• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

- 67 - ليلة الغار والخليفة فيها

أخرجها أبو نعيم الاصبهاني في حلية الأولياء 1: 22 عن عبد الله بن محمد بن جعفر عن محمد بن العباس بن أيوب عن أحمد بن محمد بن حبيب المؤدب عن أبي معاوية عن هلال بن عبد الرحمن عن عطاء بن أبي ميمونة أبي معاذ عن أنس بن مالك قال: لما كان ليلة الغار قال: أبو بكر يا رسول الله! دعني فلأدخل قبلك فإن كانت حية أو شئ كانت لي قبلك. قال: ادخل، فدخل أبو بكر فجعل يلتمس بيديه، فكلما رأى جحرا جاء بثوبه فشقه ثم ألقمه الجحر حتى فعل ذلك بثوبه أجمع، قال: فبقي جحر فوضع عقبه عليه، ثم أدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فلما أصبح قال له النبي صلى الله عليه وسلم: فأين ثوبك يا أبا بكر؟ فأخبره بالذي صنع، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده فقال: أللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي يوم القيامة. فأوحى الله تعالى إليه: إن الله قد استجاب لك.
وقال ابن هشام في السيرة 2: 98: حدثني بعض أهل العلم إن الحسن البصري قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار ليلا فدخل أبو بكر رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمس الغار لينظر أفيه سبع أو حية يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه.
وذكره ابن كثير في تاريخه 3: 179 فقال: فيه انقطاع من طرفيه.
وفي مرسل المحب الطبري في الرياض 1: 65: دخل أبو بكر الغار فلم ير فيه جحر إلا أدخل إصبعه فيه حتى أتى على جحر كبير فأدخل رجله فيه إلى فخذه ثم قال:
ادخل يا رسول الله! فقد مهدت لك الموضع تمهيدا.
وبات أبو بكر بليلة منكرة من الأفعى فلما أصبح قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا أبا بكر؟ وقد تورم جسده فقال: يا رسول الله! الأفعى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا أعلمتني؟ فقال أبو بكر: كرهت أن أفسد عليك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على أبي بكر فاضمحل ما كان بجسده من الألم وكأنه أنشط من عقال.وقال في مرسل آخر عن عمر في ص 68: كان في الغار خروق فيها حيات و أفاعي فخشي أبو بكر أن يخرج منها شئ يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقمه قدمه فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيات والأفاعي، وجعلت دموعه تتحادر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: يا أبا بكر! لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته وهي الطمأنينة لأبي بكر.
والذي صححه الحاكم في المستدرك من طريق عمر من الحديث قوله: فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله! حتى استبرئ الحجرة فدخل واستبرأ ثم قال: أنزل يا رسول الله! فنزل فقال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر.
فقال الحاكم: صحيح لولا إرسال فيه.
وفي حديث زيفه ابن كثير بالإرسال أيضا: قال أبو بكر: كما أنت حتى أدخل يدي فأحسه وأقصه فإن كانت فيه دابة أصابتني قبلك. قال نافع: فبلغني إنه كان في الغار جحر فألقم أبو بكر رجله ذلك الجحر تخوفا أن يخرج منه دابة أو شئ يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي لفظ: لما دخل الغار سدد تلك الأجحر كلها وبقي منها جحر واحد، فألقمه كعبه فجعلت الأفاعي تنهشه ودموعه تسيل " تاريخ ابن كثير 3: 180 " فقال: في هذا السياق غرابة ونكارة.
وزاد عليه الحلبي في السيرة: قد كان صلى الله عليه وسلم وضع رأسه في حجر أبي بكر رضي الله تعالى عنه ونام فسقطت دموع أبي بكر رضي الله تعالى عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
مالك يا أبا بكر؟ قال لدغت فداك أبي وأمي، فتفل رسول الله على محل اللدغة فذهب ما يجده.
وقال: زاد في رواية: وإنه رأى على أبي بكر أثر الورم فسأل عنه فقال: من لدغة الحية فقال: هلا أخبرتني؟ قال: كرهت أن أوقظك فمسحه النبي صلى الله عليه وسلم فذهب ما به من الورم والألم.
