• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المسألة الثانية زعمه أن زيارة قبر النبي غير مستحبة

قال البدير: (زيارة المسجد النبوي سنة من المسنونات، وليست واجباً من الواجبات ليس لها علاقة بالحج ولاهي له من المتممات. وكل ما يروى من أحاديث في إثبات علاقتها وعلاقة زيارة قبر المصطفى (ص) بالحج، فهو من الموضوعات والمكذوبات. ومن قصد بشد رحله إلى المدينه زيارة المسجد والصلاة فيه، فقصده مبرور وسعيه مشكور، ومن لم يرم بشد رحله إلا زيارة القبور والاستغاثة بالمقبور، فقصده محظور وفعله منكور) !.
وقال: (أيها المسلمون! ويشرع لزائر المسجد النبوي من الرجال، زيارة قبر النبي (ص) وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر (رض) بالسلام عليهم والدعاء لهم. أما النساء فلا يجوز لهن زيارة القبور في أصح قولي العلماء!!)
وقال: (المخالفة السادسة: التكرار والإكثار من زيارة قبره (ص) ، كأن تكون زيارته بعد كل فريضه أو في كل يوم بعد فريضه بعينها، ففي هذا مخالفة لهدي النبي (ص) وفي هذا مخالفة لقوله (ص) : لاتجعلوا قبري عيداً) .
*  *

أولاً: أجمع المسلمون على استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله

أفتى المسلمون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، أنه يستحب للمسلم وخاصة الحاج، أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وآله في المدينة، ويصلي في مسجده الشريف، ويزور بقية المساجد والأماكن الطاهرة في المدينة وحولها.
وعلى ذلك جرت سيرتهم من صدر الإسلام الى عصرنا هذا.
لكن ابن تيمية جاء في القرن الثامن وخالف عامة المسلمين، وقال لايستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله، ولا زيارة المدينة! ولذلك قال البدير: "يُسَنّ" زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وآله، يقصد المسجد فقط، لاقبر النبي صلى الله عليه وآله ولا المدينة! وهذه نصوص فقهاء مذاهب المسلمين ترد على مقولتهم الشاذة!
1- قال الحافظ الممدوح في"رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة " ص51-54:
(كلام الأئمة الفقهاء في استحباب زيارة القبر الشريف: قال الإمام المجمع على علمه وفضله أبو زكريا النووي: (واعلم أن زيارة قبر رسول الله (ص) من أهم القربات وأنجح المساعي، فإذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة استحب لهم استحباباً متأكداً أن يتوجهوا إلى المدينة لزيارته (ص) ، وينوي الزائر مع الزيارة التقرب وشد الرحل إليه والصلاة فيه. انتهى. (المجموع: 8 / 204) .
وقال أيضاً في الإيضاح في مناسك الحج:
(إذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة فليتوجهوا إلى مدينة رسول الله (ص) لزيارة تربته (ص) فإنها من أهم القربات وأنجح المساعي، وقد روى البزار والدارقطني بإسنادهماعن ابن عمر قال قال رسول الله (ص) : (من زار قبري وجبت له شفاعتي) (ص 214) .
وعلق الفقيه ابن حجر الهيتمي على الحديث فقال في حاشية الإيضاح:
الحديث يشمل زيارته (ص) حياً وميتاً، ويشمل الذكر والأنثى، والآتي من قرب أو بُعد، فيستدل به على فضيلة شد الرحال لذلك وندب السفر للزيارة، إذ للوسائل حكم المقاصد. انتهى. (ص 214 حاشية الايضاح) .
وقال الإمام المحقق الكمال ابن الهمام الحنفي في شرح فتح القدير:
المقصد الثالث في زيارة قبر النبي (ص) قال: مشايخنا رحمهم الله تعالى من أفضل المندوبات. وفي مناسك الفارس وشرح المختار: إنها قريبة من الوجوب لمن له سعة، ثم قال بعد كلام ما نصه: والأولى فيما يقع عند العبد الضعيف تجريد النية لزيارة قبر النبي (ص) ثم إذا حصل له إذا قدم زيارة المسجد، أو يستفتح فضل الله سبحانه في مرة أخرى ينويهما فيها، لأن في ذلك زيادة تعظيمه وإجلاله (ص) . انتهى. (3 / 179 - 180) .
وقال محقق مذهب الحنابلة أبو محمد بن قدامة المقدسي:
(ويستحب زيارة قبر النبي (ص) لما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر قال قال رسول الله (ص) : (من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي) . وفي رواية:
(من زار قبري وجبت له شفاعتي) . رواه باللفظ الأول سعيد، ثنا حفص بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر) . انتهى كلام الممدوح.
2- وقال الحافظ السقاف في كتابه البشارة والإتحاف ص53:
فصل: ابن تيمية يمنع زيارة قبر سيدنا رسول الله (ص) والذهبي يخالف ذلك في (السير) ويرد عليه:
ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري شرح صحيح البخاري:3/66) عند الكلام على حديث: (لاتشد الرحال) : أن ابن تيمية يقول بتحريم شد الرحل الى زيارة قبر سيدنا رسول الله (ص) ! وذكر ابن حجر أنه أنكر ذلك على ابن تيمية، وأن ذلك من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية! وإليك نصه بحروفه من الموضع المشار إليه آنفاً: (والحاصل أنهم الزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل الى زيارة قبر سيدنا رسول الله (ص) وأنكرنا صورة ذلك، وفي شرح ذلك من الطرفين طول، وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية! ومن جملة ما استدل به على دفع ما ادعاه غيره من الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي (ص) ما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي (ص) ! وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدباً لا أصل الزيارة، فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة الى ذي الجلال، وإن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع) . انتهى.
3- وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 4/484 راداً على ابن تيمية ما نصه:
(فمن وقف عند الحجرة المقدسة ذليلاً مسلماً مصلياً على نبيه فياطوبى له، فقد أحسن الزيارة وأجمل في التذلل والحب، وقد أتى بعبادة زائدة على من صلى عليه في أرضه أو في صلاته، إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه، والمصلي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط. فمن صلى عليه واحدةً صلى الله عليه عشراً.
ولكن من زاره صلوات الله عليه وأساء أدب الزيارة، أو سجد للقبر أو فعل ما لايشرع، فهذا فعل حسناً وسيئاً، فيُعَلَّم برفق والله غفور رحيم. فوالله ما يحصل الإنزعاج لمسلم والصياح وتقبيل الجدران وكثرة البكاء، إلا وهو محب لله ولرسوله، فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار، فزيارة قبره من أفضل القرب، وشد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء، لئن سلَّمنا أنه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه: (لاتشدوا الرحال إلاإلى ثلاثة مساجد) فشد الرحال إلى نبينا (ص) مستلزمٌ لشد الرحل الى مسجده، وذلك مشروعٌ بلا نزاع، إذ لاوصول إلى حجرته إلا بعد الدخول إلى مسجده، فليبدأ بتحية المسجد، ثم بتحية صاحب المسجد، رزقنا الله وإياكم ذلك) .
*  *

