح، لأنه كان زيدياً بترياً سمي هو وأصحابه بذلك من قول زيد رضي الله عنه لهم «بتركم الله» على مافصل في كتب رجال أصحابنا الإمامية أيدهم الله تعالى وقد لعنهم مولانا الصادق عليه السلام وكذبه وكفره وقس على هذا سائر الأخبار المنقولة عنه لعنه الله.
78 ـ قال: وأخرج عنه ايضاً قال دخلت على أبي جعفر وفي رواية على جعفر بن محمد فقال وأراه قال ذلك من أجلي: اللهم إني اتولى أبا بكر وعمر واجهما، الله إن كان في نفسي غير هذا فلا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة انتهى.
اقول: الظاهر إن ضمير ذلك في قول سالم الراوي «وأراه قال ذلك لأجلي» إشارة الى ماذكره بعد ذلك من قول الإمام عليه السلام «اللهم إني أتولى أبا بكر؛ الى إخره» فقوله «قال ذلك من أجلي» أي لأجل خاطري صريح في إنه فهم منه عليه السلام أعمال التقية معه في ذلك فكيف يستدل فيه الشيخ الجاهل الذاهل على مطلوبه ثم الأولى بهم نسبة هذا الخبر الموضوع لهم الى أبي جعفر عليه السلام دون جعفر عليه السلام لأنه لايوافق الحديث المنقول عنه سابقاً الذي ترك فيه رجاء شفاعة النبي صلى الله عليه وآله الى رجاء شفاعة أبي بكر بل الموافق له أن يقول «اللهم إن كان في نفسي غير هذا فلا نالتني شفاعة أبي بكر» فافهم.
79 ـ قال: ؤأخرج عن جعفر أيضاً إنه قيل له: إن فلانا يزعم إنك تتبرأ من أبي بكر وعمر فقال برأ الله من فلان إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر «ولقد مرضت فاوصيت الى خالي عبدالرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه انتهى.
اقول: هذا ايضاً كسابقه مما ذكره عليه السلام لأجل خاطر سالم لعنه الله تقية منه وضحك به على لحيته ولا دلالة في قوله عليه السلام «نفعني الله بقرابتي من أبي بكر» على النفع الديني ولا حصوله وحصول النفع الدنيوي منه نفسه إذ يكفي في صدق ذلك صدور هذا النفع من أولاده الصالحين كما يرشد اليه قوله عليه السلام «ولقد مرضت فاوصيت؛ الى آخره» تدبر.
80 ـ قال: وأخرج هو ايضاً والحافظ عمر بن شبت عن كثير قلت لأبي جعفر محمد بن علي: أخبرني أظلمكم أبو بكر وعمر من حقكم شيئاً ؟ فقل ومنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ماظلمانا من حقنا من يزن حبة خردلة. قال قلت افأتولاهما جعلني الله فداك ؟ قال نعم ياكثير تولهما في الدنيا والآخرة انتهى.
اقول: إن اراد بكثير ما هو بالتصغير وهو الشاعر المشهور من مادحي أهل البيت وقد وصفه اليافعي بأنه كان شيعياً غالياً قائلاً بالرجعة فكيف يجري بينه وبين مولاه ماذكره من الكلمات وهو يبقى على خلاف ما أمره مولاه وهل الغلو في التشيع إلا تناول الشيخين بالوقيعة والتبري عنهما ؟ أو أراد الكثير بصيغة التكبير فلا إعتناء بالغير، ولا خير في كثير.
81 ـ قال: وأخرج أيضاً عن الشافعي رضي الله عنه عن جعفر بن أبي طالب قال: ولينا أبو بكر خير خليفة وأرحمه لنا وأحناه علينا. وفي رواية، فما ولينا أحد من الناس مثله. وفي رواية، فما رأينا قط خيراً منه. انتهى.
