• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فضائل أمير المؤمنين(عليه السلام)

لقد كان أمير المؤمنين(عليه السلام) في مصاص(1) الشرف ومعدنه ومعانيه، لا يشك عدو ولا صديق أنّه أشرف خلق الله نسباً بعد ابن عمه رسول الله(صلى الله عليه وآله)(2).
فهو أبو الحسن عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، ينتمي إلى قبيلة قريش(3) أصرح القبائل العربية، والتي نزل القرآن بلهجتها(4)، وهو من بني هاشم أعرق بطون قريش وأشرفها(5).
ولهاشم بن عبد مناف تاريخ معروف وحافل بالأمجاد، إذ لمّا أصابت قريش ضائقة اقتصادية أخذ يهشم لهم الخبز ثريداً، فلقب بهاشم وغلب هذا اللقب عليه، ومن أشهر أعماله (الإيلاف) حيث كان هاشم كثير السفر والتجارة، ففي الشتاء يتجه إلى اليمن وفي الصيف إلى بلاد الشام، وشاركه في تجارته زعماء القبائل العربية، وأخذ عهوداً من ملوك الأطراف، فكانت تجارته تدر الربح الوفير، بعد أن تمكن بوساطة هذه العهود من حماية تجارته من مخاطر الطريق، لذلك ازدهرت تجارة قريش، ولهذا فسر البعض قوله تعالى:{ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}(6)، أي إن تجارتهم أصبحت آمنة من مخاوف الطريق(7).
وتولى هاشم الرئاسة والسقاية والرفادة(8) بعد أبيه من دون أخوته، فازدادت مكانة مكة في زمانه حيث كانت مورداً لجموع الحجاج من أرجاء الجزيرة العربية، لذا دعا هاشم أهل مكة بضرورة الاهتمام بموسم الحج من حيث توفير الأمن والطعام والشراب، والظرف اللازم لتأدية مناسك الحج فكان لذلك أثره في ازدهار مكانة مكة في داخل الجزيرة العربية وخارجها(9).
ومن مآثر هاشم بن عبد مناف أنّه خلفه في الزعامة ولدٌ يحمل سيماه ألاّ وهو عبد المطلب، واسمه شيبة الحمد وسيد الوادي بلا مدافع، أجمل الناس جمالاً، وأظهرهم جوداً، وأكملهم كمالاً، وهو صاحب الفيل، والطير الأبابيل، وصاحب زمزم، وساقي الحجيج وقد أعطاه الله في زمانه وأجرى على يديه، وأظهر من كرامته ما لا يعرف إلاّ لنبي مرسل، وهذا ما نجده في كلامه لابرهه وتوعده إياه برب الكعبة، وفعلاً فقد تحقق وعيده بقتل أصحاب الفيل بالطير الأبابيل والحجارة السجيل حتّى تركوا كالعصف المأكول(10).
وهذا من أعجب البراهين وأسنى الكرامات، وقد يكون ذلك إرهاصاً للنبوة وتأسياً لمّا أراده الله من الكرامة، وليجعل بهاء عبد المطلب متقدماً وإشارة لنبوة النبيّ(صلى الله عليه وآله) حتّى يكون أشهر في الآفاق، وأجل في صدور الفراعنة والجبابرة والأكاسرة، وأن يقهر المعاند ويكشف غباوة الجاهل(11).
يقول الجاحظ: ((ولو عزلنا ما أكرمه الله به من النبوة حتّى نقتصر على أخلاقه ومذاهبه وشيمه، لما وفى به بشر ولا عدله شيء، ولو شئنا أن نذكر ما أعطى الله به عبد المطلب من تفجر العيون وينابيع الماء من تحت كلكل بعيره(12)، واخفافه بالأرض القسي، وبما أعطى من المساهمة وعند المقارعة من الأمور العجيبة))(13).
إنّ أشهر ما وقع في عهد عبد المطلب، هو ما عرف بحملة الفيل، تلك الحملة الّتي قادها أبرهة الحبشي في محاولة منه لهدم الكعبة وصرف العرب عن الحج إليها، ودفعهم بالتالي إلى التوجه نحو كنيسة بناها في اليمن اسمها (القليس) في محاولة منه لنشر النصرانية.
وقد أفادت المصادر إنّ مكانة عبد المطلب ازدادت لدى العرب بعد هذه الحملة، وفي ذلك دلالة على أنّ ما قام به عبد المطلب له أثر في فشل حملة أبرهة(14).
ونتيجة لهذا أصبح عبد المطلب سيد قريش، حيث أعطاه الله من الشرف ما لم يعط أحد، وسقاه زمزم، وحكّمته قريش في أموالها، وأطعم في المحل حتّى أطعم الطير والوحوش في الجبال، ورفض عبادة الأصنام(15)، حتّى عدّه البعض من المتألهين البعيدين عن القبائح(16).
وقد سن عبد المطلب سنناً نزل القرآن بأكثرها، وأثبتتها السنة الشريفة، كالوفاء بالنذر(17)، وجعل الدية مائة من الإبل، وحرمة زواج المحارم، وأن لا تؤتى البيوت من ظهورها، وقطع يد السارق، والنهي عن قتل الموؤدة، والمباهلة، وتحريم الخمر، والزنا وفرض الحد عليها، والقرعة، ولا يطوف بالبيت عريان، واستضافة الضيف، ولا ينفقوا إذا حجّوا إلاّ من طيب أموالهم، وتعظيم الأشهر الحرم، ونفي ذوات الرايات(18).
ولذا عظمته قريش وكانت تسميه إبراهيم الثاني، وقالوا فيه: ((إن كنت لعظيم البركة، لميمون الطائر مذ كنت))(19). ولقد عظمت قريش موته فغسل بالماء والسدر، ولف في حلتين من حلل اليمن قيمة الواحدة ألف مثقال ذهب، وحمل على أيدي الرجال أياما إعظاماً وإكراماً له من تغييبه تحت التراب(20).
وقد روي عن الرسول(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: (إن الله يبعث جدي عبد المطلب امة واحدة في هيئة الأنبياء وزي الملوك)(21).
وقد خلف عبد المطلب في الزعامة ولده أبو طالب الّذي كان سيداً شريفاً مطاعاً مهيباً مع وضعه المادي البسيط، ولذا قال الإمام عليّ(عليه السلام): (أبي ساد فقيراً وما ساد فقير قبله)(22). وكان عبد المطلب قد أوصى إليه من بين أولاده العشرة، ومن ضمن وصاياه المهمة أوصى إليه بمهمة كفالة الرسول(صلى الله عليه وآله) حيث كان(صلى الله عليه وآله) وقتها في الثامنة من عمره الشريف. فكان أبو طالب خير كافل له(23)، والملاحظ أنّ أبا طالب كان أخاً لعبد الله والد الرسول من أبيه وأمه(24).
ونتيجة لمكانة أبي طالب فقد عرف بالشيخ أو شيخ البطحاء(25). لذا كان الإمام عليّ(عليه السلام) يدّعي التقدم على الكل، والشرف على الكلّ بابن عمه وبنفسه وبابيه أبي طالب (فانّه من قرأ علوم السير عرف أنّ الإسلام لولا أبو طالب لم يكن شيئاً مذكوراً)(26).
والملاحظ أنّ عبد المطلب كأنّما كان ينظر من وراء الغيب لمّا سيجري على النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ولذا فهذه الكفالة لا تقتصر على حياة النبيّ(صلى الله عليه وآله) زمن الصبا، بل استمرت حتّى بلغ(صلى الله عليه وآله) الخمسين من عمره الشريف، وما انتهت كفالة أبي طالب إلاّ بنهاية عمره، يقول ابن أبي الحديد: ((أبو طالب هو الّذي كفل رسول الله(صلى الله عليه وآله) وحماه وحاطه كبيراً، ومنعه من مشركي قريش ولقي لأجله عنتاً عظيماً، وقاسى بلاءً شديداً، وصبر على نصره والقيام بأمره، وجاء في الخبر أنّه لمّا توفي أبو طالب أوحي إليه(عليه السلام)، وقيل له: أخرج منها فقد مات ناصرك))(27).
وكان أبو طالب أول من سنّ القسامة قبل الإسلام(28)، ولمّا جاء الإسلام أثبتها(29)، والقسامة كلمة مشتقة من القسم وهو اليمين، حيث لمّا قتل عمرو بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف، وأتهم خداش بن عبد الله ابن أبي قيس العامري بقتله، طلب أبو طالب أن يحلف منهم خمسون رجلاً بأنّ لا علم لهم بقاتل القتيل، ويقال أنّهم حلفوا فهلكوا بأجمعهم قبل أن يدور الحول ما عدا حويطب بن عبد العزى لأنّه لم يحلف(30).
إنّ ذلك الدور الّذي أداه أبو طالب في حمايته للرسول(صلى الله عليه وآله) ونصرته إياه، ممّا مكنه(صلى الله عليه وآله) من القيام بالدعوة للإسلام عشر سنوات، كان ولا زال مثار نقاش بين الباحثين، فهل كان ذلك الدفاع عن الرسول(صلى الله عليه وآله) دليل إيمان من أبي طالب؟ أم أنّه كان بدافع العصبية القبلية(31)؟
وقد قيض الله تعالى للإمام عليّ(عليه السلام) أمّاً تعد من شواخص نساء التاريخ وهي السيّدة فاطمة بنت أسد بن هاشم(32) الزوجة الوحيدة لأبي طالب، فأنجبت له أولاده الأربعة عقيلاً وجعفراً وعلياً وأم هانئ. وهي أول هاشمية تلد لهاشمي، أسلمت بعد عشرة من المسلمين فكانت الحادية عشر، وهي أول امرأة بايعت الرسول(صلى الله عليه وآله) من النساء.
وكان(صلى الله عليه وآله) يكرمها ويعظمها ويدعوها (أمي) لأنَّها هي الّتي احتضنته صغيراً منذ كان في السادسة من عمره حيث توفت أمه أمنه بنت وهب، فأوصى عبد المطلب برعايته(صلى الله عليه وآله) لأبي طالب.
وقد هاجرت فاطمة إلى المدينة، ولمّا حضرتها الوفاة أوصت إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقبل وصيتها وصلّى عليها، ونزل في لحدها، واضطجع معها فيه، بعد أن ألبسها قميصه، فقال له أصحابه: ((إنا ما رأيناك صنعت يا رسول الله بأحد ما صنعت بها)). فقال: (أنّه لم يكن أحد أبر بي منها، إنّما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة، واضطجعت معها ليهون عليها ضغطة القبر)(33).
تجدر الإشارة إلى أنّها من الموحدين قبل الإسلام ولم يؤثر عنها أنّها سجدت لصنم(34).
حتى أنّها اتخذت من الكعبة مكاناً لولادة ابنها الأصغر أمير المؤمنين عليّاً(عليه السلام) كما سنرى حيث ولد الإمام عليّ(عليه السلام) داخل الكعبة المشرفة، وكرّم الله وجهه عن الخضوع والسجود للأصنام، فكأنّما كان ميلاده إيذاناً بعهد جديد للكعبة والعبادة فيها(53).
نخلص للقول في شأن نسب الإمام(عليه السلام)(36): ((فآباؤه آباء رسول الله، وأمهاته أمهات رسول الله، وهو منوط بلحمه ودمه، لم يفارقه منذ خلق الله آدم إلى أن مات عبد المطلب بين الأخوين عبد الله وأبي طالب، وأمهما واحدة فكان منهما سيدا الناس هذا الأوّل وهذا التالي، وهذا المنذر وهذا الهادي))(37).
مضت فترة على ولادته(عليه السلام) لينتقل من بيت الله إلى بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) حيث من الفضائل الّتي لم يحظ بها سواه(عليه السلام) هو شرف تربيته في بيت النبيّ(صلى الله عليه وآله)، منذ كان عمره ست سنوات، حيث تروى الروايات أنّ قريشاً أصابتها أزمة اقتصادية فاقترح الرسول(صلى الله عليه وآله) على عمه العباس التخفيف عن أبي طالب، فقال أبو طالب: إن تركتما لي عقيلاً افعلا ما شئتما، فاختار العباس جعفراً واختار الرسول(صلى الله عليه وآله) عليّاً وقال: (قد اخترت من اختاره الله لي)(38).
فكان(صلى الله عليه وآله) يسدي لعليّ(عليه السلام) من الإحسان والشفقة وحسن التربية حتّى بعث(صلى الله عليه وآله)(39)، لذا كان الإمام عليّ(عليه السلام) يقول: (وقد علمتم موضعي من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره، وأنا وليد يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ولا غلطة في فعل)(40). وكلامه هذا يؤكد بأنه تربى في بيت النبيّ(صلى الله عليه وآله) وعمره أقل من ست سنوات.
إنّ ولادته(عليه السلام) في الكعبة وتربيته في بيت الرسالة تعني أنّه كاد أن يولد مسلماً، بل ولد مسلماً على التحقيق إذا نظرنا إلى ميلاد العقيدة والروح، لأنّه فتح عينيه على الإسلام، ولم يعرف عبادة الأصنام(41). حيث يقول(عليه السلام): (أني ولدت على الفطرة)(42).
وما أن بزغ نور الإسلام حتّى كان الإمام عليّ(عليه السلام) أول معتنقيه، حيث يقول: (وسبقت إلى الإيمان)(43).
وكان أمير المؤمنين(عليه السلام) ما زال يدّعي ذلك لنفسه، ويفتخر به، ويجعله في أفضليته على غيره، ويصرّح بذلك، وقد قال غير مرة: (أنا الصدّيق الأكبر، والفاروق الأول، أسلمت قبل إسلام أبي بكر، وصلّيت قبل صلاته)(44).
وكان(عليه السلام) يقول:
سبقتكم إلى الإسلام طراً     غلاماً مابلغت أوان حلمي(45)
إنّ هذا يطابق قوله(عليه السلام): (لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة سبع سنين)، وقوله(عليه السلام): (كنت أسمع الصوت، وأبصر الضوء سنين سبعاً). والرسول(صلى الله عليه وآله) حينئذ صامت، ما أذن له في الإنذار والتبليغ؛ وذلك لأنّه إذا كان عمره يوم إظهار الدعوة ثلاث عشرة سنة، وتسليمه إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) من أبيه وعمره ست سنوات، فقد صح أنّه كان يعبد الله قبل الناس بـأجمعهم سبع سنين، وابن ست تصح منه العبادة إذا كان ذا تمييز على أنّ عبادة مثله هي التعظيم والإجلال، وخشوع القلب، واستخذاء الجوارح إذا شاهد شيئاً من جلال الله (سبحانه و تعالى)، وآياته الباهرة، ومثل هذا يوجد عند الصبيان(46). لكننا لاحظنا من خلال كلام الإمام أنّ عمره(عليه السلام) أقل من ست سنوات حينما تربى في بيت النبيّ(صلى الله عليه وآله).
