• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مرحلة الموت

مرحلة الموت

 

والحديث هنا في عدّة نقاط:

الأولى: معنى الموت([1]): هو فقد الحياة وآثارها من الشعور والإرادة عما من شأنه أن يتصف بها، والموت بهذا المعنى إنما يتصف به الإنسان المركب من الروح والبدن.

الثانية: مراتب الموت: للموت مرتبتان:

أ ـ الموت في طاعة الله تعالى: سواء أكان الموت حتف الأنف وبشكل إعتيادي أو بسبب قاهر كالقتل دفاعاً عن الإسلام، وأكرم هذا الموت هو القتل في سبيل الله المسمى بالشهادة، يقول الإمام علي (عليه السلام): «إن أكرم الموت القتل والذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليَّ من ميتة على الفراش في غير طاعة الله»([2]).

ب ـ الموت في معصية الله تعالى: وهو أسوء الموت ويسمى بالموت على الجاهلية أو ميتة السوء، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): «من مات  ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»([3]).

الثالثة: بين الحياة والموت: يقول الإمام علي (عليه السلام): «لا تمنوا الموت فإن هون المطلع شديد، وإن من السعادة أن يطول عمر العبد، ويرزقه الله الإنابة»([4])، وورد في الدعاء عن الإمام السجاد (عليه السلام): «واجعل الحياة زيادة لي في كل خير والوفاة راحة لي من كل شر»([5])، كما ورد في الدعاء: «وقتلاً في سبيلك فوفق لنا»([6])، وعلى ضوء هذه النصوص وغيرها يمكن القول:

أ ـ طلب المزيد من العمر وعدم تمنى الموت في حالتين:

الأولى: الإستزادة من العمل الصالح.

الثانية: التوبة من المعاصي.

ب ـ طلب الموت وكراهية الحياة في حالتين:

الأولى: لنيل درجة الشهادة.

الثانية: إذا كانت حياته مرتعاً للشيطان بسبب الإنحراف وحكومة الطاغوت ولم يكن له متسع في التخلص من هذه الحياة بالهجرة وغيرها.

الرابعة: من يتوفى الإنسان؟

الله سبحانه وتعالى يتوفى الأنفس بواسطة ملك الموت ومن معه من الملائكة وقد ورد ذلك في القرآن الكريم، قال تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها). الزمر / 42، وقال: (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكّل بكم). التنزيل / 11، وقال: (الذين تتوفاهم الملائكة). النحل / 28

الخامسة: الوصية:

ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله): «ما ينبغي لإمرىء مسلم أن يبيت ليلة إلاّ ووصيته تحت رأسه»([7])، ولهذا يحسن بالإنسان أن يكتب وصيته لا سيما في الحالات التي يتوقع فيها الموت كما في كبر السن وفي السفر أو حالة الجهاد وكتابة الوصية مستحبة إلاّ في الحالات التالية فإنها واجبة:

أ ـ إذا كانت عليه حقوق لله تعالى مالية كالخمس أو غير مالية كالصلاة.

ب ـ إذا كانت عليه حقوق للناس.

ج ـ إذا ترك ما يحتاج إلى الرعاية كالأطفال.

وينبغي أن ندخل عنصراً آخر في وصايانا وهو النصح والتوجيه للأهل والأقارب والطلب من عامة المسلمين بضرورة العمل والتفاني من أجل الرسالة، كما كان يصنع الأنبياء والأوصياء والصالحين على طول التاريخ.

السادسة: حالة الإنسان عند الموت:

أ ـ موت المؤمن: ولندع النصوص تتحدث لنا عن ذلك، قال تعالى: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم إدخلوا الجنّة بما كنتم تعملون). النحل / 32، وعن النبي (صلى الله عليه وآله): «أول ما يبشر به المؤمن روح وريحان وجنّة نعيم، وأول ما يبشر به المؤمن أن يقال له: أبشر ولي الله برضاه والجنة: قدمت خير مقدم، قد غفر الله لمن شيعك وإستجاب لمن إستغفر لك وقبل من شهد لك»([8]).

ب ـ موت الكافر: ولنستمع إلى النصوص أيضاً، قال تعالى: (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم). محمد / 27، قيل الإمام الصادق (عليه السلام)صف لنا الموت، قال: «للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعش بطيبه وينقطع التعب والألم كله عنده، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشد»([9]).

السابعة: كيفية الإستعداد للموت([10]):

قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): ما الإستعداد للموت؟ قال: «أداء الفرائض وإجتناب المحارم والإشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، والله لا يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت أم وقع الموت عليه».

