طباعة

فرصة التغيير الحضاري

فرصة التغيير الحضاري

من جملة الروائع القرآنيــة، حديث الله تبـارك وتعالى عن العلماء الربانيين، الذي تتوالى صفاتهم في قوله عز وجل: « أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ اُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ اُولُوا الاَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ» (الرعد / 19 - 20) .. ثم يذكر لهم صفات أخرى الى أن يقول: « وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ اُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ » (الرعد / 22).
وهـذه الصفة وغيرها من الصفـات التي جاءت ضمن السيـاق، لايستطيع مجرد من بلغ الايمـان ان يجسدها في شخصيتـه، وانما هـي مختصة بمن هـو أرقــى درجـة؛ بمن بلغ به العلــم الى إدراك الحقائق على وجههـا الأصيل، من خلال وعي المفاهيـم القرآنيـة وعيـاً بامكانه تطبيقه على حركاتـه وسكناتـه ؛
لحظة بلحظة ...
لهذه الصفة الربانية أبعاد مختلفة في حياة الانسان العالم بالله، وأنا في هذا الاطار أحاول التنقل من بُعد لآخر .
البُعد الأول: جسد الإنسان؛ بمعنى يمنع ما يمكن أن يصيبه من مرض وضعف وخور. وتعني مفردة الدرء المنع والوقاية، وضرورة أن يكون الانسان على مستوى من الوعي يدفعه الى توقي الآفات البدنية قبل وقعها .
فالمؤمن العالم ملزم بالنظر والتحقق من مأكله ومشربه طبقاً لأوامر الشرع المقدس؛ الأوامر التي تأتي في سياقات الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة . فالله أمرنا أن نأكل الطيبات، وما أمرنا أن نأكل الخبائث. ثم أمرنا بأن ننعم بالخيرات، ونمتنع عن الاسراف. وهناك عشرات التعاليم الالهية في هذا الإطار، الغرض منها المحافظة على السلامة البدنية للانسان.
ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) القدوة الحسنة للمؤمنين في هذا السبيل، وكان يلتزم مطلق الالتزام بالتعاليم الالهية في طريقة المأكل والمشرب واسلوب المحافظة على آداب المائدة، وذلك لكي يقلده المسلمون ليربحوا حياتهم وصحتهم .
ثـم هنــاك تعاليم أخرى بعيدة عن إطار المأكل والمشرب، ولكنها تساق ضمن تعاليم الوقاية والمحافظة على البدن دون الإصابة بالامراض، من قبيل كيفية معالجة حالة الغضب التي قد تعتري الانسان في وقائع معينة. الغضب الذي قد يؤدي - إذا لم يعالج وفق التعاليم الاسلامية الحكيمة - الى أخطار وأمراض تلازم الانسان الى آخر لحظات عمره، او قد تكون نهايته بفعل هذه الأمراض وآثاره. وقد أمرتنا الاحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) ضمن تفصيلات رائعة وعجيبة بالحيلولة دون تسلط أعراض مثل هذه الحالة القاتلة.
وفي الروايات الدينية تعاليم قيمة تحدثنا عن آداب العشرة الجنسية، وكلها تحول دون تسرب الامراض الى الجسد، وكلها قوانين تحفظ سلامة الانسان وتعلمه كيف يكون ذا صحة مثالية. ليس للزوجين فحسب ؛ بل هي تشمل سلامة الجنين أيضاً. ولذلك يقول الحديث الشريف: درهم في الوقاية خير من قنطار في العلاج .
إذن فمن يريد التكامل في الايمان عليه بادئ بدء الالتزام الكامل بآداب الطعام وكل ما يخص السلامة البدنية. وهذه الرغبة أو الطموح لا يتأتيان مالم يحمل الانسان نفسه على مطالعـة الأدب الاسلامي فـي هـذا الإطـار، من خـلال التدبـر فـي الآيات القرآنية والأحاديث والروايات المختصة في هذا المجال ...

ضرورة معرفة الإنسان لقدره

بالحق يعرف الرجال

معنى الروح في القرآن

محطة التـزوّد بالوقود الروحيّ

رحمة الله واسعة