• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رؤيته (عليه السلام)

غاية طعن المنكرين لولادته متعلقة بنفي مشاهدته، قلنا: قد اسلفنا مشاهدة قوم من اوليائه على أنّ نفي رؤيته لا يدلّ على نفي وجوده، ولا يقدح فيه قول المنحرف عنه بجحوده، إذ ليس طرق العلم محصورة في المشاهدة، فاذا دلت البراهين على امامته ووجوده لم تكن غيبته عن الابصار مانعة عن تولده، واكثر المواليد انما تثبت بالشيعة، وهي حاصلة هنا من الشيعة، وكيف ينكر وجوده لعدم مشاهدته والابدال موجودون ولا يشاهدون، قال ابن ميثم في شرحه للنهج: قد نقل انهم سبعون رجلاً منهم اربعون بالشام وثلاثون في سائر البلاد، وفي حديث علي عليه السلام الابدال بالشام، والنجباء بمصر، والعصائب بالعراق، يجتمعون فيكون بينهم حرب.(البياضي، الصراط المستقيم 2: 243 ـ 244).
ان قالوا: لا تثبت وجود ولد له نشاهده، قلنا: اذا قامت على وجوده الدلالة أغنت عن المشاهدة... لزم من نفي المشاهدة مع الدلالة النفي لا تنفي الرب والانبياء السالفة والائمة الخالفة وكثير من الموجودات....(البياضي، الصراط المستقيم 2: 276).
1 ـ حضور الموسم والمشاهد
ذكر ابو بشر في كتابه: يغيب الامام طويلاً حتى ييأس المؤمنون ويشك المرتابون ويكذب الضالون، وهو مع ذلك يطالع امرهم، ويعرف وحشتهم، ويتجاوز عن قبيحهم، ويدعو بالصيانة والصلاح لهم، وانه ليخترق من وراء قاف الى حضور الحج كل سنة فيغفر الله بدعائه للخاطئين من شيعته، ويحضر المشاهد والزيارات.
قال مؤلف (الصراط المستقيم): خرجت مع جماعة نزيد على اربعين رجلاً الى زيارة القاسم بن موسى الكاظم، فكنا عن حضرته نحو ميل من الارض، فرأينا فارساً معترضاً فظنناه يريد اخذ ما معنا فخبينا ما خفنا عليه فلما وصلنا رأينا اثار فرسه ولم نره، فنظرنا ما حول القبة فلم نر احداً، فتعجبنا من ذلك مع استواء الارض وحضور الشمس، وعدم المانع فلا يمتنع ان يكون هو الامام او احد الابدال فلا ينكر حضور شخص لا يرى لسرّ أودعه الله فيه.
ان قيل: فهذا يبطل اصل وجوب الرؤية عند حصول شرائطها، قلنا: فان من شرائطها عدم المانع، والمانع هو السر المذكور، وقد وجد في ابواب السحر والشعبذة اخفاء الاعيان واشتباه الشيء بغيره، وقد ذكر عن أهل السيمياء اخفاء الاشخاص، وقد ذكر الطبرسي في تفسير (تبت) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحرس بقرآن من ام جميل زوجة ابي لهب فلم تره، فيجوز أن يكون الله تعالى قد عكس الشعاع او فرقه قبل وصوله اليه او صلّب المهدي فلم ينفذ فيه الشعاع.(البياضي، الصراط المستقيم 2: 263).
2 ـ ادعاء المشاهدة
ان رؤية الامام الثاني عشر عليه السلام وقعت في زمن الغيبة الكبرى لبعض الصالحين... ولا كلام فيه، وانما الكلام في أن مسألة الرؤية هل تنافي قوله عليه السلام: (وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة الا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر)، ام لا تنافي؟ والذي يمكن ان يقال: ان ملاحظة صدر هذا التوقيع تكفي لرفع المنافاة، لانه يشهد على أن المراد نفي من ادعى البابية كبابية النواب الاربعة، ولا يظهر منه نفي مطلق الرؤية، واليك صدر التوقيع:
(بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري اعظم الله أجر إخوانك فيك فإنّك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع امرك ولا توص الى احد، فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور الا بعد اذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الامد، وقسوة القلوب، وامتلاء الارض جوراً، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة....).
كما احتمله في البحار حيث قال: لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة، وايصال الاخبار من جانبه عليه السلام الى الشيعة على مثال السفراء لئلاّ ينافي الاخبار التي مضت، وستأتي فيمن راه عليه السلام.(البحار 52: 151) وهنا أجوبه أخرى ذكرها العلامة النوري في جنة المأوى.(البحار 53: 318).
هذا مضافاً الى انّ مثل قوله (وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة...) مع قطع النظر عن الصدر لا يفيد الا الظن والظن لا يقاوم مع القطع الحاصل من القضايا التي تدل على رؤيته، ولعل اليه ينظر ما حكي عن فوائد العلامة الطباطبائي حيث قال: (وقد يمنع ايضاً امتناعه {أي امتناع رؤيته } في شأن الخواص وإن اقتضاه ظاهر النصوص بشهادة الاعتبار ودلالة بعض الاثار.(البحار 53: 320) و (الخرازي، بداية المعارف2: 158 ـ 160).
