• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المسألة الخامسة: زعمه أن المشي لزيارة النبي صلى الله عليه وآله ولو خطوة واحدة حرام!

المسألة الخامسة: زعمه أن المشي لزيارة النبي صلى الله عليه وآله ولو خطوة واحدة حرام! 

   وهي المسألة المعروفة بـ"مسألة شد الرحال" ومعناها أن ينوي المسلم من بلده زيارة قبرالنبي صلى الله عليه وآله  ، فإن ابن تيمية حكم بالشرك والكفر على المسلمين لأنهم ينوون من بلادهم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله  ! بل شملت فتواه من يقصد زيارة القبر الشريف ويخطو اليه من خارج المسجد ، أو من داخله ولو خطوة واحدة ! فقد اعتبر ذلك حسب فهمه شداً للرحال ! وحكم علىهذا المسلم المخلص لربه ونبيه بأنه قد أشرك بالله تعالى وكفر ، بخطوته التي خطاها بنية زيارة النبي صلى الله عليه وآله والتوسل به !!
   وهذا معنى قول البدير: (زيارة المسجد النبوي سنة من المسنونات ، وكل ما يروى من أحاديث في إثبات علاقتها وعلاقة زيارة قبر المصطفى (ص) بالحج ، فهو من الموضوعات والمكذوبات ) .
   وكذلك قوله: (ومن لم يرم بشد رحله إلا زيارة القبور، والإستغاثة بالمقبور ، فقصده محظور وفعله منكور).
   وقد أخفى هذا الشيخ مذهبه باللف والدوران في كلامه ، فقال إن ذلك حرام ومنكور ، ولم يصرح بشرك فاعله وكفره ، لأنه يخاف من حكومته ومن عامة المسلمين ، إن أعلن فتواه بتكفيرهم !!
   وقد رد جميع علماء المذاهب على شذوذ إمامه ابن تيمية ، ونكتفي بنقل ردود مختارة مختصرة ، مضافاً الى ما تقدم في استحباب أصل الزيارة :
  قال الحافظ الممدوح في رفع المنارة ص56: (قال ابن نصر الله: لازم استحباب زيارة قبره (ص) استحباب شد الرحال إليها ، لأن زيارته للحاج بعد حجه لاتمكن بدون شد الرحل ، فهذا كالتصريح باستحباب شد الرحل لزيارته... وقال أبو الحسن المرداوي في الإنصاف:4/53: هذا المذهب ، وعليه الأصحاب قاطبة ، متقدمهم ومتأخرهم) .
   وقال الممدوح في ص72: (غير خفي أن ابن تيمية انفرد في القرن السابع بمنع إنشاء السفر لزيارة النبي(ص)...وأعقب فتيا ابن تيمية مناظرات ومصنفات وفتن وأكثرَ العلماء من رد مقالته .
   وقال أيضاً (الحافظ أبو زرعة) في طرح التثريب:6/43): (وللشيخ تقي الدين بن تيمية هنا كلام بشع عجيب ، يتضمن منع شد الرحل للزيارة ! وأنه ليس من القرب بل بضد ذلك ، ورد عليه الشيخ تقي الدين السبكي في شفاء السقام ، فشفى صدور قوم مؤمنين ) .
   وقال الممدوح ص75–83: (وعمدة ابن تيمية على هذا المنع حديث (لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ) .
   والجواب على هذا من وجوه . الوجه الأول: هذا الإستثناء المذكور في الحديث استثناءٌ مفرَّغ ، ولابد من تقدير المسثشى منه ، وهو إما أن يحمل على عمومه فيقدر له أعم العام ، لأن الإستثناء معيار العموم ، فيكون التقدير لاتشد الرحال إلى مكان إلا إلى المساجد الثلاثة ، وهذا باطلٌ بداهةً ، لأنه يستلزم تعطيل السفر مطلقاً إلا للمساجد الثلاثة . ولكن لابد أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه)....الخ.
   ثم تابع الممدوح: وقال العلامة البدر العيني الحنفي:6/276: ( وشد الرحل كناية عن السفر لأنه لازم للسفر ، والإستثناء مفرَّغ فتقدير الكلام: لاتشد الرحال إلى موضع أو مكان.
   فإن قيل: فعلى هذا يلزم أن لا يجوز السفر إلى ما كان غير المستثنى حتى لا يجوز السفر لزيارة إبراهيم الخليل(ص)ونحوه ، لأن المستثنى منه في المفرغ لابد أن يقدر أعم العام .
