طباعة

الإستثمار غير الموفق

وحين يتعب أهل السنة أنفسهم في التأكيد على هذا الزواج تاريخياً، فإنهم يحاولون أن يوظفوه، وأن يستثمروه قدر المستطاع في بلورة وتثبيت آرائهم، وردّ أدلة خصومهم الذين يحتجون عليهم بالدلائل والشواهد الكثيرة جداً على وجود إساءة حقيقية من قبل الخليفة الثاني لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرض موته حيث قال عنه: إن الرجل ليهجر(1). ثم لابنته حينما اعتدى عليها بالإهانة والضرب إلى حد إسقاط جنينها المسمى بمحسن، ثم كسر ضلعها، ومحاولة إحراق بيتها، وغير ذلك مما جرى عليها..
 وقد جاء هذا الزواج ليكون الإكسير الذي يحول التراب إلى الذهب الإبريز، وتتحول به العداوة إلى محبة وصداقة، ويصير العدوان إحساناً، ولا سيما حين يعرضونه للناس بأبهى صورة، وأغلى زينة..
حتى لقد رووا أنه حين استشار الحسنين (عليهما السلام) بادره الإمام الحسن بالقول: "يا أبتاه، فمن بعد عمر، صحب رسول الله، وتوفي، وهو عنه راض، ثم ولي الخلافة فعدل، فقال له: صدقت"(2).
 وقال الجاحظ: "ثم الذي كان من تزويجه أم كلثوم بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه من عمر بن الخطاب طائعاً راغباً. وعمر يقول: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: "إنه ليس سبب ولا نسب إلا منقطع إلا نسبي. قال علي: إنها والله ما بلغت يا أمير المؤمنين.
 قال: إني والله ما أريدها لذاك، فأرسلها إليه، فنظر إليها قبل أن يتزوجها، ثم زوجها إياه، فولدت له زيد بن عمر، وهو قتيل سودان مروان"(3).
وقال السمعاني: "لو كان أبو بكر وعمر كافرين لكان علي بتزويجه أم كلثوم من عمر كافراً أو فاسقاً، معرضاً ابنته للزنى، لأن وطء الكافر للمسلمة زنى محض"(4).


__________
(1) ستأتي المصادر لهذا النص إن شاء الله تعالى..
(2)الفتوحات الإسلامية ج2 ص456.
(3) العثمانية ص236 و237.
(4) الأنساب للسمعاني ج1 ص207.