• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

صلح الإمام الحسن بن علي ( عليهم السلام) مع معاوية

أولا : صلح الإمام الحسن بن علي ( عليهم السلام) مع معاوية

روى ابن أبي الحديد في كتابة ( شرح نهك البلاغة ) عن أبي الفرج الأصفهاني عن سفيان بن أبي ليلى قال : ( أتيت الحسن بن علي حين بايع معاوية ، فوجدته بفناء داره ، وعنده رهط ، فقلت : السلام عليك يا مذل المؤمنين وقال : عليك السلام يا سفيان . إنزل فنزلت ، فعقلت راحلتي ثم أتيته ، فجلست إليه ، فقال : كيف قلت يا سفيان ؟ قلت : السلام عليك يا مذل المؤمنين . فقال : ماجر هذا منك إلينا ؟ . فقلت : أنت والله – بأبي أنت وأمي - أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة ، وسلمت الأمر إلى اللعين ابن العين ابن آكلة الأكباد ، ومعك مائة ألف كلهم يموت دونك . وقد جمع الله عليك أمر الناس . فقال : يا سفيان ، إنا أهل بيت إذا علمنا الحق تمسكنا به وإني سمعت عليا يقول :
سمعت رسول الله ( ص ) يقول : لا تذهب الليالي والأيام حتى يجمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السرم (32) ضخم البلعوم ، يأكل ولا يشبع لا ينظر الله إليه ، ولا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذر ، ولا في الأرض ناصر ، وإنه لمعاوية وإني عرفت أن الله بالغ أمره . ثم قال لي : ما جاءنا بك يا سفيان ؟
قلت : حبكم ، والذي بعث محمدا للهوى ودين الحق . قال : فابشر يا سفيان فإني سمعت عليا يقول : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : يرد علي الحوض أهل بيتي
ومن أحبهم من أمتي كهاتين ، يعني السبابتين . ولو شئت لقلت هاتين يعني السبابة والوسطى ، إحداهما تفضل على الأخرى ، أبشر يا سفيان فإن الدنيا تسع البر .
والفاجر حتى يبعث الله إمام الحق من آل محمد ( ص ) (33)
هذه هي رؤية الإمام الحسن سلام الله عليه لتطور الأوضاع في الأمة الإسلامية ، وإنه سلام الله عليه لم يسلم الخلافة لمعاوية لأنه يعده قيادة شرعية واجبة السمع والطاعة ، وإنما في مواجهة ضرورة قاهرة أملتها ضغوطات الواقع وتخاذل المتخاذلين كما أملتها معرفته بما ستؤول إلى إقرار بشرعية الغضب والعدوان ، وها هو يرد على لسان ابن آكلة الأكباد حين خطب خطبته الفاجرة في افتتاح دولته قائلا : ( إني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ، ولا لتحجوا ، ولا لتزكوا إنكم تفعلون ذلك وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون ) (34) . فيرد عليه الإمام الحسن ) ( ع ) : ( إن الخليفة من سار بكتاب الله وسنة نبية وليس الخليفة من سار بالجور ذاك ركل ملك ملكا تمتع
به قليلا ثم يتنخمه ، تنقطع الذمة وتبقى تتبعه وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) .
لقد كانت الأمة في حاجة إلى هذا الخطاب الواعي من إمام الحق الذي يشخص الواقع لا أن يصبح جزءا منه ومن أدواته ، هذه هي مهمة العلماء ، فإذا قام الأئمة ( ع ) والعلماء من بعدهم بواجبهم بقيت التبعة على الذين خذلوا الحق ، وأيدوا الباطل .
لماذا أغفل الشيخ البخاري هذه الحقائق ولم يرو شيئا عنها ؟
لماذا لم يرو هؤلاء القوم شروط صلح الإمام الحسن بن علي مع معاوية ، وهي شروط تنبه المسلمين أنه مهما كانت ضغوط الواقع ، وجبروت الفراعنة فإنه لا يمكن إسباغ الشرعية على حكومات الجور والعدوان .
ونقرأ هذه الشروط ، كما رواها الشيخ الصدوق ، قال : ( بايع الحسن بن علي ، صلوات الله عليه ، معاوية على أن لا يسميه أمير المؤمنين ، ولا يقيم عنده شهادة وعلى أن لا يتعقب على شيعة علي شيئا ، وعلى أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل ويوم صفين ألف ألف درهم ) (35) .
إنه وضع للقتال وليس تسليما للرقاب من غير قيد ولا شرط ، إنه رجل تملك ملكا تمتع به قليلا ثم ( يتنخمه ) تنقطع الذمة وتبقى التبعة .
لم يحدثنا التاريخ أن الحسن بن علي ( ع ) سعى في تثبيت ملك بني أمية ، وتوعد من خالفهم بالويل والثبور وعظائم الأمور ، وكيف يعقل أن ينتقل الحال بإمام عظيم هو الحسن ( ع ) من قيادة المواجهة ضد المد الأموي ليصبح ذيلا تابعا في نظام يتخذ من السلطة هدفا لا وسيلة لإقامة العدل ، إنني أوقن أن الحديث عن السمع والطاعة في مواجهة هذه الحكومات الجائرة هو خط مريب للأوراق ، وكان الأولى بهؤلاء الرواة أن يتنزهوا عنه .

