وقد يقال: إن الأخبار التي تحدثت عن أن علياً (عليه السلام) قد زوج ابنته لعمر، وقولهم (عليهم السلام): "ذلك فرج غصبناه" ينافي خبر تشبه الجنية لعمر بأم كلثوم..
ويجاب عن ذلك، بأن هذه المنافاة غير ظاهرة، لأنهم (عليهم السلام) كانوا يحترزون عن إظهار مثل هذه الأمور حتى لأكثر الشيعة لئلا يقعوا في الغلو، أو حتى لا يدخل عليهم الشك والشبهة.
وأما الشك في هذا الأمر بسبب استبعاد وقوع شبه أم كلثوم على الجنية، فهو في غير محله، فإن وقوع شبه هذا على ذاك، قد وقع نظيره أيضاً، فقد وقع شبه عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليه السلام، على يهوذا.. فصلب وقتل..
ويتأكد ذلك إذا كان الإمام (عليه السلام) هو الذي يطلب ذلك..
وقد كان للإمام علي (عليه السلام) سلطة على الجن، كما صرحت به الروايات. كما كان لسليمان (عليه السلام) سلطة عليهم أيضاً..
ثم إن ثمة إشكالات أخرى أوردوها على هذه الرواية وهي لا تصلح للإشكال كما لا يخفى على من دقق النظر. بل إنها لا تصلح حتى لاستبعاد صحة الرواية فضلاً عن أن توجب ردها، أو إسقاطها، وذلك كقولهم:
إن الجنية لم تكن بارعة في عملها حتى استراب بها عمر.
وكقولهم: إن رواية الجنية تعارض رواية ابن أعثم التي تقول: إن أم كلثوم اشتكت من حرمانها ميراث أمها فاطمة وميراث زوجها عمر...
وكقولهم: إن الجنية حجبت أم كلثوم عن الأبصار، وأن أمير المؤمنين هو الذي أظهرها بعد مقتل عمر..
وقولهم: إن عمر إنما هدد العباس بانتزاع السقاية، ولم يهدد علياً.
وقولهم: إن صدر الرواية المصرح بأن علياً يستطيع أن ينقذ ابنته، يتناقض مع ذيلها الذي يقول: إنه استعان بالجنية.
ثم قولهم أيضاً: إن هذه الرواية.. أشبه بالخيالات.
فإن جميع هذه الإشكالات لا تصلح لرد الرواية، واعتبارها خرافة:
إذ لا مانع من أن تحجب الجنية إنساناً عن الأبصار، ثم يأتي أمير المؤمنين ? ويرفع هذا الحجاب.
كما أن تهديد عمر للعباس يثقل على علي (عليه السلام)، ويضطره إلى أمر لا يفعله لولا حدوث هذا الأمر المزعج له.
على أن التهديد قد تجاوز عقيلاً إلى علي نفسه، كما أثبتته روايات أخرى، يمكن ضمها أيضاً إلى هذه الرواية، لعدم المانع من ذلك.
وبالنسبة للتصريح بأن علياً يستطيع أن ينقذ ابنته نقول: إن ذلك لا يمنع من اختياره لهذه الطريقة لينقذها بها.
كما أن تعارض هذه الرواية مع رواية أخرى لا يجعلها في عداد الخرافة والخيال..
فلم يبق مما يصلح للإشكال به على هذه الرواية سوى: أنها رواية ضعيفة السند، لا يمكن تأكيد صحتها.
إشكالات غير صالحة
- الزيارات: 430