• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رأى ابن عمر في القتال والصلاة

* (ومنها) *: أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى 4: 110 ط ليدن عن ابن عمر أنه كان يقول: لا أقاتل في الفتنة وأصلي وراء من غلب. وقال ابن حجر في فتح الباري 13: 39: كان رأي ابن عمر ترك القتال في الفتنة ولو ظهر أن إحدى الطائفتين محقة والأخرى مبطلة. وقال ابن كثير في تاريخه 9: 5: كان في مدة الفتنة لا يأتي أميرا إلا صلى خلفه، وأدى إليه زكاة ماله.
يترائا هاهنا من وراء ستر رقيق تترس ابن عمر بأغلوطته هذه عن سبة تقاعده عن حرب الجمل وصفين مع مولانا أمير المؤمنين، ذاهلا عن أن هذه جناية أخرى لا يغسل بها دنس ذلك الحوب الكبير، متى كانت تلكم الحروب فتنة حتى يتظاهر ابن عمر تجاهها بزهادة جامدة لاقتناص الدهماء؟ والأمر كما قال حذيفة اليماني ذلك الصحابي العظيم: لا تضرك الفتنة ما عرفت دينك، إنما الفتنة إذا اشتبه عليك الحق والباطل (1) أو كان ابن عمر بمنتأى عن عرفان دينه؟ أو كان على حد قوله تعالى: يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها؟ وهل كان ابن عمر لم يعرف من القرآن قوله تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا، إن الله يحب المقسطين (2) وقد أفحمه رجل عراقي بهذه الآية وحيره فلم يحر ابن عمر جوابا غير أنه تخلص منه بقوله: مالك ولذلك؟ إنصرف عني. وسيوافيك تمام الحديث.
هلا كان ابن عمر بان له الرشد من الغي، ولم يك يشخص الحق من الباطل؟    
وهلا كان يعرف الباغية من الفئتين؟ وهل كان يزعم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبر عن الفتن بعده وإنها تغشى أمته كقطع الليل المظلم (3) وترك الأمة مغمورة في مدلهماتها، هالكة في غمراتها، ولم يعبد لها طريق النجاة، وما رشدها إلى مهيع الحق، ولم ينبس عما ينجيها ببنت شفة؟ حاشى نبي الرحمة عن ذلك، وهو صلى الله عليه وآله لم يبق عذرا لأي أحد من عرفان الباغية من الطائفتين في تلكم الحروب، ولم يك يخفى حكمها على أي ديني قال مولانا أمير المؤمنين: لقد أهمني هذا الأمر وأسهرني، وضربت أنفه وعينيه فلم أجد إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه، إن الله تبارك وتعالى لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض وهم سكوت مذعنون، لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، فوجدت القتال أهون علي من معالجة الأغلال في جهنم (4).
أكان في أذن ابن عمر وقر عن سماع ذلك الهتاف القدسي بمثل قوله صلى الله عليه وآله لعائشة: كأني بك تنبحك كلاب الحوأب تقاتلين عليا وأنت له ظالمة.
وقوله لزوجاته: كأني بإحداكن قد نبحها كلاب الحوأب، وإياك أن تكوني أنت يا حميراء.
وقوله لها: انظري أن لا تكوني أنت.
وقوله للزبير: إنك تقاتل عليا وأنت ظالم له.
وقوله: سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شئ. [حقا جاهد ابن عمر في الخلاف على قول رسول الله هذا بلسانه وقلبه ما استطاع].
وقوله لعلي: يا علي ستقاتل الفئة الباغية وأنت على الحق، فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني.
وقوله له: ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.
وقوله له: أنت فارس العرب وقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين.
وقوله لأم سلمة لما رأى عليا: هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي.
وعهده إلى علي عليه السلام أن يقاتل بعده القاسطين والناكثين والمارقين (5).
وقوله لأصحابه: إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا. قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل. وكان أعطى عليا نعله يخصفها (6).
وقوله لعمار بن ياسر: تقتلك الفئة الباغية. وقد قتلته فئة معاوية.
وقول أبي أيوب الأنصاري وأبي سعيد الخدري وعمار بن ياسر: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. قلنا يا رسول الله؟ أمرت بقتال هؤلاء مع من؟
قال: مع علي بن أبي طالب.