اقول: ـ قد إتفق الجمهور من ارباب السير والتواريخ على أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما إستشهد في غزوة مؤتة في سنة ثمان من الهجرة في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف أخبر لغيره عن حسن ولاية أبي بكر وخلافته ومتى رأى ذلك ؟ اللهم إلا أن يقال إنه لما روى إنه رضي الله عنه طار عند الشهادة الى الجنة فربما نزل بعده الى أسلاف الشافعي في بعض الأحيان وأخبره بذلك هذا وإذا كان هذا حال الشافعي إمامهم في الوضع والجهل المذموم، فكيف يكون حال المأموم.
82 ـ قال: وأخرج ايضاً عن ابي جعفر الباقر إنه قيل له إن فلانا حدثني إن علي بن الحسين قال هذه الآية (ونزعنا ما في صدورهم من غل)نزلت في أبي بكر وعمر وعلي قال والله إنها لفيهم أنزلت، ففي من أنزلت إلا فيهم ؟ قيل فأي غل هو ؟ قال غل الجاهليه إن بني تيم وبني عدي وبني هاشم كان بينهم شيء في الجاهلية فلما أسلم هؤلاء القوم تحابوا فأخذ أبو بكر الخاصرة فجعل علي يسخن يده ويكمد بها خاصرة أبي بكر فنزلت هذه الآية فيهم وفي رواية له عنه ايضاً قلت لأبي جعفر وسألته عن أبي بكر وعمر فقال ومن شك فيهما فقد شك في السنة انتهى.
أقول: لايخفى إن سوق الآية يدل على إن الضمير في صدورهم راجع الى الجمع المدلول عليه قبل ذلك بقوله (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لانكلف نفساً إلا وسعها اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون) وأما كون المنزول فيهم مجموع أبي بكر وعمر وعلي فغير مسلم عندنا وكون ذلك مروياً عن الباقر عليه السلام ممنوع موضوع عليه وإنما الرواية الصحيحة ما في مسند أحمد بن حنبل من إنها نزلت في علي عليه السلام وأيضاً إن اريد إن مفاد الآية نزع بعض أقسام الغل عن صدورهم فلا يفيدكم وإن أريد نزع مطلق الغل فغير مسلم كيف والمذكور في ضمن هذا الخبر إن المراد نزع الغل والعداوة التي كانت بينه في الجاهلية فيجوز أن يكون في صدور الشيخين غل الحسد مع علي عليه السلام على ما آتاه الله من فضله كما ذكره هذا الشيخ الناسي عند ذكر الآية في فضائل أهل البيت عليهم السلام وصرح بمثله في مواضع أخرى قد أشرنا إليها آنفاً فتذكر.
وأيضاً ينافي كون المنزول فيهم من ذكر ظاهر ماسيذكر بعد ذلك رواية عن محمد بن حاطب من إنه سئل علياً عليه السلام في من قتل عثمان وكان متكئاً فقال يا إبن حاطب والله إني لأرجو أن أكون انا وهو كما قال الله تعالى (ونزعنا ما في صدورهم من غل) فإنه لو كان علي عليه السلام من ملة المنزول فيهم لكان دخوله في الآية محققاً عنده لا مرجواً له إلا أن يقال إن رجاءه لذلك إنما كان بإعتبار ضمه لعثمان معه أو يقال إن الضمير الغائب أعني هو في قوله «أنا وهو» ليس راجعاً الى عثمان بل هو راجع الى من قتل عثمان وهو محمد بن أبي بكر مع بعض أصحابه وحينئذ يكون المراد بالغل المنزوع عداوة الإسلام لا عدواة عثمان ضرورة إن عداوة عثمان عند أهل البيت عليهم السلام من كمال الإسلام وشرائط الإيمان كما روي «إنه قال رجل لعلي عليه السلام: أحبك وأتولى عثمان فقال له الآن أنت أعور، فأما أن تعمى وأما أن تبصر» على إن الظاهر من توسيط قوله تعالى (ونزعنا ما في صدورهم من