طباعة

- 67 - طاعة الحيوانات والجمادات للمنبجي

قال الإمام أبو محمد ضياء الدين الوتري في (روضة الناظرين) ص 36: قال الشيخ عقيل بن شهاب الدين أحمد المنبجي العمري أحد أحفاد عمر بن الخطاب، وكان يلقب بالغواص: أعطاني الله الكلمة النافذة في كل شئ، ثم داخله وجد فقام: وقال: يا هوام! يا حجارة! يا شجر! صدقوني، فإني ما ادعيت باطلا، فوفدت الوحوش من الجبل وقد ملأ زئيرها وصراخها البقاع ودارت به، ورقصت الحجارة، فهذه صاعدة وهذه نازلة، واشتبكت الأغصان بعضها ببعضها، ثم حضر فسكت وعاد كل لما كان عليه.
وقال الوتري: كان يلقب بالغواص، وذلك لأنه مر بجماعة من تلامذة شيخه السروجي بالفرات، ففرش سجادته على الماء وجلس عليها وغاص بالماء إلى الجانب الآخر، ثم ظهر من الماء، ولا بلل بثيابه، فذكر ذلك إخوانه لشيخه مسلمة السروجي فقال: عقيل غواص. فاشتهر بذلك (1)
قال الأميني: حقا إن تأثير هذا الرجل في المواليد الثلاث أقوى من تأثير الله سبحانه في تصديقها إياه إن حققت المزاعم والتافهات، فقد جاء في الذكر الحكيم: و إن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم. (2) وسبح لله ما في السموات والأرض (3) ولله يسجد ما في السموات والأرض (4) والنجم والشجر يسجدان (5) ألم تر إن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس (6) ومع ذلك لم يسمع أحد للوحوش والدواب نعيقا، وللشجر هفيفا، وللأحجار صعودا وهبوطا، بعنوان السجدة و التسبيح، فهو لا محالة إما بلسان ملكوتي، أو بعنوان جعل الاستعداد، أو الشهادة التكوينية التي لا تفارق كل موجود على حد قول القائل:
وفي كل شئ له آية * تدل على إنه واحد وعليه ينزل قوله تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو. أي خلق ما يشهد له بأحد الوجوه المذكورة، وإلا فهي دعوى لا شهادة لها إن أريد بها ظاهرها.
أو إن للموجودات في تسبيحها وسجودها لغة وأطوارا لا يحسها البشر، إلا من اصطفاه الله من عباده المنتجبين، وعلمه منطق الطير، وعرفه لغة الحجر والشجر والهوام، لكن الشيخ الغواص أعطاء الله الكلمة النافذة في كل شئ حتى زارت وصرخت له الوحوش، ورقصت الحجارة، واشتبكت أغصان الأشجار، فحظيت بسماعها ورؤيتها آذان أولئك الغالين في فضائله ومقلهم، فحيى الله منحة المولى سبحانه لعبده أكثر مما عنده، ولك إمعان النظر وتدقيق البحث حول السجادة والغوص، وهذه كلها سهلة غير مستصعب على الشيخ مهما كان حفيد عمر الخلفية، وقد سمعت كراماته الظاهرة في العناصر الأربعة في الجزء الثامن ص 83 - 87 ط 1، هكذا يخلق أو يختلق الغلو الفضائل، وافقت العقل أم لم توافق.


___________
(1) روضة الناظرين ص 35.
(2) سورة الاسراء: 47.
(3) سورة الصف: 2.
(4) سورة النحل: 52.
(5) سورة الرحمن: 7.
(6) سورة الحج: 19.