__________________________________
( 32 ) السرم لغة : طرف المعي المستقيم والدبر .
( 33 ) أبو الفرج الأصفهاني : مقاتل الطالبين ، ص 76 ط . الأعلمي - بيروت 1408 ه‍ / 1987 م . وابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ، 4 / 16 ط . دار الهدى الوطنية - بيروت - لبنان . غير مؤرخ .
( 34 ) المصدر نفسه .
( 35 ) الشيخ الصدوق ، علل الشرائع ، 1 / 212 . وفي ما يلي نورد نص معاهدة الصلح بين الإمام الحسن ( ع ) ومعاوية :
1 - تسليم الأمر إلى معاوية ، على أن يعمل بكتاب الله ، وبسنة رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، وبسيرة الخلفاء الصالحين .
2 - أن يكون الأمر للحسن من بعده ، فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين ، وليس لمعاوية أن يعهد به إلى أحد .
3 - أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة ، وأن لا يذكر عليا ألا بالخير .
4 - إستثناء ما في بيت مال الكوفة ، وهو خمسة آلاف ألف درهم ،= فلا يشمله تسليم الأمر . وعلى معاوية أن يحمل إلى الحسن ( ع ) كل عام ألفي ألف درهم ، وأن يفضل بني هاشم في العطاء والصلاة على بني عبد شمس ، وأن يفرق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل وأولاد من قتل معه بصفين ألف ألف درهم ، وأن يجعل ذلك من خوارج دار أبجرد و ( ودار أبجرد ولاية بفارس على حدود الأهواز )
5 - على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله ، في شامهم ، وعراقهم ، وحجازهم ، ويمنهم ، وأن يؤمن الأسود والأحمر وأن يحتمل معاوية ما يكون من هفواتهم ، وأن لا يتبع أحدا بما مضى ، وأن لا يأخذ أهل العراق بأحنة ( أي بحقد ) .
وعلى أمان أصحاب علي حيث كانوا ، وأن لا ينال أحدا من شيعة علي بمكروه ، وإن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم ، وأن لا يتعقب عليهم شيئا ، ولا يتعرض لأحد منهم بسوء ، ويوصل إلى كل ذي حق حقه ، وعلى ما أصاب أصحاب علي حيث كانوا للتفاصيل أنظر : تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص 194 .
مقاتل الطالبيين للأصفهاني ، ص 26 . الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ص 200 . تاريخ الأمم والملوك للطبري 4/126 . ( أحداث سنة إحدى وأربعين ) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page