• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ذكر ما فعله السلطان محمود الغزنوي بالشيعة

وفي سنة 408 أسرف السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي في قتل الشيعة والمعتزلة، وصلبهم وحبسهم ونفاهم عن ديارهم، وأُحرقت كتبهم، وأمر بلعنهم على المنابر، وصار ذلك سُنّة في الإسلام بأمر من الخليفة القادر بالله، الذي أغدق عليه الألقاب مثل: نظام الدين، ويمين الدولة، وأمين الملّة، وكهف الإسلام والمسلمين(1) .
قـال مؤلّف كتاب " بعض فضائح الروافض " الذي انتهى من تأليفه عـام 555 هـ وهـو يشـيد بأعمال محمود بن سبكتكين الغزنوي:
" ومـا وقـع فـي عهـد السـلطان محمـود الغـازي علـى علمـاء الرافضـة مـن قتـل وصـلب وتسـويد وجوههـم، وتكسير منابرهـم، ومنع مجالسهـم، وكلّمـا جيء بمجمـوعـة منهـم شـدّت أيديهـم بعمائمهـم إلى أعناقهـم، تلـك الأيـدي التـي طالمـا أسبلوهـا فـي الصـلاة(2) ، وكبّـروا بهـا التكبيرات الخمـس على الميّت(3) ، وجدّدوا بها عقد النكاح بعد الطلاق ثلاثاً(4) ، وكان أُولئك العظماء قد اطّلعوا على حقيقة مذهبهم، ولم ينخدعوا بالتقيّة وزخرف أقوالهم من ادّعائهم الولاء للعترة ومذهب أهل البيت، وكانوا على علم بكذبهم "(5) .
وكان هذا السلطان مائلا إلى الأثر إلاّ أنّه من الكرّامية كما عن الذهبي.
وذكر إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك الجويني في كتابه الذي سمّاه " مغيث الخلق في اختيار الأحقّ "، أنّ السلطان محموداً المذكور كان على مذهب أبي حنيفة (رض) وكان مولعاً بعلم الحديث، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه، وهو يسمع، وكان يستفسر الأحاديث، فوجد أكثرها موافقاً لمذهب الشافعي (رض) فوقع في خلده حكّة، فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو، والتمس منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين على الآخر فوقع الاتّفاق على أن يصلّوا بين يديه ركعتين على مذهب الإمام الشافعي (رض) ، وعلى مذهب أبي حنيفة (رض) لينظر فيه السلطان، ويتفكّر ويختار ما هو أحسنهما، فصلّى القفّال المروزي بطهارة مسبغة وشرائط معتبرة من الطهارة، والسترة، واستقبال القبلة، وأتى بالأركان والهيئات والسنن والآداب والفرائض على وجه الكمال والتمام، وقال: هذه صلاة لا يُجَوِّزُ الإمام الشافعي دونها (رض) ، ثمّ صلّى ركعتين على ما يجوّز أبو حنيفة (رض) ، فلبس جلد كلب مدبوغاً ولطّخ رُبعه بالنجاسة، وتوضّأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في المفازة واجتمع عليه الذّباب والبعوض، وكان وضوءهُ منكوساً منعكساً، ثمّ استقبل القبلة، وأحرم بالصلاة من غير نيّة في الوضوء، وكبّر بالفارسية دو بركك سبز، ثمّ نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ومن غير ركوع، وتشّهد، وضرط في آخره، من غير نية السلام، وقال: أيّها السلطان! هذه صلاة أبي حنيفة.
فقال السلطان: لو لم تكن هذه الصلاة صلاة أبي حنيفة لقتلتك، لأنّ مثل هذه الصلاة لا يجوّزها ذو دين، فأنكرت الحنفية أن تكون هذه صلاة أبي حنيفة، فأمر القفّال بإحضار كتب أبي حنيفة، وأمر السلطان نصرانياً كاتباً يقرأ المذهبين جميعاً، فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاه القفّال، فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة، وتمسّك بمذهب الشافعي (رض) . إنتهى كلام إمام الحرمين(6) .
والحقّ أنّه لم يكن متديّناً ولا يهمّه من أمر الدين إلاّ ما يحقّق أغراضه السلطوية والسياسية والدنيوية، فقد ذكر المؤرّخون أنّه كان مولعاً بحبّ الغلمان، وشرب المسكر(7) ، وأنّ أفواج البغايا كنّ يرافقن جيشه حيثما سار(8) ، وأنّه كان يتوّصل إلى أخذ الأموال بكلّ طريق، فمن ذلك أنّه بلغه أن إنساناً من نيسابور كثير المال عظيم الغنى، فأحضره إلى غزنة، وقال له: بلغني أنّك قرمطي.
فقال: لست بقرمطي، ولي مال يؤخذ منه ما يراد وأُعفى من هذا الاسم، فأخذ منه مالا وكتب معه كتاباً بصحّة اعتقاده(9) .



