طباعة

الإرادة في آية التطهير تكوينية لا تشريعية

أولا: إن الإرادة تنقسم إلى قسمين؛ الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية، والإرادة التكوينية هي إرادة الشخص صدور الفعل عنه بنفسه من دون تخلل إرادة غيره في صدوره، كما في إرادة الله تعالى خلق العالم وإيجاد الأرض والسماء، وكإرادة الإنسان الأكل والشرب، أما الإرادة التشريعية فهي إرادة الشخص صدور الفعل عن غيره بإرادته واختياره كإرادة الله عز وجل من عباده مثلا الصلاة والصوم بإرادتهم واختيارهم لا مجرد حصولها بدون تخلل إرادة منهم، والإرادة في آية التطهير من القسم الأول (تكوينية) فالآية الكريمة مصدرة بأداة الحصر (إنما) وهي من أقوى أدوات الحصر في اللغة العربية، وتفيد إثبات ما بعدها ونفي ما عداه.
يقول ابن منظور: ((ومعنى إنما إثبات لما يذكر بعدها ونفي ما سواه كقوله: وإنما يدافع عن أحسابهم أنا ومثلي، المعنى ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا ومثلي))(1).
وعلى ضوء ذلك فالآية تثبت إذهاب الرجس والتطهير للمخاطبين بها (أصحاب الكساء) وتكشف عن تحقق عصمتهم، ولو قلنا بأن الإرادة من القسم الثاني (التشريعية) فيكون معنى الآية، إنما شرعنا لكم - أهل البيت - الأحكام لنذهب عنكم الرجس ونطهركم تطهيرا، وهذا التفسير للإرادة يتنافى مع الحصر المستفاد من لفظة (إنما) فمن المعلوم أن الغاية من تشريع الأحكام إذهاب الرجس عن جميع المكلفين لا عن خصوص أهل البيت، ولا خصوصية لهم في تشريع الأحكام وليست لهم أحكام مستقلة عن أحكام بقية المكلفين لأنها إنشاء وطلبا للتطهير وإذهاب الرجس من المخاطبين بها، وكما أن المراد مطلوب من أهل البيت فهو مطلوب ومراد من غيرهم من بقية المكلفين، فيكون الحصر لغوا وحاشا لله أن يكون في كلامه ما هو لغو، فهذا خير شاهد على أن الآية ليست بصدد الإنشاء والطلب كما يدعي الشيخ الخميس بل هو إخبار عن أمر خارجي متحقق، وهذا لا ينسجم إلا مع الإرادة التكوينية.

__________
(1) لسان العرب: 13/31.