• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

2 ـ باب ( إنَّ الله ورسوله قد أحلاّ مُتعة الحَجِّ للأبد وقد حرَّمها عثمان كما حرَّمها عمر مِن قبل ) ( 1 ) .

المؤلِّف : إنَّك قد عرفت ـ في باب تحريم عمر مُتعة الحَجِّ ـ معنى مُتعة الحَجِّ ، وأنَّ الله تبارك وتعالى قد أحلَّها في كتابه ورسوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في سنته ، وأنَّها للأبد ، أو لأبد الأبد ، أو إلى يوم القيامة ، على اختلاف التعبيرات في الروايات المُتواترة ؛ فلا حاجة هنا إلى إعادة الكلام في هذا كلِّه أبداً ، وإنَّما اللازم هنا ، هو ذكر الأخبار المُشتملة على نهي عثمان مِن مُتعة الحَجِّ ، كما نهى عنها عمر مِن قبلُ ، على ما عرفت التفصيل كما هو ، فنقول هذه جُملة مِن تلك الأخبار مِمَّا ظفرتُ عليه على العُجالة .
1 ـ روى البخاري بسنده ، عن مروان بن الحكم ، قال : شهدتُ عثمان وعليَّاً ، وعثمان
ينهى عن المُتعة وأنْ يُجمع ( 2 ) بينهما ، فلمَّا رأى عليٌّ ذلك ؛ أهلَّ بهما .
[ فقال : ] ( لبّيك بعُمرةٍ وحَجَّة ) .
قال : ( ما كنتُ لأدعَ سنّة النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) لقول أحد ) ( 3 ) .
2 ـ روى البخاري بسنده ، عن سعيد بن المسيّب ، قال : اختلف عليٌّ وعثمان ، وهما بعسفان في المُتعة ، يعني : في مُتعة الحَجِّ .
فقال عليّ : ( ما تُريد إلاّ أنْ تنهى عن أمرٍ ، فعله النبي { صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم } ) ، فلمَّا رأى ذلك عليّ أهلّ بهما جميعاً ( 4 ) .
3 ـ روى مسلم بسندين ، عن عبد الله بن شقيق ، قال : كان عثمان ينهى عن المُتعة ، وكان عليٌّ يأمر بها .
فقال عثمان لعليّ كلمة ، ثمَّ قال عليٌّ : ( لقد علمتَ أنَّا قد تمتَّعنا مع رسول الله { صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم } ) .
فقال : أجل ، ولكنَّا كنَّا خائفين ( 5 ) .
وذكره المُتَّقي أيضاً ، وقال : أخرجه أبو عوانة ، والطحاوي ، والبيهقي في السُّنن الكبرى ( 6 ) .
المؤلِّف : وتعليل عثمان للتمتُّع مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بأنَّا كنَّا خائفين ، هو في غاية الوهن والفساد ؛ فإنَّ مُقتضى الخوف مِن أهل الجاهليَّة والشرك ، هو أنْ لا يتمتَّعوا ولا يأتوا بالعُمرة في أشهُر الحَجِّ ؛ مُجاملةً معهم ؛ لأنَّهم يرونها مِن أفجر الفجور ـ كما تقدَّم غير مرة ـ لا أنْ يتمتَّعوا ويأتوا بالعُمرة في الحَجِّ ، وفي أشهُر الحَجِّ على رغم أنف أهل الجاهليَّة والشرك .
وإذا كان مُراد عثمان مِن الخوف : إنَّا كنَّا خائفين مِن أهل الشرك ، أنْ لا يدعونا للعُمرة بعداً ، في غير أشهُر الحَجِّ ؛ فلذلك أمر النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بالتمتُّع ، وبإتيان العُمرة في أشهُر الحَجِّ في تلك السنة ، فهذا أفسد مِن الأوَّل بكثير ؛ فإنَّ السبب في تشريع التمتُّع ؛ لو كان هو ذلك لَما صرَّح به رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : بأنَّ مُتعة الحَجِّ هي للأبد ، أو لأبدٍ ، أو إلى يوم القيامة .
وقد عرفت في باب تحريم عمر مُتعة الحَجِّ أنَّها هي كذلك أي للأبد .
