طباعة

الثاني: كلهم من قريش

قد ذكرت الروايات أنه [صلى الله عليه وآله] قد قال: «كلهم من قريش»..
والسؤال هو:
هل قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك حقاً؟!
وإذا كان قد قاله، فما هو السبب في ذلك؟
ألا يعتبر ذلك نوعاً من التخفيف من لهجة رفض المنطق القبلي؟
أضف إلى ذلك: أن ما تقدم من حقيقة الموقف الظالم لقريش، ومن هم على رأيها، وخططهم التي تستهدف تقويض حاكمية خط الإمامة، قد يشجع على استبعاد صدور كلمة «كلهم من قريش» منه صلى الله عليه وآله.. وترجيح أن تكون العبارة التي لم يسمعها جابر بن سمرة، وأنس، وعمر بن الخطاب، وعبد الملك بن عمير، وأبو جحيفة، بسبب ما أثاره المغرضون من ضجيج، هي عبارة: «كلهم من بني هاشم». كما ورد في بعض النصوص(1).
وهي الرواية التي استقر بها القندوزي الحنفي، على أساس: أنهم «لا يحسّنون خلافة بني هاشم»(2).
غير أننا نقول: إننا نرجح أن يكون [صلى الله عليه وآله] قد قال الكلمتين معاً، أي أنه [صلى الله عليه وآله] قال: «كلهم من قريش، كلهم من بني هاشم». ويكون ذكر الفقرة الأولى توطئة، وتمهيداً لذكر الثانية؛ ولكن قريشاً قد عرفت ما يرمي إليه صلى الله عليه وآله، خصوصاً بعد أن ذكر لهم حديث الثقلين، فثارت ثائرتها هي وأنصارها، وعجوا وضجوا، وقاموا وقعدوا..!!
وإلا.. فإن قريشاً، ومن يدور في فلكها لم يكن يغضبهم قوله [صلى الله عليه وآله]: «كلهم من قريش» بل ذلك يسرهم، ويفرحهم، لأنه هو الأمر الذي ما فتئوا يسعون إليه، بكل ما أوتوا من قوة وحول، ويخططون ويتآمرون، ويعادون، ويحالفون من أجله، وعلى أساسه، فلماذا الهياج والضجيج، ولماذا الصخب والعجيج، لو كان الأمر هو ذلك؟!.


___________
(1) ينابيع المودة: ص 445 عن مودة القربى، وراجع: منتخب الأثر: ص 14 وهامش ص 15 عنه.
(2) ينابيع المودة: ص 446.