ومن غرائب أساليب الكيد السياسي تلك الرواية التي تروي لنا قصة زواج أم كلثوم بعمر بن الخطاب بطريقة مثيرة، حيث جاء فيها: أن عمر خطب أم كلثوم، فقال له علي (عليه السلام): إنها تصغر عن ذلك.
فقال عمر: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي فأحب أن يكون لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبب ونسب.
فقال علي (عليه السلام) للحسن والحسين: "زوجا عمكما." فقالا: هي امرأة من النساء، تختار لنفسها.
فقال (مقام ظ) علي(عليه السلام) مغضباً، فأمسك الحسن بثوبه، وقال: لا صبر لي على هجرانك يا أبتاه.
قال: فزوجاه"(1).
ونقول:
إن الملاحظ هنا:
1 ـ لا ندري لماذا يأمر غيره بتزويج عمر، ولا يتولى ذلك هو بنفسه، فإنه هو ولي أمر ابنته..
2 ـ إن ولديه الحسن والحسين (عليهما السلام) لم يكونا حين تزويج أم كلثوم بعمر بن الخطاب قد بلغا الحلم، فلماذا يحيل هذا الأمر إليهما.. ألم يكن الأنسب أن يحيل أمر ذلك للعباس كما ذكرته روايات أخرى؟..
3 ـ هل كان (عليه السلام) يريد تزويجها جبراً عنها، ومن دون اختيار منها؟!.. وهل يصح لها هي أن تختار لنفسها من دون إذن أبيها أيضاً؟!..
4 ـ وكيف يغضب (عليه السلام) من الحسنين (عليهما السلام)، وهما سيدا شباب أهل الجنة.؟!
وكيف يُغضب سيدا شباب أهل الجنة أباهما؟!..
وإذا كان هذا هو حال سيدي شباب أهل الجنة، فلماذا نلوم الآخرين على جرأتهم على آبائهم؟. وعلى عدم طاعتهم لهم؟..
5 ـ وكيف يغضب هو (عليه السلام) من قول الحق، إذا كان ما قالاه هو الحق؟ وإذا كان ما قالاه باطلاً، فكيف يقولان هما هذا الباطل؟!
6 ـ لماذا أخذ الحسن (عليه السلام) بثوبه، ولم يفعل ذلك أخوه الإمام الحسين (عليه السلام) أليس هو شريك أخيه في إغضاب أبيهما أمير المؤمنين (عليه السلام)؟..
7 ـ وأيضا.. إذا كانت أم كلثوم تصغر عن الزواج.. فكيف صارت بعد ذلك كبيرة لا تصغر عنه.. وهل كان الحديث الذي رواه عمر له غائباً عن ذهنه. أو أنه كان مقنعاً له، إلى درجة أنها أصبحت صالحة للزواج تكويناً.. وأصبح علي مشتاقاً إلى إنجازه إلى حدّ أنه يدخل مع ولديه في معركة بهذا الحجم.
8 ـ وأخيراً.. ألم يكن زواج النبي(صلى الله عليه وآله) بحفصة بنت عمر كافياً لتحقيق النسب والصلة بينه وبين النبي (صلى الله عليه وآله) وفقاً لما احتج به عمر؟!..
__________
(1) حياة الصحابة ج2 ص527 وكنز العمال ط مؤسسة الرسالة ج16 ص532 والسنن الكبرى ج7 ص64 ومجمع الزوائد ج4 ص272 عن الطبري في الأوسط، وعن البزار، قال: وفي المناقب أحاديث نحو هذا.
الرواية الأغرب والأعجب
- الزيارات: 387