ولمّا كان رسول الله مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) نبياً فقد أصبح الإمام عليّ(عليه السلام) وزيراً، وذلك يوم الإنذار بعد نزول قوله تعالى: {وأنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}(47)، فدعا(صلى الله عليه وآله) بني هاشم وأبلغهم وطلب منهم مؤازرته، فلم يؤازره إلاّ الإمام عليّ(عليه السلام)(48).
إنّ الاستدلال على أنّه وزير رسول الله(صلى الله عليه وآله) نجده منصوصاً عليه في الكتاب والسنّة، في قول الله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي !
هَارُونَ أَخِي ! اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ! وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}(49). وقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): (أنت مني بمنزلة هرون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي)(50).
فأثبت له جميع مراتب هرون من موسى، فإذن هو وزير رسول الله(صلى الله عليه وآله) وشاد أزره، ولولا أنّه(صلى الله عليه وآله) خاتم النبيّين لكان شريكاً في أمره(51).
وأكد الإمام(عليه السلام) على سبقه حتّى في الهجرة إذ يقول: (وسبقت إلى الإيمان والهجرة)(52).
وممّا امتاز به الإمام عليّ(عليه السلام) على سائر الأمة، وعدّ من فضائله؛ زواجه من فاطمة(عليها السلام) بنت النبيّ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله)(53)، حيث كان(عليه السلام) يفتخر بذلك قائلاً: (ومنا خير نساء العالمين)(54).
ومن فضائل الإمام عليّ(عليه السلام) أنّه رزق بولدين كان لهما الأثر الأكبر في تاريخ الأمة الإسلامية من زوجته السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) وهما الحسن والحسين(عليهما السلام) اللذان قال فيهما رسول الله(صلى الله عليه وآله): (أنهما سيدا شباب أهل الجنة)(55).
لذا كان الإمام عليّ(عليه السلام) يفتخر بهما ويقول:
وسبطا أَحْمَد ولداي منها فأيكم له سهم كسهمي(56)
وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يدعوهما ولداه ويقول: (لكل بني أنثى عصبة ينتمون إليها، إلاّ ولد فاطمة فانا وليهم وأنا عصبتهم)(57)، وقال(صلى الله عليه وآله) أيضاً: (إن الله تعالى جعل ذرية كلّ نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب عليّ ابن أبي طالب)(58).
ولكن هل يجوز أنّ يقال أن الحسن والحسين(عليهما السلام) وولدهما أبناء رسول الله وذرية رسول الله ونسل رسول الله؟
الجواب: نعم، لأنّ الله تعالى سماهم (أبنائه) في قوله تعالى:{ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ}(59)، وإنما عني الحسن والحسين(عليهما السلام)، ولو أوصى لولد فلان بمال دخل فيه أولاد البنات، وسمى الله تعالى عيسى ذرية إبراهيم في قوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ}(60). إلى أن قال تعالى: {وَيَحْيَى وَعِيسَى}(61) ولم يختلف أهل اللغة في أنّ ولد البنات من نسل الرجل.
أمّا قوله تعالى: {مَا كَانَ محمّد أبا أحد مِنْ رِجَالِكُمْ}(62). فانّ ذلك يعني به زيد بن حارثة لأنّ العرب كانت تقول: ((زيد بن محمد)) على عادتهم في تبني العبيد، فأبطل الله تعالى ذلك، ونهى عن سنة الجاهلية وقال: (إنّ محمداً ليس أبا لواحد من الرجال البالغين المعروفين بينكم ليعتزي إليه بالبنوة، وذلك لا ينفي كونه أبا للأطفال، الذين تطلق عليهم لفظة الرجال كإبراهيم والحسن والحسين)(63).
وتسائل ابن أبي الحديد: هل إن ابن البنت ابن على الحقيقة أم المجاز؟
فقال: لذاهب أن يذهب إلى أنّه حقيقة أصلية، لأنّ أصل الإطلاق الحقيقة، وقد يكون اللفظ مشترك بين مفهومين وهو في أحدهما أشهر، ولا يلزم من كونه أشهر في أحدهما، ألاّ يكون حقيقة في الآخر، ولذاهب أن يذهب إلى أنّه حقيقة عرفية، وهي الّتي كثر استعمالها، وهي في الأكثر مجاز، حتّى صارت حقيقة في العرف كالراوية للمزادة، والسماء للمطر، ولذاهب أن يذهب إلى كونه مجاز قد استعمله الشارع، فجاز إطلاقه في كلّ حال، واستعماله كسائر المجازات المستعملة.
وممّا يدل على اختصاص ولد فاطمة دون بني هاشم كافة بالنبي(صلى الله عليه وآله)، أنّه ما كان يحل له(صلى الله عليه وآله) أن ينكح بنات الحسن والحسين(عليهما السلام) ولا بنات ذريتهما، وأن بعدت وطال الزمان، ويحل له نكاح بنات غيرهم من بني هاشم من الطالبيين وغيرهم، وهذا يدل على مزيد من الأقربية وهي كونهم أولاده، لأنّه ليس هناك من القربى غير هذا الوجه، لأنهم ليسوا أولاد أخيه ولا أولاد أخته، ولا هناك وجه يقتضي حرمتهم عليه، إلاّ كونه والداً لهم وكونهم أولاداً له. فإنّ قلت: قد قال الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا    بنوهن أبناء الرجال الأباعدِ(64)
وقال حكيم العرب أكثم بن صيفي(65) في البنات يذمهن: إنهن يلدن الأعداء ويورثن البعداء.
إن الشاعر قال ما قاله على المفهوم الأشهر: وليس في قول أكثم ما يدل على نفي بنوتهم، وإنما ذكر إنهن يلدن الأعداء وقد يكون ولد الرجل لصلبه عدواً، قال الله تعالى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ}(66)، ولا ينفي كونه عدواً كونه أبناً(67).
ولذلك جعل الإمام عليّ(عليه السلام) الولاية في التصرف بأمواله إلى الحسن والحسين(عليهما السلام) لشرفهما من الرسول(صلى الله عليه وآله). وقد عدّ ابن أبي الحديد ذلك رمز وإزراء بمن صرف الأمر عن أهل بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) مع وجود من يصلح للأمر، أي كان الأليق بالمسلمين والأولى أن يجعلوا الرئاسة بعده لأهله، قربة إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وتكريماً لحرمته وطاعة له، وأنفة لقدره(صلى الله عليه وآله) أن تكون ورثته سوقه يليهم الأجانب ومن ليس من شجرته وأصله. ألاّ ترى أنّ هيبة الرسالة والنبوة في صدور الناس أعظم إذا كان السلطان والحاكم في الخلق من بيت النبوة، وليس يوجد مثل هذه الهيبة والجلال في نفوس الناس للنبوة إذا كان السلطان الأعظم بعيد النسب من صاحب الدعوة(عليه السلام)(68).
لقد عرفت تلك الأسرة الّتي تكونت من عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) باسم (أهل البيت(عليهم السلام)) ووصفوا بأنهم عترة رسول الله(صلى الله عليه وآله) أي أهله الأدنين ونسله ولا تشمل رهطه وأن بعدوا(69).
والعترة الّتي بينها الرسول(صلى الله عليه وآله) هي ما أشار إليها في قوله: (أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، حبلان ممدودان من السماء إلى الأرض، لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض)(70).
وبين(صلى الله عليه وآله) في مقام آخر أهل بيته لمّا طرح عليهم كساءاً فنزل قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(71)، فقال الرسول(صلى الله عليه وآله): (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب الرجس عنهم)، وهم عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)(72).
وقد نعت الإمام العترة بأنّها السبب(73)، وأنها راية الحق(74) والإمام يشير هنا إلى نفسه وولديه، والأصل في الحقيقة نفسه(75)، حيث وصف نفسه (دليلها مكيث الكلام) أي بطيئه(76)، أمّا ولداه فهما تابعان له ونسبتهما له كنسبة الكواكب المضيئة مع طلوع الشمس المشرقة، وقد أشار لذلك النبيّ(صلى الله عليه وآله) بقوله لهما: (وأبوكما خير منكما)(77).
وعد الإمام عليّ(عليه السلام) أهل البيت: (أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق، فأنزلوهم منزلة القرآن). فتحت قوله(عليه السلام): (فأنزلوهم منزلة القرآن) سر عظيم، وذلك أنّه أمر المكلفين بأنّ يجروا العترة في الإجلال والإعظام والانقياد لها والطاعة لأوامرها مجرى القرآن(78).
ثم إنّ آل البيت(عليهم السلام) هم (أبواب الحكم) وهي الشرعيات والفتاوى وهم (ضياء الأمور)، أي العقليات والعقائد، وهذا المقام العظيم لا يستطيع أن يجسر أحد من المخلوقين على ادّعائه إلاّ الإمام عليّ(عليه السلام)، فلو ادّعاه غيره لكذب وكذبه الناس(79).
وقد قال(عليه السلام): (نحن مختلف الملائكة)(80) ولذا دعا الإمام عليّ الناس إلى (ورودهم ورود الهيم العطاش)، أي الحرص على أخذ العلم والدين منهم(81)، ووصف أمرهم بأنه.. (صعب مستعصب لا يحتمله إلاّ عبداً امتحن قلبه للإيمان). والمعنى أنّهم صبرٌ على التقوى، أقوياء على احتمال مشاقها، ويجوز أن يكون وضع الامتحان موضع المعرفة لأنّه تحققك الشيء إنّما يكون باختياره… ويجوز أن يكون المعنى: ضرب الله على قلوبهم بأنواع المحن والتكاليف الصعبة لأجل التقوى…
ويجوز أن يكون المعنى: أنّه أخلص قلوبهم للتقوى من قولهم: (امتحن الذهب)، إذا أذابه فخلص إبريزه من خبثه ونفاه(82).
وفي شرح قوله(عليه السلام): (لا يقاس بآل محمّد من هذه الأمة أحد، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا)، قال ابن أبي الحديد: ((لا شبهة إنّ المنعم أعلى وأشرف من المنعم عليه، ولا ريب أنّ محمداً(صلى الله عليه وآله) وأهله الأدنين من بني هاشم، - لاسيما عليّاً(عليه السلام) - انعموا على الخلق كافة بنعمة لا يقدّر قدرها، وهي الدعاء إلى الإسلام، والهداية إليه، فمُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) وإن كان هدى الخلق بالدعوة الّتي قام بها بلسانه ويده، ونصرة الله تعالى له بملائكته وتأييده، وهو السيّد المتبوع والمصطفى المنتجب، الواجب الطاعة إلاّ أنّ لعّلي(عليه السلام) من الهداية أيضاً وإن كان ثانياً لأول ومصلياً على أثر سابق، ما لا يجحد ولو لم يكن إلاّ جهاده بالسيف أولاً وثانياً، وما كان بين الجهادين من نشر العلوم، وتفسير القرآن وإرشاد العرب إلى ما لم تكن له فاهمة، ولا متصورة، لكفى في وجوب حقه، وسبوغ نعمته(عليه السلام).
قال ابن أبي الحديد: فإنّ قيل:… فأي نعمه له عليهم؟
قيل: نعمتان: الأولى منهما، الجهاد عنهم وهم قاعدون، فانّ من أنصف علم أنّه لولا سيف عليّ(عليه السلام) لاصطلم المشركون … وقد عٌلمت آثاره في بدر وأٌحد والخندق وخيبر وحنين، وأنّ الشرك فيها فغر فاه، فلولا أن سده بسيفه لالتهم المسلمين كافة.
والثانية: علومه الّتي لولاها لحكم بغير الصواب في كثير من الأحكام وقد اعترف عمر له بذلك، والخبر مشهور: لولا عليّ لهلك عمر))(83).
وكان(عليه السلام) في الخصائص الخلقية، والفضائل النفسانية ــ ابن جلاّها وطلاع ثناياها(84)ــ فكان(عليه السلام) من لطافة الأخلاق، وسجاحة الشيم على قاعدة عجيبة جميلة(85).
ففي (الشجاعة) فأنّه أنسى فيها ذكر من كان قبله، ومحا اسم من يأتي بعده، حيث لمّا سٌئل خلف الأحمر(86): أيهما أشجع عنبسة وبسطام أم عليّ بن أبي طالب؟
فقال: إنّما يذكر عنبسة وبسطام مع البشر والناس، لا مع من يرتفع عن هذه الطبقة، فقيل له: فعلى كلّ حال؛ قال: والله لو صاح في وجههما لماتا قبل أن يحمل عليهما(87).
إنّ من مميزات البطل الشجاع (الصفح والحلم) فكان(عليه السلام) أحلم الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسيء، وقد ظهر صحة ذلك في معاركه، فبعد معركة الجمل ظفر بمروان بن الحكم، وكان من أكثر الناس عداوة له، وأشدهم بغضاً فصفح عنه. وكان عبد الله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد، وخطب يوم البصرة فقال: قد أتاكم الوغد اللئيم عليّ بن أبي طالب، وكان الإمام(عليه السلام) يقول: (ما زال الزبير رجلاً منا أهل البيت حتّى شب عبد الله).
فظفر به يوم الجمل وأخذه أسيراً، وصفح عنه قائلاً: (اذهب فلا أرينك)، لم يزده على ذلك. وظفر الإمام عليّ(عليه السلام) بسعيد بن العاص بعد معركة الجمل في مكة، وكان له عدواً فأعرض عنه ولم يقل له شيئاً(88).
وكان(عليه السلام) الغاية في (الصبر) فالذي يقرأ أحواله(عليه السلام) عند وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) والسيّدة فاطمة(عليها السلام) وما جرى من أحداث إلى أيام خلافته(عليه السلام)، ثمّ ما مني به من خروج بعض الصحابة عليه، وتخاذل أصحابه، حتّى عاد البطل الضرغام يقف حائراً أمام أعدائه الذين أخذوا يغيرون على المدن كغارات الثعالب(89).
أمّا في (التواضع) فكان أشد الناس تواضعاً لصغير وكبير، وألينهم عريكة وأسمحهم خلقاًً، وأبعدهم عن الكبر، وأعرفهم بالحق، هذه الصفات كانت ماثلة لديه قبل توليه الخلافة وبعدها، لم تغيّره الإمرة، ولا أحالت خلقه الرياسة، وكيف تحيل الرياسة خلقه وما زال رئيساً! وكيف تغير الإمرة سجيته وما برح أميراً ! لم يستفد بالخلافة شرفاً، ولا اكتسب بها زينة! بل هو كما قال ابن حنبل: ((إن عليّاً لم تزنه الخلافة ولكنه زانها)) هذا يعني أنّ غيره قد ازدان بالخلافة وأكملت نقصه، أمّا الإمام فلم يكن فيه نقص يحتاج الخلافة لإتمامه، بل كانت الخلافة ذاتها فيها نقص فتم نقصها بولايته إياها(90).