وأنَّ الروايات بذلك فوق التواتر ، فراجع .
هذا كلُّه ، مُضافاً إلى ما يحتمل في المقام ، لولا الظنُّ به ، أو القطع مِن أنَّ تشريع التمتُّع مِن النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) هو كان في حَجَّة الوداع ؛ ومِن الضروري أنَّ عام حَجَّة الوداع ، هو أقوى أيَّام النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فكيف يأمر فيه بالتمتُّع خوفاً مِن أهل الشرك والجاهليَّة .
وهذا كلُّه ـ لَعمري ـ واضح ظاهر ، لا يرتاب فيه أحد ، غير إنَّ :
( ... وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) النور : 40 .
( مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ... ) الأعراف : 186 .
4 ـ روى النسائي بسنده ، عن سعيد بن المسيّب ، يقول :
حَجَّ عليّ وعثمان ، فلمَّا كنّا ببعض الطريق ، نهى عثمان عن التمتُّع ، فقال عليّ : ( إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا ) ، فلبّى عليٌّ وأصحابه بالعُمرة ، فلم يَنههم عثمان .
فقال عليّ : ( ألم أُخبر إنَّك تنهى عن التمتُّع ؟! ) .
قال : بلى .
قال له عليّ : ( ألم تسمع رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) تمتَّع ) .
قال : ( بلى ) ( 7 ) .
5 ـ روى مالك بن أنس ، عن المقداد بن الأسود : أنَّه دخل على عليّ بن أبي طالب بالسُّقيا ( 8 ) ـ إلى أنْ قال ـ فقال : هذا عثمان بن عفان ينهى أنْ يُقرَن ( 9 ) بين الحَج والعُمرة ؛ فخرج عليّ بن أبي طالب ، وعلى يديه أثر الدقيق والخبط ، فما أنسى أثر الدقيق والخبط على ذراعيه ، حتَّى دخل على عثمان بن عفان .
فقال : ( أنت تنهى أنْ يُقرَن بين الحَجِّ والعُمرة ؟! ) .
فقال عثمان : ذلك رأيي ؛ فخرج عليّ مُغضباً وهو يقول : ( لبّيك اللَّهمَّ بحَجٍّ وعُمرةٍ مَعاً ) ( 10 ) .
6 ـ روى الطحاوي بسنده ، عن مروان بن الحكم ، قال : كنَّا نسير مع عثمان بن عفان ، فإذا رجلاً يهتف بالحَجِّ والعُمرة .
فقال عثمان : مَن هذا ؟
قالوا : عليّ ( 11 ) .
7 ـ روى الطحاوي بسنده ، عن عبد الله بن شقيق : أنَّ عثمان خطب فنهى عن المُتعة ؛ فقام عليّ [ عليه السلام ] ، فلبَّى بهما ؛ فأنكر عثمان ذلك .
فقال له عليّ [ عليه السلام ] : ( إنَّ أفضلنا في هذا الأمر أشدُّنا اتِّباعاً له ) ، يعني : لرسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ( 12 ) .
ـــــــــــــــــــــــ
( 1 ) ومعنى أنَّ عثمان ينهى عن المُتعة وأنْ يُجمع بينهما هو :  أنَّه ينهى أنْ يُجمع بين العُمرة والحَجِّ في أشهُر الحَجِّ ، فالجمع بين العُمرة والحَجِّ هو عبارة أُخرى عن مُتعة الحَجِّ .
وتوضيحه : إنَّك قد عرفت ـ في المُقدِّمة الثانية ، مِن باب تحريم عمر مُتعة الحَجِّ ـ أنَّ العمرة في أشهُر الحَجِّ ، أعني : في شوال ، وذي القعدة ، وذي الحَجَّة ، كانت عند أهل الجاهليَّة مِن أفجر الفجور ، وكانوا يقولون : إذا برأ الدُّبَر وعفا الأثَر وانسلخ صَفر ، أو دخل صَفر حلَّت العُمرة لمَن اعتمر .
