• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

النص وملابساته

النص وملابساته

 وتبقى مسألة النص كمرحلة أخيرة للتدرج الذي اتبعناه في بحث نظرية الإمامية تدرجا هرميا ! ! ولنا في البداية " وقفة " عند النص عند الزيدية .
فالزيدية تختلف اختلافا جد خطير في مسألة النص ! ! منشأه من " مسألتين " اختلفت فيهما اختلافا واسعا : أما المسألة الأولى : فهي أن الأئمة قسمان :
فالقسم الأول : من نص عليه " بالإمامة " وهؤلاء هم : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والإمام الحسن بن علي والإمام الحسين بن علي ( عليهم السلام ) .
والثاني : من لم ينص عليه بالإمامة ، وقد اختلفوا في هذا القسم أيضا ! ! فبعضهم قال : بل نص عليه نص جملي وهم العترة ، - واختلفوا في هذا النص الجملي أيضا ! ! فبعضهم قال : إنما هم أولاد علي ( عليه السلام ) من الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ابني فاطمة ( عليها السلام ) ، وعبروا عن قولهم هذا ب‍ " حصر الإمامة في البطنين " ، والبعض الآخر قال بدخول أولاد علي ( عليه السلام ) من غير الحسنين ( عليهما السلام ) كمحمد بن الحنفية والعباس بن علي وعمر بن علي ( 95 ) .
والمسألة الثانية : أصل " النص " هل هو جلي أو خفي ؟ والحق يقال ! ! : أنه لم يكن للقائلين " بالنص الخفي " " غرض " سوى تنزيه مقام المتقدمين على أمير المؤمنين صلوات الله عليه
وسلامه مما يمكن أن يلحق بهم من تفسيق أو تكفير ! ! ; جراء مخالفة النصوص القطعية على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بالإمامة الكبرى ( 96 ) .
وللأسف أن هذه الشنشنة - شنشنة أن النص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه نص خفي غير جلي - قد بدأت تأخذ مسارا وئيد الخطى في الوسط الزيدي المعاصر مع
غفلة هروجية والدعاة إليه عن " أضراره " الكبيرة بالعقيدة الزيدية فضلا عن غيرها . إن الزيدية لو تنازلت عن قولها بالنص الجلي على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ،
فإنها لن تكون قد أخطأت في حق أئمتها الأوائل فقط ، بل ستكون قد فتت في عضد قيموميتها الشيعية على هويتها ، وحينها لن يبق من فارق بينها وبين مذهب أهل السنة . وهذا خطر - بحمد الله - قد توجه له بعض علماء الزيدية المعاصرين ولم يدعوا المجال مفتوحا أمام من يريد - في الحقيقة - التعرض للثوابت عند الزيدية ، ولله القائل منهم ( 97 ) :

علي خالف الخلفاء فيما*** زعمتم أنه فيه أجابا
ولو كان الذي فعلوه حقا *** لما حضروا سقيفتهم وغابا
وما سبب التقاعد عن " عتيق " ( 98 ) *** إذا كانت خلافته صوابا

ومنها :

أجيبونا على هذا بصدق *** أأخطأ في التقاعد أم أصابا
فإن أنكرتم ما كان هذا *** لعنا فيه أكذبنا جوابا

ومنها :

إليك مقالة عني أجبها *** فقد عارضت بالوشل العبابا
إذا رضي الوصي لهم فعالا *** ولم يك عندكم سكت ارتيابا

فلم غضب الوصي غداة جاءوا *** إليه ولم أنالهم عتابا
ولم هدرت شقاشقه عليهم *** وكاد يفض مقوله الصلابا

ومنها :

ولم هجر السقيفة حين كانت *** بها الأصوات تصطخب اصطخابا
وقلتم في الوصي لنا مقالا *** ولم تخشوا من الله العقابا

 

وبايع لابن عفان زعمتم *** وتابعه ولان له الجنابا
فلم في قتل عثمان تأنى *** وأغدف يوم مقتله النقابا

ولم قتلته ( 99 ) أقوام وكانوا *** كحيدرة وعترته صحابا
ولم رد القطائع من تراه*** وكان لسافكي دمه مآبا

ومنها :

 

فكيف جواب ما قلناه هاتوا *** لنا عن بعض ما قلنا الجوابا
إذا والى بزعمكم عتيقا *** ولم ير في خلافته اضطرابا

 

ووالى صاحبيه كما زعمتم *** وما في دينه والحق حابا
فلم دفن البتول الطهر ليلا *** ولم يحثوا بحفرتها ترابا

ولم غضبت على الأقوام حتى *** غدت فيهم مجرعة مصابا
ولم أخذوا عطيتها عليها *** وسوف يرون في غد الحسابا

ولم طلبوا عيادتها فقالت *** أبينوا القوم حسبهم احتقابا
ولم لعقايل الأنصار قالت *** وقد جاءت تسالمها خطابا