وكان(عليه السلام) معروفاً في (السخاء والجود)، فنراه سخياً في أشد الحالات صعوبة، حيث نجده صائماً، يؤثر بزاده ويبقى طاوياً، حتّى نزل به قوله تعالى:{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً}(91). ونزل فيه أيضاً: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سراً وَعَلانِيَةً}(92)، حيث روى المفسرون أنّ الإمام عليّ(عليه السلام) كان يملك أربعة دراهم، فتصدق بدرهم ليلاً وآخر نهاراً، وبالثالث سرّاً، وبالرابع علانية(93).
وكان(عليه السلام) (سيّد الزهاد وبدل الأبدال)(94) فإليه في هذا الباب تشد الرحال، وعنده تنفض الاحلاس. (95) فهو الّذي ما شبع من طعام قط، وكان(عليه السلام) أخشن الناس ملبساً ومأكلاً، دخل عليه أحد أصحابه يوم عيد فقدم إليه جراباً(96) مختوماً فيه خبز شعير يابس مرضوض، فأكل(عليه السلام) منه، فقال له: يا أمير المؤمنين، فلمّاذا تختمه فقال: خفت هذين الولدين أن يلتاه(97) بسمن أو زيت. وكان ثوبه(عليه السلام) مرقوعاً تارة بجلد وأخرى بليف،ونعلاه من ليف، ويلبس الكرباس(98) الغليظ، فإذا وجد كمه طويلاً قطعه بشفرة، ولم يخطه، فكان لا يزال متساقطاً على ذراعيه حتّى يبقى سدى لا لحمةً له.
وكان يأتدم إذا أئتدم بخل أو ملح، فإنّ ترقى عن ذلك فببعض نبات الأرض، فإنّ ارتفع عن ذلك فبقليل من ألبان الإبل. وكان(عليه السلام) لا يأكل من اللحم إلاّ قليلاً، حيث يقول: (لا تجعلوا بطونكم مقابر للحيوان). ومع ذلك كان أشد الناس قوة، وأعظمهم أيداً، لا ينقض الجوع قوته ولا يخون الإقلال منته. وهو الّذي طلّق الدنيا، وكانت الأموال تجبى إليه من جميع بلاد الإسلام ما عدا الشام، فكان يفرّقها(99) ويقول:
هذا جناي وخياره فيه     إذ كلّ جانٍ يده إلى فيه
ولمّا سٌئل(عليه السلام): لمَ ترقع قميصك؟ قال: ليخشع القلب، ويهتدي بي المؤمنون(100).
وفيما يخص (سجاحة الأخلاق، وبشر الوجه، وطلاق المحيا والتبسم) فهو المضروب به المثل. قال صعصعة بن صوحان واصفاً الإمام: ((كان فينا كأحدنا، لين جانب، وشدة تواضع، وسهولة قياد، وكنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه)). وحينما قال معاوية لقيس ابن سعد(101): ((رحم الله أبا حسن، فلقد كان هشاً بشاً ذا فكاهة)) فعلم قيس مراد معاوية فقال: ((نعم، كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يمزح ويبتسم إلى أصحابه: وأراك تسر حسواً في ارتغاء(102)، وتعيبه بذلك! أما والله لقد كان مع تلك الفكاهة والطلاقة، أهيب من ذي لبدتين قد مسه الطوى؛ تلك هيبة التقوى، وليس كما يهابك طغام أهل الشام))(103).
أمّا في (العبادة) فكان(عليه السلام) أعبد الناس وأكثرهم صلاة وصوماً، حيث تعلّم الناس منه صلاة الليل، وملازمة الأوراد، وقيام النافلة، وبلغ من محافظته على الأوراد أن بسط له نطعاً في صفين ليلة الهرير واخذ يصلي، والسهام تقع بين يديه وتمر على جانبيه فلا يرتاع منها، ولا يقوم حتّى يفرغ من ورده، ولكثرة سجوده أصبحت جبهته كثفنة البعير. وإذا تأملت دعواته ومناجاته(104)، ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه وإجلاله، وما يتضمنه من الخضوع لهيبته، والخشوع لعزته، والاستخذاء له، عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص، وفهمت من أي قلب خرجت، وعلى أي لسان جرت. وقد قيل للإمام عليّ بن الحسين(عليه السلام) وكان الغاية في العبادة: أين عبادتك من عبادة جدك؟ قال: (عبادتي من عبادة جدي كعبادة جدي من عبادة رسول الله(صلى الله عليه وآله))(105).
والشيء الّذي يثير التعجب في مزايا الإمام عليّ(عليه السلام) هو (الجمع بين الأضداد) فكان ذلك من عجائبه الّتي انفرد بها وأمن المشاركة فيها، وأصبح من فضائله العجيبة وخصائصه اللطيفة، حيث جمع بين الأضداد، وألف بين الأشتات، وهذا ما كان يثير عجب الشريف الرضي فيتحدث به إلى معاصريه فيثير إعجابهم، وهي موضع العبرة والفكرة فيها(106). ومن هذه الصفات المتضادة:
أولاً: يقول الشريف الرضي: ((إن كلامه الوارد في الزهد والمواعظ، والتذكير والزواجر؛ إذا تأمله المتأمل، وفكر فيه المفكر، وخلع من قلبه أنّه كلام مثله، من عظم قدره ونفذ أمره وأحاط بالرقاب ملكه، لم يعترضه الشك في أنّه كلام من لا حظ له في غير الزهادة، ولا شغل له بغير العبادة، قد قبع في كسر بيت، أو انقطع إلى سفح جبل، لا يسمع إلاّ حسه، ولا يرى إلاّ نفسه، ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب، مصلتاً سيفه، فيقط الرقاب، ويجدل الأبطال، ويعود به ينطف دماً، ويقطر مهجاً، وهو مع تلك الحال زاهد الزهاد وبدل الأبدال))(107).
إنّ الّذي أشار له الشريف الرضي أمر صحيح، لأنّ الغالب على أهل الشجاعة والإقدام والمغامرة والجرأة أن يكونوا ذوي قلوب قاسية، وفتك وتمرد وجبرية، والغالب على أهل الزهد ورفض الدنيا وهجران ملاذها، والاشتغال بمواعظ الناس وتخويفهم المعاد، وتذكيرهم الموت، أن يكونوا ذوي رقة ولين، وضعف قلب، وخور طبع، فهاتان حالتان متضادتان، وقد اجتمعا له(عليه السلام)(108).
يقول ابن أبي الحديد: ((أني لأطيل التعجب من رجل يخطب في الحرب بكلام يدل على إنّ طبعه مناسب لطباع الأسود والنمور وأمثالها من السباع الضارية، ثمّ يخطب في ذلك الموقف بعينه، إذا أراد الموعظة بكلام يدل على إنّ طبعه مشاكل لطباع الرهبان لابسي المسوح الذين لم يأكلوا لحماً، ولم يريقوا دماً! فتارة يكون في صورة بسطام بن قيس الشيباني، وعتبة بن الحارث اليربوعي، وعامر بن الطفيل العامري، وتارة يكون في صورة سقراط الحبر اليوناني، ويوحنا المعمدان الإسرائيلي، والمسيح بن مريم الإلهي))(109).
ثانياً: إنّ الغالب على ذوي الشجاعة وإراقة الدماء أن يكونوا ذوي أخلاق سبعية، وطباع حوشية، وغرائز وحشية، أمّا أهل الزهادة فيغلب عليهم أن يكونوا ذوي انقباض في الأخلاق، وعبوس في الوجوه، ونفار من الناس واستيحاش، لأنّ هدفهم رفض الدنيا والتذكير بالآخرة(110).
ولكن الإمام عليّاً(عليه السلام) الّذي كان أشجع الناس وأعظمهم إراقة للدم، وهو أيضاً أزهد الناس، وأبعدهم عن ملاذ الدنيا، وأكثرهم وعظاً وتذكيراً بأيام الله ومثلاته، ثمّ هو من أشد الناس في العبادة اجتهاداً، وآداباً في المعاملة لنفسه، مع كلّ ذاك فهو ألطف العالم أخلاقاً، وأسفرهم وجهاً، وأكثرهم بشراً، وأوفاهم هشاشة، وأبعدهم عن انقباض موحش، أو خلق نافر، أو تجهم مباعد، أو غلظة، وفظاظة تنفر معها نفس، أو يتكدر معها قلب، حتّى عيب بالدعابة، بعد أن لم يجدوا فيه مغمزاً ولا مطعناً، واعتمدوا في التنفير عنه عليها.(وتلك شكاة ظاهر عنك عارها(111))(112).
ثالثاً: إنّ المعروف على من يكون من أهل بيت السيادة والرياسة أن يكون ذا كبر وتيه وتعظم وتغطرس، خاصة إذا أضيف إلى شرفه من جهة النسب شرف من جهات أخرى.
هذا الحال لا نجده عند أمير المؤمنين(عليه السلام) فمع أنّه في مصاص الشرف ومعدنه، لا يشك عدو ولا صديق أنّه أشرف خلق الله نسباً بعد ابن عمه صلوات الله عليهما، مضافاً إلى الشرف الّذي حصل عليه من جهات شتى، فكان من أشد الناس تواضعاً لصغير أو كبير، وألينهم عريكة وأسمحهم خلقاً، وأبعدهم عن الكبر، وأعرفهم بالحق، وحاله هذا واحداً سواء قبل توليه الخلافة أو بعدها، وذلك لأنّه لم يزل أميراً فلم يستفد بالخلافة شرفاً، ولا اكتسب بها زينة، بل هو الّذي زانها(114). وكانت في نقص فأتمت نقصها بتوليته إياها(115).
رابعاً: إنّ الصفة الّتي تغلب على ذوي الشجاعة، وقتل الأنفس، وإراقة الدماء، أن يكونوا قليلي الصفح، بعيدي العفو، لأنّ أكبادهم واغرة، وقلوبهم ملتهبة، والقوة العصبية عندهم شديدة، وهذا لا يتفق مع ما يتميز به أمير المؤمنين(عليه السلام)، فمع شجاعته نجده في الحلم والصفح بمكان، ونجد لديه القدرة على مغالبة هوى النفس، كما لوحظ تماماً في أيام خلافته(116).
خامساً: قد لا تتفق الشجاعة مع الجود، حيث كان الزبير شجاعاً، ولكنه عرف بالشح، حتّى عد ذلك عمر بن الخطاب من الصفات الّتي لا تؤهله للخلافة قائلاً(117): ((لو وليتها لظلت تلاطم الناس في البطحاء على الصاع(118) والمد))(119). كذلك كان طلحة بن عبيد الله شجاعاً، ولكنه شحيحاً أمسك عن الإنفاق حتّى خلف من الأموال ما لا يأتي عليه الحصر(120). وكان عبد الله بن الزبير شجاعاً، لكنه كان أبخل الناس(121)، كذلك عبد الملك بن مروان الّذي ضرب به المثل في الشح، وسمي (رشح الحجر) لبخله(122).
وكان أمير المؤمنين(عليه السلام) بحال معروفة في الشجاعة والسخاء وهذا من أعاجيبه(عليه السلام)(123).
كانت تربية الإمام عليّ(عليه السلام) في بيت الرسالة البداية لتفتح ذهنيته وقدرتها على استيعاب حقائق الكون وأسراره، وبعد الهجرة المباركة كان(عليه السلام) مخصوصاً بخلوات يخلو بها مع رسول الله(صلى الله عليه وآله)، لا يطّلع أحد من الناس على ما يدور بينهما، وكان(عليه السلام) كثيراً ما يسأل النبيّ(صلى الله عليه وآله) عن معاني القرآن ومعاني كلامه(صلى الله عليه وآله)، وإذا لم يسأل ابتدأه النبيّ(صلى الله عليه وآله) بالتعليم والتثقيف(124)، وروي أنّه قال: (كنت إذا سألت رسول الله أعطاني، وإذا سكت ابتدأني)(125).
وأضيف إلى اختصاص الإمام عليّ(عليه السلام) بالنبي(صلى الله عليه وآله): ذكاءه وفطنته، وطهارة طينته وإشراق نفسه وضوئها، وإذا كان المحل قابلاً متهيئاً، كان الفاعل المؤثر موجوداً، والموانع مرتفعة، حصل الأثر على أتم ما يمكن فلذلك كان(عليه السلام) كما قال الحسن البصري ((رباني هذه الأمة، وذا فضلها، ولذا تسميه الفلاسفة: إمام الأئمّة وحكيم العرب))(126).
فكان(عليه السلام) سيد أهل النظر كافة وإمامهم حيث لم يكن(عليه السلام) مقتصراً على أوائل الأدلة في تكليفه بالعقليات، وقد أشاد النبيّ(صلى الله عليه وآله) بمكانته العلمية إذ قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها)(127).
ومن هنا كان(عليه السلام) يؤكد على ضرورة أخذ العلم من مصدره ألاّ وهو نفسه الشريفة، إذ يقول: (فالتمسوا ذلك من عند أهله فإنهم عيش العلم وموت الجهل هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم، وصمتهم عن منطقهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق، وصامت ناطق). وهذا القول كناية عن نفسه(عليه السلام) فكان(عليه السلام) كثيراً ما يسلك هذا المسلك ويعرض هذا التعريض وهو الصادق الأمين العارف بالأسرار الإلهية(128).
ولذا نجده الوحيد الّذي تجرأ وقال: (سلوني قبل أن تفقدوني(129) فلأنا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض). وقد تأول البعض كلامه(عليه السلام) هذا بأنه:
أراد أنا بالأحكام الشرعية والفتاوي الفقهية أعلم مني بالأمور الدنيوية، فعبر عن ذلك بطرق السماء، لأنَّها أحكام إلهية، وعبر عن هذه بطرق الأرض لأنَّها من الأمور الأرضية . وهناك تفسير آخر أظهر من هذا التفسير لكلامه(عليه السلام) وهو أنّه أراد بيان اختصاصه(عليه السلام) بعلم مستقبل الأمور، ولا سيما في الملاحم والدول، وقد تواتر صحة ذلك عنه وإخباره بالغيوب المتكررة حتّى زال الشك والريب في أنّه إخبار عن علم، وليس اتفاقاً(130).
وكان(عليه السلام) يقول: (نحن شجرة النبوة ومحط الرسالة ومختلف الملائكة ومعادن العلم، وينابيع الحكم…) أي الحكم الشرعي، فإنّه وإن عنى بها نفسه(عليه السلام) وذريته، فإنّ الأمر فيها ظاهراً جداً كما نجده في حديث الرسول(صلى الله عليه وآله) أعلاه: (أنا مدينة العلم وعلي بابها). وقوله(صلى الله عليه وآله): (أقضاكم عليّ)(131). والمعروف إنّ القضاء يستلزم علوماً عدّة(132).