غل) بين قوله (اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) وبين قوله (تجري من تحتهم الأنهار) إن كلا من نزع الغل من صدورهم وجريان الأنهار من تحتهم مما يتصفون به في الجنة لا في أرض الحجاز وقد صرح بذلك ايضاً صاحب الكشاف حيث قال «أي من كان في قلبه غل من أخيه في الدنيا نزع منه فسلمت قلوبهم فطهرت ولم يكن إلا التواد والتعاطف وعن علي كرم الله وجهه لأرجو أن أكون وعثمان وطلحة والزبير منهم» إنتهى فمع توجه ما أريناكه من أقسام الإختلال على ذلك الإستدلال كيف يعقل إسناده الى الإمام المؤيد المعصوم عليه السلام بل يمنع عن إسناده اليه عليه السلام ايضاً قوله «ففيمن نزلت إلا فيهم ؟» فانه يدل على إنه لم يكن في طوائف الأصحاب وآحادهم من يصلح نزول الآية المذكورة فيهم مع إن نظير هذه الآية قد ورد في شأن الآوس والخزرج من الأنصار الذين كان بينهم في الجاهليه من الغل والإرتياب، ما لايخفى على متتبع الإحوال، فهذه العبارة التي لايرضى بها الفصيح تدل على إنه موضوع عليه عليه السلام.
وأما مانسبه في الرواية الأخرى اليه عليه السلام من إنه قال «من شك في ابي بكر وعمر فقد شك في السنة» فلا نشك في صدقه لأن السنة التي نسب اهل السنة أنفسهم اليها إنما هي سنة أبي بكر وعمر بل سنة معاوية في سبه علياً عليه السلام لا سنة النبي صلى الله عليه وآله كما أوضحناه في موضعه فيكون متفرعاً على يقين صحة خلافتهما ولا ريب إن الشك في الإصل موجب للشك في الفرع، فتدبر.
83 ـ قال: وأخرج عن ابي جعفر ايضاً عن ابيه على بن الحسين رضي الله عنهم إنه قال لجماعة خاضوا في أبي بكر وعمر ثم في عثمان؛ إلا تخبروني أنتم المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ؟ قالوا لا، قال فانتم الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم، يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خاصة، ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون ؟ قالوا لا، قال أما أنتم فقد برأتم أن تكونوا في أحد هذين الفريقين وأنا أشهد بانكم لستم من الذين قال الله عز وجل فيهم: «والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولأخواننا الذين سبقونا بالأيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم انتهى.
اقول: ان مانقله عنه عليه السلام إنما يدل على إن المخاطبين لم يكونوا من الفريقين المذكورين في الآيتين ولا دلالة له على إن الثلاثة كانوا داخلين فيهما وبالحملة هذا كلام مجمل مبهم مستعمل في مقام التقية وإجماله اقوى قرينة على ذلك فلا ينتهض حجة علينا اصلأً ودعوى إن دخولهم في الآيتين قد علم من خارج غير مسموعة، يرشد اليه وجوب خروج ابي بكر عن عموم الفقراء في الآية الأولى لأنه كان عند أوليائه غنياً ذا يسار كثير المال واسع الحال كما صرحو به وليس لهم أن يتاولوا الفقر في الآية بالفقر عند الهجرة مدعياً إنه تصدق قبل ذلك بجميع ماله كما تكلفه بعضهم لأنهم مطالبون باثبات ذلك وقد نفيناه عن أصله في كتابنا الموسوم بمصائب النواصب، بوجوه لايخفى وقعها على المتأمل الراسب وأما الآية الثانية فقد نزلت في شأن الإنصار وهو الظاهر من قوله تعالى «يحبون من يهاجر اليهم» فتدبر.
