طباعة

الرواية عن فاطمة في إتحاف حور العين إيّاها من الجنّة

2735/ 1- عن عبداللَّه بن سلمان الفارسي، عن أبيه، قال:
خرجت من منزلي يوماً بعد وفاة رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله بعشرة أيّام، فلقيني عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام ابن عمّ الرسول محمّد صلى الله عليه و آله فقال لي: يا سلمان! جفوتنا بعد رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله.
فقلت: حبيبي أباالحسن! مثلكم لا يجفى، غير أنّ حزني على رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله طال، فهو الّذي منعني من زيارتكم.
فقال عليه‏السلام: يا سلمان! ائت منزل فاطمة بنت رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله، فإنّها إليك مشتاقة، تريد أن تتحفك بتحفة قد أُتحفت بها من الجنّة.
قلت لعليّ عليه‏السلام: قد أُتحفت فاطمة عليهاالسلام بشي‏ء من الجنّة بعد وفاة رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله؟
قال: نعم؛ بالأمس.
قال سلمان الفارسي: فهرولت إلى منزل فاطمة عليهاالسلام بنت محمّد صلى الله عليه و آله، فإذا هي جالسة، و عليها قطعة عباء إذا خمّرت رأسها انجلى ساقها، و إذا غطّت ساقها انكشف رأسها.
فلمّا نظرت إليّ اعتجرت، ثمّ قالت: يا سلمان! جفوتني بعد وفاة أبي صلى الله عليه و آله. قلت: حبيبتي! أأجفاكم؟
قالت: فمه؛ أجلس واعقل ما أقول لك: إنّي كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس، و باب الدار مغلق، و أنا أتفكّر في انقطاع الوحي عنّا، وانصراف الملائكة عن منزلنا.
فإذا انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد، فدخل عليَّ ثلاث جوار لم ير الراؤون بحسنهنّ، ولا كهيئتهنّ، ولا نضارة وجوههنّ، ولا أزكى من ريحهنّ، فلمّا رأيتهنّ قمت إليهنّ متنكرة لهنّ، فقلت: بأبي أنتنّ؛ من أهل مكّة أم من أهل المدينة؟
فقلن: يا بنت محمّد! لسنا من أهل مكّة، ولا من أهل المدينة، ولا من أهل الأرض جميعاً غير أنّنا جوار من الحور العين من دارالسّلام، أرسلنا ربّ العزّة إليك يا بنت محمّد! إنّا إليك مشتاقات.
فقلت للّتي أظنّ أنّها أكبر سنّاً: ما اسمك؟
قالت: اسمي مقدودة. قلت: و لم سمّيت مقدودة؟
قالت: خلقت للمقداد بن الأسود الكنديّ صاحب رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله.
فقلت للثانية: ما اسمك؟
قالت: ذرّة.
قلت: ولم سمّيت ذرّة، و أنت في عيني نبيلة؟
قالت: خلقت لأبي ذرّ الغفاريّ صاحب رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله.
فقلت للثالثة: ما اسمك؟
قالت: سلمى.
قلت: و لم سمّيت سلمى؟
قالت: أنا لسلمان الفارسيّ مولى أبيك رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله.
قالت فاطمة عليهاالسلام: ثمّ أخرجن لي رطباً أزرق كأمثال الخشكنانج (1) الكبار أبيض من الثلج، و أزكى ريحاً من المسك الأذفر.
(فأحضرته) فقالت لي: يا سلمان! أفطر عليه عشيّتك، فإذا كان غداً فجئني بنواه،- أو قالت: عجمه-.
قال سلمان: فأخذت الرطب فما مررت بجمع من أصحاب رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله إلّا قالوا: يا سلمان! أمعك مسك؟
قلت: نعم.
فلمّا كان وقت الإفطار أفطرت عليه، فلم أجد له عجماً ولا نوى، فمضيت إلى بنت رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله في اليوم الثاني، فقلت لها: إنّي أفطرت على ما أتحفتيني به فما وجدت له عجماً ولا نوى.
قالت: يا سلمان! ولن يكون له عجم ولا نوى، و إنّما هو نخل غرسه اللَّه في دارالسّلام بكلام علّمنيه أبي‏محمّد صلى الله عليه و آله كنت أقوله غدوة وعشيّة. (2).
______________
(1). معرّب خُشْكنانَه، و هو الخبز السكّريّ الّذي يختبز مع الفُستق و اللوز.
(2). فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفى صلى الله عليه و آله: 279- 281.