وقد أبانت عدّة من الآيات القرآنية هذه الحقيقة(133) كقوله تعالى:{وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}(134). قال(صلى الله عليه وآله): (سألت الله أن يجعلها إذنك ففعل)(135).
وقوله تعالى:{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}(136). أنّها نزلت في الإمام عليّ(عليه السلام) لمّا خص به من العلم(137). وقوله تعالى:
{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}(138) إن الشاهد هو الإمام عليّ(عليه السلام)(139).
وأكد هذا المعنى بعدد من الأحاديث النبوية كقوله(صلى الله عليه وآله) لفاطمة(عليها السلام): (زوجتك أقدمهم سلماً، وأعظمهم حلماً، وأعلمهم علماً)، وقال(صلى الله عليه وآله): (من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه، وموسى في علمه، وعيسى في ورعه، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب)(140).    
وإلى هذا المعنى كان(عليه السلام) يشير بقوله: (وعندنا (أهل البيت) أبواب الحكم، وضياء الأمر). فالحكمة هنا الشرعيات والفتاوى، وضياء الأمر هي العقليات والعقائد (وهذا مقام عظيم لا يجسر أحد من المخلوقين أن يدّعيه سواه(عليه السلام)، ولو أقدم أحد على ادّعائه لكذب(141) وكذّبه الناس)(142).
وكان(عليه السلام) على درجة عالية من اليقين إذ يقول: (وما شككت في الحق منذ أريته). فالإمام عليّ(عليه السلام) هنا يشير لنعمة الله عليه في أنّه لم يشك بالله منذ عرفه، أو منذ عرف الحق في العقائد الكلامية، والأصولية والفقهية (وهذه مزية له ظاهرة على غيره من الناس فانّ أكثرهم أو كلهم يشك في الشيء بعد أن عرفه وتعتروه الشبه والوساوس ويران على قلبه، وتختلجه الشياطين عما أدٌي إليه نظره) (143). لذا نجده(عليه السلام) يقول: (بل اندمجت على علم لو بحت به، لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة(144))(145).
وقد أنكر الإمام عليّ(عليه السلام) ادعاء البعض العلم دونه بقوله: (أين الذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا، ان رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى). وهذا الكلام كناية وإشارة لمن ينازعة الفضل، فهناك من يقال عنه أنّه أفرض، أو أقرء، أو أعرف بالحلال والحرام(146)، مع تسليم الكلّ له(عليه السلام)، ولكنه لم يرض بذلك وعدّ هذا الكلام موضوعاً حسدا له(147).
لذا كان للإمام عليّ(عليه السلام) نعمتان على الصحابة: نعمة الجهاد، ونعمة علومه الّتي لولاها حكم بغير الصواب في كثير من الأحكام، وقد اعترف له عمر بذلك، والخبر المشهور: ((لولا عليّ لهلك عمر))(148).
وإجمالاً، فحاله(عليه السلام) حال رفيعة لم يلحقه أحد ولا قاربه، لذا حق له(عليه السلام) أن يصف نفسه بأنه معادن العلم وينابيع الحكم، فلا أحد أحق بها منه بعد الرسول(صلى الله عليه وآله)(149).
لذا أخذت كلّ فرقة تنتسب إليه وتتجاذبه كلّ طائفة لأنّه رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها، وسابق مضمارها، ومجلّ حليتها، فكل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى(150).
يعد الإمام عليّ(عليه السلام) إمام المتكلمين، إذ لم يعرف علم الكلام(151) ممّن سبقه من العرب، ولا نقل في ما جاء من الأكابر والأصاغر منه شيء، وهو فن انفرد به أولاً اليونان، أمّا من العرب فأول من خاض به منهم هو الإمام عليّ(عليه السلام)، ولهذا نجد المباحث الدقيقة في التوحيد والعدل مبثوثة عنه في
فرش كلامه وخطبه، ولا نجد في كلام أحد من الصحابة والتابعين كلمة واحدة من ذلك، ولا يتصورونه، بل حتّى لو فُهموه لم يفهموه(152).
وعلم الكلام هو العلم الّذي يختص بدراسة الذات الإلهية وصفاتها، لذا يعد أشرف العلوم لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، ومعلومه أشرف الموجودات، فكان هو أشرف العلوم(153).
وهذا الفن هو الّذي بانّ به أمير المؤمنين(عليه السلام) عن العرب في زمانه قاطبة، ولذا استحق التقدم والفضل عليهم أجمعين حيث قال ابن أبي الحديد:
(( وذلك لأنّ الخاصة الّتي يتميز بها الإنسان عن البهائم هي العقل والعلم، ألاّ ترى أنّه يشاركه غيره من الحيوانات في اللحمية والدموية والقوة والقدرة، والحركة الكائنة على سبيل الإرادة والاختيار فليس الامتياز إلاّ بالقوة الناطقة، أي العاقلة العالمة، فكلما كان الإنسان أكثر حظاً منها كانت إنسانيته أتم، ومعلوم أن هذا الرجل أنفرد بهذا الفن، وهو أشرف العلوم، لأنّ معلومه أشرف المعلومات، ولم ينقل عن أحد من العرب غيره في هذا الفن حرف واحد، ولا كانت أذهانهم تصل إلى هذا، ولا يفهمونه بهذا الفن فهو منفرد فيه، وبغيره من الفنون، وهي العلوم الشرعية مشارك لهم وراجح عليهم، فكان أكمل منهم لأن ... الأعلم أدخل في صورة الإنسانية وهذا هو معنى الأفضلية))(154).
ومن خلال ما ورد في نهج البلاغة من إشارات إلى أحوال التصوف حيث بين(عليه السلام) من مقامات العارفين الّتي يرمز إليها في كلامه ما لا يعقله إلاّ العالمون ولا يدركه إلاّ الروحانيون(155).
لذا عٌدّ الإمام عليّاً(عليه السلام) مصدر التصوف الإسلامي، إذ أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون وعنده يقفون، وقد صرح بذلك الشبلي(156) والجنيد(157) والسري(158) وأبو يزيد البسطامي(159) وأبو محفوظ معروف الكرخي(160) وغيرهم، ويكفيك دلالة على ذلك الخرقة الّتي هي شعارهم وكونهم يسندونها بإسناد متصل إليه(عليه السلام)(161).
وكان الإمام عليّ(عليه السلام) أصل علم الفقه وأساسه، وكل فقيه في الإسلام فهو عيال عليه، ومستفيد من فقهه(162) وقد بدأ بواكير ذلك في عهد الرسول(صلى الله عليه وآله) حيث أرسله إلى اليمن داعياً له: (اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه). فقال الإمام عليّ(عليه السلام): (فما شككت بعدها في قضاء بين اثنين)(163) ولذا قال(صلى الله عليه وآله): (أقضاكم عليّ)، والقضاء يحتاج صاحبه لأنّ يكون ملمّاً بالفرائض، والقرآن والحلال والحرام وغيرها(164).
وكان(عليه السلام) يقول: (فلأنا أعلم بطرق السماء مني بطرق الأرض). أي أنّه(عليه السلام) أعلم بالأحكام الشرعية والفتاوي الفقهية من الأمور الدنيوية فعبّر عن تلك بطرق السماء لأنَّها أحكام إلهية، وهذه بطرق الأرض لأنَّها من الأمور الأرضية(165).
وكان الإمام(عليه السلام) مرجع الصحابة في كثير من الأحكام الفقهية ومنهم الخليفة عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، فأمّا الخليفة عمر فتواتر عنه رجوعه إليه في كثير من المسائل الّتي أشكلت عليه، وعلى غيره من الصحابة حتّى قال مراراً: ((لولا عليّ لهلك عمر))(166)، وقوله: ((لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن))(167)، وقوله ((لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر))(168).
وبذلك أصبح الإمام عليّ(عليه السلام) أصل المذاهب الفقهية، فانّ أصحاب الإمام أبي حنيفة كأبي يوسف(169) ومحمد بن الحسن(170)، أخذوا عن أبي حنيفة.
والشافعي قرأ على محمّد بن الحسن، فيرجع فقهه لأبي حنيفة. أمّا أَحْمَد بن حنبل فقرأ على الشافعي، فيرجع أيضاً لأبي حنيفة، وأبو حنيفة قرأ على الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)، والصادق قرأ على أبيه محمّد الباقر(عليه السلام) حتّى ينتهي الأمر إلى الإمام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام). أمّا مالك ابن أنس فقد قرأ على ربيعة الرأي(171)، وربيعة قرأ على عكرمة(172) وعكرمة قرأ على ابن عباس، والمعروف إن ابن عباس هو تلميذ الإمام عليّ(عليه السلام)، وكذلك فانّ الشافعي، درس من طريق آخر على مالك ومالك يرجع فقهه للإمام عليّ(عليه السلام). وأمّا فقه الشيعة فرجوعه إليه واضح(173).
كان الإمام عليّ(عليه السلام) المنظور إليه في علوم القرآن، حيث اتفق الكلّ على حفظه للقرآن على عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وهو أول من جمعه بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله) حيث يرى أهل الحديث أنّه تشاغل بجمع القرآن، وهذا يدل على أنّه أول من جمعه(174).
ولقد أولى الإمام عليّ(عليه السلام) القرآن الكريم عنايته في التأكيد عليه، وإيضاح أهميته ومكانته، فمن أقواله(عليه السلام) فيه: (إن الله (سبحانه و تعالى) أنزل كتاباً هادياً بيّن فيه الخير والشر، فخذوا نهج الخير تهتدوا، واصدفوا عن سمت الشر تقصدوا)(175).
وقال(عليه السلام) أيضاً: (واعلموا إن هذا القرآن هو الناصح الّذي لا يغش، والهادي الّذي لا يضل، والمحدث الّذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحداً إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدى، أو نقصان من عمى، واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على آرائكم، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق، والغي والضلال، فأسالوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به خلقه، أنّه ما توجه العباد إلى الله بمثله، واعلموا أنّه شافع ومشفع، وقائل ومصدق،من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه، فأنّه ينادى منادي يوم القيامة: ألاّ إنّ كلّ حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله، غير حرثة القرآن. فكونوا من حرثته وأتباعه، واستدلوه على ربكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتهموا عليه آرائكم، واستشفعوا فيه أهوائكم)(176).
وقال(عليه السلام) أيضاً: (فالقرآن آمر زاجر، وصامت ناطق، حجة الله على خلقه، أخذ عليهم ميثاقهم، وارتهن عليهم أنفسهم، أتم نوره، وأكرم به دينه، وقبض نبيه(صلى الله عليه وآله) وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به)(177).
وقال(عليه السلام) بعد تلاوته لقوله تعالى: {.. يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ! رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ..}(178): (إن الله (سبحانه و تعالى) جعل الذكر جلاء للقلوب تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد العشوة، وتنقاد به بعد المعاندة)(179).
وقال(عليه السلام) أيضاً: (وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه وبيت لا تهدم أركانه، وعز لا تهزم أعوانه)(180).
وقال(عليه السلام): (كتاب الله تبصرون به، وتنطقون به، وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض، ولا يختلف في الله، ولا يخالفه بصاحبه عن الله)(181).
هذه الملامح فيها إشارة إلى مدى العلاقة الوثيقة بين الإمام والنص القرآني، وقد اتضحت في خصوصية فهمه(عليه السلام) إلى درجة يصورها في قوله لمن سأله: هل عندكم شيء من الوحي؟ فقال: (لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلاّ أن يعطي الله عبداً فهماً في كتابه). وإنعام النظر في قوله(عليه السلام) يثبت إن
أقل ما يدل عليه إن ما نقل عنه من أعاجيب المعارف الصادرة عن مقامه العلمي الّذي يدهش العقول مأخوذ من القرآن الكريم، لذا أصبح(عليه السلام) دائرة معارف القرآن(182).
ومن خلال ملاحظة ما جاء في كلامه(عليه السلام) عن القرآن، نجد فيه أحسن ما ورد في تعظيمه وإجلاله(183). وقد شهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) بتلك العلاقة الوثقى، بين القرآن والإمام عليّ(عليه السلام) بقوله: (علي مع القرآن، والقران مع عليّ لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض)(184).
لذا نجد الإمام عليّاً(عليه السلام) أصبح مصدراً لعلوم القرآن كعلم القراءات حيث إن أئمة القراءات يرجعون إليه مثل أبي عمرو بن العلاء(185) وعاصم ابن أبي النجود(186) وغيرهما لأنَّهما يرجعون لأبي عبد الرحمن السلمي(187) القارئ، وهو تلميذ الإمام عليّ(عليه السلام) وعنه أخذ القرآن فصار فن القراءات من الفنون الّتي تنتهي إلى الإمام عليّ(عليه السلام)(188).
أمّا في (علم التفسير) فكان المعول عليه، حيث عنه أخذ ابن عباس، وقد علم الناس حال ابن عباس في ملازمته له، وانقطاعه إليه، وأنه تلميذه وخريجه، وقيل له: أين علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط(189).
وكان(عليه السلام) يقول: (لقد علمت تبليغ الرسالات، وإتمام العدات، وتمام الكلمات…) والمقصود بعلم تمام كلمات الله تعالى أي تأويلها وبيانها الّذي يتم به، لأنّ في كلامه تعالى المجمل الّذي لا يستغنى عن متم ومبين يوضحه(190).
وفي (علم أسباب النزول) كان(عليه السلام) يؤكد على معرفته بأسباب النزول بقوله: (سلوني عن كتاب الله، والله ما من آية إلاّ أنا أعلم أنّها بليل نزلت أم بنهار أم بسهل نزلت أم بجبل)(191).
أمّا في (البلاغة) الّتي هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته، والمقصود بالمطابقة أن يكون الكلام مناسباً لحال السامع حيث أن الناس طبقات ولذلك تختلف أساليب الكلام تبعاً لاختلاف حال السامع.
أمّا (الفصاحة) فهي أن تكون الألفاظ سهلة واضحة عذبة خفيفة الحركات جارية على القياس الصرفي، وليس هناك تنافر بين حروفها، وأن يكون التركيب (الكلام المؤلف) خالياً من الغموض والتعقيد والتكرار(192). فقد كان الإمام عليّ(عليه السلام) من الفصاحة بمكان، فهو إمام الفصحاء وسيد البلغاء وفي كلامه قيل: ((دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوقين)). ومنه تعلم الناس الخطابة والكتابة حيث حفظ عبد الحميد ابن يحيى الكاتب(193) سبعيناً من خطبه(عليه السلام). وحفظ ابن نباتة(194) كنزاً لا يزيده الإنفاق إلاّ سعة وكثرة حيث حفظ مائة فصل من مواعظه(عليه السلام)(195).