84 ـ قال: واخرج ايضاً عن الحسين بن محمد بن الحنفية إنه قال ياأهل الكوفة إتقوا الله عز وجل ولا تقولوا لأبي بكر وعمر ما ليسا بأهل له إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثاني إثنين وإن عمر أعز الله به الدين إنتهى.
أقول: الحسين هذا ليس عنه ذكر في كتب الرجال منا ولا في كتاب التقريب الذي هو إشمل كتب أهل السنة للرجال على إنه يمكن أن يكون مراده بقوله («إتقوا الله»)الأمر بالتقية كما فسر قوله تعالى («إن أكرمكم عند الله أتقاكم») بأن المراد اعمالكم بالتقية فسقط الإستدلال.
وبالجملة ماروى عنه كلام مجمل مبهم لايصدر مثله إلا في مقام التقية أما لفظ «إتقوا» فلما عرفت.
وأما قوله «ولا تقولوا لأبي بكر وعمر ماليسا بأهل له» فلما مر من أن مايستأهله الشيخان عند أهل البيت وشيعتهم هو الذم دون المدح، فهذا الخبر لنا لاعلينا. ولا ينافي هذا الحمل ماإستدل به رضي الله عنه بعد ذلك مما يوهم إعتقادهم فيهما إتصافهما بالفضل والكمال لأن هذا مجرد وهم لايذهب اليه من له أدنى فهم.
وأما ماذكره رضي الله عنه من صحبة الغار، فلما سنبينه في موضعه اللائق به من إنه لا يوجب لأبي بكر إلا العار والشنار.
وأما قوله «إن عمر أعز الله به الدين» فلأنه في الحقيقة أشار الى فجوره وتذكر قوله صلى الله عليه وآله «إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» والملخص إنه قد جرت عادة الأئمة عليهم السلام وأكابر شيعتهم في مقام عروض الخوف والتقية أن يضحكوا على لحية الخصام، بإلقاء مثل هذه الكلمات الجامحة البالغة في درجات الإيهام والإبهام الذي لا يطلع على حقائقها إلا ذووا الإفهام.
85 ـ قال: وأخرج أيضاً عن جندب الأسدي إن محمد بن عبدالله بن الحسن رضي الله عنه أتاه قوم من أهل الكوفة والجزيرة فسألوه عن أبي بكر وعمر فالتفت اليّ فقال إنظر الى أهل بلادك يسألوني عن أبي بكر وعمر ؟ لهما عندي أفضل من علي إنتهى.
أقول: يتوجه عليه بعد تسليم صحة سنده والإغماض عن جهالة جندب هذا الذي لم يذكر في كتب رجال الإمامية ولا في كتاب التقريب الذي هو أجمع للرجال من كتب أهل السنة إن حضور المخالفين أعني أهل الكوفة من الشيعة الخالصة واهل الجزيرة الظاهر منها جزيرة الموصل المشهور اهلها سيما الأكراد منهم بالنصب والغلو في موالاة يزيد بن معاوية دليل على أعماله رضي الله عنه لتقية في محاورتهم وايضاً في إسلوب كلامه ركاكة تبعد صدوره عن البليغ بلا ضرورة فإن السؤال عن أبي بكر وعمر لايوجب التعجب والإضطراب الذي يشعر به قوله «إنظر الى أهل بلادك؛ الى آخره» وايضاً مطلق السؤال عنهما لا يوجب إظهار تفضيلهما على علي عليه السلام على إنه قد مر إن اللام قد تكون للجر وقد تكون لمجرد التأكيد وقوله «لهما» متحمل لهما وإذا قام الإحتمال بطل الإستدلال.
