• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ما ذكره المتقي الهندي

الرابع والثلاثون: المتقي الهندي (ت 975 هـ) فماذا عنده في كتابه (كنز العمّال) الذي رتب فيه الجامع الكبير للسيوطي، ورتبه على سنن الأقوال والأفعال، فهو في الحقيقة كتاب الجامع الكبير مرتباً على نهج ارتضاه المتقي الهندي.
وقد أورد فيه من الأحاديث الدالة على خلافة أهل البيت: الشيء الكثير، ومما يتعلق بفترة الأحداث التي تزامنت مع اسقاط المحسن السبط (عليه السلام)، نذكر بعض ذلك.
النص الأول(1): عن عمر مولى غفرة قال: لما توفي رسول الله(صلى الله عليه وآله) جاء مال من البحرين، فقال أبو بكر: من كان له على رسول الله(صلى الله عليه وآله) شيء أو عدة فليقم فليأخذ، فقام جابر فقال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: إن جاءني مال من البحرين لأعطينك هكذا وهكذا _ ثلاث مرّات حثاً بيده _ فقال له أبو بكر: قم فخذ بيدك، فأخذ فإذا هي خمسمائة درهم، فقال: عدوا له ألفاً ...(2).
أقول: ما بال أبي بكر لم يسأل جابراً البينة على دعواه، كما سأل فاطمة الزهراء (عليها السلام) البينة، وجاءته بعليّ والحسنين وأم أيمن ولم يقنع، لا بصدق فاطمة لطهارتها وعصمتها بحكم آية التطهير، ولا بطهارة الحسنين وهما سيدا شباب أهل الجنة، ولا بشهادة علي(عليه السلام) الذي قال فيه النبي(صلى الله عليه وآله): ((علي مع الحق والحق مع علي)) مضافاً إلى عصمته وطهارته بحكم آية التطهير، ولا باعترافه بأنّ أم أيمن مشهود لها بالجنة.
فهل كان جابر أعلى شأناً وأصدق قيلاً من جميع أولئك؟ أنّها لقاصمة الظهر!!
النص الثاني(3): عن عائشة انّ فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله(صلى الله عليه وآله) مما أفاء الله على رسوله، وفاطمة حينئذٍ تطلب صدقة النبي(صلى الله عليه وآله) التي بالمدينة، وفَدَك، وما بقي من خمس خيبر.
فقال أبو بكر: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: لا نورث ما تركناه صدقة، إنّما يأكل آل محمد من هذا المال _ يعني: مال لله _ ليس لهم أن يزيدوا على المأكل، وإنّي والله لا أغيّر صدقات النبي(صلى الله عليه وآله) عن حالها التي كانت عليه في عهد النبي(صلى الله عليه وآله)، لأعملنّ فيها بما عمل النبي(صلى الله عليه وآله) فيها فعمل، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر من ذلك... (4).
النص الثالث(5): عن الشعبي قال: لما مرضت فاطمة أتاها أبو بكر الصديق فاستأذن عليها، فقال علي: يافاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتحب أن آذن له؟ قال: نعم: فأذنت له، فدخل عليها يترضاها, وقال: والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البيت.(ق) (6) وقال: هذا مرسل حسن باسناد صحيح.
أقول: لو أغمضنا النظر عن الإرسال وعن زعم صحة الإسناد، فالخبر ليس فيه ما يشعر برضى فاطمة(عليها السلام) عن أبي بكر، فنبقى نحن وحديث عائشة في البخاري في أواخر باب غزوة خيبر(7) كما مرّ في النص الثاني: (... فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلّمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي(صلى الله عليه وآله) ستة أشهر).
النص الرابع(8): قال القاسم بن محمد _ وهذا هو ابن أخي عائشة _ : إن النبي(صلى الله عليه وآله) لما توفي اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة، فأتاهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ابن الجراح، فقام حباب بن المنذر _ وكان بدرياً _ فقال: منّا أمير ومنكم أمير، فإنّا والله ما ننفس هذا الأمر عليكم أيها الرهط، ولكنّا نخاف أن يليه أقوام قتلنا آباءهم واخوتهم، فقال له عمر: إذا كان ذلك فمت إن استطعت، فتكلم أبو بكر فقال: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، وهذا الأمر بيننا وبينكم نصفين كقدّ الأبلمة _ يعني الخوصة _ ... .
فلما اجتمع الناس على أبي بكر قسّم بين الناس قسماً، فبعث إلى عجوز من بني النجار من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت، فقالت: ما هذا؟ قال: قسم قسمه أبو بكر للنساء، فقالت: أتراشوني عن ديني؟ فقالوا: لا، فقالت: أتخافون أن أدع ما أنا عليه؟ فقالوا: لا، فقالت: والله لا آخذ منه شيئاً أبداً، فرجع زيد إلى أبي بكر فأخبره بما قالت، فقال أبو بكر: ونحن لانأخذ مما أعطيناها شيئاً أبداً (ابن سعد وابن جرير).
