طباعة

سياسة تجريد القرآن من حديث الرسول (صلى الله عليه وآله)

نزلت آيات في ذمّ سادة قريش الذين خاصموا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحاربوه، وآيات أُخرى في ذمّ قبائل بعض الصحابة من قريش، مثل قوله ـ تعالى ـ في سورة الإسراء:
(وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) (الإسراء/60).
في بني أُميّة أو أفراد من الصحابة مثل قوله في سورة التحريم:
(إِنْ تَتُوبَا اِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)(التحريم/4).
(عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَات مُؤْمِنَات قَانِتَات تَائِبَات عَابِدَات سَائِحَات ثَيِّبَات وَأَبْكَاراً) (التحريم/5).
والتي نزلت في أُم المؤمنين عائشة وأُمّ المؤمنين حفصة، في مقابل آيات نزلت في مدح آخرين، مثل آية التطهير في قوله ـ تعالى ـ في سورة الأحزاب:
(اِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب/33).
والتي نزلت في حقّ الرسول (صلى الله عليه وآله) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين.
هذه إلى كثير غيرها كانت تخالف حكومة الخلفاء الثلاثة، فرفعوا شعار حسبنا كتاب الله، وجرّدوا القرآن من حديث الرسول (صلى الله عليه وآله)، وبدأ العمل به أبو بكر، وأمر بكتابة نسخة من القرآن مجرّدة عن حديث الرسول (صلى الله عليه وآله)، وانتهى العمل على عهد عمر، فبدأ عمله بمنع نشر حديث الرسول، وبعد وفاته وقعت الخصومة بين بعض الصحابة والتابعين وبني أميّة وعصبة عثمان، وأخذ الخصوم يروون من حديث الرسول ما فيه ذمّ لعصبة الخلافة، وكانت بأيدي الخصوم مصاحف فيها من بيان الرسول (صلى الله عليه وآله) ما يستدلّ به الخصوم في مقابل عصبة الخلافة، فقام عثمان بتنفيذ شعار جردّوا القرآن من حديث الرسول، وأخذ نسخة المصحف المجرّد من حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) من أمّ المؤمنين حفصة، واستنسخ منها عدّة نسخ من المصاحف المجرّدة عن حديث الرسول (صلى الله عليه وآله)، ووزّعها في بلاد المسلمين، وجمع مصاحف الصحابة اللاّتي كان أصحابها قد دوّنوا فيها النصّ القرآني مع ما سمعوه من بيان الرسول في تفسير آياتها وأحرقها جميعاً، فاستنسخ المسلمون مصاحف من تلك المصاحف المجرّدة عن بيان الرسول (صلى الله عليه وآله).
وأصبح المصحف بعد ذلك اسماً علماً للقرآن المجرّد عن بيان الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومع مرور الزمن لم يعرف المسلمون في القرون التالية أنّ مصاحف الصحابة كان فيها بيان الرسول(صلى الله عليه وآله) مع النصّ القرآني.
وعندما حثّ المنصور العباسي في سنة ثلاث وأربعين بعد المائة من الهجرة علماء المسلمين على تدوين العلوم، وكتب المتخصصون منهم بعلوم القرآن مع بيان آياته كما كان عليه الأمر على عهد الرسول، سمِّي المصحف الذي دوّن فيه القرآن مع بيان آياته بالتفسير، كما مرّ بيانه.