86 ـ قال: وأخرج أيضاً عن فضيل بن مرزوق إنه قال قلت لعمر بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه أفيكم إمام تفترض طاعته تعرفون ذلك له، من لم يعرف ذلك له فمات ميتتة جاهلية ؟ فقال لا ولله ما ذاك فينا،من قال هذا فهو كاذب. فلت إنهم يقولون إن هذه المنزلة كانت لعلي، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى اليه ثم كانت للحسن، إن علياً أوصى اليه ثم كانت للحسين بن علي، إن الحسن أوصى اليه ثم كانت لعلي بن الحسين، إن الحسين أوصى اليه ثم كانت لمحمد بن علي أي الباقر أخي عمر المذكور، إن علي بن الحسين أوصى اليه فقال عمر بن علي بن الحسين فوالله ما أوصى أبي بحرفين إثنين فقاتلهم الله لو إن رجلاً أوصى في ماله وولده وما يترك بعده ويلهم ما هذا من الدين والله ما هؤلاء إلا متآكلين بنا إنتهى.
أقول: لقائل أن يقول إن تسمية هذا السيد بعمر إنما وقعت تقية فكيف يتوقع منه خلاف أعمال التقية مع من خالفه بالإعتقاد وايضاً يجوز أن يكون ذلك الإنكار منه حسداً على أخيه الباقر وإخفاء لإمامته وإفتراض طاعته كما وقع مثل ذلك لمحمد بن الحنفية رضي الله عنه مع مولانا زين العابدين عليه السلام فإنه لما طال نزاع محمد رضي الله عنه في الإمامة دعاه علي عليه السلام الى حكومة الحجر الأسود بينهما ولما حضرا عنده حكم بإمامة علي عليه السلام وتفصيل هذه القصة مذكورة في كتاب شواهد النبوة لعبدالرحمن الجامي النقشبندي فليطالع ثمة وأيضاً القسم المذكور بقوله «فوالله ماأوصى أبي بحرفين إثنين» يدل على كذب عمر أو كذب الخبر عنه وكونه عن فضلات أخبار فضيل الذي ليس له ذكر في كتب الرجال للإمامية وإن نسبه صاحب التقريب من أهل السنة الى التشيع كيف والوصية سنة مؤكدة عند الموت وطريقة مسلوكة للنبي وآله العظام، واصحابه الكرام، فكيف أهمل ذلك زين العابدين عليه السلام.
87 ـ قال: وأخرج ايضاً عنه إنه (1) سأل عنهما فقال أبرأ ممن ذكرهما إلا بخير فقيل له لعلك تقول ذلك تقية فقال إنا إذن من المشركين ولا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إنتهى

أقول: يدل على كذب هذا الخبر مانسب اليه عليه السلام من قوله «إنا إذن من المشركين» لأن التقية إخفاء الحق وإظهار غيره خوفاً عن المخالفين والمؤدي الى الشرك هو النفاق الداعي الى إبطال الباطل وإظهار الحق خوفاً فكيف يصح منه عليه السلام أن يستدل على نفي أعماله للتقية بأنه مستلزم للشرك اللهم إلا أن يحمل على إن مراده عليه السلام هو «إني لو لم أعمل بالتقية التي هي ديني ودين آبائي لكنت من المشركين؛ الى آخره» كما يدل عليه إشعار العبارة بكونه عليه السلام متهماً عند السائل فافهم.
88 ـ قال: وأخرج عنه ايضاً إنه قال إن الخبثاء من أهل العراق يزعمون إنا نقع في أبي بكر وعمر وهما والداي أي لأن أمه أم فروة بنت القاسم الفقيه بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر ومن ثم سبق قوله «ولدني أبو بكر مرتين» إنتهى.
أقول: حاشى عن الإمام الصادق عليه السلام أن يستدل من غير ضرورة تقية على عدم وقوعه في أبي بكر وعمر لأنهما والداي لظهور أن عبدالله بن عبدالمطلب وآمنة بنت وهب كانوا والدي نبينا صلى الله عليه وآله وسلم مع إنه صلوات الله عليه وآله كان عند أهل السنة بريئاً عنهما ممنوعاً من الإستغفار لهما فلا وجه لذلك إلا مجاراة السائل لزائغ الضليل، ودفع غائله شره بالمموه من الدليل، على أنه لم يظهر من تقريره كيفية كون عمر احد والديه فيكون ذلك كلاما مختالا لا يليق بجناب الإمام عليه السلام، كما لا يخفى على أولي الافهام.
