ذكر المسعودي في التنبيه و الاشراف 102 : و كاتب البريد ابن خرداذبه في المسالك 103 : اذا جاز عمود الفرات هيت و الانبار (يقابل الثاني الاول في الضفه الغربيه) فيتجاوزهما فينقسم قسمين، منها قسم ياخذ نحو المغرب قليلا المسمي (بالعلقمي) الي ان يصير الي الكوفه.و آثار العلقمي الباقي منه اليوم - علي ما وقفت عليه - اذا انتهي الي شمال ضريح عون اتجه الي الجنوب، حتي يروي الغاضريه لبني‌اسد - و الغاضريه علي ضفته الشرقيه - و بمحاذاه الغاضريه شريعه الامام جعفر ابن‌محمد (سلم) علي الشاطي‌ء الغربي من العلقمي. و قنطره الغاضريه تصل بينه و بين الشريعه ثم ينحرف الي الشمال الغربي. فيقسم الشرقي من مدينه كربلاء بسفح ضريح العباس (سلم) اذ استشهد ما يلي مسناته. فاذا جاوزه انعطف الي الجنوب الشرقي من كربلاء مارا بقريه نينوي و هناك يتصل النهران (نينوي و العلقمي) فيرويان ما يليهما من ضياع و قريه شفيه فيتمايلان بين جنوب تاره و شرق اخري، حتي اذا بلغا خان الحماد - منتصف الطريق بين كربلاء و الغري - اتجها الي الشرق تماما. و قطعا شط الهنديه بجنوب برس او حرقه - و اثرهما هناك مريي و مشهود - صفحه 83 حتي يسقيان شرقي الكوفه.ذكر ان مجراه في العصور القديمه كان يتصل ببطايح البصره، و ان سابور ذي الاكتاف اتخذ حافتيه قاعده للذب عن غزو العرب لتخوم المملكه. و شمل بعنايه اخلافه من ملوك الساسانيه لموقعه الدفاعي.و بلغ من ازدهار العمران الذي حف بجانبيه شاوا حتي ان ذكروا: افلتت سفينه و انحدرت مع جري الماء يومين فامتلات بانواع صنوف اثمار حافتيه.ذكر هار في بوتر في التاريخ القديم ان بخت نصر الملك البابلي حفر نهرا من اعالي الفرات حتي اوصله الي البحر لتقارب الوصف، من الممكن ان يكون هذا النهر هو (العلقمي) 104 و لنفس الغايه لبعد امد جريه اختار فوهته من اعالي الفرات لارتفاع مستوي الماء هناك - للتدفق و سرعه الجري - و لبعد عمود الفرات عن ارواء آخر حدود الريف في العصور القديمه من التاريخ في الدور البابلي او الكلداني. اذ كان مجراه يشق عاصمتهم بابل. كان بطبيعه الحال حفر مثل هذا النهر من الضروري و مما لا مناص منه لنطاق مدي العمران.و العلقم بالفتح و السكون يطلق علي كل شجر مر (الحنظل). و ما عداه من غير فارق، و العلقمه المراره. يخال لي لشده ما كان العرب يكابدون من مراره ماء آبار الجزيره، حتي تخوم الجزيره، و مياه عيون صفحه 84 الطف، ثم ينهلون عذب نمير هذا النهر فلبعد شقه البين بالضد اطلقوا عليه اسم (العلقمي) 105 .اطلقت علي جمله الضياع التي اتخذت علي النهرين، العلقمي و نهر نينوي في الدور الاسلامي من مبتدا فوهه او صدر (العلقمي) ما يلي هيت ب (الفلوجه العليا) فاذا انحدر مجراه لحدود كربلاء (الفلوجه الوسطي) و لحدود اتصاله بالكوفه ب (الفلوجه السفلي) و هذه الفلاليج الثلاثه، كل واحد منها في الدور الكسروي متمما لاستان بهقباذات الثلاثه. ففيما بين نهري دجله و الفرات، استان بهقباذ الاعلي، ثم الاوسط، ثم الاسفل. كان قسط هذا النهر من التفقد و العنايه قد بلغ نصاب الكفايه، يتمايل بنشوه نظاره العمران و ساكني حافتيه في هناء و رغد عيش، حتي ان انتكست الخلافه العباسيه، و حل بكيانها الضعف و الوهن، لشغب الاتراك و تلاعبهم بنصب و خلع و قتل ثلاثه من الخلفاء، و هم المستعين و المعتز و المهتدي.