3 ـ شهادة من قطع بصدقه على المهدي
انّ من انواع النصوص على امامة المهدي عليه السلام شهادة المقطوع بصدقهم بامامته، ومعلوم لكل سامع لاخبار الشيعة تعديل ابي محمد الحسن بن علي عليهما السلام جماعة من اصحابه وجعلهم سفراء بينه وبين اوليائهم، والامناء على قبض الاخماس والانفال، وشهادته بايمانهم وصدقهم فيما يؤدونه عنه الى شيعته، وان هذه الجماعة شهدت بمولد الحجة بن الحسن عليه السلام، واخبرت بالنص عليه من ابيه وقطعت بامامته... فكان ذلك نائباً مناب نص ابيه لو كان مفقوداً... والجماعة المذكورة: ابو هاشم داود بن قاسم الجعفري، ومحمد بن علي بن بلال، وابو عمر وعثمان بن سعيد السمان، وابنه ابو جعفر محمد بن عثمان، وعمر والاهوازي واحمد بن اسحاق وابو محمد الوجنائي وابراهيم بن مهزيار ومحمد بن ابراهيم.(ابو الصلاح ـ تقريب المعارف: 427 ـ 428. وانظر المحقق الحلي ـ المسلك: 277 ـ 282، والرسالة الماتعية: 311 ـ 313).
ولابد مع هذا الذي ذكرناه { من شدة التقية } ووصفنا استتاره وخفاءه من أن يعلم أمره وثقاته وثقاة ابيه وإن قلّوا....(الاشعري، المقالات والفرق: 105 ـ 106).
4 ـ رؤيته
قال القاضي: (لا يعرف منه {أي الحجة عليه السلام} عين ولا أثر)
قال المرتضى: إن أراد ان لا يعرف بالدليل فما ذكرناه يبطله، وان أراد بالمشاهدة فليس كل ما كان غير مشاهد يجب نفيه وابطاله.(المرتضى، الشافي 1: 80).
... واظهره ابوه عليه السلام لخاصة شيعته واراهم شخصه، وعرفهم بانه الذي يقصد اليه.(السد آبادي، المقنع: 146 ـ 147).
ان جماعة من اصحاب ابيه ابي محمد... قد شاهدوه في حياة ابيه، وكانوا اصحابه وخاصته بعد وفاته والسفراء بينه وبين شيعته مدة طويلة، وكانوا ينقلون عنه اليهم معالم الدين... وهم جماعة معروفون بأسمائهم وأنسابهم واعيانهم كأبي عمرو عثمان بن سعيد السمان، واخيه ابي جعفر محمد بن سعيد، وبني مهزيار بالاهواز، وبني الزكوزكي بالكوفة، وبني نوبخت ببغداد، وجماعة من اهل قزوين وقم... واما بعد انقراض... اخبار متناصرة بانه لابد للقائم المنتظر من غيبتين احداهما اطول من الاخرى... وفي الطولى لا يعرف خبره العام والخاص، ولا يعلمون له منزلاً الا من يتولى خدمته من ثقات اوليائه، ولم ينقطع عنه الاخبار بذلك موجودة في كتب الشيعة....(الرازي، المنقذ 2: 397).
5 ـ امكان ظهوره لأوليائه وسبب عدم الظهور لهم
... يجوز ظهوره لكثير منهم، ومن لم يظهر له منهم، فهو عالم بوجوده، ومتدين بفرض طاعته، وخائف من سطوته لتجويزه ظهوره له، والكل مكلف في حال منتصراً منه إن اتى جناية او من غيره من الجناة، فغيبته عنده على هذا التقدير كظهوره في كونه مزجوراً معها، بل حاله مع الغيبة في الزجر من حيث حالة ظهور تقتضي اختصاص الحجة لمكان معلوم وخلوه مما عداه وفي حال الغيبة لا مكلف من شيعته الاّ ويجوز اختصاص الامام بما يليه من الامكنة ولا يأمن ظهوره فيها، واذ كانت هذه حال اوليائه عليه السلام في زمان الغيبة حسن تكليفهم ما وجود الامام لطف فيه، وان كان غائباً لحصول صلاحهم فيهم بالظهور.(ابو الصلاح ـ تقريب المعارف: 444).
... وكذلك من لم يظهر له الامام ينبغي ان يراجع نفسه ويصلح سيرته، فاذا علم الله تعالى منه صدق النية في نصرة الامام وأنه لا يتغير عن ذلك ظهر له الامام.
وقيل في ذلك انه لا يمتنع ان يكون من لم يظهر له الامام المعلوم من حاله انه اذا ظهر له سيره وألقى خبره الى غيره من اوليائه واخوانه فربما انتهى الى شياع خبره وفساد أمره، وقيل ايضاً انه لا يمتنع انه اذا ظهر وظهر على يده علم معجز فانه لابد من ذلك فان غيبته غير معلومة، واذا كان كذلك دخلت عليه شبهة فيعتقد انه مدع لما لا أصل له فيشيع خبره ويؤدي الى اعزائه....(الطوسي ـ الاقتصاد: 368 ـ 369).