____________
(1) المنتظم ج 9 ص 155، تاريخ ابن الأثير ج 8 ص 121، تاريخ ابن كثير ج 12 ص 6 ـ 7، وغيرها من المصادر.
(2) ليت هذا المؤلّف علم أنّ التكتّف سُنّة وليس فريضة عند القائل بها، فضلا عمّن لا يرى ذلك، بل يرى الإرسال، فقد حكى ابن المنذر عن عبد الله بن الزبير، والحسن البصري والنخعي أنّه يرسل يديه ولا يضع إحداهما على الأُخرى، وحكاه القاضي أبو الطيّب أيضاً عن ابن سيرين، وقال الليث بن سعد: يرسلهما فإن طال ذلك عليه وضع اليمنى على اليسرى للاستراحة، وقال الأوزاعي: هو مخير بين الوضع والإرسال، وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وهو الأشهر وعليه جميع أهل المغرب من أصحابه أو جمهورهم، واحتجّ لهم بحديث المسيء صلاته، بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وسلم) علّمه الصلاة ولم يذكر وضع اليمنى على اليسرى، كما في المجموع شرح المهذب ج 3 ص 311 ـ 312، المدوّنة الكبرى ج 1 ص 76، المبسوط ـ للسرخسي ـ ج 1 ص 23 ـ 24، رحمة الأُمّة ص 30.
وليته علم أنّ التكتّف هو من جملة محدثات عمر التي أحدثها، وذلك عندما قدم عليه بعض الأسرى الفرس فحيّوه بتكتيف أيديهم وانحناءة من رؤوسهم، فقال: ما هذا؟ فقيل له: هذه تحيّة يحيّون بها عظماءَهم، فقال: الله أولى أن يحيّى بها، اجعلوها في الصلاة.
والذي يدلّ على عدم مشروعيتها اختلاف أئمّة المذاهب والفقهاء بكيفيّتها، فأبو حنيفة يراها تحت السرّة، ومالك يرى الإرسال، والشافعي يقول على الصدر، واختلفت عن أحمد روايتان، وقال ابن المنذر: لم يثبت عن النبيّ (صلى الله عليه وسلم) في ذلك شيء، كما في المجموع ج 3 ص 313، والمبسوط ج 1 ص 24، ورحمة الأُمّة ص 30.
علماً بأنّ كلا منهم يدّعي أنّه أخذ عن رسول الله، والمقطوع به أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يفعل صورة واحدة من هذه الصور، وما روي من أخبار من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو عليّاً (عليه السلام) كان يضع اليمنى على اليسرى لا تثبت أمام البحث العلمي.
(3) ليت هذا المؤلّف علم أنّ الذي ثبت من السُنّة وعمل الصحابة اختلاف العدد في التكبير على الجنازة المحمول على مراتب الفضل في الميّت أو الصلاة نفسها، فقد كانوا يكبّرون على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعاً وستّاً وخمساً، وقد خصّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حمزة (عليه السلام) بسبعين تكبيرة، وأنّ أوّل من جمع الناس على أربع تكبيرات هو عمر بن الخطّاب، وأنّها من محدثاته، كما في شرح معاني الآثار ـ للطحاوي ـ ج 1 ص 496 ـ 497، مصنّف عبد الرزاق ج 3 ص 479 ـ 480 ح 6395، مصنّف ابن أبي شيبة ج 3 ص 186 ح 30، سنن البيهقي ج 4 ص 37، أوائل العسكري ص 113، المحلّى ـ لابن حزم ـ ج 5 ص 124 مسألة 573، وفيه أيضاً: يكبّر الإمام والمأمومون بتكبير الإمام على الجنازة خمس تكبيرات لا أكثر، فإنّ كبّروا أربعاً فحسن، تاريخ السيوطي ص 160.
بل روي عن زيد بن أرقم، وحذيفة بن اليمان، وعلي، وعبد الله بن معقل، وعلقمة بن قيس، ومعاذ بن جبل، وابن مسعود وغيرهم التكبير خمساً وأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يكبّر خمساً، كما في صحيح مسلم ج 3 ص 56 كتاب الجنائز، وسنن أبي داود ج 3 ص 207 ح 3197، وسنن الترمذي ج 3 ص 343 ح 1023، وقال: حديث زيد بن أرقم حديث حسن صحيح، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وغيرهم، رأوا التكبير على الجنازة خمساً، وقال أحمد وإسحاق: إذا كبّر الإمام على الجنازة خمساً، فإنّه يتّبع الإمام، وسنن النسائي ج 4 ص 72، وسنن ابن ماجة ج 1 ص 482 ـ 483 ح 1505 و 1506، ومسند أحمد ج 4 ص 367 ـ 368، 370، 371، 372، و ج 5 ص 406، وسنن الدارقطني ج 2 ص 51 ـ 52 ح 1803 ـ 1807، مصنّف عبد الرزاق ج 3 ص 481 ح 6400 و 6403، ومصنّف ابن أبي شيبة ج 3 ص 186 ح 1 ـ 8، باب 90 من كتاب الجنائز، وشرح معاني الآثار ـ للطحاوي ـ ج 1 ص 496 ـ 497، وبعد هذا أترى موجباً للتعليق من الأيدي أو قطعها.