و انحل نظام الامن و سادت الفوضي انحاء البلاد القيام الفتن و الثورات و تعاقبها - واحده تلو الاخري دون ايما انفكاك - و قد بلغ الضعف بالدوله الي درجه ان اصبح من المستحيل امكان قضايها علي ثوره الزنج و لم تتمكن من اخماد ثورتهم الا بعد خطوب و تكبد خساير فادحه ما يقارب الثلاث صفحه 85 عشره سنه 106 استنزفت من الضحايا و الاموال ما يفوت الحصر احصاءه. صفحه 86 الا ان سياسه الخليفه المعتضد الحازمه و ولده المكتفي، قد اعادا للخلافه بعض ما فقدته من هيبه و رفعه شان. الا انه كان آخر و ميض نور من حياه عز الدوله العباسيه. اذ تلتها النكسه التي لا قيام بعدها من جراء سيره المقتدر، لضعف نفسه، و ركونه الي حياه اللهو و المجون. استهلك في سبيل رغايبه - علي ما يحدث به الاستاذ ابن‌مسكويه في تجاربه - 107 بسرد مفردات نيف و سبعين مليون دينارا من العين فضلا عما تلاعبته الايدي بما تحويه الخزاين من النفايس النادره و الاحجار القيمه. و قد قلده الجند في اساليب الدعه حتي اضاع قيمته. و اصبح ضعيف النفس منخوب القلب بلغ الضعف به درجه انه عجز مع كامل عدته و عديده عن صد حمله عده ضييله من قرامطه هددوا بغداد من ناحيه الانبار، ولو لم يبادروا لهدم قنطره زبارا علي نهر عيسي للحيلوله دون عبورهم، لاصبحت العاصمه عرضه لخطر ويلات و ثبور.و القرامطه يحصدون بالسيف رقاب الوافدين اثناء سيرهم الي الحج، و في نفس الحرم و الكعبه ارتكبوا من فضايع القتل و النهب و الاستهانه بقدسيه البيت، ما بلغ صداه عالم الاكوان. 108 .فابانت هذه الحوادث عن مدي ضعف الدوله و عن اقصي مراتب عجزها و ذلك لدوران محور سياستها علي راي النساء و الحاشيه خدم دار الخلافه. فكان ان تمزقت وحده الامبراطوريه الشاسعه المتراميه صفحه 87 الاطراف 109 و لم يقتصر الحال علي ذلك. بل حتي اصبح شخص الخليفه و عاصمته محكومين لامير الامراء الذي اتخذ قاعده حكمه في مقابل دار الخلافه في دار المملكه.كان الاسلام منذ رفع مناره و اخذ بالتوسع و الفتوح علي عهد الراشدين و الامويين و العباسيين: شامخ الذري منيع الجانب عزيزا... يجيب الرشيد قيصر علي ظهر كتابه: الجواب ما تراه 110 . و عندما طرق سمع المعتصم تهكم العلج علي المتاوهه بوا معتصماه في حصن عموريه - سيفنيك علي خيل بلق - فيخرج لفوره دون اي توان علي راس حمله بينها سبعون الف فارس علي خيل بلق، و يدك دكا بسنابكها بر الاناضول و يهدد منيع اركان حصن عموريه لاغاثتها 111 .و الواثق يعمل السيف في سكان الجزيره و احيايها. و ينقل اسراهم صفحه 88 الي عاصمته سامراء. بينما استحال علي اي فاتح وطي‌ء ادني حدود الجزيره فضلا عن التوغل في متاهاتها. منذ اقدم عصور التاريخ.