وقال: قال بعضهم: والسر في اتخاذ رافضة العجم اللباد المقصص على رؤوسهم تعظيما للحية التي لدغت أبا بكر في الغار، لأنهم يزعمون أن ذلك على صورة تلك الحية.
السيرة الحلبية 2: 39، 40، السيرة النبوية لزيني دحلان هامش الحلبية 1: 342.
قال الأميني: للباحث حق النظر في هذه الرواية من عدة نواحي، أولا من حيث رجال السند ولا إسناد لها منذ يوم وضعت، ولا تروى في كتب السلف والخلف إلا مرسلة إما من الطرفين كرواية ابن هشام، وإما من طرف واحد كإسناد الحاكم وأبي نعيم، ومن الغريب جدا أن القضية مشتركة بين اثنين ليس إلا، وهما: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وروايتها بطبع الحال تنحصر بهما غير أنها لم تنقل عنهما ولم يوجد لهما ذكر في أي سند، والدواعي في مثلها متوفرة لأن يذكر مع الأبد، وتتداولها الألسن، إذ فيها من أعلام النبوة، وكرامة مع ذلك لأبي بكر.
وإسناد أبي نعيم المذكور لا يعول عليه لمكان عبد الله بن محمد بن جعفر، قال ابن يونس: خلط في الآخر، ووضع أحاديث على متون معروفة، وزاد في نسخ مشهورة فافتضح وحرقت الكتب في وجهه.
وقال الحاكم عن الدار قطني: كذاب ألف كتاب سنن الشافعي وفيها نحو مائتي حديث لم يحدث بها الشافعي.
وقال الدارقطني: وضع في نسخة عمرو بن الحارث أكثر من مائة حديث.
وقال علي بن رزيق: كان إذا حدث يقول: لأبي جعفر ابن البرقي في حديث بعد حديث: كتبت هذا عن أحد. فكان يقول نعم عن فلان وفلان. فاتهمه الناس بأنه يفتعل الأحاديث، ويدعيها ابن البرقي كعادته في الكذب. قال: وكان يصحف أسماء الشيوخ (1).
على أن عبد الله بن محمد توفي سنة 315 كما في لسان الميزان فلا تتم رواية أبي نعيم عنه وهو من مواليد 336.
وفيه: محمد بن العباس بن أيوب الحافظ الشهير بابن الاخزم، قال أبو نعيم نفسه:
اختلط قبل موته بسنة كما في لسان الميزان 5: 216 ولما لم يعلم تاريخ صدور الرواية منه أهو قبل الاختلاط أم بعده؟ - إن لم تعد الرواية من بينات الاختلاط - سقطت عن الاعتبار كما هو الشأن في رواية كل من اختلط. عن:
أحمد بن محمد بن حبيب المؤدب، أحسبه السرخسي، أخرج الخطيب في تاريخه 5: 140 حديثا من طريقه فقال: رجاله كلهم ثقات معروفون بالثقة إلا المؤدب. عن:
أبي معاوية محمد بن خازم، مرجئ مدلس رئيس المرجئة بالكوفة كما في تهذيب التهذيب 9: 139. عن:
هلال بن عبد الرحمن قال العقيلي: منكر الحديث، وقال بعد ما ذكر له أحاديث:
كل هذه مناكير لا أصول لها ولا يتابع عليها. وقال الذهبي: الضعف على أحاديثه لائح فليترك. " لسان الميزان 6: 202 " عن:
عطاء بن أبي ميمون. ثقة صالح قدري لا يحتج بحديثه، راجع تهذيب التهذيب 7: 215.
ولما لم يصح شئ من أسانيد الرواية ومتونها لم يوعز إليها السيوطي في الخصايص الكبرى في باب ما وقع في الهجرة النبوية من الآيات والمعجزات، وقد ذكر فيه أحاديث ضعيفة مع النص على ضعفها، فكأنه عرف بأن ذكر هذه الرواية تمس كرامة المؤلف وتحط مكانة تأليفه عن الأنظار، وهكذا لم يذكرها أحد ممن ألف في أعلام النبوة ومعاجز النبي الأعظم.
