• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ابن تيمية وصفات الله تعالى

2 - ابن تيمية وصفات الله تعالى

يرى ابن تيمية أن جميع ما ورد في الصفات من الآيات والأحاديث يجب أن تفهم على ظاهرها وما يؤديه اللفظ من معنى. بلا تأويل..
وعلى هذا قال: إن الله تعالى في جهة واحدة هي جهة الفوق، وهو في السماء مستو على العرش وقد امتلأ به العرش فما يفضل منه أربعة أصابع، وإنه ينزل إلى السماء الدنيا ثم يعود، وإن له أعضاء وجوارح من أعين وأيدي وأرجل وغاية ما في الأمر أنها لا تشبه جوارح البشر وسائر المخلوقات!!
(الحموية الكبرى: 15، التفسير الكبير 2: 249 - 250 منهاج السنة 1: 250، 260 - 261)
ويقول: والذين يؤولون المعنى أولئك ما قدروا الله حق قدره، وما عرفوه حق معرفته. (التفسير الكبير 1: 270)
والبرهان الذي يقدمه ابن تيمية على عقيدته هذه زعمه أنها عقيدة السلف من الصحابة والتابعين، فيقول: قد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، وما رووه من الحديث، ووقفت على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار، أكثر من مئة تفسير، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف. (تفسير سورة النور لابن تيمية: 178)
فسرت هذه الكلمة بين مقلديه والمغرمين به سريان الريح من غير أن يكلفوا أنفسهم عناء النظر في كتب التفسير التي نقلت كلام الصحابة في آيات الصفات، ولو تفسير واحد من التفاسير التي أثنى عليها ابن تيمية، كتفسير الطبري والبغوي وابن عطية.
فهذه التفاسير وغيرها مشحونة بما جاء عن الصحابة والتابعين في تأويل آيات الصفات بعيدا عن التجسيم الذي يقول به ابن تيمية والحشوية.
انظر مثلا تفسير آية الكرسي، فقد نقل الطبري عن ابن عباس أن كرسيه يعني علمه، واستشهد لذلك بكلام العرب في هذا المعنى. وهو الذي نقله البغوي ونقله الشوكاني عن ابن عطية ونقله القرطبي وغيرهم أيضا.
وانظر تفسير الآيات التي فيها ذكر الوجه فلا تجد في هذه التفاسير كلمة واحدة تدل على عقيدة ابن تيمية وتشهد لقوله، بل كل ما فيها مما هو منقول عن السلف يشهد على ضده..
ففي قوله تعالى: (كل شئ هالك إلا وجهه). (القصص: 88)
قالوا: أي إلا هو.
وكذلك في قوله تعالى: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام). (الرحمن: 27)
وفي سائر الآيات الأخرى: (وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله). (البقرة: 272)
(والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم). (الرعد: 22)
(ذلك خير للذين يريدون وجه الله). (الروم: 38)
(وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله). (الروم: 39)
(إنما نطعمكم لوجه الله). (الدهر: 9)
(إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى). (الليل: 20)
في هذه الآيات جميعا فسروا الوجه بالثواب. ولم يرد عن أحد ولا كلمة واحدة تفيد المعنى الذي يريده ابن تيمية من ظاهر اللفظ، أي أن الوجه هو هذه الجارحة المعروفة من الجوارح كما للإنسان!!
أما قوله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله) فقد أقر ابن تيمية بأن السلف قد أولوا الوجه هنا، فقالوا إن المراد به الجهة، لكنه جعل هذه الآية ليست من آيات الصفات. (العقود الدرية: 248)
هكذا مع الآيات التي فيها ذكر العين والأيدي.
وهكذا نسب إلى الصحابة والسلف ما لم يقولوا به بل قالوا بعكسه تماما، تبريرا لمذهبه! ورغم ذلك فإنه لم يستطع في كل ما كتب أن يأتي بكلمة واحدة عن واحد من الصحابة تشهد لقوله!!
من كلامه في التجسيم:
وله في التجسيم كلام صريح كان يقوله في خطبه، لكنه لم يذكره بنصه في كتبه التي وصلتنا، فمن ذلك:
أ - ما نقله ابن بطوطة وابن حجر العسقلاني، أنه قال وهو على المنبر: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا.
(رحلة ابن بطوطة: 95، الدرر الكامنة 1: 154)
ب - ما نقله أبو حيان في تفسيريه (البحر المحيط) و (النهر) من أنه قرأ في (كتاب العرش) لابن تيمية ما صورته بخطه:
إن الله تعالى يجلس على الكرسي، وقد أخلى مكانا يقعد معه فيه رسول الله. ولكن هذا الكلام الذي نقله يوسف النبهاني في (شواهد الحق: 130) عن كتاب (النهر) لأبي حيان، ونقله صاحب كشف الظنون في كتابه (كشف الظنون 2: 1438) قد حذف من كتاب (النهر) المطبوع، كما حذف غيره من الكلام الذي تناول فيه عقائد ابن تيمية!
ولكن ابن تيمية قد دافع عن هذا المعنى بإصرار من غير أن يذكر جلوس النبي معه على العرش، وذلك في كتابه (منهاج السنة 1: 260 - 261)
ج - قوله: رفع اليدين في الدعاء دليل على أن الله تعالى في جهة العلو. (الحموية الكبرى: 94، شرح حديث النزول: 59)
ترى إذا توجه المصلي نحو القبلة وقال: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) فهل يستدل من هذا على أنه تعالى شأنه في جهة القبلة؟
سبحانه وتعالى عما يصفون.
إن الجمود على ما يفهم من ظاهر اللفظ لأول وهلة يعد من أكبر الخطأ، وليس هو من شأن العرب الذين نزل القرآن بلغتهم.
ففي قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا) هل قال أحد أن الحبل هنا هو ما نفهمه من لفظ الحبل، فعلينا أن ننظر حبلا بأوصاف خاصة يتدلى من جهة الفوق كما يريد الحشوية، لنعتصم به؟!
إنهم أجمعوا هنا على تأويل الحبل بمعاني أخرى، فقالوا: هو الإسلام أو القرآن، أو الثقلان - كتاب الله وعترة رسوله - اللذان ورد الأمر بالتمسك بهما.
إن من ينكر ضرورة التأويل في أمثال هذه الألفاظ فقد ارتكب جهلا وخطأ كبيرا..
وإن من ينكر تأويل السلف لآيات الصفات فقد افترى عليهم فرية كبيرة.. وإن من ينكر ورود ذلك في كتب التفسير فهو كمن حفر جبا لأخيه فوقع هو فيه! فهذه كتب التفسير مشحونة بروايات التأويل عن الصحابة وكبار السلف، وباستطاعة كل من يحسن القراءة أن يقف على ذلك ينفسه.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page