طباعة

عن القرآن والدعاء (أين نحن من هدى القرآن؟!)

عن القرآن والدعاء
أين نحن من هدى القرآن؟!

  تُرى أين نحن من القرآن الكريم الذي نعيش ربيعه المبارك في شهر رمضان هذه الأيام؟ إن بيننا وبين كتاب ربنا سبحانه وتعالى مسافة، ولابد أن نطويها حتى نصل إليه. فما هي هذه المسافة؟ وكيف نطويها؟
  إن الإجابة عن كل ذلك تتلخص ببساطة بالغة، وهي إن واقعنا هو غير الواقع الذي يدعونا القرآن إليه. فواقعنا هو واقع التجزئة والتخلف، فيما يدعونا القرآن إلى الوحدة والتقدم. وواقعنا هو واقع الفساد الإداري والاقتصادي والسياسي، بينما القرآن الكريم يدعونا إلى الصلاح والإصلاح؛ إصلاح ذات البين في المجتمع، إصلاح ما في الأرض، وبالتالي إصلاح السياسة.
  إن نفوسنا -وللأسف الشديد- تختلف عما أراده القرآن، فهي مليئة، بل وطافحة بالحمية والأنانية، ولكن القرآن يدعونا إلى كلمة التقوى والهدى والحبّ، وقد قال لنا بكل صراحة: ?يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِن نِسَآءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ? (الحجرات/11).
   ولكن العصبيات والحميات والأحقاد والفوارق المصطنعة وسائر الجاهليات المتمكنة منّا، تحجزنا عن بعضنا، فهل هذا هو ما أراده القرآن المجيد؟
  كلا؛ لقد أحاط بنا الجهل والهوى في وقت أمرنا كتاب ربنا بالسعي إلى حيازة العلم وتحصيل الهدى، ولكي نكون أناساً علميين عقلائيين، فلا نتحرك وفق الحساسيات والعواطف والشهوات.
  أين الهدى؟ بل أين نحن من هدى القرآن؟ فإذا لم نعرف مكان الهدى، ولم نعرف موقعنا من هذا الهدى، نكون قد حكمنا على أنفسنا بالانفصال عن الفرقان.
  إن شهر رمضان الكريم يعطينا الفرصة المناسبة في إطار قطع المسافة المشار إليها، بل وحذفها حذفاً كلياً، وذلك بوسيلة تلاوة الكتاب المجيد والتأمل والتدبر في آياته المباركة؛ فلا نمرّ على آية قرآنية إلاّ ونتوقف عندها، فنتدبر فيها وفيما تقول.
  كيف ننهى أنفسنا عن الهوى لتكون الجنة هي المأوى؟ وما هي وسيلة الوصول الى التقوى، والوصول الى تلك الدرجة التي بلغها المسلمون الذين اُنزل فيهم قوله عزّ اسمه ?وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? (الحشر/9)؟
  وهكذا يتوجّب علينا أن نقف عند كل آية تحدثنا عن المفاهيم والقوانين التي تنتهي بنا إلى سعادة الدنيا والآخرة.؛ ففي القرآن منهاج متكامل للحياة.
  فتعالوا إلى الاستفادة من هذا المنهاج العظيم، وإلى عقد العزم على مواصلة الدرب إلى أن نحقق في أنفسنا وفي مجتمعنا واقتصادنا وسياستنا ذلك الأفق القرآني الذي أمرنا به.