إلى أحاديث أخرى ذكرناها في الجزء الثالث ص 165 - 170 هب أن ابن عمر لم يكن يسمع شيئا من هذه الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أوما كان يسمع أيضا أوما كان يصدق أولئك الجم الغفير من البدريين أعاظم الصحابة الأولين الذين حاربوا الناكثين والقاسطين وملأ فمهم عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليهم، وأمره إياهم بقتال أولئك الطوائف الخارجة على الإمام الحق الطاهر؟ فأي مين أعظم مما جاء به ابن عمر في كتاب له إلى معاوية من قوله: أحدث (علي) أمرا لم يكن إلينا فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد: ففزعت إلى الوقوف. وقلت: إن كان هذا هدى ففضل تركته، وإن كان ضلالة، فشر منه نجوت. (7)
وهل ابن عمر كان يخفى عليه هتاف الصادع الكريم: علي مع الحق والحق مع علي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة؟.
أو قوله: علي مع الحق والحق معه وعلى لسانه، والحق يدور حيثما دار علي.
أو قوله لعلي: إن الحق معك والحق على لسانك. وفي قلبك وبين عينيك، والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي؟.
أو قوله مشيرا إلى علي: الحق مع ذا، الحق مع ذا، يزول معه حيثما زال؟
أو قوله: علي مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض؟
أو قوله لعلي لحمك لحمي، ودمك دمي، والحق معك؟.
أو قوله ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه أول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين؟. (8)
أو قوله لعلي وحليلته وشبليه: أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم؟.
أو قوله لهم: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم؟.
أو قوله وهم في خيمة: معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد، طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد، ردي الولادة؟.
أو قوله وهو آخذ بضبع علي: هذا أمير البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله؟. (9)
أو قوله في حجة الوداع في ملأ من مائة ألف أو يزيدون: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وأدر الحق معه حيث دار؟. (10)
إلى أخبار جمة ملأت بين الخافقين، فهل ابن عمر كان بمنتأى عن هذه كلها فحسب تلكم المواقف حربا دنيوية أو فتنة لا يعرف وجهها، قتالا على الملك (11)؟ أو كان تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا، وعلى كل تقدير لم يك رأيه إلا اجتهادا في مقابل النص لا يصيخ إليه أي ديني صميم.
ومن المأسوف عليه أن الرجل ندم يوم لم ينفعه الندم عما فاته في تلكم الحروب من مناصرة علي أمير المؤمنين وكان يقول: ما أجدني آسى على شيئ من أمر الدنيا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية. وفي لفظ: ما آسى على شيئ إلا أني لم أقاتل مع علي الفئة الباغية. وفي لفظ: ما أجدني آسى على شيئ فاتني من الدنيا إلا أني لم أقاتل مع علي الفئة الباغية. وفي لفظ: قال حين حضرته الوفاة: ما أجد في نفسي من أمر الدنيا شيئا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وفي لفظ ابن أبي الجهم: ما آسى على شيئ إلا تركي قتال الفئة الباغية مع علي رضي الله الله عنه. (12)
وأخرج البيهقي في سننه 8: 172 من طريق حمزة بن عبد الله بن عمر قال: بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر إذ جاءه رجل من أهل العراق فقال: يا أبا عبد الرحمن! إني و الله لقد حرصت أن اتسمت بسمتك، واقتدي بك في أمر فرقة الناس، واعتزل الشر ما استطعت وإني أقرأ آية من كتاب الله محكمة قد أخذت بقلبي فأخبرني عنها أرأيت قول الله تعالى:
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحديهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين. أخبرني عن هذه الآية. فقال عبد الله: ومالك ولذلك؟ انصرف عني، فانطلق حتى توارى عنا سواده أقبل علينا عبد الله بن عمر فقال: ما وجدت في نفسي من شئ من أمر هذه الأمة ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله عز وجل.
هذه حجة الله الجارية على لسان ابن عمر ونفثات ندمه، وهل أثرت تلكم الحجج في قلبه؟ وصدق الخبر الخبر يوما ما من أيامه؟ أنا لا أدري.


__________
(1) فتح الباري 13: 40.
(2) سورة الحجرات. آية 9.
(3) صحيح الترمذي 9: 49، مستدرك الحاكم 4: 438، 440، كنز العمال 6: 31، 37.
(4) كتاب صفين ص 542.
(5) راجع الجزء الثالث.
(6) راجع ج 7: 132.
(7) الإمامة والسياسة 1: 76، شرح ابن أبي الحديد 1: 260.
(8) راجع الجزء الثالث ص 22، 156 - 159 - 165، الاستيعاب 2: 657، الإصابة 4: 171.
(9) راجع الجزء الأول ص 301 و ج 8: 90، أحكام القرآن للجصاص 1: 560.
(10) راجع ما مر في الجزء الأول من حديث الغدير.
(11) راجع مسند أحمد 2: 70، 94، سنن البيهقي 8: 192.
(12) الطبقات الكبرى ط ليدن 4: 136، 137، الاستيعاب 1: 369، 370، أسد الغابة 3: 229، الرياض النضرة 2: 242.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page