• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

5 ـ باب ( ما جاء في فضل أبي ذر وأنَّ عثمان قد نفاه إلى الرَّبذَة ) ( 1 ) .

1 ـ روى الحاكم بسنده ، عن عبد الرحمان ، قال :
كنت مع أبي الدرداء ، فجاء رجل مِن قِبَل المدينة فسأله ، فأخبره أنَّ أبا ذر مُسيَّر إلى الرَّبذَة .
فقال أبو الدرداء : إنَّا لله ، وإنَّا إليه راجعون ، لو أنَّ أبا ذر قطع لي عُضواً أو يداً ما هجَّنته ؛ بعدما سمعت النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) يقول : ( ما أظلَّت الخضراء ، ولا أقلَّت الغبراء مِن رجُلٍ أصدق لَهْجَةً مِن أبي ذر ) [ رحمه الله ] ( 2 ) .
2 ـ روى الإمام أحمد بن حنبل بسنده ، عن عبد الرحمان بن غنم : أنَّه زار أبا الدرداء بحمص ، فمكث عنده ليالي ، وأمر بحماره فأوكف ، فقال أبو الدرداء :
ما أراني إلاّ مُتّبعك ؛ فأمر بحماره فأُسرج ، فسارا جميعاً على حماريهما ، فلقيا رجُلاً شهد الجمعة بالأمس عند معاوية بالجابيَّة ، فعرفهما الرجُل ولم يعرفاه ، فأخبرهما خبر الناس . ثمَّ إنَّ الرجل قال :
وخبر آخر كرهت أنْ أُخبركما ؛ أراكما تَكرهانه
فقال أبو الدرداء : فلعلّ أبا ذر نُفيَ ؟
 قال : نعم والله . فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريباً مِن عشر مَرَّات .
ثم قال أبو الدرداء : فارتقبهم واصطبر ( 3 ) كما قيل لأصحاب الناقة :
اللَّهمَّ إنْ كَذَّبوا أبا ذر ، فإنِّي لا أُكذِّبه ، اللَّهمَّ وإنْ اتَّهموه ، فأنِّي لا أتَّهمه ، اللَّهمَّ وإنْ استغشُّوه ، فإنِّي لا أستغشُّه ؛ فإنَّ رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) كان يأتمنه حين لا يأتمن أحداً ، ويسير إليه حين لا يسير إلى أحد .
أمْا والذي نفس أبي الدرداء بيده ، لو أنَّ أبا ذر قطع يميني ما أبغضته ؛ بعد الذي سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) يقول :
( ما أظلَّت الخضراء ، ولا أقلَّت الغبراء مِن ذي لَهْجَةٍ أصدق مِن أبي ذر ) ( 4 ) .
المؤلِّف : لا إشكال في أنَّ الحديثين الشريفين ، قد دلاَّ على فضل أبي ذر فضلاً عظيماً ، وأنَّه قد نُفي ( رضوان الله عليه ) ، وإنْ لم يكن في الثاني تصريح بالرَّبذَة ، ولا في الحديثين تصريح بالذي قد نفاه ، ولكنَّ القصَّةَ مشهورةٌ واضحةٌ جِدَّاً ، مُسجَّلة في التواريخ وغيرها مِن الكُتب ، يعرفها المسلمون وغيرهم ، وأنَّ النافي له عثمان ، وأنَّه قد نفاه إلى الرَّبَذَة لا إلى غيرها .
ثمَّ إنَّ ههنا حديثاً في شأن عبادة بن الصامت الأنصاري ، تُشبه قصَّته قصَّة أبي ذر ؛ فمِن المُناسب ذكره في خاتمة هذا الباب ، وهو ما رواه الإمام أحمد بن حنبل ، وفيه قال عبادة لأبي هريرة :
( 3 ـ ) يا أبا هريرة ، إنَّك لم تكُن معنا ، إذ بايعنا رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ، إنَّا بايعناه على السمع والطاعة ، في النشاط  والكَسَل ، وعلى النفقة ، في اليسر والعسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر ، وعلى أنْ نقول في الله تبارك وتعالى ، ولا نخاف لومة لائم . [ وفيه : ] وعلى أنْ ننصُر النبيّ ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) إذا قَدِم علينا يثرب ، فنمنعه ما نمنع منه أنفسنا ، وأزواجنا ، وأبنائنا ، ولنا الجَنَّة .
فهذه بيعة رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) التي بايعنا عليها ، فمَن نَكث فإنَّما يَنكث على نفسه ، ومَن وفَّى ؛ وفَّى الله تبارك وتعالى بما بايع عليه نبيّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فكتب معاوية إلى عثمان بن عفان :
أنَّ عبادة بن الصامت ، قد أفسد عليَّ الشام وأهله ، فإمَّا يكُن إليك عبادة ، وإمَّا أُخلِّي بينه وبين الشام ؛ فكتب إليه أنْ رحِّل عبادة ، حتَّى تُرجعه إلى داره مِن المدينة ؛ فبعث بعبادة حتَّى قَدِم المدينة ، فدخل على عثمان في الدار ، وليس في الدار غير رجُلٍ مِن السابقين ، أو مِن التابعين ، قد أدرك القوم . فلم يُفجَ عثمان ، إلاّ وهو قاعد في جنب الدار ، فالتفت إليه .
فقال : يا عبادة بن الصامت ، مالنا ولك ؟
فقام عبادة بين ظهري الناس فقال : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ، أبا القاسم محمداً يقول : ( إنَّه سَيَلي أُموركم بعدي رجال ، يعرِّفونكم ما تُنكرون ويُنكرون عليكم ما تَعرفون ، فلا طاعة لمَن عصى الله تبارك وتعالى ) ( 5 ) .
المؤلِّف : إنْ كان مقصود عبادة بن الصامت ( رضوان الله عليه ) مِن قوله : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) أبا القاسم محمداً يقول : ( إنَّه سَيَلي أُموركم بعدي رجال ... ) إلخ .
أنْ عثمان هو مِمَّن يأمر بالمُنكر ، وينهي عن المعروف ؛ فلا تجب إطاعته ؛ لأنَّه مِمَّن عصى الله تعالى .
فهذا مِمَّا يدلُّ على تفسيقه له ، وإنْ كان مقصوده :
إنَّ معاوية هو مِمَّن يأمر بالمُنكر ، وينهى عن المعروف ؛ فهذا مِمَّا يدلُّ على تفسيقه لمعاوية وعثمان جميعاً ؛ فإنَّ مَن استعمل الفاسق فاسق أيضاً .
وعلى كلَّ حال ، يظهر مِن أحاديث هذا الباب ، أنَّ أبا ذر ، وعبادة ( رضوان الله تعالى عليهما ) يجريان مَجرى واحداً ، وكانا هما مِن القوَّالين بالحَقِّ ، الآمرين بالمعروف ، والناهين عن المُنكر ، ولم يأخذهما في الله لومة لائم أبداً ؛ فأوذوا في سبيل الله ، وظُلمِوا ظُلماً شديداً .
( ... وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ )
( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ ) .
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) فيه ثلاثة أحاديث .
( 2 ) مُستدرك الصحيحين : 3/344 .
( 3 ) سورة القمر : 26 ، وتمام الآية هكذا : ( إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ... ) الآية .
( 4 ) المُسند : 5/197 .
( 5 ) مُسند الإمام أحمد : 5/325 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page