... انّا متى علمنا ان الامام لطف لجميع المكلفين؟... وسلمنا انه متى ارتفع اللطف لعلة لا ترجع الى المكلف نفسه، ومتى كان راجعاً الى غيره يجب سقوط التكليف عنه ثم ثبت لزوم التكليف لسائر المكلفين... علمنا انه انّما ثبت لامر راجع اليه يتمكن من ازالته وإن لم نعلمه على التفصيل... وكذلك نقول لاولياء الامام: انما استتر عنكم لعلة ترجع اليكم تتمكنون من ازالتها وتقدرون على دفعها وان لم نعلمها على التفصيل... وبعد نحن لا نقطع على انه مستتر عن جميع اوليائه، بل نجوّز أن يكون ظاهراً لبعض اوليائه ممن ليس فيه علة الاستتار عنه... ويمكن ان تكون العلة انه متى ظهر لهم فلسرورهم به وفرحهم بمشاهدته يتباشرون به، ويلقى كل واحد منهم من يأمنه من اصدقائه خبره حتى يشيع ذلك ويطلع عليه اعداؤه فيعود الامر الى الاستتار، ويمكن أن تكون العلة:انه متى ظهر لبعض اوليائه فلا يمكنه معرفته بالمشاهدة، وانما يعرفه بظهور العلم المعجز على يده... والمعجز لا يعلم كونه معجزاً بالضرورة، وانما كونه كذلك بالنظر والاستدلال فلا يمنع ان تدخل عليهم الشبهة في ذلك فيذيعوا خبره... فيستتر....
فان قيل: الشك في المعجز كفر...، قلنا: ان الشك في المعجز الذي يظهر على يد الامام ليس بقادح في معرفته لغير الامام على طريق الجملة، وانما يقدح في أن ما علم على طريق الجملة وصحت معرفته به هل هو هذا الشخص ام لا؟ والشك في هذا ليس بكفر، لانه لو حصل كفراً لوجب ان يكون كفراً وإن لم يظهر المعجز، فانه لا محالة قبل ظهور هذا المعجز على يده شاك فيه....(الطوسي ـ تلخيص الشافي 1: 83 ـ 84 و 89).
6 ـ الاستتار عن اوليائه
وقد قيل انما لم يظهر الى اوليائه خوفاً من اشاعة خبره، وقيل بل خوفاً من اعدائه لا غير، وقيل خوفاً على الولّي من الشك في المعجز الدّال على صدقه، وكل ذلك لا يخلو من قدح بل الاولى اعتقاد انّه لابد في ذلك من وجه مقتض لحسنه، وإن كنّا لا نستفصله.
على انّا نقول: {لا نسلّم} انه لم يظهر الى أوليائه، بل من الجائز أن يظهر الى من يرتفع مع ظهوره اليه وجه المفسدة، فانّا لا نعلم أحوال {كل انسان}، بل كل إنسان يعلم حال نفسه حسب.(المحقق الحلي، المسلك 282 ـ 283).
انما استتر... من اوليائه خوفاً عليهم من اعدائه، وكما جاز لعلي والائمة بعده كف ألسنتهم عن الفتيا في وقت وايديهم عن اصلاح الرعية في اكثر الاوقات خوفاً على انفسهم، فكذلك يجوز لامام الوقت اخفاء نفسه خوفاً عليها.(المحقق الحلي، الرسالة الماتعية: 311).
انا نجوّز ان يظهر لاوليائه ولا نقطع بعدم ذلك، على أنّ اللطف حاصل لهم في غيبته ايضاً، اذ لا يأمن احدهم اذا هم بفعل المعصية ان يظهر الامام عليه فيوقع به الحد وهذا القدر كاف في باب اللطف.(ابن ميثم، قواعد المرام: 191).
... انا لا نسلم ان الامام الذي نقول بغيبته الان لا يظهر لاوليائه، بل يظهر لهم ويأخذون عنه الاحكام، وقد ظهرت اليهم عنه احكام واجوبة مسائل سألوها، وغير ذلك من الادعية والمكاتبات كما هو مشهور بين الاثني عشرية.
سلمنا أنه لا يظهر لأحد من اوليائه، وان كانوا في غاية الصلاح والمحبة له والحاجة اليه، لكن السبب فيه أحد أمرين:
أحدهما: إن الانسان وان كان في غاية الصلاح الا أنّ طبيعته مجبولة على طلب الكمال وأعظم كما يتنافس فيه في الدنيا، ويتخيل كونه اشرف الكمالات هو الجاه، فان الانسان ربما يجهد في تحصيله بكل وسيلة... ثم أنّه اذا كان مطلوباً للخلق من تعظيم أقل امير من امراء الجور لهم، فكيف من الامام الحق المؤيّد بالكرامات الذي لو عرف الخلق بأسرهم حقيّة وجوده وصحة امامته وان الحق معه لبذلوا مهجتهم دونه اذا اختص انساناً من خلق الله فتطرق اليه وظهر اليه، فانه والحال هذه لا يؤمن أن يفتخر بمثل ذلك ويسرّه الى أخ له او ولد او زوجة فينتشر ذلك الى الاعداء او ولاة الاشرار، فان لكل نصوح نصوحاً، وكل حديث جاوز اثنين شاع، واذا انتشر ذلك كان سبباً للفساد.
الثاني: إن ذلك الولي لا يعرفه الا بالكرامات التي تظهر له منه ولا يصدقه بمجرد قوله، ثم لا يمتنع إن تطرأ الشبهة على المكلف في ذلك، فلا يقف على وجه دلالة الكرامة على مدّعي الامامة فيعتقد ما جاء به منكراً فيستعين بغيره فيصير خصماً وسبباً لوصول ذلك الامر إلى الاعداء.(ابن ميثم ـ النجاة في القيامة: 50 ـ 51).
