• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

سياسة الفضائح

ولكن ذلك لم يكن ليمنعهم من ادعاء التوبة عما صدر، والندم على ما بدر منهم، وادعاء أن النبي صلى الله عليه وآله قد رضي عليهم وسامحهم، وأنه قد استجدت أمور دعت النبي إلى العدول عن ذلك كله، وأنه صرف النظر عن تولي الإمام علي عليه السلام للأمور بعده.. لأنه رأى أن العرب لن ترضى بهذا الأمر، لأن علياً عليه السلام قد وترها، وقتل رجالها.. أو لغير ذلك من أسباب..
1ـ فكانت قضية تجهيز جيش أسامة، وظهور عدم انصياعهم لأوامر النبي صلى الله عليه وآله في المسير مع ذلك الجيش، حتى إنه صلى الله عليه وآله قد لعن من تخلف عن جيش أسامة..
كانت هذه القضية هي الدليل الآخر على أنهم لا يزالون على سياساتهم تجاه النبي صلى الله عليه وآله، وأنهم لا يزالون بصدد عصيان أوامره، رغم شدة غضبه صلى الله عليه وآله، منهم، ولعنه لهم..
وقد يعتذرون عن ذلك بأن حبهم للنبي صلى الله عليه وآله، وخوفهم من أن يحدث له أمر في غيبتهم، هو الذي دعاهم إلى هذا العصيان، فليس هو عصيان عن سوء نية، بل هو يدل على أنهم في غاية درجات الحسن والصلاح..
ثم إنهم قد يقولون للناس ـ وقد قالوا ذلك بالفعل ـ: إن لعن النبي لهم هو من أسباب زيادة درجات الصلاح فيهم، حيث رروا عنه صلى الله عليه وآله زوراً وبهتاناً، أنه قال:
«والله إني بشر، أرضى وأغضب، كما يغضب البشر، اللهم من سببته، أو لعنته، فاجعل ذلك زكاة له ورحمة»..(1).
2ـ فجاءت قضية صلاة أبي بكر بالناس، في مرض موته صلى الله عليه وآله، وعزل النبي صلى الله عليه وآله له عنها، لتفسد عليهم أي ادعاء لأن يكون أهلاً لما هو أدنى من مقام إمامة الأمة، وخلافة النبوة، فإن عدم أهليته حتى للإمامة في الصلاة، فضلاً عن التي لا تحتاج إلا إلى تصحيح القراءة والعدالة، يكشف عن عدم صلاحيته لمقام الإمامة الذي يحتاج إلى العلم، وإلى العدالة، وإلى الشجاعة، وإلى غير ذلك من صفات..
ولكن قد يعتذرون عن ذلك بالتشكيك في اشتراط العدالة، ويروون عن النبي صلى الله عليه وآله زوراً وبهتاناً أيضاً أنه قال: «صلوا خلف كل بر وفاجر».. ثم يفتي فقهاؤهم بذلك، أو يدّعون أن النبي هو الذي صلى خلف أبي بكر، كما صلى ـ بزعمهم الفاسد ورأيهم الكاسد ـ خلف عمرو بن العاص.. ويدّعون.. ويدّعون..
3ـ فجاءت قضية كتابة النبي صلى الله عليه وآله الكتاب الذي لن يضلوا بعده أبداً، لتظهر كيف أنهم لا يتورعون حتى عن اتهام النبي صلى الله عليه وآله في عقله، حتى ليقول قائلهم: «إن النبي ليهجر»!! أو قال كلمة معناها: «غلبه الوجع».
وكان القائل لذلك هو عمر بن الخطاب بالذات.
رغم أنه صلى الله عليه وآله ما قال لهم: أريد أن أعين الخليفة بعدي، بل قال: «أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدي أبداً».. فواجهوه بهذا الأمر العظيم، فكيف لو زاد على ذلك ما هو أوضح وأصرح؟!
ألا يحتمل أن يبادروا حتى إلى قتله؟!
ثم إنهم قد يعتذرون عن ذلك أيضاً بأن عمر بن الخطاب قد ندم وتاب، وقد يدعون أنه اعتذر إلى النبي صلى الله عليه وآله وأنه صلى الله عليه وآله قد صفح عنه وسامحه.
بل لقد قالوا: إن ما صنعه عمر، من منع النبي صلى الله عليه وآله من كتب الكتاب كان هو الأصح والأصلح، وأنه لو كتب ذلك الكتاب لاختلف المسلمون، ولكانت المصيبة أعظم.
