• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

طلب المسامحة يدل على مكانة الزهراء(ع)

ويتساءل البعض، فيقول:
ألا يدل طلب الشيخين ـ أبي بكر وعمر ـ المسامحة من الزهراء (ع)، على أن الزهراء عليها السلام كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم بين كبار الصحابة؟.
الجواب:
أولا:إن طلب المسامحة نفسه هذا يدل على أنهم قد آذوها، وأغضبوها، إلى درجة احتاجوا إلى طلب المسامحة منها ولو ظاهرا.
وثانيا:لا شك في أن الزهراء(ع) كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم، وهذا ما اضطر الذين آذوها واعتدوا عليها إلى محاولة امتصاص النقمة، وإزالة الآثار والنظرة السلبية التي نشأت وستنشأ تجاههم بسبب ما فعلوه وما ارتكبوه في حقها(ع).
وثالثا:إنهم حين استرضوها لم يقدموا أي شئ يدل على أنهم
كانوا جديين في ذلك الاسترضاء، بل إن كل الدلائل تشير إلى أنهم قد أقدموا على ذلك من أجل الإعلام وللإعلام فقط، فهم لم يرجعوا إليها فدكا، ولم يتخذوا خطوات عملية لإزالة آثار اعتدائهم الآثم عليها، ولا تراجعوا عن تصميمهم الأكيد على اغتصاب حق علي عليه السلام، وكذلك هم لم يعترفوا بأي خطأ أمام الصحابة بصورة علنية، حيث ارتكبوا ما ارتكبوه بصورة علنية أيضا.
ورابعا: إن احتفاظها بقيمتها لم يمنعهم من الاعتداء عليها بالضرب وبغيره، كما أن أباها قد كان أعظم في نفوس الناس منها، وأقدس. ولم تمنعهم عظمته وقداسته، وقيمته ـ حين اقتضت طموحاتهم ومصالحهم ـ من توجيه أقسى قواذع القول له (ص)، حينما تصدى بعضهم لمنعه (ص) من كتابة الكتاب بالوصية لعلي عليه السلام وكان (ص) على فراش المرض، في ما عرف برزية يوم الخميس! وقال قائلهم: إن النبي ليهجر! أو: غلبه الوجع!(1).
هذا بالإضافة إلى أنهم كانوا قبل ذلك قد واجهوا ذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بالصراخ والضجيج في موسم الحج(2) حين قال لهم الأئمة بعدي اثنا عشر.. حتى لم يستطع السامع أن يسمع ما يقوله الرسول (ص) بعد ذلك، كلهم من قريش (3) وذلك حين أحسوا منه أنه يريد أن يؤكد على إمامة علي عليه السلام وخلافته من بعده.
كما أن قيمة وعظمة وقداسة هذا النبي لم تمنعهم من الإصرار على مخالفة أمره الأكيد لهم بأن يلتحقوا بجيش أسامة، مع أنه (ص) قال لهم: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة (4)، كما أن ذلك لم يمنعهم من محاولة اغتياله (ص) بتنفير ناقته به في العقبة(5).
وخامسا:أي مكانة لها في نفوسهم وعمر يقول لأبي بكر، وهو يبكي عندما زجرته الزهراء لما دخلا عليها لاسترضائها: أتجزع لغضب امرأة.؟
وسادسا:إنه لا يمكن تقويم أحداث التاريخ على أساس تحكيم عامل واحد في صنع الحدث كالعامل الإنساني فقط، أو الأخلاقي، أو الديني، أو المصلحي، أو الاقتصادي، أو العقلي، أو ما إلى ذلك، وإن كان لكل واحد منها درجة من التأثير في صنع هذا الحدث، وتحديد دوافعه وآثاره.
ولو صح هذا لكان اللازم تكذيب قتل يزيد للحسين مثلا، أو ادعاء فرعون للربوبية، لأن ذلك لا ينسجم مع الدين ولا مع الأخلاق، ولا يقره عقل أو وجدان!!
