• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المقدمة الخامسة إحياء ذكرى الغدير وكونه سنّة مؤكّدة

روى النسائي في كتاب خصائص أمير المؤمنين: 21 ـ 27 عن سعد ابن أبي وقّاص قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله بطريق مكّة وهو متّجه إليها، فلّما بلغ غدير خم وقف للناس، ثمّ ردّ من سبقه، ولحقه من تخلّف، فلّما اجتمع الناس إليه قال: أيّها الناس من وليّكم؟ قالوا: الله ورسوله، ثلاثا، ثمّ أخذ بيد علي بن أبي طالب، ثمّ قال: من كان الله ورسوله وليّه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
هذا الحديث روي بطرقٍ مختلفة وبأشكالٍ مختلفة، فرواه عن النبي نحو المائة وعشرين من الصحابة، ذكرهم العلامة الأميني على ترتيب الحروف الهجائية، ومن التابعين 360 تابعيا ذكرهم الأميني على ترتيب الحروف الهجائية، وألّف الكثير كتاباً مستقلاً عن الغدير ذكرهم العلامة السيد عبدالعزيز الطباطبائي في بحثه الغدير في التراث الإسلامي، ذكر فيه أكثر من (120) مؤلفاً.
ولا يوجد في السنّة النبويّة حديث آخر روته هذه الكثرة من الصحابة والتابعين ولا نصف هذا العدد، فهذا الحديث أصحّ الأحاديث سنداً وأكثره روايةً فهو متواتر بالاجماع.
ومع هذا كلّه فبالقياس إلى من سمع الحديث، والمكان الذي أذاعه فيه الرسول، فإنّه لم يقله في بيته حتّى ولا في مسجده، بل أعلنه صرخة أمام عشرات الآلاف من الحجّاج، وأوصاهم بإبلاغ الحاضر الغائب، فيكون حديث الغدير رواته قليلون جدّاً.
وهذا اليوم، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، هو يوم عيد اشترك فيه السنّة والشيعة، وإن كانت الشيعة تبدي له اهتماماً ملحوظاً، لكنّه يوم فرح وعيد عند الفريقين.
فأمّا عند العامّة، فأدلّ دليل على أنّه يوم عيد ما ذكروه عقيب ذكرهم ليوم الغدير، فروى الطبري في كتاب الولاية باسناده عن زيد بن ارقم، عن رسول الله، وذكر حديث الغدير، وفي آخره جاء: قال رسول الله: معاشر الناس قولوا أعطيناك على ذلك عهداً عن أنفسنا وميثاقاً بألسنتنا وصفقة بأيدينا نؤديه الى أولادنا وأهلينا، لا نبغي بذلك بدلاً وأنت شهيد علينا وكفى بالله شهيداً، قولوا ما قلت لكم وسلّموا على علي بإمرة المؤمنين، وقولوا الحمد لله الذي هدانا…
قال زيد بن أرقم: فعند ذلك بادر الناس بقولهم: نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله ورسوله بقلوبنا، وكان أول من صافق النبي صلى الله عليه وآله وعليّاً: أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والانصار وباقي الناس، إلى أن صلّى الظهرين في وقت واحدٍ، وامتدّ ذلك إلى أن صلّى العشائين في وقت واحد…
ورواه احمد بن محمد الطبري في كتابه مناقب علي، وذكر في كتاب النشر والطي.
وفي مرآة المؤمنين لوليّ الله اللكهنوي: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال له: هنيئا يابن أبي طالب أصبحت مولاي….
وفي روضة الصفا لابن خاوند المتوفى سنة 903هـ … وأمر (النبي) أمير المؤمنين أن يجلس في خيمة أخرى، وأمر أطباق الناس بأن يهنّئوا علياً في خيمته، ولمّا فرغ الناس من التهنئة له أمر رسول الله أمّهات المؤمنين بأن يسرن إليه ويهنّئنه، ففعلن…
وحديث التهنئة، وهو قول الناس هنيئاً لك يا ابن طالب، بعد البيعة، ومن جملة من هنّأ عمر، فقال: هنيئاً لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، روى هذا الكثير من المحّدثين، مثل الحافظ ابن أبي شيبة المتوفى سنة 235هـ في المصنّف، واحمد بن حنبل في مسنده 4/281، والحافظ ابو العباس الشيباني، وابو يعلى الموصلي في مسنده، و… حتّى أوصلهم الأميني إلى ستين نفراً.
والتهنئة من خواصّ الأعياد والأفراح.
وذكر أبو هريرة: أن يوم قال رسول الله: من كنت مولاه… هو يوم غدير خم، من صام ثمان عشرة من ذي الحجّة كتب له صيام ستين شهرا.
تاريخ بغداد 8/290، شواهد التنزيل 157/211.
وهذا هو دليل آخر على انّ لهذا اليوم شأناً لابدّ للمسلمين أو يعرفوه.
وكثير من مؤرخي العامة عبّروا عن هذا اليوم بالعيد، كما في الوفيات لابن خلكان 1/60 و2/223 وغيره.
وعدّه البيروني في الآثار الباقية في القرون الخالية: 334: ممّا استعمله أهل الاسلام في الأعياد.
وفي مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي صفحة 53: يوم غدير خم، ذكره أمير المؤمنين في شعره، وصار ذلك اليوم عيداً وموسما، لكونه كان وقتا خصّه رسول الله صلّى الله عليه وآله بهذه المنزلة العلية وشرّفه بها دون الناس كلّهم.
وفي كتاب شرف المصطفى للحافظ أبي سعيد الخركوشي المتوفى سنة 407هـ: أنّ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بعد تبليغ الغدير: هنّوئني هنّوئني، ان اللّه تعالى خصّني النبّوة وخصّ أهل بيتي بالإمامة…
وهذا أيضا خير شاهد على كونه عيداً، حيث رسول الله يطلب من الناس أن يهنئّوه.