ان قيل: لم لم يظهر لاوليائه؟ قلنا: لخوف الاشاعة فيشهره الولي بالعدو، ولان الولي لا يعلم انه الامام الا بمعجز وجائز تشكيك الوليّ فيه فتمنعه هذه الوصمة من ذلك شفقة منه عليه.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 244).
7 ـ لماذا الاستتار عن شيعته
قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال {أي سبب الغيبة عن اوليائه} بان قالوا: ان العلة في استتار الامام في غيبته عن اوليائه غير العلة في استتاره عن اعدائه وهو خوفه من الظهور لهم لئلاّ ينشروا خبره ويجروا ذكره فيسمع به الاعداء ويظهروا عليه، فيؤول الامر الى الغاية الموجبة للاستتار من الاعداء وهذا قريب.
ومما يمكن ان يجاب به عن هذا السؤال ان يقال: قد علمنا ان الامام اذا ظهر لجميع رعيته او لبعضهم وليس يعلم صدقه في ادعائه انه الامام بنفس دعواه، بل لابد من آية يظهرها تدل على صدقه، وما يظهره من الايات ليس يعلم ضرورة كونه اية ودلالة، بل يعلم ذلك بضروب الاستدلال التي يدخل في طرقها الشكوك والشبهات، واذا صح هذا فمن لم يظهر له الامام من اوليائه لا يمتنع ان يكون المعلوم من حاله ان ما يظهره الامام من المعجزات دخل عليه في طريقه الشبهات فلا يصل الى العلم بكونه آية معجزة واذا لم يصل الى ما ذكرناه، واعتقد في المظهر له ما يعتقد في المحتالين المخرفين لم يمنع ان يكون في المعلوم منه ان يقدم مع هذا الاعتقاد على سفك دمه أو فعل ما يؤدّي الى ذلك من تنبيه بعضهم عليه (أعني بعض الاعداء)، فيؤول الحال الى العلة التي منعنا لها من ظهوره لاعدائه، وان كان بين الاعداء والاولياء فرق من وجه آخر، لان الاعداء قبل ظهوره معتقدون انه لا امام في العالم وان من ادعى الامامة مبطل كاذب فهم عند ظهور من يدعي الامامة على الوجه الذي نذهب اليه لا ينظرون فيما يظهره مما يدعي أنه آية لتقدم اعتقادهم ان كل ما يدعيه من نسب الامامة المخصوصة الى نفسه من الايات باطل لا دلالة فيه، فيقدمون لهذا الاعتقاد على المكروه فيه، وليس كذلك حال الاولياء، لانهم ينتظرون ظهور الامام الذي يدعي هذا النسب المخصوص فهم فيما يظهروهم من اية انما يستحيل بعضهم فيه المحرم لدخول الشبهة عليه فيما يظهره حتى يعتقد انه ليس باية ولا معجزة.
وعلى الجوابين جميعاً لسنا نقطع على ان الامام لا يظهر لبعض اوليائه وشيعته بل يجوز ذلك، ويجوز ايضاً ان لا يكون ظاهراً لاحد منهم، وليس يعرف كل واحد منا الا حال نفسه، فاما حال غيره فغير معلومة له، ولاجل تجويزنا ان لا يظهر لبعضهم او لجميعهم ما ذكرنا العلة المانعة من الظهور.(المرتضى، الشافي 1: 148 ـ 149، وتنزيه الانبياء: 237 ـ 238).
قال اصحابنا: انه اذا ثبتت امامته وعصمته ثم علمنا غيبته واستتاره علمنا أنه لم يستتر الا لوجه لا ينافي عصمته غيبته، استتار يوجد في الولي والعدو وإن لم نعلمه على سبيل التفصيل... ومنهم من قال: ان علة استتاره عن اوليائه علة استتاره عن أعدائه فعلّة استتاره عن اعدائه خوفه منهم وعلة استتاره عن اوليائه هو أنه اذا ظهر لا يمكن معرفته بعينه الا بالمعجز، ويجوز على من شاهد ذلك المعجز أن يدخل عليه شبهة فيعتقد فيه أنّه مدّع لما ليس له ويعتقد أنّه مبطل ويشيع خبره فيؤدّي الى هلاكه، على أنا لا نقطع على أنّ جميع اوليائه لا يرونه وانما يعلم كل انسان حال نفسه غير انّا اذا جوّزنا استتاره عن بعضهم امكن ان يكون العلة ما ذكرناه.(المرتضى، شرح جمل العلم: 229 ـ 230).
8 ـ الاستتار عن الاولياء
انّا متى علمنا أن الامام لطف لجميع المكلفين، وسلمنا انّه متى ارتفع اللطف لعلة لا ترجع الى المكلف نفسه، ومتى كان راجعاً الى غيره يجب سقوط التكليف عنه ثم ثبت لزوم التكليف لسائر المكلفين، علمنا انه إنما ثبت لامر راجع اليه يتمكن من ازالته وإن لم نعلمه على التفصيل... وكذلك نقول لاولياء الامام: انّما استتر الامام عنكم لعلة ترجع اليكم تتمكنون من ازالتها وتقدرون على دفعها وأن لم نعلمها تفصيلاً، وبعد نحن لا نقطع على أنّه مستتر عن جميع اوليائه... ويمكن أن تكون العلة أنه متى ظهر لهم فلسرورهم به... يلقى كل واحد منهم من يأمنه من أصدقاء خبره حتى يشيع ويطلع عليه أعداؤه فيعود الامر الى الاستتار، ويمكن أن تكون العلة: انه متى ظهر لبعض اوليائه فلا يمكنه معرفته بالمشاهدة، وانما يعرفه بظهور العلم المعجز على يده وبينونته به ممن عداه، والمعجز لا يعلم كونه معجزاً بالضرورة وانما كونه كذلك بالنظر والاستدلال، فلا يمتنع ان تدخل عليهم الشبهة في ذلك فيذيعوا خبره فيؤدي الامر الى تتبعه والطلب له فيحتاج الى الاستتار....