ثانيا: إن الأصول القديمة في القرون الأولى لا يوجد فيها إلا أن أبا بكر دخل الغار قبل النبي صلى الله عليه وآله لينظر أفيه سبع أو حية كما في سيرة ابن هشام، ولم يصح عند الحاكم من القصة إلا هذا المقدار كما سمعت ولو صح شئ زايد على هذا لما فاتته روايته ولو مرسلة.
وزيدت في القرن الرابع قصة الثوب وبقاء جحر واتكاء أبي بكر عليه بعقبه ودعاء النبي صلى الله عليه وآله له لاتقائه عنه صلى الله عليه وآله بثوبه عن لدغ الحشرات المزعومة.
وجددت النغمات في قرن المحب الطبري المتخصص الفنان في رواية الموضوعات وجمع شتاتها، فجاء في روايته ما سمعت غير أن ألفاظه مع وجازته مضطربة جدالا يلتئم شئ منها مع الآخر.
ثم جاء الحلبي فنوم رسول الله صلى الله عليه وآله ورأسه في حجر أبي بكر، وسقى وجه رسوله الكريم بدموع أبي بكر المتساقطة من الألم، كل هذه لم يبرد كبد الحلبي وما شافي غليله، فوجه قوارصه على الرافضة وألبس رؤوسهم لبادا مقصصا على صورة تلك الحية الموهومة التي لم يزعن رافضي قط بوجوده.
ثم لما أدخل أبو بكر رجله في الجحر ونزل النبي صلى الله عليه وآله ووجده قاعدا لا يتحرك، ورام أن ينام، ووضع رأسه الشريف في حجره، هلا سأل صلى الله عليه وآله صاحبه عن حالته العجيبة وجلوسه المستغرب الذي لا يقوم عنه؟ وهل يمكن له أن يستر على صاحبه كلما فعل وهو معه ينظر إليه من كثب؟.
وأي لديغ هذا؟ وأي تصبر وتجلد؟ وأي منظر مهول؟ رجل الرجل في الجحر إلى فخذه ولا ثوب عليه، ورأس النبي العظيم في حجره، والأفاعي والحيات تلدغه و تلسعه من هنا وهنا، لا اللديغ يتململ السليم، حتى يحرك رجله أو عقبه فتجد تلكم الحشرات مسرحا فتبعد عنه، ولا يأن ولا يحن ولا تسمع له زفرة وإن الدموع تتحادر حتى يستيقظ النبي الذي تنام عينه ولا ينام قلبه (2) فينجي صاحبه الذي اختاره لصحبته من لسعة الحيات والأفاعي.
وهل من العدل والعقل والمنطق أن يحفظ الله نبيه عن كل هاتيك النوازل؟ و يري له في الدرأ عنه آية بعد آية في سويعات؟ من ستره عن أعين مشركي قريش لما مر بهم من بين أيديهم، وإنباته شجرة في وجهه تستره بها، وإيقاعه حمامتين وحشيتين بفم الغار، ونسج العناكيب باب الغار بأمر منه تعالى شأنه (3)، ويدع صاحبه الذي اتخذه بأمره، وتفانى في حب النبي صلى الله عليه وآله، وعرض نفسه للمهالك دونه بدخوله الغار قبله، فلم يدفع عنه لدغ الحيات والأفاعي، ولا يرحمه في تلك الحالة التي تكسر القلوب، وتشجي الافؤدة، وينظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله، ويقول له: لا تحزن إن الله معنا. والمسكين يبكي وتسيل دموعه.
م - وهلا كان يعلم أبو بكر أن الله الذي أمر نبيه بالهجرة وأدخله الغار يكلاءه عن لدغ الحيات والأفاعي بقدرته كما أعمى عنه عيون البشر الضاري، وقصر عن النيل منه مخالب تلك الفئة الجاهلة؟.
وهلا كان يؤمن بأن صاحبه المفدى لو اطلع على حاله لينجيه بمسحة مسيحية أو بدعوة مستجابة؟ فكل ما حكي عنه لماذا؟ ]
نعم: أعمى الحب مختلق الرواية وأصمه فجاء بالتافهات غلوا في الفضائل.


____________
(1) لسان الميزان 3: 345.
(2) أخرج الشيخان في الصحيحين مرفوعا: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي، وأخرجا أيضا مرفوعا: إن الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم.
(3) طبقات ابن سعد 1: 213، الخصايص الكبرى 1: 185: 186.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page