لقد أصبحت عائفة وإني *** لمن لم يرض في أبي آبا
ولم ماتت بغصتها ترى في *** أكف القوم نحلتها نهابا
وماتت وهي غاضبة روته *** غطارفة بها شرفوا انتسابا
هم غضبوا لفاطمة وإن ال‍ *** ملائك في السماء لها غضابا
فكيف يقال والاهم علي *** وهم أسقوا أبا الحسنين صابا

ومنها :

فمن زعم الوصي لهم موال *** فقد عظمت خطيئته ارتكابا ( 100 )

 

نخلص من هذه الوقفة القصيرة - التي قد لا يكون لذكرها هنا معنى سوى الإثارة ، ويا لها من إثارة دقيقة جدا كثيرة المفارقات غزيرة النتاج عميقة المداليل ! ! - إلى قول الزيدية في النص على من بعد الحسين ( عليه السلام ) .
فالزيدية - بشكل عام - ( 101 ) لا ترى النص على من بعد الحسين تخصيصا ، ولكنها تراه عاما في العترة ( 102 ) ! ! ولكن المشكلة ستكون حينها في نفس مستمسك الزيدية على " إمامة " العترة أو قل : أحد مستمسكاتها وهو : حديث الثقلين .
فإن هذا الحديث - بحد ذاته - يلح علينا أن نطالب بالمنصوص عليه ، وإلا فكيف يوكل أمر الأمة إلى " عترة " لا نعرف من هم وبأي حق هم أئمة ؟
أضف إلى ذلك أن الأحاديث التي قد " خصصت " العترة في " اثني عشر إماما " أو " خليفة " قد كفتنا عناء البحث والتكلف وتجشم " الالتواء " على " النصوص " وعرقلة مسيرتها الطبيعية التكوينية ( 103 ) ! !
ونعود لنتساءل - كما تساءلنا في مبحث العصمة - ما الذي جنته الزيدية من عدم إيمانها بالنص على اثني عشر إمام ! ؟
كم هو حصاد الأئمة الذين تقاتلوا في ما بينهم ; ولم توقف سيف أحد منهم بحوث المتكلمين من الزيدية حول جواز قيام إمامين في عصر واحد ! ؟
بل كم هو حصاد النفوس البشرية التي كانت تسفك في جند هذا الإمام أو ذاك الإمام ؟
ما الذي جعل اليمن حدود ألف ومائتي عام مسرحا للإرهاب الإمامي ؟
حتى نفدت كلمات المتكلمين في فسق الطوائف التي كانت تحارب ، فاتجهت إلى البحث عن " تهم " جديدة للأئمة الذين كانوا يحاربون بدل الطوائف والفرق المسلمة الأخرى ( 104 ) .
حقا إنها لمأساة ! ! وسر " المأساوية " فيها أن أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الرجوع إلى اثني عشر إمام معصوم من بعده لم يتبع ولم يراع ، وإنا لله وإنا إليه راجعون . وأما الاثنا عشرية فقد قالت : أن الأئمة من بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اثنا عشر إماما ( 105 ) .
واستدلوا على حصرهم ذلك بالنقل والعقل ! ! يقول " الشريف المرتضى " : " الذي يدل على إمامة الأئمة ( عليه السلام ) من لدن حسن بن علي بن أبي طالب إلى الحجة بن الحسن المنتظر (صلوات الله عليهم) نقل الإمامية وفيهم شروط الخبر المتواتر المنصوص عليهم بالإمامة وأن كل إمام منهم لم يمض حتى ينص على من يليه باسمه عنه ، وينقلون عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نصوصا في إمامة الاثني عشر صلوات الله عليهم ، وينقلون زمان غيبة المنتظر صلوات الله عليه وصفة هذه الغيبة عن كل من تقدم من آبائه ، وكل شئ دللنا به على صحة نقلهم لما انفردوا به من النص الجلي على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يدل على صحة نقلهم لهذه النصوص ، فالطريقة واحدة . ومن قوي ما اعتمد في ذلك : أن عصمة الإمام واجبة في شهادة العقول ، كما أن ثبوت الإمامة في كل عصر واجب ، وإذا اعتبرنا زمان كل واحد من هؤلاء الأئمة صلوات الله عليهم وجدنا كل من يدعى الإمامة له غيره في تلك الحال : إما غير مقطوع به على عصمته فلا يكون إماما ، لفقد الشرط الذي لا بد منه ، لو تدعى الإمامة لميت ادعيت حياته كدعوى الكيسانية في محمد بن الحنفية والناووسية في الصادق ( عليه السلام ) ، والذاهبين إلى إمامة إسماعيل بن جعفر ( عليه السلام ) ، وابنه محمد بن إسماعيل ، والواقفة على موسى ( عليه السلام ) فيعود بالضرورة والانقياد للأدلة إلى إمامة من عيناه في كل زمان .
والذي يبطل - زائدا على ما ذكرناه - قول من خالفنا في أعيان الأئمة - ممن يوافقنا على الأصول المقدم ذكرها - شذوذ كل فرقة منهم وانقراضها وخلو الزمان من قائل بذلك المذهب ، وإن وجد ذاهب إليه فشاذ جاهل لا يجوز في مثله أن يكون على حق . وقد دخل الرد على الزيدية في جملة كلامنا لفقد القطع على عصمة صاحبهم ، وهي الصفة التي لا بد منها في كل إمام ، فلا معنى لاختصاصهم بكلام مفرد .
وإذا بطلت الأصول بطل ما يبنى عليها من الفروع " ( 106 ) .
ويقول " الشيخ المفيد " : " واتفقت الإمامية على أن الأئمة بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اثني عشر إماما ، وخالفهم في ذلك كل من عداهم من أهل الملة ( 107 ) ، وحججهم في ذلك على خلاف الجمهور ظاهرة من جهة القياس العقلي والسمع المرضي في البرهان الجلي الذي يفضي التمسك به إلى اليقين " ( 108 ) .