ولمّا نزلت آية (اليوم أكملت لكم دينكم…) قال طارق بن شهاب الكتابي الّذي حضر مجلس عمر: لو نزلت فينا هذه الآية لاتخذنا يوم نزولها عيداً، ولم ينكر عليه أحد من الحضور.
أخرجه الأئمة الخمسة مسلم ومالك والبخاري والترمذي والنسائي.
وحاول أعداء عليّ أن يمحوا ذكر يوم الغدير، لكن أبى الله إلاّ أن يتمّ نوره، فأمير المؤمنين بدأ بالمناشدة به في عدّة مجالس، وكذا أهل بيته عليهم السلام وكثير من العلماء.
وهذه المناشدات كان لها الدور الفعّال في بقاء الغدير على مرّ العصور.
حتّى أنّ أمير المؤمنين أعلن عن الغدير وأنه يوم عيد سنة اتفق فيها الجمعة والغدير، ومن خطبته أن قال: أنّ الله عزّ وجلّ جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين، لا يقوم أحدهما إلاّ بصاحبه ليكمل عندكم جميل صنعه… إلى أن قال: عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم وبالبرّ باخوانكم…
مصباح المتهجد: 524.
وفي تفسير فرات بن ابراهيم الكوفي بسنده عن فرات بن أحنف، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحيى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟ قال: فقال لي: نعم، أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة هو اليوم الّذي أكمل الله فيه الدين، وأنزل على نبيّه: (اليوم أكملت لكم دينكم…) قال: قلت: وأيّ يوم هو؟ قال: فقال لي: إنّ أنبياء بني اسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصية والإمامة من بعده فعل ذلك، جعلوا ذلك اليوم عيداً، وأنه اليوم الّذي نصب فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً للناس علماً… قال: قلت: فما ينبغي أن نعمل في ذلك اليوم؟ قال: هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله وحمد وسرور لما منّ الله به عليكم من ولايتنا، فاني أحبّ لكم ان تصوموه.
وروا الكليني في شأن هذا اليوم عدّة أحاديث، وأنه يوم عيد وعبادة ويستحب فيه اكثار الصلاة على محمد وآله والبراءة إلى الله ممن ظلمهم.
الكافي 1/204 و303، وكذا روي الشيخ الصدوق في الخصال والطوسي في المصباح عدّة أحاديث في شأن الغدير.
فهذا هو الغدير عند الشيعة… وهذه عقيدتهم، وهم أخذوها من النبي والأئمة من أهل بيته سلام الله عليهم، فأين البدعة؟ وأيّ شيء أدخلوه في الشرع وهو ليس منه كي يتهموا بالبدعة؟
فلماذا اذن كل هذا الظلم والجور ضدّهم لأجل اقامة مراسم الغدير؟! كما ستمرّ عليك الأحداث، أليس هذا كلّه تعصّب ضدّ الشيعة؟!
وما نسبة النويري والمقريزي وغيرهما من أنّ هذا العيد ابتدعه معزّ الدولة بن بويه سنة 352هـ، فهو تعصّب محض وقلّة معرفة بالتاريخ.
قال الاميني: وما عساني أن أقول في بحاثة يكتب عن تأريخ الشيعة قبل أن يقف على حقيقته، أو أنه عرف نفس الأمر فنسيها عند الكتابة، أو أغضى عنها لأمرٍ دبّر بليل، أو أنّه ما يبالي بما يقول.
أوليس المسعودي المتوفى 346هـ يقول في التنبيه والأشراف ص221: وولد علي رضي الله عنه وشيعته يعظّمون هذا اليوم؟!
أوليس الكليني الراوي لحديث عيد الغدير في الكافي توفي سنة 329هـ؟ وقبله فرات بن ابراهيم الكوفي المفسّر الراوي لحديثه الآخر…
فالكتب هذه الفت قبل ما ذكراه ـ النويري والمقريزي ـ من التأريخ (352).
أوليس الفيّاض بن محمد بن عمر الطوسي قد أخبر به سنة 259هـ وذكر أنه شاهد الامام الرضا سلام الله عليه ـ المتوفى سنة 203 ـ يتعيد في هذا اليوم ويذكر فضله وقدمه؟! ويروي ذلك عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام.
والامام الصادق المتوفى سنة 148هـ قد علّم أصحابه بذلك كلّه وأخبرهم بما جرت عليه سنن الأنبياء من اتخاذ يوم نصبوا فيه خلفاءهم عيداً…
هذه عقيدة عيد الغدير، لكن الرجلين أرادا طعنا بالشيعة، فأنكرا ذلك السلف الصالح وصوّراه بدعة مغزوّة إلى معزّ الدولة، وهما يحسبان أنه لا يقف على كلامهما من يعرف التاريخ فيناقشهما الحساب.
الغدير: 1/287 ـ 289، نهاية الأرب: 1/177، الخطط: 2/222.
ولزيادة الإطلاع عن هذه المسألة راجع: كشف المهم في خبر غدير خم للسيّد هاشم البحراني، عبقات الانوار للعلامة مير حامد حسين، الغدير للعلامة الأميني، منهج في الانتماء المذهبي: 90 ـ 156، الغدير في التراث لاسلامي للعلامة السيد عبدالعزيز الطباطبائي، حديث الغدير رواته كثيرون للغاية قليلون للغاية للسيد عبدالعزيز الطباطبائي، الغدير في حديث العترة الطاهرة للسيّد محمد جواد الشبيري، ومصادر أخرى كثيرة.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page