• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

هل في مصحف فاطمة أحكام الشرعية؟!:

يزعم البعض: أن مصحف فاطمة يحوي أحكاماً شرعية، وهو يستند في ذلك إلى رواية عن الإمام الصادق «عليه السلام»، تقول: «وعندي الجفر الأبيض.
قال: قلت: فأي شيء فيه؟!
قال: زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم «عليهم السلام»، والحلال والحرام، ومصحف فاطمة، ما أزعم أن فيه قرآناً، وفيه ما يحتاج الناس إلينا، ولا نحتاج إلى أحد، حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة، وربع الجلدة، وأرش الخدش»([1]).
ونقول:
أولاً: إن قوله: «وفيه ما يحتاج الناس إلينا» ليس معطوفاً على قوله: «ما أزعم أن فيه قرآناً»، ليكون بياناً لما يحتويه المصحف، وإنما هو معطوف على قوله: زبور داود، وتوراة موسى الخ.. أي إن في الجفر الأبيض: زبور داود، وتوراة موسى، ومصحف فاطمة، وفيه الحلال والحرام، وفيه ما يحتاج الناس إلينا.
وثمة رواية أخرى عن عنبسة بن مصعب ذكرت: أن في الجفر سلاح رسول الله، والكتب، ومصحف فاطمة([2]).
ثانياً: لقد روى الكليني عن: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن حماد بن عثمان، عن الإمام الصادق «عليه السلام»، حديثا ذكر فيه أنه كان ملك بعد وفاة النبي يحدث الزهراء، ويسلي غمها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين، فقال لها: إذا أحسست بذلك، وسمعت الصوت قولي لي، فأعلمته ذلك، وجعل أمير المؤمنين «عليه السلام» يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا، ثم قال:
«أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكن فيه علم ما يكون»([3]).
وقد ناقش البعض في هذا الحديث، فقال: «إن المفروض في الملك أنه جاء يحدثها، ويسلي غمها، ليدخل عليها السرور، فيكف تشكو ذلك إلى أمير المؤمنين؟! مما يدل على أنها كانت متضايقة من ذلك. كما أن الظاهر منه أن الإمام «عليه السلام» لا يعلم به، وأن المسألة كانت سماع صوت الملك، لا رؤيته». انتهى.
ونقول:
ليس ثمة مشكلة من حيث رؤية الملك أو سماع صوته فقط، ولا في أن أمير المؤمنين «عليه السلام» كان يعلم ذلك أو لا يعلم.
وليس هذا هو محط النظر، وإن كان إثباته في غاية السهولة، لكن لا دور له في إثبات مصحف فاطمة أو نفيه، ولا في كونها أول مؤلفة في الإسلام أو عدمه، فلا داعي لطرح الكلام بهذه الكيفية.
وأما تضايقها «عليها السلام» فلم يكن من حديث الملك معها، بل كان لأجل أن الملك كان يذكر لها أيضاً ما سيجري على ذريتها، ففي كتاب المحتضر: أن فاطمة «عليها السلام» لما توفي أبوها «صلى الله عليه وآله» قالت لأمير المؤمنين «عليه السلام»: إني لأسمع من يحدثني بأشياء ووقائع تكون في ذريتي، قال: فإذا سمعتيه فأمليه علي، فصارت تمليه عليه، وهو يكتب.
وروي: أنه بقدر القرآن ثلاث مرات، ليس فيه شيء من القرآن. فلما كمله سماه «مصحف فاطمة» لأنها كانت محدثة تحدثها الملائكة»([4]).
بل إن هذا المستشكل نفسه يذكر بعد كلامه السابق مباشرة رواية أبي عبيدة وفيها:»وكان جبرائيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان «عليه السلام» يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة»([5]).
وقد وصف المجلسي الأول هذه الرواية بأنها صحيحة([6]).
فحكم البعض على هذه الرواية بالضعف موضع نظر وتأمل، إذ أن الظاهر أن المراد بأبي عبيدة هو أبو عبيدة الحذاء أي زياد بن أبي رجاء، وهو ثقة، ولا ندري السبب في استظهار البعض: أنه المدائني!!
مع أننا لم نجد لابن رئاب رواية عن المدائني هذا، ولم يرو عن المدائني سوى رواية واحدة فيما يظهر. ولعلها من الاشتباه في النسبة من قبل الرواة.
فإذا أطلق أبو عبيدة فالمقصود هو الحذاء، لا سيما مع تعدد رواية ابن رئاب عنه، ومع عدم وجود شيء ذي بال يرويه عن المدائني([7]).
والملفت للنظر أيضاً: أن هذا البعض قد علق على هذا الحديث بأنه: ظاهر في اختصاص العلم بما يكون في ذريتها فقط، بينما الرواية الأخرى تتحدث عن الأعم من ذلك، حتى إنها تتحدث عن ظهور الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومئة، وهو ما قرأه الإمام «عليه السلام» في مصحف فاطمة». إنتهى.
ونقول:
غاية ما هناك: أن الرواية قد أثبتت أن جبرائيل «عليه السلام» قد حدث فاطمة بما يكون في ذريتها، وليس فيها ما يدل على نفي وجود إخبارات غيبية أخرى فيه.
ومن الواضح: أن إثبات شيء لا ينفي ما عداه.
وليس في الرواية أيضاً ما يدل على أنها في مقام نفي وجود علوم وأمور أخرى في المصحف، لكنها أرادت أن تنبه على شيء جعل فاطمة «عليها السلام» تهتم له، وتذكره لعلي، لكونه يتعلق بما سيجري على ذريتها.