أقول: وهذا الخبر صريح في استعمال الرشوة لتثبيت أمر الحكم، فمن قول أبي بكر: نحن الأمراء وأنتم الوزراء, وهذا الأمر بيننا وبينكم نصفين كقدّ الأبلمة، ومن أمر القسمة بين الناس حتى النساء، ورفض العجوز النجارية أن تقبل ما جاء به زيد بن ثابت إليها من قسمها، وقولها: أتراشوني عن ديني، يبدوا أمر اعطاء الرشى كان من جملة وسائل تثبيت الحكم.
وهذا ما نقرؤه في صنع أبي بكر مع معاذ بن جبل وأبي سفيان ممن ترك لهم ما في أيديهم من مال المسلمين.
أما خبر معاذ وقد بعثه النبي(صلى الله عليه وآله) على طائفة من اليمن أميراً ليجبره، فمكث معاذ باليمن أميراً, وكان أول من اتجر في مال الله هو، ومكث حتى أصاب وحتى قبض النبي(صلى الله عليه وآله)، فلما قدم قال عمر لأبي بكر: أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه وخذ سائره، فقال أبو بكر: إنّما بعثه النبي(صلى الله عليه وآله) ليجبره، ولست بآخذ منه شيئاً إلا أن يعطيني.
فانطلق عمر إلى معاذ إذ لم يطعه أبو بكر، فذكر ذلك عمر لمعاذ, فقال: انّما أرسلني رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليجبرني ولست بفاعل، ثم لقي معاذ عمر فقال: قد أطعتك وأنا فاعل ما أمرتني به، إنّي رأيت في المنام أنّي في حومة ماء قد خشيت الغرق فخلصتني منه يا عمر، فأتى معاذ أبا بكر فذكر ذلك له، وحلف له أنه لم يكتمه شيئاً حتى بيّن له سوطه، فقال أبو بكر: والله لا آخذه منك قد وهبته لك... (9).
ثم ولاّه الشام وبقى إلى عهد عمر، ونحيل القارئ الى كتاب (علي إمام البررة) (10) لمعرفة المزيد من حال معاذ أيام حكومة أبي بكر وعمر، ومدى ما وصلت إليه مكانته عندهما حتى تمنّى عمر عند موته لو كان حياً لاستخلفه، مع علمه بأنه من الأنصار، وكان تمنّيه في غير موقعه بعد أن احتج هو وصاحبه أنّ الأمر في قريش، وأنّ العرب لا ترضى أن تولي من غير قريش عليها.
وكذلك كان أمر أبي بكر مع أبي سفيان الذي كان أرسله النبي(صلى الله عليه وآله) جابياً للصدقات، ولما عاد بعد موت النبي(صلى الله عليه وآله) وسمع بتولي أبي بكر الخلافة قال: إنّي لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم، قال: فكلم عمر أبا بكر فقال: إنّ أبا سفيان قد قدم، وإنّا لا نأمن شرّه، فدفع له ما في يده فتركه فرضي(11).
النص الخامس(12): عن عروة أن أبا بكر خطب يوماً فجاء الحسن فصعد إليه المنبر فقال: إنزل عن منبر أبي، فقال علي: إنّ هذا شيء من غير ملأ منّا (ابن سعد).
النص السادس(13): عن عبد الرحمن بن الأصبهاني قال: جاء الحسن بن علي إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال: انزل عن مجلس أبي، قال: صدقت إنّه مجلس أبيك، وأجلسه في حجره وبكى، فقال علي: والله ما هذا عن أمري، فقال: صدقت والله ما اتهمتك (أبو نعيم والجابري في جزئه).
أقول: وهذا الخبر وإن اختلف رواته وتفاوتت ألفاظه، غير أنه يكشف للقارئ ثمة شعور بالسخط لتولي أبي بكر الخلافة لدى أهل البيت صغيرهم وكبيرهم.


______________
1 - كنز العمّال 5: 343، برقم: 2274.
2- أخرجه نقلاً عن ابن أبي شيبة، والحسن بن سفيان، والبزار، وابن ماجه في سننه، ورواه ابن سعد.
3- كنز العمّال 5: 351، برقم: 2287.
4- أخرجه نقلاً عن ابن سعد، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن الجارود، وأبي عوانة، وابن حبان، وابن ماجه في سننه.
5- كنز العمّال 5: 351، برقم: 2288.
6- سنن ابن ماجه.
7- صحيح البخاري 5: 139.
8- كنز العمّال 5: 352، برقم: 2290.
9- أخرجه المتقي الهندي في كنز العمّال 5: 342 _ 343 ، نقلاً عن عبد الرزاق وابن راهويه.
10- علي إمام البررة 3: 253 _ 259.
11- شرح النهج لابن أبي الحديد 2: 44.
12- كنز العمّال 5: 359، برقم: 2301.
13- كنز العمّال 5: 359، برقم: 2302.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page