ثانياً: محاكمة ابن تيمية وحكم قضاة الفقهاء الأربعة بانحرافه!

صورة الفتوى من خط القضاة الأربعة، وكتب في سابع عشرين رجب سنة ست وعشرين وسبعمائة: (الحمد لله. هذا المنقول باطنها) جواب عن السؤال عن قوله (إن زيارة الأنبياء والصالحين بدعة) ، وما ذكره من نحو ذلك، وأنه لايرخص بالسفر لزيارة الأنبياء عليهم السلام!
باطلً مردودً عليه. وهذا المفتي المذكور ينبغي أن يزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الأئمة والعلماء، ويمنع من الفتاوى الغريبة، ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك، ويشهر أمره ليتحفظ الناس من الإقتداء به.
وكتب محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الشافعي.
وكذلك يقول محمد بن الحريري الأنصاري الحنفي، لكن يحبس الآن جزماً مطلقاً. وكذلك يقول محمد بن أبي بكر المالكي، ويبالغ في زجره حسب ما تندفع به هذه المفسدة وغيرها من المفاسد.
وكذلك يقول أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي.
ووجدوا صورة فتوى أخرى يقطع فيها بأن زيارة قبر النبي (ص) وقبور الأنبياء عليهم السلام معصية بالإجماع مقطوع بها! وهذه الفتوى هي التي وقف عليها الحكام وشهد بذلك القاضي جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني، فلما رأوا خطه عليها تحققوا فتواه فغاروا لرسول الله (ص) غيرة عظيمة، وللمسلمين الذين ندبوا إلى زيارته، وللزائرين من أقطار الأرض، واتفقوا على تبديعه وتضليله وزيغه، وأهانوه ووضعوه في السجن. انتهى من كتاب ابن شاكر الكتبي) . (التوفيق الرباني لجماعة من العلماء ص20)
*  *

ثالثاً: زملاء البدير يحرفون الكتب ويحذفون منها زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله

قال الحافظ الممدوح في رفع المنارة ص 57:
(قال الله تبارك وتعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (النساء:64) ، وهذه الآية تشمل حالتي الحياة وبعد الإنتقال، ومن أراد تخصيصها بحال الحياة فما أصاب، لأن الفعل في سياق الشرط يفيد العموم، وأعلى صيغ العموم ما وقع في سياق الشرط، كما في إرشاد الفحول ص122.
الى أن قال الممدوح: وقد فهم المفسرون من الآية العموم، ولذلك تراهم يذكرون معها حكاية العتبي الذي جاء للقبر الشريف، فقال ابن كثير في تفسيره:2/306: وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو النصر بن الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال: كنت جالساً عند قبر النبي (ص) فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله. سمعت الله يقول: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً) وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي. ثم أنشأ يقول:

يا خيرَ من دُفنتْ بالقاع أعظمُهُ * فطابَ من طيبهنَّ القاعُ والنَّسَمُ
نفسي الفداءُ لقبرٍ أنتَ ساكنُـه * فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرمُ

ثم انصرف الأعرابي، فغلبتني عيني فرأيت النبي (ص) في النوم فقال: ياعتبي إلحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له) . انتهى.
وقال الممدوح في هامشه: (وقد ذكر قصة العتبي الإمام المجمع على فضله وعلمه يحيى بن شرف النووي الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه "الأذكار" ولكن خلع "المحقق" ربقة الأمانة! فحذف قصة العتبي في الطبعة التي حققها لحساب دار الهدى بالرياض سنة 1409!!
ولم يكتف بهذا التحريف فله نظائر أخرى منها: قال الإمام النووي في الأذكار: (فصل في زيارة قبر رسول الله (ص) وأذكارها:
إعلم أنه ينبغي لكل من حج أن يتوجه إلى زيارة رسول الله (ص) سواء كان ذلك طريقه أو لم يكن، فإن زيارته (ص) من أهم القربات وأربح المساعي وأفضل الطلبات..إلخ) . هذه عبارة الإمام النووي، ولكن المحقق حرَّف عبارة النووي، وهذا نص تحريفه ص295: (فصل في زيارة مسجد رسول الله (ص) ...الخ.) ! انتهى كلام الممدوح.
فانظروا الى انعدام الأمانة العلمية عند هؤلاء، وجرأتهم على تحريف مصادر المسلمين، وتزوير كتاب الأذكار للنووي، مع أنه كتاب مطبوع ومؤلفه فقيه معروف! وهذا مثلٌ من تحريفاتهم، ولها أمثال أخرى!
*  *

رابعاً: لماذا التفريق في حكم زيارة القبور بين الرجال والنساء؟!

فتوى مذهب أهل البيت الطاهرين عليهم السلام أنه لافرق في استحباب زيارة القبور بين الرجال والنساء، ومن الطبيعي أنه يجب على النساء والرجال في هذه الحالة وكل الحالات أن يراعوا الأحكام الشرعية في الستر والآداب. وهي فتوى عامة المذاهب الإسلامية، إلا من شذ وندر.
بل هذه هي فتوى إمام المذهب الوهابي الشيخ ناصر الدين الألباني الذي يعتبرونه محدث العصر، ويمدحه ابن باز وغيره من أئمتهم.
قال الألباني في أحكام الجنائز ص 180:
(والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور لوجوه: الأول: عموم قوله (ص) : فزوروا القبور، فيدخل فيه النساء. وبيانه أن النبي (ص) لمَّا نهى عن زيارة القبور في أول الأمر فلا شك أن النهي كان شاملاً للرجال والنساء معاً، فلما قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور، كان مفهوماً أنه كان يعني الجنسين، ضرورة أنه يخبرهم عما كان في أول الأمر من نهي الجنسين، فإذا كان الأمر كذلك كان لزاماً أن الخطاب في الجملة الثانية من الحديث وهو قوله: فزوروها، أن ما أراد به الجنسين أيضاً...... ويزيده تأييداً الوجوه الآتية:
الثاني: مشاركتهن الرجال في العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبور: (فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة) .
الثالث: أن النبي (ص) قد رخص لهن في زيارة القبور، في حديثين حفظتهما لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
1 - عن عبد الله بن أبي مليكة: (أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت لها: أليس كان رسول الله (ص) نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم ثم أمر بزيارتها. وفي رواية عنها: أن رسول الله (ص) رخص في زيارة القبور أخرجه الحاكم:1/ 376 وعنه البيهقي: 4/ 78 من طريق بسطام بن مسلم، عن أبي التياح يزيد بن حميد، عن عبد الله بن أبي مليكة.
والرواية الأخرى لابن ماجه:1/475: قلت: سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي صحيح، وقال البوصيري في الزوائد:1/ 98:إسناده صحيح رجاله ثقات. وهو كما قالا. وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: 4 / 418: رواه ابن أبي الدنيا في القبور والحاكم، بإسناد جيد) ...الخ. انتهى.
فانظر كيف يفتي لهم أئمتهم ويستدلون بصحاحهم وبعمل عائشة، وبعمل فاطمة الزهراء÷، ولكنهم يخالفونهم ويصرون على التشديد على المسلمين، والتمييز بين المرأة والرجل بدون دليل من الشرع!