وقد شهد معاوية له بهذا الامتياز، إذ لمّا دخل عليه محفن بن أبي محفن(196) قائلاً له: جئتك من عند أعيا(197) الناس. فقال معاوية: ويحك! كيف يكون أعيا الناس! فوالله ما سن الفصاحة لقريش غيره(198).
ويكفي كتاب نهج البلاغة في الإشارة على أنّه(عليه السلام) لا يجارى في البلاغة، ولا يبارى في الفصاحة، حيث لم يدون لأحد من فصحاء الصحابة(199) العشر ولا نصف العشر ممّا دون له(200)، وقد حفظ الجاحظ ــ أحد معتزلة البصرة(201) ــ في كتابه البيان والتبيين(202) الكثير من خطبه. فلمّا أورد الجاحظ قوله(عليه السلام): (قيمة كلّ امرئ ما يحسن) علق قائلاً: ((لو لم نقف من هذا الكتاب إلاّ على هذه الكلمة لوجدناها شافية، ومجزئة مغنية، بل لوجدناها فاضلة عن الكفاية، وغير مقصرة عن الغاية. وأحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه في ظاهره لفظه، وكان الله(عزوجل) قد ألبسه من الجلالة، وغشاه من نور الحكمة على حسب نية صاحبه وتقوى قائله. فإذا كان المعنى شريفاً، واللفظ بليغاً، وكان صحيح الطبع بعيداً من الاستكراه، ومنزها عن الاختلال، مصونا عن التكلف، صنع في القلوب صنع الغيث في التربة الكريمة، ومتى فصلت الكلمة على هذه الشريطة، ونفذت من قائلها على هذه الصفة، اصحبها الله من التوفيق، ومنحها من التأييد، ما لا يمتنع معه من تعظيمها صدور الجبابرة، ولا يذهل عن فهمها معه عقول الجهلة))(203).
ولقد كان الإمام عليّ(عليه السلام) أفصح من كلّ ناطق بلغة العرب من الأولين والآخرين، إلاّ كلام الله سبحانه وكلام رسوله(صلى الله عليه وآله)، وذلك لأنّ فضيلة الخطيب والكاتب في خطابته وكتابته تعتمد على أمرين هما: مفردات الألفاظ ومركباتها(204).
إن هذه البلاغة جعلت البعض يتعجب قائلا: ((فسبحان من منح هذا الرجل هذه المزايا النفيسة، والخصائص الشريفة! أن يكون غلام من أبناء عرب مكة، ينشأ بين أهله... وخرج أفصح من سحبان(205) وقس(206)، ولم تكن قريش بأفصح العرب، كان غيرها أفصح منها، قالوا أفصح العرب جرهم، وأن لم تكن لهم نباهة… ولا غرو فيمن كان مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) مربيه ومخرجه، والعناية الإلهية تمده وترفده أن يكون منه ما كان))(207).
وقد لاقى كلامه(عليه السلام) استحساناً لدى من كان له باع مشهود في البلاغة حيث يقول الشريف الرضي عن الخطبة الحادية والعشرين: ((إنّ هذا الكلام لو وزن بعد كلام الله سبحانه، وبعد كلام رسول الله(صلى الله عليه وآله) بكل كلام لمال به راجحاً وبرز عليه سابقاً))(208).
وقد خصص الشريف الرضي آخر كتابه نهج البلاغة(209) لقصار كلمات الإمام والتي كانت على إيجازها في منتهى الفصاحة، وقد وصف هذا الباب بأنه: كالروح من البدن، والسواد من العين، وهو الدرة المكنونة الّتي سائر الكتاب صدفها(210).
ومن أساليبه(عليه السلام) (الجواب الاقناعي)، وهي أجوبة إذا بحث عنها لم يكن وراءها تحقيق، وكانت ببادئ النظر مسكتة للخصم صالحة لمصادمته في مقام المجادلة(211).
فلمّا سئل(عليه السلام): كم بين السماء والأرض؟ أجاب: (دعوة مستجابة). وسئل أيضاً: ما بين المشرق والمغرب؟ فقال: (مسيرة يوم للشمس)(212). وهي أجوبة صحيحة لا ريب فيها لأنّ السائل سأل بحضور العامة، تحت المنبر فلو أجابه الإمام بمقدارها عدداً، لربما طالبه السائل بالدليل، والدليل يصعب حصوله على البديهة، وحتى لو حصل لشق إيصاله إلى فهم السائل والحاضرين، ولصار فيها خلاف وربما فتنة، لذا عدل الإمام إلى جواب إجمالي صحيح أسكت السائل واقتنع السامعون به واستحسنوه، وهذا من نتائج حكمته(عليه السلام)(213).
إنّ الإمام(عليه السلام) سبق الفلكيين في التوصل لبعض المسائل الفلكية. كإشارته إلى أنّ منطقة الأبلة هي أبعد موضع في الأرض عن السماء. فقد جاء في خطبة له عن البصرة إنها: (بعيدة عن السماء)، فالإمام هنا يشير إلى ما توصل إليه علماء الفلك في أن أبعد موضع في الأرض عن السماء هو (الأبلة).
ومعنى البعد هنا، هو بعد تلك الأرض المخصوصة عن دائرة معدل النهار والبقاع، والبلاد تختلف في ذلك، وقد دلت الآلات الفلكية والأرصاد على إن أبعد موضع في المعمورة عن دائرة معدل النهار هو الأبلة(214).
وفي قوله(عليه السلام): (الحمد لله الّذي لا توارى عنه سماء سماء، ولا أرض أرضاً). فانّه يدل على إثبات أرضين بعضها فوق بعض كالسموات السبع. لكن القرآن الكريم لم يشر لعدد الأرضين حيث قال تعالى:{ اللَّهُ الّذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}(215)، ولذا قيل أنّها أرض واحدة، ولكنها على سبعة أقاليم، فالمثلية الّتي أشار لها القرآن الكريم من هذا الوجه، وليس من تعدد الأرضين، وقد يحمل كلام الإمام على ذلك، فيقصد(عليه السلام) أنّها أرض واحدة، لكنها أقطار وأقاليم مختلفة، وهي كروية الشكل، فمن كان على حدبة الكرة لا يرى من تحته، والذي تحت لا يرى من فوق، والذي على أحد الجانبين لا يرى من على الجانب الآخر(216).
أمّا في (علم الحيوان) فقد أبدى الإمام عليّ(عليه السلام) بعض الآراء في عدد من الطيور مثل الخفاش الّذي يبصر ليلاً ولا يبصر نهاراً، ثمّ إنّ طيرانها بأجنحة من لحم وليس من ريش، وهي تحمل ولدها ملاصقاً لها فلا يقع حتّى يكبر. وقد أتى(عليه السلام) بالعلم الطبيعي في عدم إبصارها نهاراً، وهو انفعال حاسة بصرها عن الضوء الشديد، وقد يعرض مثل ذلك لبعض الناس، وهو المرض المسمى (روز كور)، أي أعمى النهار، ويكون ذلك عن إفراط التحلل في الروح النوري فإذا لقي حر النهار، أصابه قمر، ثمّ يستدرك ذلك برد الليل فيزول، فيعود الإبصار(217).
وأشار إلى الطاووس وكيفية لقاحه الأنثى مشيراً إن وصفه جاء لمعاينته(عليه السلام) للطاووس، وقد آثار ذلك طعن البعض إذ أين رأى الإمام عليّ(عليه السلام) الطاووس؟! والواقع أنّه(عليه السلام) رآه بالكوفة وليس بالمدينة، حيث كانت الكوفة عاصمة الدولة العربية الإسلامية تجبى لها الأموال والهدايا من الأصقاع(218).
وقد رد(عليه السلام) على قول البعض: ((من يزعم أنّه يلقح بدمعة تسفحها مدامعه، فتقف في ضفتي جفونه، وأن أنثاه تطعم ذلك، ثمّ تبيض لا من لقاح فحل سوى الدمع المنبجس، لمّا كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب)). حيث يرى البعض إن الذكر تدمع عينه، فتقف الدمعة بين أجفانه، فتاتي الأنثى فتطعمها فتلقح من تلك الدمعة(219). وقد أنكر الإمام ذلك بالنسبة للطاووس، ولكنه أشار إلى مطاعمة الغراب، حيث يرى البعض إن لقاح الغراب يكون بانتقال جزء من الماء الموجود في قانصة الذكر إلى الأنثى عن طريق منقارها(220).
وأشار(عليه السلام) إلى بعض الحشرات كالنملة الّتي قال فيها: (اُنظروا إلى النملة في صغر جثتها، ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها، وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في مستقرها، تجمع في حرها إلى بردها، وفي وردها لمصدرها؛ مكفول برزقها، مرزوقة بوقتها، لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديان، ولو في الصفا اليابس، والجحر الجامس، ولو فكرت في مجاري أكلها، وفي علوها وسفلها، وما في الجوف، من شراسيف بطنها، وما في الرأس من عينها وأذنها لقضيت من خلقها عجباً، ولقيت من وصفها تعبا)(221).
وتطرق الإمام عليّ(عليه السلام) للجرادة فقال عنها: (خلق لها عينين حمراوين، وأسرج لها حدقتين قمراوين، وجعل لها السمع الخفي، وفتح لها الفم السوي، وجعل لها الحس القوي، ونابين بهما تقرض، ومنجلين بهما تقبض، يرهبها الزراع في زرعهم، ولا يستطيعون ذبها ولو أجلبوا بجمعهم، حتّى ترد الحرث في نزواتها، وتقضي منه شهواتها، وخلقها كله لا يكون إصبعا مستدمة)(222).
وقد جاء في كلام الإمام(عليه السلام) إشارات مستقبلية تنبأ بها؛ إذ إن كلامه(عليه السلام). داخل في باب المعجزات المحمدية لاشتمالها على الأخبار الغيبية، وخروجها عن وسع الطبيعة البشرية(223).
إنّ معرفة الأمور الغيبية أمر غير مستحيل فبعض الأنفس يمكن أن تختص بخاصية تدرك بها المغيبات، ولكن ليس كلّ المغيبات، لأنّ  القوة المتناهية لا تحيط بأمور غير متناهية، وكل قوة في نفس حادثة فهي متناهية، إذن وجب أن يحمل كلام الإمام(عليه السلام) في معرفته الغيب لا على أنّه يريد به العالمية، بل يعلم أموراً محدودة من المغيبات ممّا اقتضت حكمة الله (سبحانه و تعالى) تأهله لعلمه، وكذا الحال بالنسبة إلى الرسول(صلى الله عليه وآله)(224).
كان(عليه السلام) يخبر عن امتلاكه المعرفة بحوادث ومستقبل الأيام إذ يقول: (فاسئلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها، وقائدها وسائقها، ومناخ ركابها، ومحط رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلاً، ومن يموت منهم موتاً، ولو قد فقدتموني ونزلت بكم كرائه الأمور وحوازب الخطوب لأطرق كثير من السائلين وفشل كثير من المسؤولين)(225).
وقال أيضاً: (والله لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا في برسول الله(صلى الله عليه وآله)). ولذلك اضطر(عليه السلام) إلى أن يبلغه فقط إلى الخاصة ممّن يؤمن ذلك منه(226).
إنّ الإمام عليّ(عليه السلام) قد أسند غيبياته إلى الرسول(صلى الله عليه وآله) باعتباره المصدر الأصيل له، حيث بعد أن أشار إلى بعض الغيبيات قام إليه أحد أصحابه وقال: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب! وهنا ضحك الإمام(عليه السلام) وأوضح للسائل ما أشكل عليه، قائلاً:
(ليس هو بعلم غيب وإنّما هو تعلم من ذي علم، وإنّما علم الغيب علم الساعة، وما عند الله (سبحانه و تعالى) بقوله:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}(227) فهذا علم الغيب الّذي لا يعلمه أحد إلاّ الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله لنبيه فعلمنيه، ودعا لي بأنّ يعيه صدري وتضطم عليه جوانحي)(228).
لم يُعرف أنّ أحداً قال: (سلوني قبل أن تفقدوني) لا من الصحابة، ولا غيرهم سوى الإمام عليّ(عليه السلام) حتّى أنّ أحد الوعاظ قال ذلك على المنبر فتعرض للسخرية والاستهزاء(229). وقد أكد(عليه السلام): (فانا أعلم بطرق السماء مني بطرق الأرض) فيه إشارة إلى ما اختص به من العلم بمستقبل الأمور لا سيما الملاحم والدول، وقد صدق هذا القول عنه ما تواتر من الأخبار الغيبية لا مرة ولا مائة مرة، حتّى زال الشك والارتياب في أنّه إخبار عن علم وليس اتفاقا(230).
ولكن قصور إدراك بعض الناس جعلهم يشكّون بل ويكذبون الإمام(عليه السلام)، وقد صارحوه بذلك مراراً، فكان(عليه السلام) يرد على تكذيبهم فقال: (لقد بلغني أنكم تقولون: عليّ يكذب، قاتلكم الله تعالى، فعلى من أكذب! أعلى الله فانا أول من آمن به، أم على نبيه؟ فانا أول من صدّق به). ثمّ قال(عليه السلام): (كلا والله، لكنها لهجة غبتم عنها، ولم تكونوا من أهلها). ويحتمل أن الإمام يقصد لهجة رسول الله(صلى الله عليه وآله) بتعليمه إياه، أو يقصد لهجته هو(صلى الله عليه وآله) فيقول: (إنها لهجة غبتم عن منافعها، وأعدمتم أنفسكم ثمن مناصحتها)(231). وقال أيضاً: (لا تتراموا بالأبصار عندما تسمعونه مني، فوالذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إن الّذي أنبأكم به عن النبيّ الأمي(صلى الله عليه وآله) ما كذب المبلّغ ولا جهل السامع)(232).
بل إن وجهات نظر سامعيه قد تناقضت بعد ما سمعوا كلامه فحينما قال(عليه السلام): (لو كسرت لي وسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم، وما من آية في كتاب الله أنزلت في سهل أو جبل إلاّ وأنا عالم متى أنزلت، وفيمن نزلت). فقال رجل: يالله والدعوة الكاذبة! وقال آخر: أشهد أنك أنت رب العالمين. وقال قوم: لله أبوه ما أفصحه كاذباً(233).
وبعد أن أوضح(عليه السلام) مصدر معلوماته قال لهم:{وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}(234)، وفيه إشارة إلى أنّ هذه الحقائق الّتي يخبر بها الإمام لا يدرك حقائقها الناس في حياته وإنّما بعد وفاته(235). قال ابن أبي الحديد: ((لقد امتحنا أخباره فوجدناه موافقاًً، فاستدللنا بذلك على صدق الدعوى المذكورة … وكم له من الإخبار عن الغيوب الجارية هذا المجرى بما لو أردنا استقصائه، لكسرنا له كراريس كثيرة وكتب السير تشتمل عليها مشروحة))(236).