والحقيقة هي أن المؤثر في صنع الحدث قد يكون تلك الأمور المتقدمة كلها، وقد يكون السبب هو جنون الشهوات أيضا، بل قد ينتج الحدث عن حماقة، أو عن توهج عاطفي، أو عن أمراض وعقد نفسية، أو عن طموحات صحيحة أو خاطئة، وقد يكون بعض ما تقدم، منضما إلى هذا أو إلى غيره، واحدا كان أو أكثر، هو المؤثر في صنع الحدث.
إذن، فتعظيم الزهراء عليها السلام واحترامها قد لا يمنعهم من غصب فدك منها مثلا، إذا اقتضت سياساتهم، أو مصلحتهم، أو شهوتهم للحكم، أو للمال ذلك.
وكلنا يعرف أن حب الولد والعطف عليه لا يمنع أباه من قتله إذا نازعه الملك، وقد سمعنا العديد من الحكام يقول: الملك عقيم لا رحم له(6) وقد يضرب أحدهم ولده ضربا مبرحا، لسبب شخصي، أو لوقوفه في وجه بعض طموحاته وشهواته.
ويقال:إن بعض النساء في العهد العباسي قتلت ولدها في سبيل الملك، والمأمون قد قتل أخاه في سبيل ذلك، كما قدمنا.
وهكذا يتضح:أن العوامل والمؤثرات قد يقوى بعضها على بعض، ويلغي بعضها تأثير البعض الآخر.



____________
1- الإيضاح: ص 359 وتذكرة الخواص: ص 62 وسر العالمين: 21، وصحيح البخاري: ج 3 ص 60 و ج 4 ص 5 و 173 و ج 1 ص 21 و ج 2، ص 115، والمصنف للصنعاني: ج 6، ص 57 و ج 10، ص 361، وراجع ج 5 ص 438 والارشاد المفيد: ص 107 ط النجف، والبحار: ج 22، ص 498. وراجع: الغيبة للنعماني: ص 81 و 82 وعمدة القاري: ج 14، ص 298 و ج 2 ص 170 و 171 و ج 25 ص 76 وفتح الباري: ج 8 ص 100 و 101 و 102 و 186 و 187 والبداية والنهاية: ج 5، ص 227 و 251 والبدء والتاريخ: ج 5 ص 59 والملل والنحل: ج 1، ص 22، والطبقات الكبرى: ج 2، ص 244، وتاريخ الأمم والملوك: ج 3، ص 192 ـ 193 ط ـ الاستقامة، والكامل في التاريخ: ج 2، ص 320، وأنساب الأشراف: ج 1، ص 562، وشرح النهج للمعتزلي: ج 6، ص 51، و ج 2 ص 55، وتاريخ الخميس: ج 2، ص 164 و 182 وصحيح مسلم: ج ص 75، ومسند أحمد: ج 1 ص 355 و 324 و 222 و 325 و 332 و 336 و 362 و 346 والسيرة الحلبية: ج 3، ص 344، ونهج الحق: ص 273، والعبر وديوان المبتدأ والخبر: ج 2 قسم 2 ص 62 وإثبات الهداة: ج 2 ص 344 و 348 و 399 و ج 1 ص 657 والجامع الصحيح للترمذي: ج 3 ص 55 ونهاية الإرب: ج 18 ص 375، وروضة المناظر لابن شحنة: ج 7 ص 808 (مطبوع هامش الكامل في التاريخ).. وراجع: حق اليقين: ج 1 ص 181 و 182، ودلائل الصدق: ج 3 قسم 1، ص 63 و 70، والصراط المستقيم: ج 3 ص 3 و 7 والمراجعات: 353 والنص والاجتهاد: ص 149 و 163. والمختصر في أخبار البشر: ج 1 ص 151 ومجموع الغرائب للكفعمي: ص 289 ومنهاج السنة ج 3 ص 135 ومناقب آل أبي طالب ج 1 ص 292 وتاريخ الإسلام ج 2 ص 383 و 384 وكشف المحجة ص 64 ط سنة 1370 ه‍. ط الحيدرية النجف، والطرائف ص 432 و 433، وراجع التراتيب الإدارية: ج 2 ص 241 وكنز العمال ط الهند سنة 1381 ه‍. ج 7 ص 170 ودلائل النبوة للبيهقي: ج 7 ص 181 / 184، ومسند أبي يعلى: ج 5 ص 393 و ج 3 ص 393 و 394 و ج 4 ص 299 ومجمع الزوائد: ج 4 ص 214.