ثالثاً: هناك حديث حبيب الخثعمي، الذي يذكر: أن المنصور كتب إلى محمد بن خالد: أن يسأل أهل المدينة عن مسألة في الزكاة، ومنهم الإمام الصادق «عليه السلام»، فأجاب الإمام «عليه السلام»، عن السؤال، فقال له عبد الله بن الحسن: من أين أخذت هذا؟!
قال: قرأت في كتاب أمك فاطمة([8]).
وقد علق هذا البعض على هذا الحديث بقوله:»ظاهر هذا الحديث إن كتاب فاطمة ـ وهو مصحف فاطمة ـ يشتمل على الحلال والحرام».
ونقول:
أولا: إن هذا الحديث ضعيف السند.
ثانيا: إن التعبير ب‍:»كتاب فاطمة» قد ورد أيضاً في رواية فضيل بن سكرة، عن الإمام الصادق «عليه السلام»([9]) وليس بالضرورة أن يكون المقصود به «مصحف فاطمة» الذي هو موضع البحث، فضلا عن الجزم بذلك، ثم إرساله إرسال المسلمات، إذ قد كان لفاطمة «عليها السلام» كتب أخرى غير المصحف.
1 ـ فقد روى الكليني في الكافي عن: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق به عبد العزيز، عن زرارة، عن أبي عبد الله «عليه السلام»، قال: جاءت فاطمة تشكو إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعض أمرها، فأعطاها رسول الله «صلى الله عليه وآله» كربة([10])، وقال تعلمي ما فيها، وإذا فيها: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليسكت([11]).
2 ـ وروى في دلائل الإمامة بسنده عن ابن مسعود، قال: جاء رجل إلى فاطمة «عليها السلام».
فقال: يا ابنة رسول الله، هل ترك رسول الله عندك شيئاً تطرفينيه؟
فقالت: يا جارية، هات تلك الحريرة، فطلبتها، فلم تجدها.
فقالت: ويحك اطلبيها، فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا. فطلبتها، فإذا هي قد قممتها في قمامتها، فإذا فيها: قال محمد النبي «صلى الله عليه وآله»: ليس من المؤمنين، من لم يأمن جاره بوائقه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.
إن الله يحب الخير الحليم المتعفف، ويبغض الفاحش الضنين السائل الملحف. إن الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، وإن الفحش من البذاء، والبذاء في النار([12]).
وهذه الرواية أيضاً وسابقتها أيضاً لا تدل على أنها «عليها السلام» هي التي كتبت وألفت. بل في الرواية الأولى دلالة على عكس ذلك، لأنها ذكرت: أنه «صلى الله عليه وآله» أعطاها «كربة» مكتوبة من عنده، وقال: تعلمي ما فيها.
3 ـ وروى الصدوق بسنده إلى أبي نضرة، عن جابر، رواية مفادها: أنه دخل على فاطمة «عليها السلام» ليهنئها بمولودها الحسين «عليه السلام»، فإذا بيدها صحيفة([13]) بيضاء، درة، فسألها عنها، فأخبرته: أن فيها أسماء الأئمة من ولدها، وأنها قد نهيت عن أن تمكن أحدا من أن يمسها إلا نبي، أو وصي، أو أهل بيت نبي، ولكنه مأذون أن ينظر إلى باطنها من ظاهرها، فنظر إليها، وقرأ.. ثم ذكر ما قرأه([14]).
_____________
([1]) الكافي: ج1 ص240 والبحار: ج26 ص37 باب 1 حديث 68 وبصائر الدرجات: ص150.
([2]) بصائر الدرجات: ص154 و 156. والبحار: ج26 ص45 و 42 و ج47 ص271.
([3]) الكافي: ج1 ص240 وبصائر الدرجات: ص157، وبحار الأنوار: ج26 ص44، وج43 ص80 وج22 ص45 باب 2، حديث 62 وعوالم العلوم: ج11 القسم الخاص بالزهراء.
([4]) عوالم العلوم: ج11 ص583 (مسند فاطمة) عن المحتضر: ص132.
([5]) الكافي: ج1 ص240 و 241 و 457 و 458. والبحار: ج22 ص545 وراجع المناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص337 (ط المطبعة العلمية ـ قم ـ ايران).
([6]) روضة المتقين: ج5 ص342 ومرآة العقول ج3 ص59 و ج5 ص314.
([7]) ولا بأس بمراجعة معجم رجال الحديث: ج21 ص233 ـ 236.
([8]) البحار: ج7 ص227 باب: 7 حديث: 17.
([9]) الكافي: ج1 ص242.
([10]) كرب النخل: أصول السعف، أمثال الكتف.
([11]) عوالم العلوم: ج11 (الجزء الخاص بالزهراء «عليها السلام»: ص187 والكافي: ج2 ص667 ح 6 وراجع: ص285 ج1. والبحار: ج43 ص51 ح 52، والوسائل: ج8 ص487 ح 3 وفي الجنة الواقية: ص508 قطعة منه.
([12]) دلائل الإمامة: ص1 وعوالم العلوم: ج11 ص188 و 620 و 621. (الجزء الخاص بالزهراء «عليها السلام». وفي هامشه عن مسند فاطمة «عليها السلام»: ص113. وراجع مستدرك الوسائل: ج18 وسفينة البحار: ج1 ص229 و 231 والمعجم الكبير للطبراني: ج22 ص413 مع اختلاف في اللفظ.
([13]) عبرت بعض النصوص الواردة في المصادر التي في الهامش باللوح.
([14]) عيون أخبار الرضا: ج1 ص40 و 44 و 46. والإختصاص ص210 والأمالي للطوسي ج1 ص297 والخصال ج2 ص477 و 478 وكمال الدين ص305. 313.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page