فان قيل: فيجب ان يكون كل ولي لم يظهر له الامام يقطع على أنّه على كبيرة يلحق بالكفر لانه مقصّر فيما يوجب غيبة الامام عنه....
قلنا: ليس يجب التقصير أن يكون كفراً ولا ذنباً عظيماً، لانه في هذه الحال ما اعتقد في الامام انّه ليس بامام ولا اخافه على نفسه، وانما قصر في بعض المعلوم تقصيراً كان كالسبب في ان علم من حاله أنّ ذلك الشك في الامامة يقع منه مستقبلاً....
فان قيل: من شك في معجزة الامام كافر...، قلنا: هذا ليس بصحيح، لان الشك في المعجز الذي يظهر على يد الامام ليس بقادح في معرفته لغير الامام على طريق الجملة، وانما يقدح في ان ما علم على طريق الجملة وصحت معرفته به هل هو هذ الشخص ام لا؟ والشك في هذا ليس بكفر....
انه لا يجب القطع على استتاره عن جميع اوليائه، غير ان من يقطع على استتاره عنه أقرب ما يقال فيه ما تقدم ذكره من أن هذا الباب لا يجب العلم به على سبيل التفصيل، وان العلم على وجه الجملة فيه كاف، ولابد أن تكون علة الغيبة عن الاولياء مضاهية لعلة الغيبة عن الاعداء في انها لا تقتضي سقوط التكليف عنهم... ولابد أن يكونوا متمكنين من رفعها وازالتها فيظهر لهم، وعلى هذا التقدير اولى ما علّل به أنّ الامام اذا ظهر ولا يعلم شخصه وعينه من حديث المشاهدة فلابد من أن يظهر عليه علم معجز يدل على صدقه والمعجز، وكونه دلالة طريقه الدليل، ويجوز أن تعترض فيه الشبهة، ولا يمتنع أن يكون المعلوم من حال من لم يظهر له أنه متى ظهر له وأظهر المعجز لم ينعم النظر فتدخل عليه فيه الشبهة فيعتقد أنّه كذاب ويشيع خبره....
وجواب آخر: ان العلة في استتار الامام انما هي موجودة في اعداء الامام وليست حاصلة في أوليائه، ولا يلزم اسقاط التكليف عنه، لان اللطف متى تعلق بفعل المكلف نفسه او بفعل غيره وعلم أنه لا يحصل فلا يجب اسقاط التكليف... وانما يجب اسقاط التكليف لو كان اللطف في مقدور الباري تعالى، وعلم انه لا يحصل لوجه من الوجوه مما يرجع الى حكمته... فيجب حينئذٍ اسقاط التكليف....(الطوسي، تلخيص الشافي 1: 83 ـ 93، وانظر 4: 219 ـ 226 باختلاف وتفصيل).
9 ـ الاستتار عن الاولياء
... انه لا يمتنع أن تكون ها هنا امور كثيرة غير واصلة الينا هي مودعة عند الامام، وان كان كتمها الناقلون ولم ينقلوها، ولم يلزم مع ذلك سقوط التكليف عن الخلق، لانه اذا كان سبب الغيبة خوفه على نفسه من الذين أخافوه فمن أحوجه الى الاستتار أتى من قبل نفسه في فوت ما يفوته من الشرع... فلو زال خوفه لظهر... وذكر اصحابنا أنّ علة استتاره عن اوليائه خوفه من أن يشيعوا خبره.... فيؤدي ذلك الى الخوف من الاعداء وإن كان غير مقصود، وهذا الجواب يضعف لان عقلاء شيعته لا يجوز أن يخفى عليهم ما في اظهار اجتماعهم معه من الضرر عليه وعليهم، فكيف يخبرون بذلك؟ مع العلم بما فيه من المضرة الشاقة، وإن جاز هذا على الواحد والاثنين لا يجوز على جماعة شيعته الذين لا يظهر لهم... وقال بعض: من أن العلة في استتاره عن اوليائه ما يرجع على الاعداء....
قالوا: ولا فائدة في ظهوره لبعض اوليائه، لأن النفع المبتغي من تدبير الامة لا يتم الا بظهوره للكل نفوذ الامر، فقد صارت العلة في استتار الامام على الوجه الذي هو لطف ومصلحة للجميع واحدة.
ويمكن أن يعترض على هذا الجواب بأن يقال: الاعداء إن حالوا بينه وبين الظهور على وجه التصرف والتدبير فلم يحولوا بينه وبين لقاء ما شاء من اوليائه على سبيل الاختصاص، وهو يعتقد طاعته ويفترض اتباع أوامره...، على انه لو سلم لهم ما ذكروه... بطل قولهم من وجه آخر، وهو أنه يؤدي الى سقوط التكليف ـ الذي الامام لطف فيه ـ عن شيعته لانه اذا لم يظهر لهم لعلة لا ترجع اليهم، ولا كان في قدرتهم وامكانهم ازالة ما يمنعه من الظهور فلابد من سقوط التكليف عنهم....
