طباعة

تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد رسول الله، وعلى آله الطاهرين.

وبعد..
فإن ما جرى على الزهراء من أحداث، وما واجهته من بلايا، لم يكن يستهدف شخصها أو شخصيتها كفرد، بقدر ما كان يستهدف القفز فوق ثوابت إسلامية للوصول إلى ما لم يكن صانعوا تلك الأحداث مؤهلين للوصول إليه، أو الحصول على ما يحق لهم الحصول عليه.
وذلك لأن الزهراء كانت ـ في واقع الأمر ـ ذلك السد المنيع والقوي الذي يعترض سبيل تحقيق طموحات غير مشروعة ولا مبررة. وهي تلك القوة المؤثرة والحاسمة في إظهار زيف تلك الطموحات، وتأكيد وترسيخ بطلانها، وعدم مشروعيتها في وعي الأمة، وفي وجدانها، وفي ضميرها الإسلامي والإنساني.
وقد يجد الإنسان في سياق الفهم التاريخي أن البعض يتظاهر بأنه يعيش حالة من التردد أو الترديد في أن يكون ثمة مبررات معقولة، أو فقل: فرصا موضوعية تمكن لتلك الأحداث والوقائع، من أن تنطلق على أرض الواقع، وذلك ما يثير لديه أكثر من سؤال حول دقة أو حتى صدق النقل الحديثي والتاريخي لأحداث كهذه.
ولأجل ذلك، فهو لا يجد حرجا في التشكيك في ذلك كله، إن لم يمكن له رفضه وإدانته بصورة علنية وصريحة.
على أن موقف هذا النمط من الناس يختزن في داخله أيضا مسلمة لا مراء فيها، تقول: إن الإجابة على تلك التساؤلات، ثم التثبت من صحة تلك الوقائع بجدية وحسم، سوف يعني بالضرورة إدانة قاطعة، ورفضا صريحا لشرعية كل الواقع الذي نشأ، وتخطئة صريحة ومرة لصانعي تلك الأحداث، والمتسببين بتلك البلايا التي حاقت بالصديقة الطاهرة صلوات الله وسلامه عليه. وهذا ما يريدون تلافيه، والابتعاد عن الوقوع فيه.
وما تهدف إليه هذه المطالعة الموجزة هو عرض تلك التساؤلات التي أنتجت نوعا من الشك والتشكيك لدى هذا البعض. ثم تسجيل ملاحظات، وتقديم إيضاحات تضع الأمور في نصابها، وتسهم ـ إن شاء الله ـ في جلاء الصورة الصحيحة، وفي استكمالها ملامحها الضرورية، مع تقديم إيضاحات أو إجابات أخرى على أسئلة، أو شبهات طرحت حول قضايا أخرى تتعلق بالزهراء عليها السلام..
فنحن نقدم ذلك مع التأكيد على أننا نحترم ونقدر الميزات الشخصية للجميع، وعلى أن اختلاف الرأي وتسجيل الموقف في مسائل بهذا المستوى من الأهمية والخطورة لا ينبغي أن يفسد في الود قضية.
ومن الله نستمد القوة والعون، ونسأله تعالى أن يلهمنا سداد وصواب القول، وصحة القصد، وخلوص النية، وطهر وصفاء العمل. وهو ولينا، والهادي إلى سواء السبيل.
بيروت: 10 شعبان 1417 ه‍. ق. جعفر مرتضى العاملي