_________________________________
( 95 ) عدة الأكياس : 2 / 122 .
( 96 ) حتى أن كثيرا من مؤلفي " الزيدية " في العقائد كانوا يعقدون فصلا أو بابا في سياق ذكرهم " للإمامة " تحت عنوان : " حكم من تقدم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) " . أنظر : عدة الأكياس : 2 / 166 ،
وراجع : أنوار اليقين للحسن بن بدر الدين ، وحقائق المعرفة لأحمد بن سليمان وغيرها ، ومن المضحك - وشر المصائب ما يضحك - أن يؤدي هذا الدوران - بعد عناء - إلى القول بالنص " الجلي " في الإمامين الحسن
والحسين ( عليهما السلام ) والنص " الخفي " في أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ! ! أنظر : شرح الأزهار : 4 / 522 .
( 97 ) ردا على من قال :

علي بايع الصديق حقا *** وناداه ليغزو فاستجابا
وللفاروق بايع بعد هذا*** وزوجه ابنة طابت وطابا
وبايع لابن عفان ووالى *** وما عنه صواب الرأي غابا
تولى ذا وهذا بعد هذا *** فهل في دينه والحق حابا
أجيبوني على هذا بصدق *** أأخطأ في الطريقة أم أصابا
فإن أنكرتموا ما كان هذا *** لعنا فيه أكذبنا جوابا

 

( 98 ) عتيق : أبو بكر بن أبي قحافة .
( 99 ) أي : عثمان .
( 100 ) لوامع الأنوار : 2 / 142 - 144 ، وهذا كله باعتبار أن من أكبر أدلة القائلين بالنص الخفي : مخالفة الصحابة له ببيعتهم لأبي بكر وظنهم بأن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) وافقهم وسار معهم على خطتهم غافلين أو متغافلين عن كثير من القضايا التي أشار إلى بعض منها الشاعر .
( 101 ) لأن لهم كلاما في الوصية إلى زين العابدين علي بن الحسين ( عليه السلام ) راجع : التحف : 42 .
( 102 ) عدة الأكياس : 2 / 188 .
( 103 ) تاريخ الخلفاء : 10 - 12 ، أنوار التمام ( تتمة الإعتصام القاسم بن محمد ) : 5 / 400 - 402 .
( 104 ) ومن المؤسف عدم وجود إقدام جاد على مستوى دراسة وإحصاء وتحليل الحروب التي كانت تقع بين الأئمة المتنافسين وتقديمها - تأريخا صادقا - لجيل ناهض يربأ به عن أن يعيش حالة تقدس أجوف لحالة الصراع
المريرة التي عاشتها اليمن في تلك الحقبة الرهيبة والطويلة من تاريخها ، ويمثل أكثر ما في الأيدي من ذلك " نبذا ونتفا ومقتطفات . أكثر ما تمنحه تصور أشبه بالتخيل لما كان يحدث . . . !
( 105 ) وليست الاثنا عشرية وحدها هي التي قالت هكذا ; بل أن أكثر محدثي المذاهب الإسلامية أوردوا في صحاحهم ومسانيدهم حديث الأئمة الاثني عشر ، إما إجمالا أو تفصيلا .
أنظر : صحيح البخاري : 9 / 147 / 79 ، صحيح مسلم : 3 / 1452 / 5 ( 1821 ) ، مسند أحمد بن حنبل : 1 / 398 ، 406 ، ينابيع المودة : 3 / 281 .
للتوسع أنظر : إعلام الورى : 2 / 157 - 208 ، نفحات الأزهار : 2 / 337 ، دلائل الصدق : 2 / 485 ، بحار الأنوار : 36 / 192 - 418 ، الإلهيات : 4 / 109 - 115 ، وراجع : إثبات الهداة للحر العاملي .
( 106 ) الذخيرة : 502 ، 503 .
( 107 ) ومخالفة من عداهم إنما هي مخالفة الإتباع والاقتداء والسير على نهج الأئمة الطاهرين وأما رواياتهم للنصوص على الأئمة فهي ما شاء الله في كتبهم كثرة وإيرادا .
( 108 ) أوائل المقالات : 6 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page