2- راجع: مسند أبي عوانة: ج 4 ص 394 و 400، ومسند أحمد: ج 5 ص 99 و 93 و 90 و 96 و 98، و 101، وسنن أبي داود: ج 4 ص 106، والغيبة للنعماني: ص 122 و 124 و 121 و 123، وإرشاد الساري: ج 10 ص 273، وصحيح مسلم: ج 6 ص 4 ط مشكول، والغيبة للشيخ الطوسي: ص 88 و 89، وفتح الباري: ج 13 ص 181 و 182 و 183 و 184، وأعلام الورى: ص 38، والبحار: ج 36 ص 239 و 235 و 240 و ج 63 ص 236، ومنتخب الأثر: ص 20، وإكمال الدين: ج 1 ص 272 و 273، وتاريخ الخلفاء: ص 10 و 11، والصواعق المحرقة: ص 18، وينابيع المودة: ص 444 و 445، والخصال أبواب الاثني عشر. وراجع ج 2 ص 474 و 470 و 472، وعن عيون أخبار الرضا، وعن كتاب مودة القربى، والمودة العاشرة، وإحقاق الحق (الملحقات): ج 13 ص 1، والعمدة لابن البطريق: ص 421. وراجع: النهاية في اللغة: ج 3 ص 54، ولسان العرب: ج 12 ص 343. وعن كتاب: القرب في محبة العرب: ص 129.
3- راجع: حول عدم سماع الراوي لكلمة: كلهم من قريش، أو من بني هاشم المصادر التالية: صحيح مسلم: ج 6 ص 3 بعدة طرق. ط مشكول. ومسند أحمد ج 5 ص 92 و 93 و 94 و 90 و 96 و 95 و 89 97 و 98 و 99 و 100 و 101 و 106 و 107 و 108، ومسند أبي عوانة: ج 4 ص 394، وحلية الأولياء ج 4، ص 333، وأعلام الورى: ص 382، والعمدة لابن البطريق ص 416 ـ 422، وإكمال الدين ج 1 ص 272، و 273، والخصال: ج 2 ص 469 و 275، وفتح الباري: ج 13 ص 181 ـ 185 والغيبة للنعماني: ص 119 ـ 125، وصحيح البخاري: ج 4 ص 159، وينابيع المودة: ص 444 = 446، وتاريخ بغداد: ج 2 ص 126 و ج 14 ص 353، والمستدرك على الصحيحين: ج 3 ص 618، وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) نفس الصفحة، ومنتخب الأثر: ص 10 ـ 23 عن مصادر كثيرة، والجامع الصحيح للترمذي: ج 4 ص 501، وسنن أبي داود: ج 4 ص 116، وكفاية الأثر من ص 49 حتى نهاية الكتاب، والبحار: ج 36 ص 231، إلى آخر الفصل، وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج 13 ص 1 ـ 50، عن مصادر كثيرة.
4- تقدمت المصادر لذلك.
5- راجع: المسترشد في إمامة علي(ع): ص 146، والفرق بين الفرق: ص 147.
6- راجع: شرح ميمية أبي فراس: ص 73، و 74، والبحار: ج 48 ص 131، وعيون أخبار الرضا: ج 1 ص 91، وينابيع المودة: ص 383، ومقاتل الطالبين: ص 453، والمناقب للخوارزمي: ص 208، والطبقات الكبرى لابن سعد: ج 5 ص 227 ط صادر، والبداية والنهاية: ج 8 ص 316، وتتمة المنتهى: ص 185، وراجع: قاموس الرجال: ج 10 ص 370.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page