   وأجيب: بأن المراد بأعم العام مايناسب المستثنى نوعاً ووصفاً ، كما إذا قلت ما رأيت إلا زيداً ، كان تقديره ما رأيت رجلاً أو أحداً إلا زيداً ، لا ما رأيت شيئاً أو حيواناً إلا زيداً. فهاهنا تقديره لاتشد إلى مسجد إلا إلى ثلاثة).
   وقال ابن حجر في فتح الباري: 3/66: ( قال بعض المحققين: قوله: (إلا إلى ثلاثة مساجد) المستثنى منه محذوف ، فإما أن يقدر عاماً فيصير: لاتشد الرحال إلى مكان في أي أمر كان إلا إلى الثلاثة أو أخص من ذلك، ولاسبيل إلى الأول لإفضائه إلى سد باب السفر للتجارة ، وصلة الرحم، وطلب العلم وغيرها ، فتعين الثاني. والأولى أن يقدر ما هو أكثر مناسبة وهو: لاتشد الرحال إلى مسجد للصلاة إلا إلى الثلاثة ، فيبطل بذلك قول من منع شد الرحال إلى زيارة القبر الشريف وغيره من قبور الصالحين) .
   وقال السبكي ما ملخصه: ص119-121: ( السفر فيه أمران باعث عليه كطلب العلم وزيارة الوالدين وما أشبه ذلك ، وهو مشروع بالإتفاق ، الثاني: المكان الذي هو نهاية السفر ، كالسفر إلى مكة أو المدينة أو بيت المقدس ، ويشمله الحديث . والمسافر لزيارة قبر النبي(ص) لم يدخل في الحديث لأنه لم يسافر لتعظيم البقعة ، وإنما سافر لزيارة من فيها، فإنه لم يدخل في الحديث قطعاً ، وإنما يدخل في النوع الأول المشروع .
   فالنهي عن السفر مشروط بأمرين: أحدهما ، أن يكون غايته غير المساجد الثلاثة . والثاني ، أن تكون علته تعظيم البقعة . والسفر لزيارة النبي(ص)غايته أحد المساجد الثلاثة ، وعلته تعظيم ساكن البقعة لا البقعة فكيف يقال بالنهي عنه ؟! بل أقول إن للسفر المطلوب سببين ، أحدهما مايكون غايته أحد المساجد الثلاثة ، والثاني ما يكون لعبادة وإن كان إلى غيرها .
   والسفر لزيارة المصطفى(ص)اجتمع فيه الأمران ، فهو في الدرجة العليا من الطلب ، ودونه ما وجد فيه أحد أمرين . وإن كان السفر الذي غايته أحد الأماكن الثلاثة ، لابد في كونه قربة من قصد صالح . وأما السفر لمكان غير الأماكن الثلاثة لتعظيم ذلك المكان فهو الذي ورد فيه الحديث ، ولهذا جاء عن بعض التابعين أنه قال: قلت لابن عمر إني أريد أن آتي الطور؟ قال: إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد رسول الله والمسجد الأقصى ، ودع الطور فلا تأته ) .
   والحاصل أن الحديث إن حمل على عمومه وفق مراد ابن تيمية ، فهو لايرِد على الزيارة مطلقاً ، لأن المسافر للزيارة مسافر لساكن البقعة كالعالم والقريب وهذا جائز إجماعاً . أما الحديث فوارد في الأماكن فقط فتدبر تستفد . ولله در التقي السبكي ) .
   وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم: 9/106: (والصحيح عند أصحابنا ، وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولايكره ، قالوا والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة) .
   وقال الشيخ الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني:2/103(وأما قوله عليه السلام  (لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)فيحمل على نفي التفضيل لا على التحريم، وليست الفضيلة شرطاً في إباحة القصر، فلا يضر انتفاؤها). ومثله لأبي الفرج ابن قدامة في الشرح الكبير:2/93 ) .
   وقال إمام الحرمين في الروضة:3/324: والظاهر أنه ليس فيه تحريم ولا كراهة وبه قال الشيخ أبو علي . ومقصود الحديث تخصيص القربة بقصد المساجد الثلاثة . انتهى.‍ ( المجموع: 8 / 375 ) .
   وصفوة ما سبق: أن الصلاة في هذه المساجد تختص بطاعة زائدة على ما سواها من المساجد ، وما كان الأمر كذلك فلا يصح الوفاء بالنذر إلا إليها . أما غيرها من المساجد فيستوي ثواب الصلاة فيها ، والسفر إليها سفر مباح ، يجوز قصر الصلاة فيه) . انتهى كلام الممدوح .
