عوامل نشوء الفرق الكلامية في الإسلام
من هذه العوامل نذكر([1]):
1 ـ حب الدنيا: ومن مصادق حب الدنيا، حب السلطة والجاه والمال، يقول الإمام علي (عليه السلام) في الذين دفعوه عن حقه بالخلافة: «بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها»([2])، وهذا معاوية بعد إنتصاره العسكري وتسلطه على رقاب المسلمين يخاطب أهل الكوفة قائلاً لهم: «ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا إنكم لتفعلون ذلك، وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم»([3]).
2 ـ عامل الكيد: للإسلام وأهله عن طريق تضليل المسلمين وإيجاد الفرقة بينهم وتشويه مفاهيم الإسلام بدس الروايات وزرع الشبهات، كما في فرقة الغلاة والتصوف والمرجئة.
3 ـ عامل التعصب: إذ مع التعصب تتعمق الخلافات وتتباعد الرؤى ولا ينظر الإنسان إلاّ إلى مصالحه، فقد إجتمع الأنصار بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)وقبل دفنه في سقيفة بني ساعدة خاطباً فيهم رئيسهم سعد بن عبادة داعياً إياهم إلى أن تكون الخلافة لهم لأنهم آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله) ونصروه.
4 ـ عامل الخلافات العلمية: كالخلاف في صحة هذا الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله)وقبوله أو عدم صحته ورفضه، وكالإختلاف في فهم دلالة الآية، وكالقول بنسخة آية أو عدمها، وكالإختلاف في قبول مصادر أخرى للتشريع والإستنباط، كالقياس وسنة الصحابي أو عدم قبولها، فالأشاعرة مثلاً يذهبون إلى أن الله أجبر العباد على فعل المعاصي ومع ذلك يعذبهم عليه مستدلين ببعض الآيات منها قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون). الصافات / 96، أي أن الله خلقكم وخلق أعمالكم.
5 ـ عامل الجهل: إن عدم المعرفة الصحيحة بالأمور تضل الإنسان وتوقعه في الخطأ، فالخوارج مثلاً بسوء فهمهم خدعهم معاوية برفع المصاحف، وزعموا أن التحكيم يخالف قوله تعالى: (إن الحكم إلاّ لله).
يوسف / 40
_______________________________________
[1] سبحاني، الملل والنحل: 1 / 47 ـ 108.
المظفر، عقائد الإمامية: 58.
مؤسسة البلاغ، في منهاج الدعوة والتبليغ: 27 ـ 28.
[2] د. صبحي الصالح، نهج البلاغة: 49 ـ 50.
[3] إبن المغازي، المناقب: 143.