إذن هذه النصوص صريحة بأنّ علمه(عليه السلام) بالمغيبات مأخوذ من النبيّ(صلى الله عليه وآله) ولكن هل يمكن التصور أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) أفضى للإمام(عليه السلام) بتفاصيل كلّ الحوادث، فالظرف الزماني الّذي جمع النبيّ بالإمام لا يسع ذلك فالإمام(عليه السلام) يقول: (فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مائة، وتظل مائة، إلاّ أنبأتكم…)(237)، ويقول: (فلأنا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض…)(238)، ويقول: (والله لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت…)(239).
هذا علم واسع لا يسعه الظرف الزماني الّذي قضاه الإمام(عليه السلام) مع النبيّ(صلى الله عليه وآله) ولكن الإمام يصرح بأنّ علمه مستقى من النبيّ(صلى الله عليه وآله)! فكيف التوفيق في ذلك؟
الظاهر أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) أفضى للإمام(عليه السلام) بكليات الأمور، ثمّ كان نشاط القوة الخفية المودعة للإمام فتكشف له ما محجوب في أحشاء الزمان وثنايا المكان، لأنّ الإمام(عليه السلام) كان على درجة من الصفاء العقلي والطهارة الروحية والنقاء الوجداني وهذه القوى أنشط في النفوذ إلى المغيب المحجوب، وكان(صلى الله عليه وآله) بعد أن أوضح للإمام(عليه السلام) الكليات هداه للسبل الّتي تؤدي به إلى أرفع درجات الحالة الروحية الّتي تتيح لقواه الخفية أن تعمل عملها الخارق فيعي بسببها تفصيل ما أجمله الرسول(صلى الله عليه وآله)(240).
بعد هذا العرض لفكر الإمام عليّ(عليه السلام) نخلص للقول:
إن قيل جهاد وحرب فهو سيد المجاهدين والمحاربين، وأن قيل وعظ وتذكير، فهو أبلغ الواعظين والمذكرين، وأن قيل: فقه وتفسير فهو رئيس الفقهاء والمفسرين وأن قيل عدل وتوحيد فهو إمام أهل العدل والموحدين(241).
ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد(242)
هذه المناقب الّتي بلغ من الشهرة والتفرد بها أن فرضت على أعداءه الاعتراف بها فأقروا له بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه، ولا كتمان فضائله(243)، رغم إن أعداءه(عليه السلام) اجتهدوا في إطفاء نوره، والتحريض عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه بالحبس والقتل، ومنعوا من رواية الأحاديث المتضمنة لفضائله(عليه السلام)، حتّى وصل الأمر بمنعهم التسمية باسمه(عليه السلام)، ولكن كلّ ذلك لم يزده إلاّ رفعة وسمواً، وكان كالمسك كلمّا ستر انتشر عرفه، وكلمّا كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة، أدركته عيون كثيرة "(244). وقد عدّ الشيخ المفيد ذلك من باب المعجزات الخارقة للعادة(245).
وسنرى إن هناك مخططاً استهدف تجريد أهل البيت من حقهم السياسي والاقتصادي وحقهم في الحياة(246) بل واستتبعوا ذلك بمخطط خطير ألاّ وهو تدوين التاريخ الإسلامي بأيدي أعداء الدين الإسلامي.

والحمد لله رب العالمين



____________
1- المصـاص: خالـص كـلّ شيء، يقـال فـلان مصـاص قـومه إذا كان أخلصـهم نسـباً، الطريحي: مجمع البحرين 4/ 208، وأنظر المازندراني: شرح أصول الكافي 9/224، ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث 4/227، ابن منظور: لسان العرب 7/91.
2- ابن أبي الحديد: الشرح 1/51.
3- عن قبيلة قريش انظر: الجميلي: قبيلة قريش 5 وما بعدها.
4- ابن خلدون: المقدمة 1041 . هاشم الملاح : الوسيط في تاريخ العرب قبل الإسلام 304.
5- عن بني هاشم قبل الإسلام وبعده أُنظر الجاحظ: رسالة فضل هاشم على عبد شمس ضمن رسائل الجاحظ السياسية 407- 60. وكذلك رسالة الأوطان والبلدان 106- 110. ابن أبي الحديد: الشرح 15/198- 295.
6- سورة قريش آية 4، أُنظر الزمخشري: الكشاف 4/801.
7- الجاحظ: رسائل الجاحظ، تحقيق السندوبي 68- 71. الطبري: تاريخ 2/251- 252، أبو هلال العسكري: الأوائل 13 ـ 15. ابن أبي الحديد: الشرح 5/ 199 ـ 203.
8- الرفادة: توفير الطعام للحجيج، وأول من أوجده قصي. أُنظر الطبري تاريخ 2/260.
9- اليعقوبي: تاريخ 1/207- 209. الطبري: تاريخ 2/252- 254 . ابن أبي الحديد: الشرح 15/ 209 ـ 213.
10- إشارة لمّا جاء في سورة الفيل.
11- الجاحظ: رسالة في فضل بني هاشم على بني عبد شمس 411-412. أبو الفرج: الأغاني 1/15، الشهرستاني: الملل والنحل 392 ـ 393 . ابن أبي الحديد: الشرح 15/200-201. وأوضح السيوطي إن عبد المطلب كانت لديه دلائل على إن محمداً نبي مرسل: الخصائص الكبرى 1/201- 204.
12- إشارة لقصة زمزم ومنافرة قريش له. ابن اسحق: السير والمغازي 25، ابن هشام: السيرة 1/152 - 153. الازرقي: أخبار مكة 2/42 - 48. ابن حبيب: المنمق 413 - 416. اليعقوبي: التاريخ 1/209 - 217. ابن أبي الحديد: الشرح 15/215- 217، 228 ـ 229.
13- الجاحظ: رسالة في فضل بني هاشم على بني عبد شمس: 412. ابن أبي الحديد: الشرح 15/201- 202.
14- أُنظر تفاصيل ذلك: الازرقي: أخبار مكة 1/141- 147، 2/42- 49. الطبري: تاريخ 2/130- 139.
15- اليعقوبي: التاريخ 2/8.
16- ابن أبي الحديد: الشرح 1/120.
17- ورد في الشريعة الإسلامية قوله تعالى: >يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يوماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً< سورة الإنسان آية 7.
18- اليعقوبي: التاريخ 2/8.
19- اليعقوبي: التاريخ 2/8.
20- اليعقوبي: التاريخ 2/10.
21- اليعقوبي: التاريخ 2/10. ابن أبي الحديد: الشرح 14/68. ابن حجر: الإصابة 4/117- 118.
22- اليعقوبي: التاريخ 2/10. ابن أبي الحديد: الشرح 1/29،14/70. إن الإمام يقصد بفقره هنا إن وضعه المادي لا يتناسب مع مكانته الاجتماعية بصفته شيخ البطحاء .
23- اليعقوبي: التاريخ 2/10.الطبري: التاريخ 2/277. أبو نعيم: دلائل النبوة 123. سبط ابن الجوزي: تذكرة 6، 8. ابن أبي الحديد: الشرح 1/29. ابن حجر: الإصابة 4/115.
24- الطبري: التاريخ 2/277. ابن أبي الحديد: الشرح 1/14.
25- ابو جعفر الاسكافي: نقض العثمانية: 289. ابن الأثير: أسد الغابة 3/414. ابن أبي الحديد: الشرح 1/29، 13/227.
26- ابن أبي الحديد: الشرح 1/142.
27- ابن أبي الحديد: الشرح 1/29.
28- ابن أبي الحديد: الشرح 15/219.
29- النسائي: سنن 6/4-5.الطحاوي: شرح معاني الآثار 3/197- 203.
30- مصعب الزبيري: نسب قريش 424- 425 . ابن حبيب: المحبر 335 - 337 .المنمق: 140- 142. النسائي: سنن 6/3-4. أبو هلال العسكري: الأوائل 28 ـ 30. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 168. الخوارزمي: مفاتيح العلوم 15.
31- انظر: الخنيزي: مؤمن قريش (كل الصفحات).
32- أُنظر ترجمتها: ابن سعد: الطبقات 8/222. الشريف الرضي: خصائص أمير المؤمنين ص 49 ـ 50. ابن عبد البر: الاستيعاب 4/1891. ابن المغازلي: مناقب 6، 77. ابن الجوزي: صفة الصفوة 2/54. ابن الأثير: أسد الغابة 5/517. سبط ابن الجوزي: تذكرة 9- 10. ابن حجر: الإصابة 4/380.
33- الصاحب بن عباد: عنوان المعارف 43. أبو الفرج: مقاتل الطالبيين 4- 5. الشريف الرضي: خصائص أمير المؤمنين 49 ـ 50 . الحاكم: المستدرك 3/117. ابن أبي الحديد: الشرح 1/13-14.
34- الشبلنجي: نور الأبصار 76.
35- العقاد: عبقرية الإمام عليّ 43.
36- ابن أبي الحديد: الشرح 1/30
37- إشارة لقوله تعالى: >إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ< سورة الرعد آية 7، حيث يشار إلى نزولها في النبيّ(صلى الله عليه وآله) باعتباره المنذر، والإمام عليّ(عليه السلام) الهادي. أُنظر الطبري: جامع البيان 13/108. الحاكم: المستدرك 3/140. ابن كثير: البداية والنهاية 7/358- 359 .
38- البلاذري: أنساب الأشراف 2/90. أبو الفرج: مقاتل الطالبيين: 15. الحاكم: المستدرك 3/667. الخوارزمي: المناقب: 17. ابن أبي الحديد: الشرح 1/15. مع إننا نتحفظ على هذه الرواية لأنَّها وضعت للطعن في تربية الإمام في بيت الرسالة!!؟ وسوف نناقشها في هذه الحلقة في مبحث رواة ولادة الإمام(عليه السلام) في الكعبة.
39- ابن أبي الحديد: الشرح 1/15.
40- ابن أبي الحديد: الشرح 13/197.
41- العقاد: عبقرية الإمام: 43.
42- ابن أبي الحديد: الشرح 4/54.
43- ابن أبي الحديد: الشرح 4/54.
44- ابو جعفر الاسكافي: نقض العثمانية: 29.ابن قتيبة: المعارف: 169. أبو هلال العسكري: الأوائل: 95 ـ 98. ابن أبي الحديد: الشرح 4/122.
45- ابن المغازلي: مناقب: 404. ابن شهر آشوب: مناقب آل أبي طالب 2/19. الحموي: معجم الأدباء 14/48. ابن طلحة: مطالب السؤول: 30. سبط ابن الجوزي: تذكرة: 108. ابن أبي الحديد: الشرح 4/122. الجويني: فرائد السمطين 427. الهيتمي: الصواعق 131. الحلبي: السيرة الحلبية 1/294.
46- ابن أبي الحديد: الشرح 1/15.
47- سورة الشعراء 214.
48- ابو جعفر الاسكافي: نقض العثمانية: 303. الطبري: تاريخ 2/321- 322. ابن أبي الحديد: الشرح 13/210- 212، 244- 245 .
49- سورة طه 29- 31.
50- أخرجه: ابن حنبل: المسند 1/173 ،4/ 368 . رسائل الجاحظ السياسية ص220 ، 234-9. البخاري: الصحيح 5/90. البلاذري: أنساب2/96. ابن ماجه : صحيح 1/25-27. الترمذي: صحيح 12/171، 175. النسائي : خصائص ص48-50. البهيقي: المحاسن والمساوئ ص44. ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/311. الملطي:التنبيه ص25. الطبراني: المعجم الكبير 12/78. الحاكم: المستدرك 3/117، 144. ابن حزم :الفصل 4/159، 224. ابن عبد البر:
الاستيعاب 3/1097 -8. المغازلي: مناقب ص 27-37. سبط ابن الجوزي: تذكره ص18-20 ،23. النووي : تهذيب الأسماء 1/1/346 . الخوارزمي: المناقب ص19، 59. محب الدين: ذخائر العقبى ص73. الرياض 2/214-6. الجويني : فرائد السمطين ص116، 122، 126، 317، 329 . ابن كثير: البداية والنهاية 7/335 , 339-342 . الهيثمي: مجمع الزوائد 9/120. ابن حجر: الإصابة 2/509. تهذيب التهذيب 7/337. لسان الميزان 2/325 .
السيوطي: تاريخ الخلفاء ص168. الهيثمي: الصواعق ص118-9. تجدر الاشارة الى ان هناك حديثاً مشابهاً مضمونه أن الرسول(صلى الله عليه وآله) قال: >ابو بكر مني بمنزلة هارون من موسى(صلى الله عليه وآله)< ولقد اعتبره الذهبي موضوعاً. انظر ميزان الاعتدال 3/122.
51- ابن أبي الحديد: الشرح 13/211.
52- ابن أبي الحديد: الشرح 4/54.
53- روي إن عمر بن الخطاب أو سعد بن أبي وقاص قال: لعّلي ثلاث لو كانت لي واحدة أحب إليّ من حمر النعم: زواجه بفاطمة، وسكناه في المسجد، وإعطائه الراية يوم خيبر. الترمذي: الصحيح 12/171- 172. الحاكم: المستدرك 3/135، 117، 126. الخوارزمي: المناقب 238. سبط ابن الجوزي: تذكرة 128. الذهبي: تلخيص المستدرك 3/135. ابن كثير: البداية والنهاية 7/341-343. الهيثمي: مجمع الزوائد 9/120. الهيتمي: الصواعق 125.
54- ابن أبي الحديد: الشرح 15/182.
55- ابن ماجة: صحيح سنن 1/26. البيهقي: المحاسن والمساوئ 78، 80، 93. ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/312. الطبراني: المعجم الكبير 3/35-41.
الحاكم: المستدرك 3/182. أبو نعيم: حلية الأولياء 4/139-140. ابن عبد البر: الاستيعاب 1/391. النووي: تهذيب الأسماء 1/1/160، 163. ابن الأثير: أسد الغابة 2/9، 18. ابن أبي الحديد: الشرح 1/30، 15/182. ابن حجر: الإصابة 2/330. ابن حجر: لسان الميزان 2/343. الهيتمي: الصواعق 135- 189. المتقي الهندي: كنز العمال 13/93، 97- 98 ، 100.
56- الطبرسي: الاحتجاج 1/112. ابن شهر آشوب: مناقب 2/19. سبط ابن الجوزي: تذكرة 108. ابن أبي الحديد: الشرح 4/122. الهيتمي: الصواعق 131.
