• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حدود الإمامة

حدود الإمامة

يقول الإمام علي ( ع ) : ( لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في أمرته المؤمن ) (11 ) .
يقول ابن أبي الحديد في شرح النهج : ( فأما طريق وجوب الإمامة ما هي ، فإن مشايخنا البصريين رحمهم الله يقولون طريق وجوبها الشرع ، وقال البغداديون وأبو عثمان الجاحظ من البصريين : إن العقل يدل على وجوب الرئاسة ، وهو قول الإمامية .
إلا أن الوجه الذي منه يوجب أصحابنا الرئاسة غير الوجه الذي توجب منه الإمامية الرئاسة ، وذاك أن أصحابنا يوجبون الرئاسة على المكلفين من حيث أن في الرئاسة مصالح دنيوية ودفع مضار دنيوية ، والإمامية يوجبون الرئاسة من حيث كان في الرئاسة لطف منه وبعد للمكلفين عن مواقعة القبائح العقلية ) .
وأيا كان طريق وجوب الإمامة أو الإمرة فالحقيقة أنها واجبة ولكن هناك تباين حول الوجه الذي يوجب الإمامة ، هل هو قاصر أو مرتكز على حفظ المصالح الدنيوية ، أم أن المسألة أعمق وأشمل من وأنها كما يرى المسلمون الإمامية لطف من الله وبعد للمكلفين عن ممارسة القبائح العقلية (12 )
وفي اعتقادنا أن طبيعة الرئاسة أو الإمرة وهل هي معنية أساسا بحفظ المصالح الدنيوية أم أنها ينبغي أن تكون أكثر اعتناء بحفظ المصالح الدينية ، هذه الطبيعة تفاوتت بتفاوت الأمة موضع الرئاسة وطبيعة الرسالة التي تحملها هذه الأمة ، وبالتالي فإن مهام الرئاسة في الأمة الإسلامية لا يمكن أن تتشابه مع مهام الرئاسة في الأمة الأمريكية مثلا ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) ( ص / 28 ) .
ومن هنا فإننا نرى أن طبيعة رئاسة الأمة الإسلامية تكتسي وتعنون بالعناوين المدونة في كتاب الله وفي سنة رسول الله ( ص ) نفسها ، وأن المواصفات المطلوبة في إمامة الأمة الإسلامية هي القدوة على حمل هذه الأعباء ، وأن أي خلل في قدرات القيادة المسلمة على أداء هذه المهام الجسام تطرح العديد من التساؤلات حول أهلية هذه القيادة وأحقيتها لهذا الدور ، ودونكم بعض الأمثلة من كتاب الله :
( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) ( النحل / 90 ) .
( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) ( ص / 26 ) .
( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) ( التوبة / 29 ) .
( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ( الحجر / 9 ) .
إن إقامة العدل ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والنهي عن الفواحش ، وتطهير الأرض من الشرك ، والظلم ، والبغي ومقاتلة دول البغي والشرك ، وحفظ حرمات المسلمين وقبل هذا كله حفظ كيان الدين نصا وروحا ، هي مهام
من صميم الواجبات الإسلامية الدينية ، بل وهي ، ومن دون أدنى شك ، امتداد لمهام النبوة التي لا تزيد عن هذا إلا بالتبليغ ، وتلقي الوحي من رب السماوات . . . ونضيف إلى هذه الواجبات الشرعية واجبا في غاية الأهمية ، وهو الحفاظ على وحدة المسلمين من التفكك أيا كان المسوغ ، أو المسمى ، ذلك قوله تعالى : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب ) ( الشورى / 13 ) .
( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) ( الأنعام / 135 ) ،
( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ( آل عمران / 103 ) .
فكيف إذا يقال أن اختلافهم رحمة ؟ ، أو أنه لا يوجد مذهب صحيح أو غير متفق عليه ؟
أو أن كل المذاهب الفقهية على تناقضها وتباينها هي مذاهب صحيحة واجبة الاتباع ؟
]إننا إذا تأملنا في كلمات الإمام علي ( ع ) وهو يذم اختلاف العلماء في الفتيا فيقول : ( ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه . ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله .
ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد أفأمرهم الله - سبحانه - بالاختلاف فأطاعوه أم نهاهم عنه فعصوه ، أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه ، أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا ، وعليه أن يرضى ؟ أم أنزل الله دينا تاما فقصر الرسول ( ص ) عن تبليغه وأدائه ، والله سبحانه يقول : ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) ( الأنعام / 38 ) . وفيه تبيان لكل شئ وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا ، وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) ( النساء / 82 ) وإن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ، ولا تكشف الظلمات إلا به (13)
إن كلمات أمير أمير المؤمنين علي ( ع ) تحصر أسباب تعدد اجتهادات العلماء في المدارس الفقهية في عدة افتراضات ليس من بينها أن اختلافهم وتشتتهم رحمة ، كما يروي بعض الرواة عن رسول الله ( ص ) ، فهذه الأسباب الافتراضية لا تخرج عن عدة احتمالات :
أولها :أن الله تبارك وتعالى أمر الناس بالاتفاق فعصوا . وهذا أصح الاحتمالات .
ثانيها: أن الله سبحانه أمرهم بالاختلاف فأطاعوه . وهذا فرض مستحيل .
ثالثها :أن الدين جاء من عند الله ناقصا ، وأن الناس أكملوه بآرائهم . وهذا أيضا فرض مستحيل .
أما الفرض الرابع والأخير . . أن الرسول الأكرم ( ص ) قد قصر في إبلاغ ما أوحي إليه من ربه . وهذا أيضا فرض مستحيل ، فلا يبقى أمامنا إلا الفرض الأول وهو الصحيح ، فالله تبارك وتعالى أمر المسلمين بالاتفاق ، فعصي أمر الله
وشذ بعض الناس عن طاعة ربهم ومولاهم ، ولا بأس أن نقرر بداية أن المخالفة لأمر الله بدأت من قضية الإمامة وهي الأصل ، وامتدت لتشمل فروع الدين ، حتى وصلت الأمة إلى هذه الحالة المزرية التي نعيشها الآن .

___________________________________
( 11 ) كاظم محمدي / محمد دشتي : المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة ، خطبة ( 40 ) ص 24 . دار الأضواء - بيروت ( 1406 ه‍ / 1986 م ) .
( 12 ) ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ، 4 / 16 . م . س .
( 13 ) توضيح قول المسلمين الشيعة بأن الإمامة لطف من الله إن الإنسان مخلوق غريب الأطوار ، وقد اجتمعت فيه نوازع الفساد من جهة ، وبواعث الخير من جهة أخرى ، ولقد خلق الله تعالى فيه عقلا هاديا يرشد إلى الصلاح ومواطن الخير ، ولصعوبة أن يهتدي الإنسان بنفسه لجميع طرق الخير والصلاح كان من لطف الله إرسال الأنبياء ( ع ) لهداية البشر ، ولأن محمدا ( ص ) هو خاتم الأنبياء كان لا بد من استمرار هذا الخط بإمامة علي وذريته ( عليهم السلام ) .
أنظر : عقائد الإمامية للشيخ محمد رضا المظفر ، ص 72 وما بعدها . ط دار الإرشاد الإسلامي - بيروت 1409 ه‍ / 1988 م .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page