الحمد للّه الذي فطر الخلائق وبرأ النسمات، وأقام على وجوده البراهين والدلالات، وكان من لطفه أنه لم يترك الخلق حائرين، بل أرسل إليهم مبشّرين و منذرين، ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته، وأيّدهم بالمعجزات والآيات البيّنات.
وصلى اللّه على خيرة خلقه محمد الذي ختم اللّه به الرسالات والنبوات، وعلى آله المصطفين والحجج المنتجبين.
لقد كانت دراسة العلوم الدينية بالإضافة إلى دراستي الأكاديمية حلماً طالما راودني، ورغبة تجيش في أعماق نفسي، فكان من منّه سبحانه وإحسانه لي أن حقق لي تلك الرغبة، فالتحقت بدراسة العلوم الدينية في مدينة قزوين، وبعد ذلك انتقلت إلى مدينة قم المقدسة، مدينة العلم والعلماء ولأواصل مسيرتي العلمية بكل مثابرة وجدّ.
وفي أثناء ما كنت أتلقى العلوم والمعارف الإسلامية كان يؤرّقني كثيراً تساؤلٌ واستفهامٌ عن الفرق بيني كمسلم شيعي وبين أترابي من أتباع الديانات الأخرى كالمسيحية واليهودية، فكنت أسأل نفسي دائماً: هل أنّ اعتناقي للدين الإسلامي ناجم عن القناعة بالدليل والبرهان أم أنني ورثت ذلك عن آبائي بحكم البيئة التي أعيشها كما هو الحال في أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى، فلذا كنت- إلى جانب دراستي للفقه والأصول والتفسير وعلوم العربية وغيرها- مهتماً بدراسة الأديان والمذاهب، فرحت أبحث عن كل كتاب ومقال ودراسة في هذا المضمار، وأخذت أطالعها وأتأملها بدقة، وأدوّن أغلب ملاحظاتي واستنتاجاتي وتساؤلاتي.
ومن الكتب التي طالعتها وتأثرت بها كتاب الرحلة المدرسية، وكتاب الهدى إلى دين المصطفى للشيخ البلاغي، حتى أنني قرأت الكتاب المقدس الذي يشمل العهدين القديم والجديد، وكنت أحمل كلما يتحصّل عندي من تساؤلات واستفهامات لأطرحها على أصحاب الفضيلة من العلماء وأساتذة الحوزة، الذين كثيراً ما كانوا ينيرون لي طريقي ويرفعون عن عيني غشاوة الحيرة والجهل.
وبعد البحث والتنقيب ثبت لي أحقية الدين الإسلامي وأنه الدين المرضي عند الله سبحانه.
وبعد ذلك بدأت رحلتي المضنية في التحقيق والتمحيص عن المذهب والفرقة المحقة بين فرق الدين الإسلامي ومذاهبه، وكلما تتلبد أفكاري بغيوم الحيرة والتساؤل كنت أجد ضالتي المنشودة عند أصحاب السماحة والفضيلة آية الله النوري الهمداني، وآية الله جعفر السبحاني، والعلامة محمد جواد مغنية، والسيد جعفر مرتضى العاملي وغيرهم، فأبدأ بطرح تساؤلاتي وإشكالاتي عليهم، وما يعرض لدي أثناء البحث والتحقيق بين ثنايا الكتب وركام الأقوال، فلم يهدأ لي بال أو يقر لي قرار حتى استطعت أن أصل إلى قناعة راسخة ويقين ثابت في كون الشيعة الإمامية الاثنى عشرية هم الفرقة المحقة والناجية من بين فرق المسلمين وطوائفهم؛ لأنهم من تمسك بأهل البيت وسار على المنهج الذي اختطه الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله).
من هذا المنطلق وبعد وقوفي على تلك الأرضية الصلبة شعرت أنه من واجبي أن أدافع عن مذهب أهل البيت بالحكمة والموعظة الحسنة وأن أجادل بالتي هي أحسن لعل الله يهدي بي إلى الحق من فتح الله قلبه وبصيرته للهدى وألقى السمع وهو شهيد?
مقدمة المؤلف
- الزيارات: 1241