89 - قال: وأخرج أيضاً عن أبي جعفر الباقر قال: من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر فقد جهل السنة انتهى.
اقول: قد ذكر سابقاً نظير هذا الحديث عن ابي جعفر الباقر عليه السلام وهو قوله «من شك في ابي بكر وعمر فقد شك في السنة» وقد ذكرنا عدم دلالته على مقصود القوم فتذكر.
90 - قال: فهذه اقاويل المعتبرين من اهل البيت رواها عنهم الأئمة الحفاظ، الذين عليهم المعول في معرفة الأحاديث والآثار، وتمييز صحيحها من سقيمها بأسانيدهم المتصلة، فكيف يسع التمسك بحبل اهل البيت ويزعم حبهم ان يعدل عما قالوه من تعظيم ابي بكر وعمر واعتقاد حقية خلافتهما وما كانا عليه وصرحوا بتكذيب من نقل عنهم خلافه ومع ذلك يرى أن ينسب اليهم ما تبرءوا منه ورأوه ذما في حقهم حتى قال زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما: ايها الناس احبونا حب الاسلام فوالله ما برح بنا حبكم حتى صار علينا عاراً وفي رواية حتى نقصتمونا الى الناس أي بسبب ما نسبوه اليهم مما هم براء منه فلعن الله من كذب على هؤلاء الائمة ورماهم بالزور والبهتان انتهى.
اقول: قد اوضحنا بعون هادي السبيل، ان بعض ما نقله من الاقاويل عن سادات اهل البيت الجليل قد تقولوها عليهم وكذبوا في نسبتها اليهم لنصرة المذهب الذليل، وان البقية صريحة في اعمال التقية ودفع شر اهل الإضلال والتضليل واما مدحه لحفاظ قومه بما مدحهم به فهو مصادرة على المطلوب ومجاهرة بتصديق الكذوب، وكيف يصير تعويلهم على هؤلاء المتهمين بالوضع عند الخصم كما مر حجة عليه أو يوجب اقباله على خبرهم والركون اليه وحاشا أن يعدل المتمسك بحبل أهل البيت عليهم السلام عما يظن إنه مما قالوه وأن ينسب اليه ما تبرؤا عنه واستقالوه بل القضية منعكسة لذي الألباب كما أوضحناه في كل مانسب في هذا الباب.
وأما مانقله عن مولانا زين العابدين عليه السلام فلا دلالة له على مقصوده فإن أئمتنا عليهم السلام لم يزل كانوا يوصون شيعتهم بالتقية والتحرز عن الوقوع في تهلكة المخالفين من الأموية وغيرهم من أولي العصبية الجاهلية لكن ربما ضاق صدر بعض الشيعة سيما عوامهم عن كتمان ولائهم وغلا قدره بالتبري عن أعدائهم فاورث ذلك لهم في نظر الجمهور عاراً وأدى الى بغض الناصبة لهم سراً وجهاراً حتى لعنوهم على منابر بني أمية أعواماً وأعصاراً فلنعم ماقال الكاذب الملعون «لعن الله من كذب على هؤلاء الأئمة ورماهم بالزور والبهتان».


_________
(1) الضمير يرجع الى أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام لتقدم ذكره في خبر نقله صاحب الصواعق (ص 33 من النسخة المطبوعة) وتركه المؤلف «ره» هو قوله «وأخرج ايضاً عن عبدالجبار الهمداني إن جعفر الصادق أتاهم وهم يريدون أن يرتحلوا من المدينة فقال إنكم إنشاء الله من صالحي أهل مصركم فابلغوهم عني من زعم إني إمام مفترض الطاعة فأنا منه بريء ومن زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر فأنا منه بريء).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page