4ـ فجاء ما جرى على السيدة الزهراء عليه السلام ليؤكد إصرارهم على مناوأة النبي صلى الله عليه وآله في أهدافه، وعلى أنهم لا يتورعون حتى عن الاعتداء على البنت الوحيدة لرسول الله صلى الله عليه وآله.. إلى حد إسقاط الجنين وكسر الضلع، والضرب إلى حد التسبب باستشهادها.. وذلك بعد أن جمعوا الألوف من المقاتلين خصوصاً من قبيلة بني أسلم. التي كانت تعيش بالقرب من المدينة أعرابيتها، وقد قال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأعْرَابِ مُنَافِقُونَ}(2).
وقد يقولون للناس أيضاً: لعن الله الشيطان لقد كانت ساعة غضب وعجلة، ولم نكن نحب أن نسيء إلى بنت رسول الله صلى الله عليه وآله.. وقد ندمنا أعظم الندم على ما صدر وبدر منا ـ رغم أن لنا، أسوة برسول الله صلى الله عليه وآله، فإنه إذا كان النبي قد بدر منه حين الغضب ما لا يناسب مقامه، فكيف يمكن تنزيه غيره صلى الله عليه وآله عن مثل ذلك..
وهذا معناه: أن ما صدر منهم لا يعني بالضرورة أنهم لا يصلحون لمقام الإمامة والخلافة، خصوصاً وأن ما صدر منهم تجاه السيدة الزهراء إنما كان في ساعات حرجة، فيه الكثير من الانفعال والتوتر، وقد كانوا ـ بزعمهم ـ يسعون فيها إلى حفظ الإسلام، قبل انتشار الأمر، وفساد التدبير..
5ـ فجاءت قضية فدك لتبين أن هؤلاء غير صادقين فيما يدعونه، وأنهم يفقدون أدنى المواصفات لمقام خلافة النبوة فهم:
غير مأمونين على دماء الناس، كما أظهره فعلهم بالسيدة الزهراء عليه السلام.
وغير مأمونين على أعراضهم كما أوضحه هتكهم لحرمة بيتها وهي التي تقول: خير للمرأة أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل.
وغير مأمونين على أموال الناس كما أوضحه ما صنعوه في فدك..
فإذا كانوا لا يحفظون أموال ودماء وعرض رسول الله، فهل يحفظون دماء وأعراض وأموال الضعفاء من الناس العاديين؟!
وإذا كانوا يجهلون حكم الإرث، فقد علمتهم إياه السيدة الزهراء عليها السلام.
وبعد التعليم، والتذكير فإن الإصرار يدل على فقدانهم لأدنى درجات الأمانة والعدل.
فهل يمكنهم بعد ذلك كله ادعاء أنهم يريدون إقامة العدل، وحفظ الدماء، والأعراض، والأموال، وتعليم الناس دينهم، وتربيتهم، وبث فضائل الأخلاق فيهم، وغير ذلك..
وعلى كل حال، فإن النتيجة هي أن هؤلاء القوم قد أصروا على صرف هذا الأمر عن الإمام علي عليه السلام، ونكثوا بيعته، وأجبروا الناس على البيعة لهم..
وقد توسلوا للوصول إلى أهدافهم بقوة السلاح، حيث جهزوا ألوفاً من المقاتلين من قبيلة بني أسلم، وعرضوا على الناس البيعة وأهانوهم، من أجل ذلك، وسحبوهم إلى البيعة من بيوتهم، سحباً وحملوهم عليها قهراً، وجبراً، كما صرحت به النصوص التاريخية.
بل إنهم صاروا يبحثون عن الناس في بيوتهم، ويخرجونهم منها بالقوة، وكان هناك من يدلهم على البيوت التي اختبأ فيها أفراد لا يريدون البيعة لأبي بكر..
وبعد، فإنه إن كان هناك أفراد يحبون نصرة الإمام علي عليه السلام، فكيف يصلون إليه، بعد أن تضايقت سكك المدينة ببني أسلم؟! وأخذوا عليهم أقطار الأرض، وآفاق السماء؟!!
وقد كان ذلك بعد وفاة النبي [صلى الله عليه وآله]، وإحساسهم بالأمن، وبالقوة.
{فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}(3).
{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}(4).


___________
(1) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 6 ص 70.
(2) الآية 101 من سورة التوبة.
(3) الآية 10 من سورة الفتح.
(4) الآية 13 من سورة العنكبوت.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page