قد تقدم أن بعض الروايات تقول: إن أم كلثوم قد تزوجت بعد عمر وبعد عون ومحمد بن جعفر بعبد الله بن جعفر أيضاً. وماتت عنده، وفي عدد من المصادر قال: إن ذلك كان بعد وفاة زينب العقيلة.
وذكرت الروايات أيضاً: أن علياً (عليه السلام) هو الذي زوجها بعون، وبمحمد، وبعبد الله أيضاً.
ونقول:
أولاً: إن زينب قد حضرت كربلاء، وتوفيت كما يقال في الخامس عشر من شهر رجب سنة 62 هـ.(2) أو سنة 65 للهجرة فراجع(1) أو في سنة أربع وسبعين وعمرها 67 سنة(3).
مع أن أم كلثوم قد حضرت كربلاء، وتوفيت في الشام، أو في المدينة(4)، بعد رجوعها من العراق بأربعة أشهر. وخطبتها في الكوفة وهي بعد في السبي، معروفة ومشهورة(5).
ونقل عن العدوي أنه يقول: إن التي تزوجها عمر هي زينب الوسطى المدفونة بالشام، لكنه نقل غير دقيق(6).
ثانياً: لو لم نأخذ بما دل على حضورها في كربلاء. فإن هذه الرواية لا يمكن أن تصح أيضاً، إذ قد تقدم: أن ثمة روايات تقول: إن ابن عمر قد صلى عليها ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام) وأبو هريرة وغيرهم.
وقد ذكروا: أن وفاتها كانت قبل السنة الرابعة والخمسين من الهجرة(7).
فكيف تتزوج بعبد الله بن جعفر بعد وفاة أختها زينب التي حضرت كربلاء؟ وتوفيت بعد استشهاد الإمام الحسن (عليه السلام) بأكثر من اثنتي عشرة سنة؟!
ثالثاً: إن علياً أمير المؤمنين (عليه السلام)، قد استشهد سنة أربعين للهجرة، فكيف يكون قد زوجها بعبد الله بن جعفر بعد وفاة أختها زينب التي حضرت كربلاء، وتوفيت بعدها؟!. وكربلاء إنما كانت سنة ستين للهجرة كما هو معلوم(8).
وأما دعوى حسن قاسم بأن عبد الله بن جعفر قد طلق زينب العقيلة، ثم تزوج بأم كلثوم، فهي غريبة. فإننا لم نجد شاهداً لها من حديث أو تاريخ، ويكذبها قولهم إنها جاءت مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى الشام حيث توفيت هناك. ولعل سبب هذه الدعوى الحدس والاحتمال الناشئ عن الرغبة في حل التناقضات بين النصوص.



___________
(1) راجع على سبيل المثال: وفاة زينب الكبرى للشيخ جعفر النقدي ص142 ومع بطلة كربلاء للشيخ محمد جواد مغنية ص90 ومرقد العقيلة زينب للشيخ محمد حسين السابقي ص 85 و93 و94 و96 ط الأعلمي سنة 1399 هـ. وأخبار الزينبات ص122 نشر مكتبة المرعشي النجفي قم، ايران.
(2) مع بطلة كربلاء ص90 وأعلام النساء ج1 ص508 ومعالي السبطين ص689 ونقله في كتاب: زينب القدوة أو الرمز ص207 عن الشهرستاني. وراجع: وفاة زينب الكبرى للشيخ فرج آل عمران القطيفي ص54.
(3) راجع: معالي السبطين ص688 عن كتاب: لواقح الأنوار.
(4) راجع: معالي السبطين ص690 عن شرح نهج البلاغة لابن ميثم وراجع: نزهة الأنام في محاسن الشام ص347 و381 ط مصر سنة 1341هـ لعبد الله بن محمد البدري.
(5) راجع: اللهوف ص63 ومثير الأحزان لابن نما ص66.
(6) راجع: مرقد العقيلة زينب ص180.
(7) أعيان الشيعة ج13 ص12 وراجع مهذب الروضة الفيحاء في تواريخ النساء ص198 تأليف ياسين بن خير الله الموصلي المتوفى سنة 1213.
(8) هذا التاريخ الصحيح الذي وضعه رسول الله p الذي روي عنه قوله: يقتل الحسين على رأس ستين من مهاجري.

أضف تعليق