57- الحاكم: المستدرك 3/179. الهيتمي: الصواعق 154. الصبان: إسعاف الراغبين 133.
58- الجويني: فرائد 1/ 324. الهيتمي: الصواعق 122، 154. المتقي الهندي: كنز العمال 12/201. الصبان: إسعاف الراغبين 132.
59- سورة آل عمران 61.
60- سورة الأنعام 84.
61- سورة الأنعام 84، وبهذه الآية احتج يحيى بن معمر على الحجاج في إثبات بنوة الحسن والحسين للنبي(صلى الله عليه وآله). الحاكم: المستدرك 3/180.
62- سورة الأحزاب 40.
63- ابن أبي الحديد: الشرح 11/26- 27.
64- هذا البيت لا يعرف قائله مع شهرته في كتب النحاة: أُنظر مؤلف مجهول: أخبار العباس: 131. الجاحظ: الحيوان 2/206. البغدادي: خزانة الأدب 1/213.
65- أحد حكماء العرب قبل الإسلام وهو تميمي أدرك الإسلام، وحث قومه على الدخول فيه. الثعالبي: التمثيل والمحاضرة 36. ابن نباته: سرح العيون 14- 16. ابن حجر: الإصابة 1/110- 112. الآلوسي: بلوغ الإرب 1/308، 3/172- 173 .
66- سورة التغابن 14.
67- ابن أبي الحديد: الشرح: 11/27- 28، وأنظر القرطبي: الجامع 4/104.
68- ابن أبي الحديد: الشرح: 15/149.
69- ابن أبي الحديد: الشرح: 6/375.
70- أخرجه الحاكم: المستدرك 3/118، 163. النووي: تهذيب الأسماء 1/1/159، 347. الخوارزمي: المناقب 93. سبط ابن الجوزي: تذكرة 322-323. ابن أبي الحديد: الشرح 9/133، الهيتمي: الصواعق 124، 147- 148 .
71- سورة الأحزاب 33.
72- أخرجه الحاكم: المستدرك 3/117، 143، 158- 160. ابن أبي الحديد: الشرح 6/169، 375- 376. ابن تيمية: منهاج السنة 2/121 .
73- ابن أبي الحديد: الشرح 9/133.
74- ابن أبي الحديد: الشرح 7/85.
75- ابن أبي الحديد: الشرح 6/376.
76- ابن أبي الحديد: الشرح 7/85.
77- ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/312. ابن أبي الحديد: الشرح 6/376، الصبان: إسعاف الراغبين 116.
78- ابن أبي الحديد: الشرح 6/373، 376.
79- ابن أبي الحديد: الشرح 7/289.
80- ابن أبي الحديد: الشرح 7/218.
81- ابن أبي الحديد: الشرح 6/373، 377.
82- ابن أبي الحديد: الشرح 13/101، 105.
83- ابن أبي الحديد: الشرح 1/140- 141.
84- مأخوذ من بيت شعر قاله - سحيم بن وثيل الرياحي - وهو:
أنا ابن جلاّ وطّلاع الثنايا    متى أضع العمامة تعرفوني.
85- ابن أبي الحديد: الشرح 11/248.
86- أبو محرز بن حيان المعروف بالأحمر. ت نحو 180هـ. راوية وأديب وشاعر بصري وله ديوان ومقدمة في النحو وهو معلم الأصمعي. انظر: ابن قتيبة: الشعر والشعراء 2/673- 674 . ابن النديم: الفهرست 74. الحموي: معجم الأدباء 11/66-72. السيوطي: بغية الوعاة 242.
87- ابن أبي الحديد: الشرح 16/146.
88- ابن أبي الحديد: الشرح 1/22- 23.
89- أُنظر لمزيد من التفاصيل: ابو هلال: الغارات . النصر الله: شرح نهج البلاغة 398 ـ 402.
90- ابن أبي الحديد: الشرح 1/51-52.
91- سورة الإنسان 8- 9. أُنظر القاضي: المغني 20/2/62. الطوسي: التبيان 10/211. الزمخشري: الكشاف 4/670. القرطبي: الجامع 19/128- 133.
ابن كثير: البداية والنهاية 7/359.
92- سورة البقرة 274.
93- أُنظر الواحدي: أسباب النزول 58. الطوسي: التبيان 2/357. الثعالبي: الجواهر الحسان 1/223. الزمخشري: الكشاف 1/319. القرطبي: الجامع 3/347. وأنظر عند غير المفسرين: ابو جعفر الاسكافي: نقض العثمانية 319. سبط ابن الجوزي: تذكرة 13- 14. ابن تيمية: منهاج السنة 4/62. الجويني: فرائد 1/356. القسطلاني: إرشاد الساري 3/26.
94- الأبدال قوم صالحون لا تخلو الدنيا منهم فإذا مات أحدهم استبدله الله بآخر. الرازي: مختار الصحاح 44.
95- حلس البيت: كساه ببسط تحته حر الثياب. ابن فارس: المجمل 1/248. الرازي: مختار الصحاح 149.
96- هو المزود أو الوعاء. الفيروزآبادي: القاموس 1/45.
97- اللت هو الدق والشد والفت والسحق، واللات سمي بالذي كان يلت عنده السويق بالسمن. الفيروزآبادي: القاموس 1/156.
98- ثوب من القطن الأبيض، والبائع له يدعى الكرابيسي، وهو لفظ معرب. ابن منظور: لسان العرب 8/78- 79 .
99- ابن أبي الحديد: الشرح 1/26.
100- البلاذري: أنساب الأشراف 2/129. الشريف الرضي: نهج البلاغة 486. الزمخشري: ربيع الأبرار 4/128. ابن الجوزي: صفة الصفوة 1/318. ابن أبي الحديد: الشرح 9/235- 236 .
101- قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي من أصحاب الرسول(صلى الله عليه وآله) والإمام عليّ, وأحد دهاة العرب. ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1289-1293. ابن حجر: الإصابة 3/249.
102- مثل يضرب لمن يقول شيئاً ويريد غيره. أُنظر الميداني: مجمع الأمثال 1/89. ابن منظور: لسان العرب 19/46، مادة (رغا). النويري: نهاية الإرب 3/60.
103- ابن أبي الحديد: الشرح 1/25.
104- راجع أدعية الإمام في نهج البلاغة: 85، 86، 87، 96، 104 وغيرها.
105- ابن أبي الحديد: الشرح 1/27.
106- الشريف الرضي: نهج البلاغة 36.
107- الشريف الرضي: نهج البلاغة: 35- 36.
108- ابن أبي الحديد: الشرح 1/50.
109- ابن أبي الحديد: الشرح 11/153.
110- ابن أبي الحديد: الشرح 1/50.
111- هو عجز بيت لأبي ذؤيب الهذلي، وصدره: وعيرها الواشون إنيّ أحبها
112- ابن أبي الحديد: الشرح 1/51.
113- ذكر الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن الجوزي في تاريخه المعروف بالمنتظم، تذاكروا يوماً عند أَحْمَد بن حنبل خلافة أبي بكر وعلي وقالوا فأكثروا، فرفع رأسه إليهم، وقال: قد أكثرتم! ((إن عليّاً لم تزنه الخلافة! ولكنه زانها)). ابن أبي الحديد: الشرح 1/52.
114- ابن أبي الحديد: الشرح 1/51- 52.
115- ابن أبي الحديد: الشرح 1/52.
116- ابن أبي الحديد: الشرح 1/185.
117- الصاع: أربعة أمداد عند أهل المدينة، وثمانية عند أهل الكوفة. الخوارزمي: مفاتيح العلوم 11.
118- المد: مكيال وهو رطل وثلث في الحجاز، ورطلان عند أهل العراق. الرازي: مختار الصحاح 618. الخوارزمي: مفاتيح العلوم 11.
119- ابن سعد: الطبقات 3/221- 222.
120- ابن عبد البر: الاستيعاب 3/906. ابن أبي الحديد: الشرح 2/103.
121- أُنظر الزمخشري: ربيع الأبرار 2/365.
122- ابن أبي الحديد: الشرح 1/52- 53.
123- ابن أبي الحديد: الشرح: 11/48.
124- الترمذي: الصحيح 12/170. 175.الحاكم: المستدرك 3/135. ابن طلحة: مطالب السؤول 49. السيوطي: تاريخ الخلفاء170.
125- ابن أبي الحديد: الشرح 11/48. وأنظر ما جاء لدى جورج جرداق: الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانية 103- 108.
126- الترمذي: صحيح 12/171. الملطي: التنبيه والرد 25. الطبراني: المعجم الكبير 11/55. ابن أخي تبوك: مناقب 427. الحاكم: المستدرك 3/137- 138 . الخطيب: تاريخ بغداد 2/377، 4/348، 7/173، 11/49. 204. ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1102. ابن الأثير: أسد الغابة 4/22. البلوي: ألف باء 1/222. سبط ابن الجوزي: تذكرة 47- 48. النووي: تهذيب الأسماء 1/1/348. الكنجي: كفاية الطالب 220- 223 . ابن طلحة: مطالب السؤول 35.
محب الدين: ذخائر العقبى 87. الرياض 2/255. الجويني: فرائد السمطين 98- 100.الذهبي: تذكرة الحفاظ 4/1231. ابن كثير: البداية والنهاية 7/359.
الهيثمي: مجمع الزوائد 9/114. الدميري: حياة الحيوان 1/55. ابن حجر: تهذيب التهذيب 7/337. السيوطي: تاريخ الخلفاء 170. الجامع الصغير 3/46.
المتقي الهندي: كنز العمال 12/201- 212. الهيتمي: الصواعق 120. المحمودي: ترجمة الإمام عليّ(عليه السلام) 2/457- 499.
127- ابن أبي الحديد: الشرح 9/106- 107.
128- أبو نعيم: حلية الأولياء 1/67- 8. ابن عبد البر: جامع بيان العلم 1/114. الخوارزمي: المناقب 46- 47. سبط ابن الجوزي: تذكرة 27. محب الدين: ذخائر العقبى 93. ابن تيمية: منهاج السنة 4/159. الجويني: فرائد 1/341. ابن حجر: الإصابة 2/509. تهذيب التهذيب 7/338. السيوطي: تاريخ الخلفاء 129- ابن أبي الحديد: الشرح: 13/101. 106.
130- ابن سعد: الطبقات 2/338- 339 . الحاكم: المستدرك 3/145. ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1102. الخوارزمي: المناقب 39 - 41. النووي: تهذيب الأسماء واللغات 1/1/346. الجويني: فرائد 1/166. ابن كثير: البداية والنهاية 7/360. ابن حجر: تهذيب التهذيب 7/337. السيوطي: تاريخ الخلفاء 170.
الهيتمي: الصواعق 121.
131- ابن أبي الحديد: الشرح 7/218- 219.
132- ابن أبي الحديد: الشرح 7/220، 18/235.
133- سورة الحاقة: 12.
134- أنظر: الطبري: جامع البيان 29/55. الواحدي: أسباب النزول 294. الطوسي: التبيان 10/98. الزمخشري: الكشاف 4/600. القرطبي: الجامع 18/264. الخوارزمي: المناقب 199. الكنجي: كفاية الطالب 108- 109. ابن تيمية: منهاج السنة 4/46، 140. السيوطي: الدر المنثور 6/260.
135- سورة النساء: 54.
136- الطوسي: التبيان 3/227- 228 . محمّد الصبان: إسعاف الراغبين 109.
137- سورة هود: 17.
138- الطبري: جامع البيان 12/15. الطوسي: التبيان 5/461.
139- الخوارزمي: المناقب 40- 41، 220. ابن المغازلي: مناقب 212. الكنجي: كفاية الطالب 122. ابن أبي الحديد: الشرح 7/220، 9/168. محب الدين: الرياض 2/290. الجويني: فرائد السمطين 1/172- 3. ابن كثير: البداية 7/357. الصفوري: نزهة المجالس 2/240. المحمودي: ترجمة الإمام عليّ(عليه السلام) 2/506. وقد نظم الشاعر المفجع البصري قصيدة في 160 بيت اشار فيها الى الخصائص المشتركة بين الامام علي عليه السلام والانبياء ، وقد تناولنا ذلك بالدراسة في بحثنا عن المفجع وهو تحت الإنجاز .
140- أُنظر من ادّعى ذلك في الخطيب: تاريخ بغداد 13/163- 166. ابن أبي الحديد: الشرح 13/107- 109 . الذهبي: طبقات الحفاظ 2/755.
141- ابن أبي الحديد: الشرح 7/289.
142- ابن أبي الحديد: الشرح 18/274.
143- الأرشية: هي الحبال، والطوى البعيدة: البئر البعيدة القعر. الشرح 1/215.
144- سبط ابن الجوزي: تذكرة 128. ابن طلحة: مطالب السؤول 39. ابن أبي الحديد: الشرح 1/213.
145- ابن ماجة: صحيح 1/31. الحاكم: المستدرك 3/305- 306 . البيهقي: السنن الكبرى 6/210. الشهرستاني: الملل 1/221. الهيثمي: مجمع الزوائد 1/135.
146- ابن أبي الحديد: الشرح 9/84. 86. وانظر : الجاحظ : العثمانية ص 94 .
147- ابن أبي الحديد: الشرح 1/141.
148- ابن أبي الحديد: الشرح 7/220.
149- ابن أبي الحديد: الشرح 1/17.
150- عن علم الكلام انظر: الجرجاني : التعريفات ص 127 . 151 . صبحي أَحْمَد محمود: في علم الكلام 1/ 15 ـ 20 . بدوي : مذاهب الاسلاميين 1 / 7 ـ 32 .
151- ابن أبي الحديد: الشرح 6/370 - 371 . 10/6.
152- ابن أبي الحديد: الشرح 1/17. 9/257. وأنظر: ابن خلدون: المقدمة 826.
153- ابن أبي الحديد: الشرح 9/256- 257.
154- ابن أبي الحديد: الشرح 1/5.
155- أبو بكر دلف بن جحدر ت334هـ. نشأ في بغداد وتفقه على مذهب مالك. أنظر : السلمي: طبقات الصوفية 337 - 348. أبو نعيم: حلية الأولياء 10/366- 375. ابن الجوزي: صفة الصفوة 2/456- 461. ابن فرحون: الديباج المذهب 116- 117.
156- أبو القاسم الجنيد بن محمّد الخزاز أصله من نهاوند ت 297هـ. انظر : السلمي: طبقات الصوفية 155- 163. أبو نعيم: حلية الأولياء 10/255- 287.
ابن الجوزي: صفة الصفوة 2/416- 424. السبكي: طبقات الشافعية 2/28-37.
157- سري ابن المغلس السقطي من مدرسة بغداد الصوفية وإمامها في وقته ت 251هـ. انظر :السلمي: طبقات الصوفية 48- 55. أبو نعيم: حلية الأولياء 10/116- 127. ابن الجوزي: صفة الصفوة 2/371- 386.