خامساً: تأكيد مذهب أهل البيت على زيارة قبور النبي وآله صلى الله عليه وآله

روى الكليني في الكافي ج4ص272عن الإمام الصادق عليه السلام بسند صحيح قال: (لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده. ولو تركوا زيارة النبي صلى الله عليه وآله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده، فإن لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين) وروى أيضاً عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: (إن زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وزيارة قبور الشهداء وزيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل حجةً مع رسول الله صلى الله عليه وآله) .
وروى في ج 4 ص548: عن الإمام الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(من أتى مكة حاجاً ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، ومن أتاني زائراً وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة، ومن مات في أحد الحرمين مكة والمدينة لم يُعرض ولم يُحاسب، ومن مات مهاجراً إلى الله عز وجل حُشر يوم القيامة مع أصحاب بدر) .

فتوى المرجع السيد الخوئي (قدس سره) في استحباب الزيارة

قال (قدس سره) في البيان في تفسير القرآن ص470:
(وعلى هذا جرت الصحابة والتابعون خلفاً عن سلف فكانوا يزورون قبر النبي صلى الله عليه وآله ويتبركون به ويقبلونه ويستشفعون برسول الله صلى الله عليه وآله، كما كانوا يستشفعون به في حياته. وهكذا كانوا يفعلون مع قبور أئمة الدين عليهم السلام وأولياء الله الصالحين، ولم ينكر ذلك أحدٌ من الصحابة، ولا أحد من التابعين أو الأعلام، إلى أن ظهر أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني، فحرم شد الرحال إلى زيارة القبور، وتقبيلها ومسها والاستشفاع بمن دفن فيها، حتى أنه شدد النكير على من زار قبر النبي صلى الله عليه وآله إن تبرك به بتقبيل أو لمس، وجعل ذلك من الشرك الأصغر تارة، ومن الشرك الأكبر أخرى.
ولما رأى علماء عصره عامة أنه قد خالف في رأيه هذا ما ثبت من الدين وضرورة المسلمين، لأنهم قد رووا عن رسول الله صلى الله عليه وآله حثه على زيارة المؤمنين عامة وعلى زيارته خاصة بقوله: "من زارني بعد مماتي كان كمن زارني في حياتي" وما يؤدي هذا المعنى بألفاظ أخر، تبرأوا منه وحكموا بضلاله، وأوجبوا عليه التوبة، فأمروا بحبسه، إما مطلقاً، أو على تقدير أن لايتوب. والذي أوقع ابن تيمية في الغلط، إن لم يكن عامداً لتفريق كلمة المسلمين، هو تخيله أن الأمور المذكورة شركٌ بالله وعبادة لغيره! ولم يدرك أن هؤلاء الذين يأتون بهذه الأعمال يعتقدون توحيد الله وأنه لا خالق ولا رازق سواه وأن له الخلق والأمر، وإنما يقصدون بأفعالهم هذه تعظيم شعائر الله، وقد علمتَ أنها راجعةٌ إلى تعظيم الله والخضوع له والتقرب إليه سبحانه والخلوص لوجهه الكريم، وأنه ليس في ذلك أدنى شائبة للشرك، لأن الشرك كما عرفت أن يعبد الإنسان غير الله، والعبادة إنما تتحقق بالخضوع لشئ على أنه رب يعبد، وأين هذا من تعظيم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأوصيائه الطاهرين عليهم السلام بما هو نبي وهم أوصياء، وبما أنهم عباد مكرمون، ولاريب في أن المسلم لايعبد النبي أو الوصي فضلاً عن أن يعبد قبورهم!
وصفوة القول:
أن التقبيل والزيارة وما يضاهيهما من وجوه التعظيم لاتكون شركاً بأي وجه من الوجوه وبأي داع من الدواعي، ولو كان كذلك لكان تعظيم الحي من الشرك أيضاً، إذ لافرق بينه وبين الميت من هذه الجهة. ولا يلتزم ابن تيمية وأتباعه بهذا! للزم نسبة الشرك إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وحاشاه فقد كان يزور القبور، ويسلم على أهلها، ويقبل الحجر الأسود كما سبق! وعلى هذا فيدور الأمر بين الحكم بأن بعض الشرك جائز لامحذور فيه، وبين أن يكون التقبيل والتعظيم لابعنوان العبودية خارجاً عن الشرك وحدوده، وحيث أنه لا مجال للأول لظهور بطلانه، فلا بد وأن يكون الحق هو الثاني) .

*  *


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page