فبسقوط عظمه الدوله العباسيه، و تمزق امبراطوريتها قضي علي حياه عن الاسلام ابديا، وفق الحديث الذي اخرجه الامام ابي‌داود في كتاب السنن 112 «لا يزال الاسلام عزيزا الي اثني عشر خليفه كلهم من قريش». ختم بقطع النيابه الخاصه بالسفير الرابع علي بن محمد السمري عن الامام الثاني عشر المهدي محمد بن الحسن العسكري (ع). 113 . صفحه 89 كان هذا النهر لما يحاذي غربه صحراء الجزيره عرضه لمشاغبه خوارج العرب و القرامطه و مسرحا لحركاتهم العسكريه مع الدوله. فضلا عما اصابه من الاهمال فعلي اثر نضوب المال و عدم كفايته لسد عوز ارزاق الجند، اخذ الامراء يحيلونهم علي استغلال الضياع، يقول ابن‌الاثير في الكامل: ان الذي اخذوه ازداد خرابا فردوه، و طلبوا العوض، فعوضوا، و ترك الاجناد الاهتمام بمشارب القري و تسويه طرقها فهلكت و بطل الكثير مها فقط - علي ما يرويه احمد بن سهل في صور الاقاليم 114 كان مما اصين من عبث الكوارث المبيره و لم يصبه العطب. صفحه 90 المنطقه فيما بين بغداد و الكوفه، الجزيره بين الرافدين. و بقيت محافظه علي عمرانها الي القرن السادس علي غرار وصف ابي‌زيد البلخي بانه سواد مشبك و شهود ابن‌جبير له كما اورده في رحلته الي المشرق. حتي دمرتها عواصف حمله التتر سنه سته و خمسين و ستمايه.فبطبيعه الحال لتوالي الفتن و المحن و تخلي القري الآهله من قاطنيها علي حافتي هذا النهر و الفروع المتشعبه منه: ان.... ان العنايه بهذا النهر و تفقده ما كان ينتابه من عوارض متتاليه، حتي اصبح العامر من ضياعه في حكم الموات، كما اعرب عن وصفه الوصاف بعد قرنين في (تاريخ الحضره).و لما كان العلقمي يروي كربلاء و ساكنوه وجوه الاشراف من العلويين و المنقطعين في جوار الحسين (ع) و لم تبق وسيله للاهتمام بشانه غير تبرع اهل الفضل بالبذل، و لابد من ان بني‌بويه في القرن الرابع لتشيعهم و عنايتهم بشوون المشاهد المشرفه، كانوا السبب الوحيد لبقاء حياه هذا النهر حتي منتصف القرن الخامس اذ ان الامام ابن‌الجوزي يحدثنا في (المنتظم) 115 في حوادث سنه 451 فيقول: خرج البساسيري الي زياره المشهد بالكوفه علي ان ينحدر من هناك الي واسط و استصحب معه غله في زورق ليرتب العمال في حفر النهر المعروف بالعلقمي و يجريه الي المشهد بالحاير وفاء بنذر كان عليه.و يقول مولف تاريخ آل سلجوق في حوادث سنه 479 ه وصل عماد الدوله سرهنك ساوتكين الي واسط و منها الي النيل في شهر رمضان، و زار المشهدين الشريفين و اطلق بهما للاشراف مالا جزيلا، و اسقط صفحه 91 خفاره الحاج و حفر العلقمي و كان خرابا من دهر، و قدم بغداد 116 .و يحدثنا السيد الطقطقي في الآداب السلطانيه ص 301، عند ذكر مويد الدين ابن‌العلقمي وزير الخليفه المستعصم بالله و قيل لجده العلقمي لانه حفر النهر المسمي بالعلقمي و هو النهر الذي برز الامر الشريف السلطاني بحفره و سمي الغازاني. فعليه قاوم العلقمي كوارث الاعفاء و الدروس حتي آخر القرن السابع، ثم اصبح اثرا بعد عين. و في حبر كان يحدثنا العلامه الحسن بن يوسف في الخلاصه ص 58 عند ذكر عبدالغفار يقول: (هو من اهل الجازيه 117 قريه من قري