«فواللّه ما كان يُلقى في روعي، ولا يخطر ببالي، انّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن أهل بيته، ولا أنّهم مُنحّوه عني من بعده! فما راعني إلاّ انثيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله ان أرى فيه ثلماً أو هدماً، تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيّام قلائل يزول منها ما كان، كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأنّ الدين وتنهنه»(1)
إنّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كان ينظر بنور اللّه وقد تنبّأ في بعض كلامه بالأخطار التي كانت تحدق بعلي (عليه السَّلام) وأهل بيته بعد رحيله.
أخرج الحاكم في مستدركه انّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال لعلي (عليه السَّلام): أما انّك ستلقى بعـدي جهداً، قـال علـي (عليه السَّلام): فـي سلامة من دينـي؟، قـال: في سلامة من دينك(2)
وأخرج المحب الطبري انّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال لعلي (عليه السَّلام): «ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها إلاّمن بعدي»(3)
وفي كلام آخر للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):
«يا علي انّك ستبتلي بعدي فلا تقاتلن». (4)
وهذه الروايات تعرب عن أنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كان عالماً بتضافر الأُمّة على هضم حقوق الإمام عليه السَّلام ولذلك أوصاه بالصبر والمثابرة دون أن يتعرض للقوم بعنف.
____________
1. نهج البلاغة، من كتاب له عليه السَّلام إلى أهل مصر، برقم 62.
2. مستدرك الحاكم:3/140 وصحّحه الذهبي أيضاً.
3. محب الدين الطبري: الرياض النضرة:2/210.
4. كنز الدقائق: للمناوي:188.
خطبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السَّلام) بعد السقيفة
- الزيارات: 1590