الفصل الحادي والعشرون: دليل آخر على عدم جواز تكفير المسلمين
ومما يدل على بطلان مذهبكم ماروى مسلم في صحيحه عن جابر ابن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الشيطان قد ايس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم وروى الحاكم وصححه وابو يعلى والبيهقي عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قد يئس ان تعبد الاصنام بارض العرب ولكن رضى منهم بمادون ذلك بالمحقرات وهي الموبقات وروى الامام احمد والحاكم وصححه وابن ماجه عن شداد بن اوس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اتخوف على امتي الشرك قلت يارسول الله اتشرك امتك بعدك قال نعم اما انهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا وثنا ولكن يراؤن باعمالهم (انتهى) اقول وجه الدلالة منه كما تقدم ان الله سبحانه اعلم نبيه من غيبه بما شاء وبما هو كائن الى يوم القيمة واخبر صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قدائس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب وفي حديث ابن مسعود دائس الشيطان ان تعبد الاصنام بارض العرب وفي حديث شداد انهم لا يعبدون وثنا وهذا بخلاف مذهبكم فان البصرة وما حولها والعراق من دون دجلة الموضع الذي فيه قبر علي وقبر الحسين رضي الله تعالى عنهما وكذلك اليمن كلها والحجاز كل ذلك من ارض العرب ومذهبكم ان هذه المواضع كلها عبد الشيطان فيها وعبدت الاصنام وكلهم كفار ومن لم يكفرهم فهو عندكم كافر وهذه الاحاديث ترد مذهبكم وهذا الايقال انه قد وجد بعض الشرك بارض العرب زمن الردة فان ذلك زال في آن يسير فهو كالامر الذي عرض لا يعتدبه كما ان رجلا او اكثر من اهل الكفر دخل ارض العرب وعبد غير الله في موضع خال او خفية فاما هذه الامور التي تجعلونها شركا اكبر وعبادة الاصنام فهي ملأت بلاد العرب من قرون متداولة فتبين بهذه الاحاديث فساد قولكم ان هذه الامور هي عبادة الاوثان الكبرى وتبين ايضا بطلان قواكم ان الفرقة الناجية قد تكون في بعض اطراف الارض ولا يأتي لها خبر فلو كانت هذه عبادة الاصنام والشرك الاكبر لقاتل اهله الفرقة الناجية المنصورين الظاهرون الى قيام الساعة وهذا الذي ذكرناه واضح جلي والحمدلله رب العالمين ومن العجب انكم تزعمون ان هذه الامور اي القبور وما يعمل عندها والنذور هي عبارة الاصنام الكبرى وتقولون ان هذا امر واضح جلي يعرف بالضرورة حتى اليهود والنصارى يعرفونه (فاقول) جوابالكم عن هذا الزعم الفاسد سبحانك هذا بهتان عظيم قد تقدم مرارا عديدة ان الامة باجمعها على طبقاتها من قرب ثمنماية سنة ملأت هذه القبور بلادها ولم يقولوا هذه عبادة الاصنام الكبرى ولم يقولوا ان من فعل شيئا من هذه الامور فقد جعل مع الله الها اخر ولم يجروا على اهلها حكم عباد الاصنام ولاحكم المرتدين اي ردة كانت (فلو انكم قلتم) ان اليهود لانهم قوم بهت وكذلك النصارى ومن ضاهاهم في بهت هذه الامة من متبدعة الامة يقولون ان هذه عبادة الاصنام الكبرى لقلنا صدقتم فما ذلك من بهتهم وحسدهم وغلوهم ورميهم الامة بالعظايم بكثير ولكن الله سبحانه وتعالى مخزيهم ومظهر دينه على جميع الاديان بوعده هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ولكن اقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دعى للمدينة وما حولها ولليمن وقال له من حضره ونجد فقال هناك الزلازل والفتن اما والله لفتنة الشهوات فتنة والظلمة التي يعرف كل خاص وعام من اهلها انها من الظلم والتعدي وانها خلاف دين الاسلام وانه يجب التوبة منها انها اخف بكثير من فتنة الشبهات التي تضل عن دين الاسلام ويكون صاحبها من الاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا وفي الحديث الصحيح هلك المتنطعون قالها ثلاثا فانالله وانا اليه راجعون انقذنا الله واياكم من الهلكة انه رحيم .