النهرين). وقفت بنفسي علي دارس رسوم هذه القريه قبيل الحرب العامه لسنه 1914 م و موقعه يقع في الشمال الشرقي من مدينه كربلاء علي آخر حدود ضيعه الوند، يشاهد بظهر طلولها خزف و بعض زجاج مبعثر، و فيما يليه آثار حصن علي التقريب ينوف ابعاد اعلامه المايه متر في مثله منسوب لبني‌اسد و بلغني ان آجر هذا الحصن ذراع بغدادي مربع و بين طلول الجازيه و الحصن اثر مجري نهر دارس. لم ابحث هل هو نفس العلقمي او احد شعبه. و يخال لي ان الكاينه التي وقعت لقاضي القضاه علي ما بسطه التنوخي في الفرج بعد الشده، كان بجوار هذا الحصن يقول ابوالسايب: فلما انصرفت من الزياره اريد قصر ابن‌هبير قيل ان الارض مسبعه و اشير علي ان الحق قريه فيها حصن سمي كي آوي اليها قبل المساء و كنت ماشيا فاسرعت و اتعبت نفسي الي ان لحقت القريه فوجدت باب صفحه 92 الحصن مغلقا فدفعته فلم يفتح لي. و توسلت للقايمين بحراسته بمن قصدت زيارته. فقالوا: قد اتانا منذ ايام من ذكر مثل ما تذكر فادخلناه و آويناه فكان عينا علينا للصوص، و فتح الباب ليلا و ادخلهم فسليونا. ولكن الحق بذلك المسجد و كن فيه ليلا تمسي فياتيك السبع، فصرت الي المسجد فدخلت بيتا كان فيه فلم يكن باسرع من ان جاء رجل علي حمار منصرفا من الحاير فدخل المسجد و شد حماره في غلق الباب و دخل الي و معه كرز فيه خرج فاخرج سراجا فاصلحه، و قدح فاوقدها، و اخرج خبزه و اخرجت خبزي و اجتمعنا علي الاكل، فلم نشعر الا و السبع قد دخل في المسجد، فلما رآه الحمار دخل الي البيت الذي كان فيه. فدخل السبع وراءه فخرج الحمار و جذب باب البيت بالرسن فاغلقه علينا و علي السبع. و صرنا محبوسين فيه. و قررنا ان السبع لا يفترسنا بسبب السراج و انه اذا انطفي‌ء اخذنا و اكلنا و ما طال الامر ان فني ما كان في السراج من الدهن. و طفي‌ء و صرنا في الظلمه و السبع معنا. فما كان عندنا من حاله شي‌ء الا اذا تنفس فكنا نسمع نفسه. وراث الحمار من فزعه فملا المسجد روثا، مضي الليل و نحن علي حالنا. و قد كدنا ان نتلف فزعا، ثم سمعنا صوت الاذان من داخل الحصن و جاء الموذن و دخل المسجد فلما راي ما فعله الحمار لعن و شتم و حل رسن الحمار فمر يطير في الصحراء و فتح الموذن باب البيت لينظر من فيه، فوثب السبع اليه فدقه و حمله الي الاجمه. و قمنا نحن و انصرفنا سالمين) و قاضي القضاه ابوالسايب هذا هو: عتبه بن عبيدالله بن موسي بن عبيدالله الهمداني. كان ابوه تاجرا يوم بمسجد همدان، فاشتغل هو بالعلم و غلب عليه في الابتداء التصوف و الزهد، و سافر فلقي الجنيد و العلماء و عني بفهم القرآن و كتب الحديث و تفقه للشافعي. ثم دخل مراغه و اتصل بابي‌القاسم بن ابي‌الساج. و تولي قضاء مراغه ثم تقلد قضاء آذربايجان كلها ثم تقلد قضاء همدان. ثم سكن بغداد و اتصل بالدوله و عظم شانه الي ان ولي قضاء القضاه بالعراق سنه 338 ه علي عهد صفحه 93 معز الدوله احد ملوك الديلم و توفي سنه 355 ه في بغداد. و له سته و ثمانون سنه. و هو اول من ولي قضاء القضاه في العراق من الشافعيه) 118 .

أضف تعليق