الثامنة: لماذا الخوف من الموت([11])؟

هناك عدّة صور للخوف من الموت:

1 ـ الخوف من الموت لأن الإنسان يتصور الموت فناء وصيرورة ذاته عدماً، وهذا باطل لعلمنا بأن الموت إنتقال الروح من عالم إلى آخر.

2 ـ الخوف من الموت لتصور الألم الذي يرافقه ساعات الإحتضار، وهذا صحيح ولا يدفع إلاّ بالعمل الصالح.

3 ـ الخوف من الموت لصعوبة قطع علاقة الإنسان من الأولاد والأموال والمناصب والأحباب وهذه الأمور معرضة للفناء حتى لو خلد الإنسان.

4 ـ الخوف من الموت لتصور الإنسان تضييع أولاده وعياله أو مشاريعه المهمة وليس على الإنسان إلاّ أن يبذل ما يستطيع.

5 ـ الخوف من الموت لتصور ما يواجهه الإنسان بعده من الأهوال والحساب وهذا صحيح، ومنشؤه التعلق بالدنيا وإرتكاب الذنوب ولا يمكن دفعه إلاّ بالإستعداد لما بعد الموت، فقد سئل الإمام الحسن (عليه السلام) ما بالنا نكره الموت ولا نحبه؟ فقال: «إنكم أخربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب»([12]).

التاسعة: لقاء الله تعالى([13]):

عن الصادق (عليه السلام) عن أحد أصحابه، قال: قلت له: أصلحك الله من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن أبغض لقاء الله أبغض الله لقاءه، قال: نعم، قلت: فوالله إنا لنكره الموت، فقال: «ليس ذاك حيث تذهب، إنما ذلك عند المعاينة إذا رأى ما يحب فليس شيء أحب إليه من أن يتقدم، والله يحب لقاءه وهو يحب لقاء الله حينئذ، وإذا رأى ما يكره فليس شيء أبغض إليه من لقاء الله عزوجل والله عزوجل يبغض لقاءه».

العاشرة: لماذا شرع الله الموت([14])؟

إن لتشريع الموت مجموعة من الأسرار منها:

1 ـ إذا لم تمت الموجودات الحية، فسوف لن تتوفر الأرضية لوجود الموجودات اللاحقة وبذلك يحرم الآخرون من نعمة الوجود والحياة.

2 ـ إذا إفترضنا إستمرارية الحياة للبشر جميعاً فحسب، فسوف لن يمضي زمان طويل إلاّ ونرى الأرض كلها قد إمتلأت بالناس، وتضيق عليهم الأرض برحبها، ليتمنى كل واحد منهم الموت لما يشعر به من عذاب وألم وجوع.

3 ـ إن الهدف الأصلي من خلق الإنسان هو الوصول إلى السعادة الأبدية، وإذا لم ينتفل الناس من هذا العالم بالموت إلى الحياة الأخرى، فسوف لن يمكنهم الوصول لذلك الهدف النهائي.

الحادية عشرة: عقبات الموت:

من هذه العقبات:

أ ـ سكرات الموت وشدة نزع الروح([15]): قال تعالى: (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت عنه تحيد). ق / 19، حيث تتوالى على المحتضر الشدائد والصعوبات منها زوال القوى من الجسد وإنعقاد اللسان وبكاء الأهل ويتم الأطفال وفراق الأملاك والمتملكات التي صرف عمره العزيز من أجلها، وفوات الأوان عن أداء الحقوق وعدم القدرة على إصلاح ما أفسده، ثم الإحساس بهول الورود إلى النشأة الأخرى وهول المطلع وعينه ترى أموراً لم تكن تراها قبل، قال تعالى: (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد). ق / 22

ب ـ العديلة عند الموت: ومعنى العديلة عند الموت هو العدول عن الباطل عن الحق وهو بأن يحضر الشيطان عند المحتضر ويوسوس له ويجعله يشك في دينه ليخرجه من الإيمان.

 

 

___________________________________

 

[1] الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج 2.

[2] ابن أبي الحديد، شرح النهج: 7 / 300.

[3] المجلسي، البحار: 23 / 76.

[4] الري شهري، ميزان الحكمة: 4 / 2970.

[5]، 4 القمي، عباس، مفاتيح لجنان: 25، 182 ـ 183.

 

[7]، 2 الري شهري، ميزان الحكمة: 4 / 3551، 2961.

 

[9] شبر، عبدالله، حق اليقين: 2 / 56.

[10] الري شهري، ميزان الحكمة: 4 / 2969.

[11] النراقي، جامع السعادات: 1 / 214 ـ 217.

[12] الري شهري، ميزان الحكمة: 4 / 2973.

[13] الكليني، الكافي: 3 / 134.

[14] اليزدي، دروس في العقيدة الإسلامية: 3 / 195.

[15] القمي، منازل الآخرة: 17 / 29.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page