يقول البعض:
إن الزهراء عليها السلام كانت تحظى بمكانة متميزة لدى المسلمين جميعا، فالتعرض لها والاعتداء عليها بهذا الشكل الفظيع قد يثير الرأي العام ضد المهاجمين.
ويدل على هذه المكانة الكبيرة لها أكثر من خبر يتحدث عن تعامل الناس معها بطريقة الاحترام والتبجيل، وذلك يثير علامات استفهام كثيرة حول صحة ما يقال عن اعتداء شنيع عليها.
والجواب:
أولا:
لقد كان أبوها رسول الله (ص) أعظم مكانة في نفوس المسلمين منها ومن كل أحد، ولكن هذا لم يمنع البعض من مواجهة رسول الله (ص) بالقول المشهور: إن النبي ليهجر(1) أو نحو ذلك.
وقائل ذلك كان على رأس المهاجمين لبيت الزهراء عليها السلام.
ولم نسمع ولم نقرأ:أن أحدا ممن كان حاضرا أو غائبا اعترض عليه، أو حتى أبدى تذمره وانزعاجه من ذلك.
وقد عصى جماعة من الصحابة أمره (ص) بأنه يكونوا في جيش أسامة، ولم يجهزوا هذا الجيش، رغم أنه (ص) قد لعن المتخلف عن جيش أسامة، كما هو معلوم(2).
كما أنهم قد نفروا برسول الله (ص) ليلة العقبة، وقذفوا زوجته.
إلى غير ذلك من أمور كثيرة، ظهرت منهم تجاه النبي (ص) وعترته الطاهرين.
أضف إلى ذلك:إن قتل الحسين عليه السلام وسبي عياله كان هو الآخر جريمة كبرى لا تقل عن اقتحام بيت الزهراء(ع) والاعتداء عليها بالضرب. والقوم هم أبناء القوم.
وقد تآمروا أيضا على قتل علي عليه السلام، على يد خالد بن الوليد، وهو يصلي في مسجد رسول الله (ص) حينما نطق أبو بكر قبل التسليم(3) قائلا: لا يفعلن خالد ما أمرته.
وقد أفتى أبو حنيفة بجواز التكلم قبل التسليم، استنادا إلى هذه القضية كما يقال(4).
وأفتى سفيان الثوري ـ استنادا إلى هذه القضية أيضا ـ بأن من أحدث قبل التسليم وبعد التشهد، فصلاته تامة (5).
ثانيا:
هناك احترام يظهر في الظروف العادية، حيث لا يكون ثمة ما يرهب منه، أو يرغب عنه، أما حين يكون الأمر كذلك، فإن الناس كما قال الإمام الحسين عليه السلام: عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، فإذا محصوا بالبلاء قد الديانون (6).
فالاحترام في الرخاء لا يعني النصرة عند البلاء، حين تصبح مصالحهم مهددة، وذلك معلوم لدى كل أحد.
ثالثا:
إن مما يدل على عدم صحة ما ذكروه من أن الجميع كانوا يحترمون الزهراء(ع) ويجلونها، بل كان فريق من الناس يجترئ عليها إلى درجة لا يمكن تصورها، ما رواه الشيخ الطوسي عن أبي العباس ابن عقدة، عن محمد بن المفضل، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن عبد الله بن أبي يعفور، ومعلى بن خنيس، عن أبي الصامت، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: أكبر الكبائر سبع.. إلى أن قال: وأما قذف المحصنات، فقد قذفوا فاطمة على منابرهم الخ.. (7).
____________
1- ستأتي المصادر لذلك تحت عنوان: طلب المسامحة يدل على مكانة الزهراء (ع).
2- راجع: البحار ج 27 ص 324 والاستغاثة: ص 21 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 6 ص 11 و 52 و 50 ومواضع أخرى عديدة. ومنار الهدى للبحراني: ص 433 ومفتاح الباب الحادي عشر ص 197، تحقيق الدكتور مهدي محقق. وحق اليقين: ص 178 و 182. وإثبات الهداة: ج 2 ص 343 و 345 و 346، عن منهاج الكرامة وعن نهج الحق. والملل والنحل للشهرستاني: ج 1 ص 23 وشرح المواقف: ج 8 ص 376 ومجموع الغرائب للكفعمي ص 288. .
3- راجع: مجمع الرجال للقهبائي: ج 2 ص 264 في الهامش. والشافي: لابن حمزة: ج 4 ص 173 و 202. وذكر أن الجاحظ رواه في الزيدية الكبرى عن جامعة من أهل الحديث منهم الزهري، والايضاح: لابن شاذان ص 155. 158. وجلاء العيون: ج 1 ص 201، وكتاب سليم بن قيس: ج 2 كما سيأتي. وإثبات الهداة: ج 2 ص 360. ومرآة العقول: ج 5 ص 339 و 340، والرسائل الاعتقادية ص 455، وشرح النهج للمعتزلي ج 17 ص 222 والمسترشد ص 451 ط. ايران. والبحار ج 29 ص 126 و 133 والإحتجاج ج 1 ص 234 وعلل الشرائع ج 1 ص 182 ورجال الكشي ص 695 ترجمة سفيان الثوري..
4- راجع: شرح النهج للمعتزلي: ج 1 ص 222.
5- المسترشد في إمامة علي (ص): ص 90. والايضاح: ص 190.
6- البحار: ج 44 ص 195 ـ 383 و ج 75 ص 117.
7- تهذيب الأحكام: ج 4 ص 149 ومعادن الحكمة ج 2 ص 122 و 123 عنه وعن من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 366 (ط النجف).
أخبار عن احترام الصحابة للزهراء(ع)
- الزيارات: 570