وقد بينا فيما تقدم أن الذي يجب أن يقال: انه لا يجب القطع على استتاره عن جميع اوليائه... ولابد أن تكون علة الغيبة عن اوليائه مضاهية لعلة الغيبة عن الاعداء من أنها لا تقتضي سقوط التكليف عنهم.....(الطوسي، تلخيص الشافي 4: 219 ـ 222).
10 ـ الغيبة عن اوليائه
قيل في سبب الغيبة عن الاولياء وجوه:
منها: أن السبب هو خوفه من إشاعة خبره سروراً بمكانه فيؤدي ذلك الى انتشار خبره والخوف من أعدائه، ولكن هذا الوجه ضعيف، لان هذا وإن كان جائزاً على بعضهم فلا يجوز على جميعهم، اذ فيهم من المحصلين واصحاب الاراء الصائبة من لا يخفى عليهم ضرر الاشاعة... وذكر الشيخ في تضعيف هذا الجواب وجهاً آخر وهو قوله: على انّه يلزم عليه أن يكون شيعته عدموا الانتفاع به على وجه لا يمكنهم تلافيه، لانه اذا كانت العلة في ذلك ما علم من حالهم فليس في مقدورهم ازالة ذلك وهذا غير مستقيم، لان الصحيح الذي يذهب إليه أن خلاف المعلوم مقدور، فكيف يصح أن يقول: اذا كانت العلة في ذلك ما علم من حاله فليس في مقدورهم ازالة ذلك؟
ومنها انّ سبب استتاره عن الاولياء راجع على الاعداء، وهم الذين خوفوا شيعته الانتفاع به، وهذا الوجه ايضاً ليس بصحيح، لانه لو كان كذلك للزم سقوط التكليف الذي أمام لطف فيه عنهم، لانه اذا استتر عن الشيعة لعلة لا ترجع اليهم، ولا يتمكنون من ازالتها ورفعها لم يكونوا مزاحي العلة، فيجب سقوط التكليف الذي وصفناه عنهم، وبعد فان الخوف من الاعداء انما يمنع من الظهور الكلي، ولا يمنع من ظهوره على وجه الاختصاص لشيعته....
ومنها إن قيل اولاً نحن لا نقطع على أنه عليه السلام لا يظهر... وانما يعلم كل واحد منهم حال نفسه دون غيره ولكن من لا يظهر له منهم، فان سبب عدم ظهوره عليه السلام راجع اليه، ولا يلزمنا معرفة ذلك السبب بعينه في حق الغير، بل يكفينا ان نعلم ان مع بقاء التكليف واستمرار غيبته عنه لابد من أن يكون ذلك بسبب راجع اليه دون غيره وان لم نعلمه مفصلاً.....
فان قيل: اذا لم يتعين ذلك السبب فكيف يزيله...؟قلنا: انما لا يتعين لغيره، فاما ذلك الانسان الذي لم يظهر له فانما يجب ان يعلمه بعينه فيزيله، أو يعلم انحصار ما يتصور ان يكون سبباً في اشياء معينة فيجتهد في ازالة جميع ذلك ورفعها، ومثل هذا السؤال يتوجه علينا كلنا اذا قلنا في المخالفين الذين نظروا في الادلة الصحيحة فلم يحصل لهم العلم انهم اخلّوا بشرط من شروط النظر، بان يقال فما ذلك الشرط عينوه حتى يتداركه المخالف ويتلافاه ويزيل الخلاف الذي وقع منه في الاول، وإلا كان يكلفه إزالة الخلل الواقع منه تكليفاً لما لا يعلمه وجارياً مجرى تكليفه مع فقد القدرة، ولا جواب عنه الا مثل ما ذكرناه بأن يقول: ذلك الخلل انما لا يتعين لنا، فاما هم فانه يجب ان يعلموه إمّا معيناً او أن يعلموا انحصار شروط النظر في امور معينة مفصلة، فيلزمهم معاودة النظر مع مراعاة تلك الشروط والتحرز من الخلل في شيء منها ليحصل لهم العلم..
... والولي اذا علم أن الامام لا يظهر، وعلم أنه لابد أن يكون سبب استتاره عنه امراً راجعاً اليه لا الى غيره فلابد من أن يعلم ان ذلك لتقصير وقع منه، فيلزمه معاودة النظر فيما يوجب الالتباس، ويجتهد غاية الاجتهاد في تحصيل المعرفة بالفرق بين الممكن والمعجز حتى لا يشتبه عليه شيء من ذلك....
فان قيل: يلزم على هذا ان يكون كل ولي لم يظهر له الامام مقيماً على كبيرة لمكان هذا التقصير فيؤدي الى إلحاقه بالعدو... قلنا: الشك في المعجز الذي يظهر على يد الامام لا يقدح في علمه بان الامام انما هو ابن العسكري عليه السلام على الجملة، وانما تأثيره في أن من علمه على الجملة هل هو هذا الشخص أم لا؟ والشك في ذلك ليس كفراً.....(الرازي، المنقذ 2: 380 ـ 385).
