• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

خطبة الزهراء في نساء المهاجرين والأنصار

قال سويد بن غفلة:
لمّا مرضت فاطمة عليهاالسلام المرضة التي توفّيت فيها إجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها.
فقلن لها: كيف أصبحت من علتك يا إبنة رسول‏اللَّه؟
فحمدت اللَّه، وصلّت على أبيها، ثم قالت:
«أصبحت- واللَّه- عائفةً لدنيا كن، قاليةً لرجالكن لفظتهم بعد أن عجمتهم و شنئتهم بعد أن سبرتهم فقبحاً لفلول الحد، واللعب بعد الجدّ، و قرع الصفاة، و صدع القناة، و خطلّ الآراء، و زلل الأهواء، (لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط اللَّه عليهم و في العذاب هم خالدون) لا جرم لقد قلّدتهم ربقتها، و حمّلتهم أوقتها و شننت عليهم عارها فجدعاً و عقراً و سحقاً للقوم الظالمين.
و يحهم! أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة، و قواعد النبوّة والدلالة و مهبط الروح الأمين، والطبين بأُمور الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين.
و ما الذي نقموا من أبي‏الحسن نقموا منه- واللَّه- نكير سيفه، و قلة مبالاته بحتفه، و شدّة و طأته و نكال وقعته، و تنمّره في ذات اللَّه عز و جل، واللَّه لو تكافّوا عن زمان نبذة رسول‏اللَّه إليه لا عتلقه، ولسار بهم سيراً سجحاً لا يكلم خشاشه، و لا يتعتع راكبه، و لأوردهم منهلاً، صافياً رويّاً، فضفاضاً تطفح ضفّتاه، و لا يترنق جانباه ولأصدرهم بطاناً و نصح لهم سرّاً و إعلاناً، و لم يكن يحلى من الغنى بطائل، و ملا يحظى من الدّنيا بنائل غير ريّ الناهل، و شبعة الكافل، و لبان لهم الزاهد من الراغب، والصادق من الكاذب.
(و لو أنّ أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون(.
(والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا و مآ هم بمعجزين).
ألا: هلم و استمع، و ما عشت أراك الدهر عجباً!، و إن تعجب فعجب قولهم!!
ليت شعري إلى أي سناد استندوا و على أي عماد اعتمدوا؟ و بأية عروة تمسكوا؟ و على أية ذرية أقدموا و احتنكوا؟ لبئس المولى و لبئس العشير.
و بئس للظالمين بدلاً إستبدلوا- واللَّه- الذنابا بالقوادم، والعجز بالكاهل.
فرغماً لمعاطس القوم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ألا: إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون.
و يحهم!! (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لايهدي إلّا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون)؟
أما: لعمري! لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ثم احتلبوا  ملأ القعب دماً عبيطاً و ذعافاً مبيداً هنالك يخسر المبطلون، و يعرف التآلون غب ما أسّسه الأولون.
ثمّ طيبوا عن دنياكم أنفسا، و اطمأنّوا للفتنة جاشاً، و أبشروا بسيف صارم و سطوة معتد غاشم و هرج شامل و استبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيداً، و جمعكم حصيداً فيا حسرةً لكم، و أنى بكم؟ و قد عميت عليكم (أنلز مكموها و أنتم لها كارهون)؟؟«.
قال سويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها على رجالهن فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين، و قالوا:
يا سيدة النساء لو كان أبوالحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد (1)، و نحكم العقد لما عدلنا إلى غيره!!
فقالت: «إليكم عني! فلا عذر بعد تعذيركم، و لا أمر
بعد تقصيركم« (2).
استمع إلى هذا الإعتذار الواهي والبعيد عن الواقع والمنطق، حتى لكأنّ الآيات القرآنية لم تنزل على النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلم و لم يبلّغ بها اُمّته- والعياذ باللَّه- و كأنهم صمّوا و لم يسمعوا النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلم يصرح في غير موضع و غير مرّة بولاية علي و وجوب طاعته، و كأن القرآن لم ينزل بقوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك...) الآية.
و بقوله تعالى حينما كان علي عليه‏السلام يصّلي فتصدق بخاتمه: (إنّما وليكم اللَّه و رسولة والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون)(سورة المائدة: 55).
و قوله تعالى: (في بيوت أذن اللَّه أن ترفع و يذكر
فيها اسمه يسبح لة فيها بالغدو والآصال...( الآيات )سورة النور: 36(.
و قوله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم) (سورة آل‏عمران: 61).
و قوله تعالى: (إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا ) (سورة الأحزاب: 33).
و غيرها من الآيات الباهرات التي ذكرناها في كتابنا «علي في الكتاب والسنة».
و كأنهم لم يسمعوا النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلم و هو يقول- كما في حديث المنزلة- «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي».
و يقول في حديث الراية: «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ اللَّه و رسوله و يحبّه اللَّه و رسوله، و يحبّه اللَّه و رسوله، كرّار غير فرّار، حتى يفتح اللَّه على يديه قلاع خيبر».
و دعا صلى اللَّه عليه و آله و سلم قائلاً في حديث الطائر المشوي: «اللّهم ؟أئتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي».
كأنّ كلّ تلكم الآيات الباهرة والأحاديث الساطعة والبراهين الدامغة لم تبلغهم،فاستمع و إن عشت أراك الدهر عجباً، و لذلك ردّتهم السيدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهذا الردّ الدامغ.
_________
(1). نبرم العهد: نبايع لأبي‏بكر.
(2). التعذير: هو التقصير ثمّ الاعتذار. والتقصير: التواني عن الشي‏ء.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page