158- طيفور بن عيسى من أهل بسطام بلده بقومس ت 261هـ. انظر : السلمي: طبقات الصوفية: 67- 74. أبو نعيم: حلية الأولياء 10/33- 40. ابن الجوزي: صفة الصفوة 4/107- 114.
159- معروف بن عليّ من كبار المتصوفة وهو أستاذ السري. وكان قد اسلم على يد عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام) توفي سنة 200 هـ ، وقبره معروف ببغداد . انظر: السلمي: طبقات الصوفية: 83- 90. أبو نعيم: حلية الأولياء 8/360- 368. ابن الجوزي: صفة الصفوة 2/318- 324.
160- ابن أبي الحديد: الشرح 1/19.
161- ابن أبي الحديد: الشرح 1/18. وأنظر: رد ابن تيمية على ذلك: منهاج السنة 4/143- 144.
162- أخرجه: ابن سعد: الطبقات 2/337. ابن ماجة: صحيح 2/33. أبو داود: سنن 3/301. الحاكم: المستدرك 3/146. ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1100.
الخوارزمي: المناقب: 41. سبط ابن الجوزي: تذكرة 44. ابن أبي الحديد: الشرح 1/18. 7/289. الجويني: فرائد السمطين 167. ابن حجر: تهذيب التهذيب 7/337. السيوطي: تاريخ الخلفاء 170. المتقي الهندي: كنز العمال 12/220. الهيتمي: الصواعق 121.
163- ابن أبي الحديد: الشرح 9/84.
164- ابن أبي الحديد: الشرح: 13/101. 106.
165- أُنظر القاضي: المغني 20/2/13. ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1103. الخوارزمي: مناقب 39. سبط ابن الجوزي: تذكرة 147. ابن تيمية: منهاج السنة 4/160. الجويني: فرائد السمطين 337- 351. ابن الصباغ: الفصول المهمة 17. المناوي: فيض القدير 4/357.
166- انظر: ابن سعد: الطبقات 2/339. ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1103. البلوي: ألف باء 1/222. ابن الجوزي: صفة الصفوة 1/314. الأربلي: كشف الغمة 1/116. الجويني: فرائد 344- 345. ابن كثير: البداية والنهاية 7/359- 360. ابن حجر: الإصابة 2/509. تهذيب التهذيب 7/337. ابن الصباغ: الفصول المهمة 17. السيوطي: تاريخ الخلفاء 171. الهيتمي: الصواعق 125. القسطلاني: إرشاد الساري 3/195. قال ابن المسيب: ولهذا القول سبب وهو إن ملك الروم كتب إلى الخليفة عمر يسأله عن مسائل فلم يجد جوابا إلاّ عند عليّ(عليه السلام). أُنظر نص المسائل في سبط ابن الجوزي: تذكرة 133- 147.
167- ابن أبي الحديد: الشرح 15/247.
168- هو يعقوب بن إبراهيم الأنصاري (113-182هـ) تلميذ الإمام أبي حنيفة وأول من نشر مذهبه. تولى القضاء حتّى وفاته واشتهر بكتابه الخراج. أُنظر ابن النديم: الفهرست 286. القرشي: الجواهر المضية 2/220- 222. ابن قطلو بغا: تاج التراجم 81. اللكهنوي: الفوائد البهية 226.
169- تلميذ الإمام أبو حنيفة وممن نشر مذهبه (131- 189) تولى القضاء ومات في الري. ابن النديم: الفهرست: 287- 288. الخطيب: تاريخ بغداد 2/172- 182. القرشي: الجواهر المضية 2/42- 44. اللكهنوي: الفوائد البهية 163.
170- ربيعة بن فروخ التيمي ت 136هـ. لقب بربيعة الرأي لأنّه يقول برأيه إذا لم يجد حديثاً. ابن النديم: الفهرست 285. ابن الجوزي: صفة الصفوة 2/177. الخطيب: تاريخ بغداد 8/420. ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/288- 290. الذهبي: تذكرة الحفاظ 1/157- 158.
171- عكرمة بن عبد الله البربري مولى ابن عباس (25- 105) من التابعين طاف البلدان. واستقر فترة في المغرب حيث الخوارج هناك ثمّ عاد ومات بالمدينة. ابن سعد: الطبقات 2/385. أبو نعيم: حلية الأولياء 3/326- 347.
172- ابن أبي الحديد: الشرح 1/18. طرحت العثمانية فكرة مغايرة لذلك وانتقدت القائلين بأسبقية الإمام في علم الفقه. أُنظر رسائل الجاحظ السياسية 185- 173- ابن أبي الحديد: الشرح 1/27. ولمزيد من التفاصيل عن علاقة الإمام بالقرآن. أُنظر التستري: بهج الصباغة 13/ 1 ـ 94.
174- ابن أبي الحديد: الشرح 9/288.
175- ابن أبي الحديد: الشرح 10/18- 19.
176- ابن أبي الحديد: الشرح 10/115.
177- سورة النور: 36 ـ 37.
178- ابن أبي الحديد: الشرح 11/176.
179- ابن أبي الحديد: الشرح 8/273.
180- ابن أبي الحديد: الشرح 8/287.
181- الأعرجي: منهج المتكلمين في فهم النص القرآني 18- 19.
182- ابن أبي الحديد: الشرح 10/2.
183- أخرجه: الحاكم: المستدرك 3/134. الخوارزمي: المناقب 110- 111. الذهبي: تلخيص المستدرك 3/134. السيوطي: تاريخ الخلفاء 173. السيوطي: الجامع الصغير 4/356. المتقي الهندي: كنز العمال 12/203. الهيتمي: الصواعق 122. 124.
184- هو زبان بن العلاء المازني أخذ عنه مشايخ البصريين. أُنظر ابن النديم: الفهرست 42- 46. الذهبي: معرفة القراء الكبار 1/83.
185- الكوفي الأسدي بالولاء ت127 أو 128هـ. يعد في التابعين. أُنظر ابن النديم: الفهرست 43. الذهبي: العبر 1/128. معرفة القراء الكبار 1/73. ميزان الاعتدال 2/357 ـ 358. الجزري: غاية النهاية 1/346.
186- عبد الله بن حبيب الكوفي تصدر الإقراء أيام عثمان بن عفان حتّى توفي سنة 73هـ. أبو نعيم: حلية الأولياء 4/191- 195. السمعاني: الأنساب 7/181.
الذهبي: تذكرة الحفاظ 1/58. الذهبي: معرفة القراء الكبار 1/45.
187- ابن أبي الحديد: الشرح 1/27-28.
188- ابن أبي الحديد: الشرح 1/19. 15/247.
189- ابن أبي الحديد: الشرح 7/289.
190- انظر: ابن سعد: الطبقات 2/338. الأزرقي: أخبار مكة 1/50. البلاذري: أنساب الأشراف 2/99. ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1107. جامع بيان العلم وفضله 1/114. الخوارزمي: المناقب 49. البلوي: ألف باء 1/222. محب الدين: الرياض النظرة 2/262. ابن حجر: الإصابة 2/509. تهذيب التهذيب 7/338. السيوطي: تاريخ الخلفاء 185. الهيتمي: الصواعق 126.
191- انظر معاني متعددة في ابن رشيق: العمدة 1/241- 250. الجرجاني: التعريفات 26. الحلاوي: البلاغة والتطبيق 7- 8.
192- هو عبد الحميد بن يحيى بن سعد العامري بالولاء اختص بمروان بن محمّد وقتل معه، وكان يضرب به المثل في البلاغة، أُنظر الجهشياري: الوزراء والكتاب 72- 83. ابن خلكان: الوفيات 3/228- 232 . ابن نباتة: سرح العيون 162- 165.
193- عبد الرحيم بن محمّد بن إسماعيل بن نباتة الفارقي (335-374هـ) ولد في ميافارقين وسكن حلب ودخل في خدمة سيف الدولة الحمداني وكان الأخير كثير الغزوات فأكثر ابن نباتة من الخطب الجهادية. أُنظر ابن خلكان: الوفيات 3/156- 158 . الذهبي: العبر 2/143.
194- ابن أبي الحديد: الشرح 1/24- 25.
195- لم اجد من يترجم له ما خلا إشارة ابن ماكولا بقوله: محفن بكسر الميم وبفتح الفاء وبالنون الضبي وفد على معاوية فوقع في علي رضي الله عنه في خبر طويل. ابن ماكولا: إكمال الكمال 7 / 212 . ابن عساكر : تاريخ دمشق 57 / 98 ـ 99 .
196- العي ضد البيان أي ليست لديه القدرة على الكلام الفصيح، الرازي: مختار الصحاح 467.
197- ابن أبي الحديد: الشرح 1/24- 25، 15/247.
198- قال المدائني: كان أبو بكر خطيباً وكان عمر خطيباً وكان عثمان خطيباً وكان عليّ أخطبهم، أُنظر الجاحظ: البيان والتبيين 1/353.
199- ابن أبي الحديد: الشرح 1/25.
200- انظر بحثنا الإمام علي عليه السلام في فكر الجاحظ ، مجلة دراسات البصرة ، العدد الرابع ، 2008 .
201- 1/83، 202، 256، 297. 2/14، 20-22، 50- 56، 77- 78، 88، 99، 101، 106، 165، 172، 190، 197، 200، 274، 279، 285، 311، 316، 350، 3/98، 141، 148، 155، 211، 260، 274- 275 ، 285، 301، 4/8، 93.
202- البيان والتبيين 1/83. وأنظر كلمة الإمام لدى سبط ابن الجوزي: تذكرة 154.
203- ابن أبي الحديد: الشرح 6/278- 279.
204- سحبان بن زفر بن إياس ت 54هـ، أحد خطباء العرب. خطب أمام معاوية من الظهر حتّى العصر. أبو هلال العسكري: جمهرة الأمثال 1/248- 249.
ابن حجر: الإصابة 2/109. الالوسي: بلوغ الإرب 3/156.
205- قس بن ساعدة الأيادي أول من خطب على عصا ت 23ق هـ. الجاحظ: البيان والتبيين 1/42- 43. 45، 52، 308- 309. أبو هلال العسكري: جمهرة الأمثال 1/249. المرزباني: معجم الشعراء 338.
206- ابن أبي الحديد: الشرح 16/146- 147.
207- ابن أبي الحديد: الشرح 1/301.
208- نهج البلاغة 469- 559.
209- ابن أبي الحديد: الشرح 18/81.
210- ابن أبي الحديد: الشرح 2/172.
211- الجاحظ: البيان والتبيين 3/274- 275. الشريف الرضي : خصائص امير المؤمنين ص 72. الزمخشري: ربيع الأبرار 1/663. ابن أبي الحديد: الشرح 2/172- 173، 19/199.
212- ابن أبي الحديد: الشرح 19/199.
213- ابن أبي الحديد: الشرح 1/267. وعن الأبله، أُنظر الحموي: معجم البلدان 1/76ـ 78.
214- سورة الطلاق 12.
215- ابن أبي الحديد: الشرح 9/304.
216- ابن أبي الحديد: الشرح 9/183.
217- ابن أبي الحديد: الشرح 9/ 268 .
218- الجاحظ: الحيوان 3/177، 464. ويرى الدميري إن الغراب يتستر في لقاحه الأنثى. حياة الحيوان الكبرى 2/173.
219- ابن أبي الحديد: الشرح 9/268-270.
220- الزمخشري: ربيع الأبرار 4/481-482. ابن أبي الحديد: الشرح 3/55.
221- الجاحظ: الحيوان 5/543-573. الزمخشري: ربيع الأبرار 4/459. ابن أبي الحديد: الشرح 13/56-66.
222- ابن أبي الحديد: الشرح 1/4-5.
  الغيب لغة: ما غاب عنك. الرازي: مختار الصحاح: 485. ابن منظور: لسان العرب 2/147 . والغيبيات هي الحوادث الّتي تقع في المستقبل. أمّا علم الغيب فهو العلم الّذي يلم به إنسان تنقشع من إمام عينيه حجب القرون، وتنطوي المسافات فيقرأ المستقبل البعيد أو الحاضر المحجوب كما يقرأ في كتاب مفتوح، ويعي حوادثه كأنها بنت الساعة الّتي هو فيها. محمّد مهدي شمس الدين: دراسات في نهج البلاغة: 12.
223- ابن أبي الحديد: الشرح 10/12- 13.
224- المفيد: الإرشاد 17. الطوسي: أمالي الطوسي ط. النجف 1/58. الطبرسي: أعلام الورى 174. ابن أبي الحديد: الشرح 7/44.
225- ابن أبي الحديد: الشرح 10/10.
226- سورة لقمان 34. وتكملتها: > إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ< سورة لقمان 34.
227- ابن أبي الحديد: الشرح 8/215.
228- الخطيب: تاريخ بغداد 13/163- 166. ابن أبي الحديد: الشرح 13/107-109. الذهبي: تذكرة الحفاظ 2/755. الدميري: حياة الحيوان الكبرى 2/368.
229- ابن أبي الحديد: الشرح 13/106.
230- ابن أبي الحديد: الشرح 6/133.
231- ابن أبي الحديد: الشرح 7/98.
232- المفيد: الإرشاد 17. ابن أبي الحديد: الشرح 6/136.
233- سورة ص: 88.
233- ابن أبي الحديد: الشرح 6/134.
234- ابن أبي الحديد: الشرح 7/48- 50.
235- ابن أبي الحديد: الشرح 7/44.
236- ابن أبي الحديد: الشرح 13/101.
237- ابن أبي الحديد: الشرح 10/10.
238- محمد مهدي شمس الدين. دراسات في نهج البلاغة 138- 141.
239- ابن أبي الحديد: الشرح 7/203.
240- بيت لأبي نؤاس: ديوان أبي نؤاس 454. الثعالبي: التمثيل والمحاضرة 80.
241- انظر وصف ضرار للإمام عليّ إلى معاوية وبكاء الأخير. أُنظر الشريف الرضي: خصائص أمير المؤمنين ص 54 ـ 55 ، نهج البلاغة 480- 481.
ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1107- 1108. البلوي: ألف باء 1/222- 223. الزمخشري: ربيع الأبرار 1/97، 835- 836 . ابن الجوزي: صفة الصفوة 1/315- 316. سبط ابن الجوزي: تذكرة 118- 119. ابن أبي الحديد: الشرح 18/224. محب الدين: الرياض 2/281- 282 . ابن الصباغ: الفصول المهمة 111.
242- ابن أبي الحديد: الشرح 1/16- 17.
243- الإرشاد: 116.
244- العواد: السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام): 488 ـ 791.
245- 185.
246. وقال أيضاً برأي العثمانية. ابن تيمية: منهاج السنة 4/143- 4.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page