كما أنَّك قد عرفت أيضاً ، في الباب المذكور ، تحت عنوان :
ما العِلَّة في تحريم عمر مُتعة الحَجِّ ، أنَّ عمر قد أمر بالفصل بين العُمرة والحَجِّ ، وأنْ لا يُجمع بينهما ، وأنْ تُجعل العُمرة في غير أشهُر الحَجِّ ؛ إحياءً لسُنَّة أهل الشرك والجاهليَّة ؛ مُعلِّلاً ذلك في الظاهر ، بأنَّه أتمُّ لحَجِّ أحدكم ، وأتمُّ لعُمرته قاصداً بذلك تمويه الأمر على الجُهَّال مِن الناس .
فعثمان الذي ينهى عن الجَمع بين العُمرة والحَجِّ ، مقصوده هو النهي عن مُتعة الحَجِّ ، أي : عمَّا نهى عنه عمر ؛ اتِّباعاً لسُنَّته ؛ وإحياء لبدعته ؛ وإماتة لسُنَّة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وإنْ كان في ذلك عِصيان الله ورسوله ، بلْ كان ذلك كفراً مَحضاً يوجب الارتداد والقتل شرعاً ؛ لأنَّه حُكم بغير ما أنزل الله ؛ وقول في دين الله بالرأي ، فراجع : باب تحريم عمر مُتعة الحَجِّ تحصل لك بصيرة في المقام بنحو أكمل . ـ المؤلّف ـ
( 2 ) صحيح البخاري : 2/151ط استانبول ، كتاب الحَجِّ باب المُتمتِّع . صحيح النّسائي : 2/14ط المطبعة الميمنيَّة بمصر رواه : بعدّة طُرق .
سُنن الدرامي : 2/69 ـ 70 . مُسند الطيالسي : 1/91ط حيدر آباد ـ الهند .
السُّنن الكبرى للبيهقي : 4/352 ـ 5/22 ، ورواه الطحاوي في معاني الآثار ، في كتاب مناسك الحَجِّ .
كنز العمَّال : 3/31 باب التمتُّع والإقران والإفراد بالحَجِّ ط استانبول . مُسند أحمد بن حنبل : 1/136 مُنسد الطيالسي : 1/16ط حيدر آباد ـ الهند . السُّنن الكبرى للبيهقي : 5/22 . شرح معاني الآثار ، كتاب مناسك الحَجِّ ، رواه بطريقين . انظر الطبعة الأُولى منه .
( 3 ) صحيح البخاري : 2/153 ، باب التمتُّع والإقران والإفراد بالحَجِّ ط استانبول . مُسند أحمد بن حنبل : 1/136 . مُسند الطيالسي : 1/16ط حيدر آباد ـ الهند . السُّنن الكبرى للبيهقي : 5/22. شرح معاني الآثار ، كتاب مناسك الحَجِّ ، رواه بطريقين . انظر الطبعة الأُولى منه .
( 4 ) صحيح مسلم : 4/46 ، باب جواز التمتُّع ط استانبول . سُنن البيهقي : 5/225 . المُسند رواه بطريقين : 1/61 ـ 97 .
( 5 ) كنز العمَّال : 3/33ط حيدر آباد ـ الهند .
( 6 ) سُنن النسائي : 5/152 ـ التمتُّع . مُستدرك الصحيحين : 1/472 رواه ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم . مُسند أحمد بن حنبل : 1/57 ـ 60 . سُنن الدار قطني : 2/287 رقم الحديث 231 رواه بطريقين .
( 7 ) بالسقيا قرية جامعة بطريق مَكَّة . عن هامش الموطِّأ 336.
( 8 ) إنَّ النهي عن القِران بين الحَجِّ والعُمرة ، هو عين النهي عن الجمع بينهما ، وقد عرفت ـ في الرواية الأولى في ذيل التعليق على قوله ، وعثمان ينهى عن المُتعة ، وأنْ يُجمَع بينهما ـ أنَّ الجمع بين العُمرة والحَجِّ ، هو عبارة أُخرى عن مُتعة الحَجِّ فتأمَّل التعليق جيِّداً ـ المؤلف ـ .
( 9 ) موطِّأ الإمام مالك : 1/336 كتاب الحَجِّ ـ باب القِران في الحَجِّ ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي .
( 10 ) شرح معاني الآثار : 2/157 ، تحقيق الشيخ محمد زهري النجار .
( 11 ) المصدر نفسه : 2/157 ، كتاب مناسك الحَجِّ .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page