عن الكميت بن أبي المستهل، قال: دخلت على سيّدي أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام فقلت: يابن رسول الله، إنّي قد قلت فيكم أبياتاً، أفتأذن لي في إنشادها؟ فقال: ((إنّها أيّام البيض))، قلت: فهو فيكم خاصّة، قال: ((هات))، فأنشأت أقول:
والدهر ذو صرف وألوان
أضحكني الدهر وأبكاني
لتسعة بالطفّ قد غودروا
صاروا جميعاً رهن أكفان
فبكى عليه السّلام، وبكى أبو عبد الله عليه السّلام، وسمعت جارية تبكي من وراء الخباء، فلمّا بلغت إلى قولي:
بنو عقيل خير فرسان
ذكرهم هيّج أحزاني
وستّة لا يتجازى بهم
ثمّ عليّ الخير مولاهم
فبكى، ثمّ قال عليه السّلام: ((ما من رجل ذكرنا أو ذكرنا عنده يخرج من عينيه ماء ولو مثل جناح البعوضة إلاّ بنى الله له بيتاً في الجنّة، وجعل ذلك الدمع حجاباً بينه وبين النار))(1).
وقال المسعودي ــ عند كلامه عن الكميت رحمه الله ــ: قدم المدينة، فأتى أبا جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ رضي الله عنهم، فأذن له ليلاً وأنشده، فلمَّا بلغ من الميمـيّة قوله:
بين غوغاءِ أُمَّة وَطَغَامِ|
وقتيلٍ بالطفِّ غودر منهم
بكى أبو جعفر عليه السّلام، ثمّ قال: ((يا كميت، لو كان عندنا مال لأعطيناك، ولكن لك ما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لحسَّان بن ثابت:
لا زلت مؤيَّداً بروح القدس ما ذببت عنّا أهل البيت))(2).
____________
1- بحار الأنوار ٣٦: ٣٩٠، باب ٤٥، الحديث ٢.
2- مروج الذهب ٣: ٢٤٣.
بكاء الإمام محمّد الباقر عليه السّلام
- الزيارات: 2005