(4) ما ذنب الشيعة إذا لم يجدوا بُداً من البخوع للقرآن الكريم وهو يهتف: (الطلاق مرّتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) إلى قوله تعالى: (فإن طلّقها فلا تحلّ له من بعد حتّى تنكح زوجاً غيره) ، ألا يدري هذا المؤلّف أنّ تحقّق المرّتين أو الثلاث يقتضي تكرّر وقوع الطلاق، كما يقتضي تخلّل الرجعة بينهما أو نكاح؟! قال الإمام الجصّاص في أحكام القرآن ج 1 ص 516: والدليل على أنّ المقصد فيه الأمر بتفريق الطلاق وبيان حكم ما يتعلّق بإيقاع ما دون الثلاث من الرجعة، أنّه قال: (الطلاق مرّتان) ، وذلك يقتضي التفريق لا محالة، لأنّه لو طلّق اثنتين معاً لما جاز أن يطلّقها مرّتين كذلك لو دفع رجل إلى آخر درهمين لم يجز أن يقال: أعطاه مرّتين، حتّى يفرّق الدفع، فحينئذ يطلَّقْ عليه.
وإذا كان هذا هكذا، فلو كان الحكم المقصود باللفظ هو ما تعلّق بالتطليقتين من بقاء الرجعة، لأدّى ذلك إلى إسقاط فائدة ذكر المرّتين، إذا كان هذا الحكم ثابتاً في المرّة الواحدة إذا طلّق اثنتين، فثبت بذلك أنّ ذكره للمرّتين إنّما هو بإيقاعه مرّتين ونهي عن الجمع بينهما في مرّة واحدة.
ومن جهة أُخرى أنّه لو كان اللفظ محتملا للأمرين لكان الواجب حمله على إثبات الحكم في إيجاب الفائدتين، فيكون اللفظ مستوعباً للمعنيين، وقوله تعالى:
الطلاق مرّتان) وإن كان ظاهره الخبر فإنّ معناه الأمر، كقوله تعالى: (والمطلّقات يتربّصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء) (والوالدات يُرضعن أولادهنّ) وما جرى في هذا المجرى ممّا هو صيغة الخبر ومعناه الأمر، والدليل على أنّه أمر وليس بخبر، أنّه لو كان خبراً لوجد مخبره على ما أخبر به، لأنّ أخبار الله لا تنفكّ من وجود مخبراتها... إلى أن قال: فثبت بذلك أنّ من جمع اثنتين أو ثلاثاً في كلمة فهو مطلّق لغير السُنّة، فانتظمت هذه الآية الدلالة على معان، منها: أنّ مسنون الطلاق التعريف بين أعداد الثلاث إذا أراد أن يطلّق ثلاثاً... إلى آخره.
أما يعلم هذا المؤلف أنّ طلاق الثلاث من مبتدعات عمر، وأنّ الطلاق كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر وسنتين ـ سنين ـ من خلافة عمر طلاق الثلاثة واحدة، حتّى قال: إنّ الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم؟!
وفي لفظ: إنّ أبا الصهباء قال لابن عبّاس: أتعلم أنّما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر (رض) وثلاث في إمارة عمر (رض) ؟! قال ابن عبّاس: نعم، كما في صحيح مسلم ج 4 ص 183 ـ 184، كتاب الطلاق، سنن أبي داود ج 2 ص 268 ح 2199 و 2200، سنن النسائي ج 6 ص 145، مسند أحمد ج 1 ص 314، مسند أبي عوانة ج 3 ص 152 ـ 153 ح 4531 ـ 4536 ومن عدّة طرق.
وقال الإمام العراقي في طرح التثريب ج 7 ص 93: وممّن ذهب إلى أنّ جمع الطلقات الثلاث بدعة: مالك، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والليث، وبه قال داود وأكثر أهل الظاهر.
فعدم الاعتداد بطلاق الثلاث على نحو الجمع عند الشيعة مأخوذ من الكتاب والسُنّة، ولذا عدلت بعض البلدان الإسلامية في عصرنا عن الأخذ به، وذلك لما فيه من الآثار الاجتماعية والأُسرية والنفسية السيّئة.
(5) بعض مثالب النواصب المشهور بكتاب النقض: ص 42.
(6) وفيات الأعيان ج 5 ص 180، سير أعلام النبلاء ج 17 ص 486.
(7) آثار الوزراء ص 150، دستور الوزراء ص 138، مجمع الأنساب ص 64.
(8) الجماهر في الجواهر ص 359.
(9) تاريخ ابن الأثير ج 8 ص 190.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page