11 ـ سبب الغيبة من شيعته وكيفية الانتفاع به
قد بينا في كتابنا (المقنع في الغيبة) الكلام في هذا الفصل مستقصى، والمختار من الوجوه المذكورة انما نطالب بعلة استتاره من شيعته اذا كانوا غير منتفعين به في حال الغيبة الانتفاع الذي لا يريد عليه ظهوره ومن انتقامه وسطوته وتأديبه وعقوبته كما لو كان ظاهراً، لانهم قاطعون على وجوده بينهم، وانه يعلم اخبارهم، ويعرف حال المخطىء والمصيب والطائع والعاصي فهم يتركون المعاصي، أو يكونون اقرب الى من تركها حياء منه ومحاباة له، واشفاقاً من معالجته بالحد والعقوبة، ومن فيهم لو ظهر له الامام، وأراد أن يقيم عليه الحد أو يعاقبه بجنايته ما امتنع عليه، فالامتناع الديني بالائمة حاصل به عليه السلام لشيعته في الغيبة.
وانما ينتفعون به في حال الظهور في انتقامه لهم من اعدائهم وأخذ حقوقهم منهم، وهذه منافع دنيوية يجوز تأخيرها وفوتها، ولا يجري ذلك مجرى تلك المنافع الدينية التي يقتضيها التكليف، وبينا أيضاً انا غير قاطعين على ان احداً من شيعته لا يلقاه في حال غيبته كما نقطع على ذلك في اعدائه، وانا نجوّز أن يلقاه الكثير منهم.
وبينا هناك ايضاً انه لا وجه لاستبعاد معرفة امام الزمان عليه السلام بجنايات شيعته مع الغيبة، وان معرفته بذلك وهو غائب كمعرفته به وهو ظاهر، لان المعرفة بذلك في حال الظهور انما يكون المشاهدة او بالبينة او بالاقرار، والمشاهدة ممكنة في حال الغيبة والخوف منها وهو غائب قوي منه مع ظهوره، لان التحرز من مشاهدته للجنايات وهو غائب اشد وأضيق تعذراً منه وهو ظاهر متميز الشخص، لانه اذا كان معروف العين أمن مع بعده من مشاهدة لجناية تجري من بعض شيعته، واذا لم يتميز شخصه لم يؤمن في كل حال من مشاهدته، وجوز في كل من يرى ولا يعرف انه الامام.
واما البينة فيجوز أن تقوم عنده وهو غائب بان يتفق كون من شاهد تلك الفاحشة ممن يلقى الامام فيشهد بها عنده، والتجويز في هذا الباب كاف ولا يحتاج في الخوف وحصوله الى القطع، وكذلك الاقرار ممكن في الغيبة على هذا الوجه....(المرتضى، الذخيرة: 423 ـ 424).
ومع هذا فما نمنع من ظهوره عليه السلام لبعضهم اما لتقويم أو تأديب او وعظ وتنبيه وتعليم غير انّ ذلك كله غير واجب فيطلب في فوته العلل وتتمحل له الاسباب، وانما يصعب الكلام ويشتبه اذا كان ظهوره للولي واجباً من حيث لا ينتفع او يرتدع الا مع الظهور واذا كان الامر على خلاف ذلك سقط وجوب الظهور للولي لمادللنا عليه من حصول الانتفاع والارتداع من دونه فلم تبق شبهة.(المرتضى، المقنع: 77).
ان اولياءه في حال غيبته ينتفعون به الانتفاع الذي تدعو الحاجة في التكليف اليه واذا كان الامر على ما ذكرناه لم يكن ظهوره لهم واجباً، واذا كان كذلك سقطت المطالبة لنا بسبب الغيبة عنهم لانه انما تجب المطالبة بذكر الوجه في ترك ما يجب فعله فإما في ترك ما لا يجب وهو مخير فيه فلا على أنه لا يمتنع أن يكون عالماً من جهة آبائه إنه إن ظهر في هذا الزمان لاوليائه نَمّ خبره الى أعدائه، أو يكون حاصلاً له من جهة الظن الذي بينا جواز كونه متعبداً في الظهور والاستتار بالعمل به، وايّ الامرين كان وجب استتاره عن الجميع تحرزاً من المضرّة به،... على انّا لا نقطع على أنّ احداً من اولياء الامام لا يلقاه في حال غيبته وغير معلوم لنا بل يجوز أن يلقاه الكثير منهم.(ابن زهرة، غنية النزوع 2: 217 ـ 220).
12 ـ علة عدم ظهوره لأوليائه
فان قيل: اذا كانت العلة في غيبته عن اعدائه خوفه منهم، فما باله لا يظهر لاوليائه، وهذه العلة زائلة فيهم؟!
فإذا لم يظهر للأولياء ـ وقد زالت عنهم علّة استتاره ـ بطل قولكم في علّة الغيبة!
قلنا: قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال بأنّ علّة غيبته عن أوليائه لا تمنع أن يكون خوفه من أن يلقاهم فيشيعوا خبره، ويتحدثوا سروراً باجتماعه معهم، فيؤدّي ذلك ـ وإنْ كان ذلك غير مقصود ـ إلى الخوف من الاعداء.