   وقال الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي رحمه الله ، وهو من كبار فقهاء الإمامية وكان قريباً من عصر ابن تيمية فقد توفي سنة786 ، قال في كتابه الذكرى ص 154من الطبعة القديمة: (وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله : لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ، ومسجدي ، والمسجد الأقصى .
   قلت: أجمع العلماء إلا من شذ على أن المراد بهذا النفي بالنسبة الى المساجد ، أي لايصلح ذلك الى مسجد غير هذه الثلاثة ، لتقارب المساجد سواها في الفضل ، فليس سفره إلى مسجد بلد آخر ليصلي فيه بأولى من مقامه عند مسجد بلده والصلاة فيه .
   وهذا النفي يراد به نهي التنزيه ، لانعقاد الإجماع على عدم تحريم السفر إلى غير المساجد المذكورة ، لتجارة أو قُربة من القرب .
   وقال بعضهم: المراد لايستحب شد الرحال إلا الى هذه ، ولا يلزم من نفي الإستحباب نفي الجواز .
   وارتكب واحد من العامة تحريم زيارة الأنبياء والأئمة عليهم السلام والصالحين متمسكاً بهذا الخبر على مطلوبه ، ذاهباً إلى أنه لابد من إضمار شئ هنا وليكن العبادة ، لأن الأسفار المطلقة ليست حراماً !
   وهو تحكُّمٌ محض ، لأن إباحة الشد للأسفار المطلقة تستلزم أولويته لما هو عبادة ، إذ العبادة أو الحج في نظر الشرع من السفر المباح .
   ويلزمه عدم الشد لزيارة أحياء العلماء ، وطلب العلم ، وصلة الرحم ، وقد جاء: من زار عالماً فكمن زار بيت المقدس ، وورد: أطلبوا العلم ولو بالصين ، ولايخالف أحدٌ في إباحة هذا مع أنه عبادة ، فتعين أن المراد بالحديث: لايستحق، أو لايتأكد ، أو لا أولى بالشد من هذه الثلاثة . أو يضمر المساجد كما سبق ذكره .
   وهذا القائل كلامه صريح في نفي مطلق زيارة قبور الأنبياء عليهم السلام والصلحاء لأنه احتج بأنه لم يثبت في الزيارة خبر صحيح ! بل كلما ورد فيها موضوع بزعمه !
   وكل هذا مراغمةً للفرقة المحقة والفرقة الناجية ، الذين يرون تعظيم الزيارات والمزارات ، ويهاجرون إليها ويجاورون فيها، ويتركون فيها في رضا الله تعالى أهليهم وديارهم ، انعقد اجماع سلفهم وخلفهم على ذلك ، وفيهم أهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، ويروون في ذلك أخباراً تفوق العد وتتجاوز الإحصاء ، بالغةً حد التواتر !
   وقد روى منها الحافظ بن عساكر من العامة طرفاً صالحاً منها ، منها حديث: وسيكون حثالةٌ من العامة يعيرون شيعتكم بزيارتكم كما تعير الزانية بزناها ! وغيره . مع أن جميع المسلمين مجمعون على زيارة النبي صلى الله عليه وآله منذ نقله الله إلى دار عفوه ومحل كرامته ، إلى هذا الزمان ، ففي كل سنة يعملون المطيَّ ويشدون الرحال ، ولاينصرفون إلى بعد السلام عليه .
   وانعقاد الإجماع في هذه الأعصار قبل ظهور هذه المقالة الشنيعة وبعدها ، حجةٌ قاطعةٌ في هذا المقام ، وأي حجة أقوى من إجماع أهل الاسلام على زيارة النبي صلى الله عليه وآله بإعمال المطي وشد الرحال في كل عام ؟!
   وأما الأخبار الواردة في زيارته فهي كثيرة جداً ، قد ضمنها العلماء في كتبهم المأثورة وسننهم المشهورة ، مثل مارواه أبو داود في سننه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما من رجل يسلِّم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ روحي حتى أردَّ. ولم يزل الصحابة والتابعون كلما دخلوا المسجد يسلمون على النبي صلى الله عليه وآله  . ولاحاجة إلى الإستدلال بالأخبار في هذا المقام المجمع عليه ، فإنه عدولٌ عن يقين إلى شك ، ومن علمٍ إلى ظن ! ) . انتهى كلام الشيهد الأول قدس سره .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page