13 ـ عدم ارتضاء المصنف لهذه العلّة
وهذا الجواب غير مَرْضيٍ؛ لأنّ عقلاء شيعته لا يجوز أن يخفى عليهم ما في إظهار اجتماعهم معه من الضرر عليه وعليهم، فكيف يخبرون بذلك مع العلم بما فيه من المضرّة الشاملة؟! وإنْ جاز هذا الذي ذكروه على الواحد والاثنين، لم يجز على جماعة شيعته الذين لا يظهر لهم.
على انّ هذه العلّة توجب أنّ شيعته قد عُدموا الانتفاع به على وجه لا يتمكنون من تلافيه وإزالته.
لأنّه إذا علّق الاستتار بما يعلم من حالهم أنّهم يفعلونه، فليس في مقدورهم الان ما يقتضي ظهور الامام، وهذا يقتضي سقوط التكليف ـ الذي الامام لطفٌ فيه ـ عنهم.
14 ـ الجواب عن اعتراض المصنِّف
وقد أجاب بعضهم عن هذا السؤال بأنّ سبب الغيبة عن الجميع هو فعل الاعداء؛ لانّ انتفاع جماعة الرعية ـ من ولي وعدوّ ـ بالامام إنما يكون بأن ينفذ أمره وتنبسط يده، ويكون ظاهراً متصرفاً بلا دافع ولا منازع، وهذا مما المعلوم أن الاعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه.
قالوا: ولا فائدة في ظهوره سرّاً لبعض أوليائه؛ لانّ النفع المبتغى من تدبير الائمة لا يتمّ إلاّ بالظهور للكلّ ونفوذ الامر، فقد صارت العلة في استتار الامام وفقد ظهوره ـ على الوجه الذي هو لطفّ ومصلحة للجميع ـ واحدةً.
وهذا ايضاً جواب غير مرضي، لان الاعداء إن كانوا حالوا بينه وبين الظهور على وجه التصرف والتدبير، فلم يحولوا بينه وبين من شاء من أوليائه على جهة الاستتار.
وكيف لا ينتفع به من يلقاه من أوليائه على سبيل الاختصاص، وهو يعتقد طاعته وفرض أتباع أوامره، ويحكمه في نفسه؟!
وإن كان لا يقع هذا اللقاء لاجل اختصاصه؛ ولأنّ الامام معه غير نافذ الامر في الكلّ، ولا مفوض اليه تدبير الجميع، فهذا تصريح بأنّه لا انتفاع للشيعة الامامية بلقاء أئمتها من لدن وفاة أمير المؤمنين عليه السلام الى أيّام الحسن بن عليّ أبي القائم عليهم السلام، للعلّة التي ذكرت.
ويوجب ـ ايضاً ـ أنّ أولياء أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته لم يكن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الامر الى تدبيره وحصوله في يده، وهذا بلوغ ـ من قائله ـ الى حدّ لا يبلغه متأمّل.
على أنّه: إذا سلّم لهم ما ذكروه ـ من أنّ الانتفاع بالامام لا يكون الا مع ظهوره لجميع الرعية، ونفوذ أمره فيهم ـ بطل قولهم من وجه آخر.
وهو: انه يؤدّي الى سقوط التكليف ـ الذي الامام لطف فيه ـ عن شيعته، لانه اذا لم يظهر لهم لعلة لا ترجع اليهم، ولا كان في قدرتهم وإمكانهم إزالة ما يمنعهم من الظهور، فلابد من سقوط التكليف عنهم، ولا يجرون في ذلك مجرى أعدائه، لان الاعداء ـ وإنْ لم يظهر لهم ـ فسبب ذلك من جهتهم، وفي إمكانهم أن يزيلوا المنع من ظهوره فيظهر، فلزمهم التكليف الذي تدبير الامام لطف فيه، ولو لم يلزم ذلك شيعته على هذا الجواب.
ولو جاز أن يمنع قومُ من المكلفين غيرهم من لطفهم، ويكون التكليف ـ الذي ذلك اللطف فيه ـ مستمراً عليهم: لجاز أن يمنع بعض المكلفين غيره ـ بقيد أو ما أشبهه ـ من المشي على وجهٍ لا يتمكن ذلك المقيد من إزالته، ويكون المشي مع ذلك مستمراً على المقيد.
وليس لهم أن يفرقوا بين القيد وفقد اللطف، من حيث كان القيد يتعذر معه الفعل ولا يتوهم وقوعه، وليس كذلك فقد اللطف:
لأنّ المذهب الصحيح ـ الذي نتفق نحن عليه ـ أن فقد اللطف يجري مجرى فقد القدرة والالة، وأنّ التكليف مع فقد اللطف ـ في من له لطف ـ معلوم قبحه، كالتكليف مع فقد القدرة والالة ووجود المانع، وأنّ من لم يفعل به اللطف ـ ممن له لطف معلوم ـ غير متمكن من الفعل، كما أنّ الممنوع غير متمكن.
15 ـ الأولى في علّة الاستتار من الأولياء
والذي يجب أن يجاب به عن هذا السؤال ـ الذي قدّمنا ذكره في علّة الاستتار من أوليائه ـ أن نقول أولاً {لا} قاطعين ـ على أنّه لا يظهر لجميع أوليائه، فإنّ هذا مغيب عنّا، ولا يعرف كلّ واحد منّا إلاّ حال نفسه دون حال غيره.
وإذا كنّا نجوز ظهوره لهم كما نجوز خلافه: فلابد من ذكر العلة فيما نجوزه من غيبته عنهم.
وأولى ما قيل في ذلك وأقربه الى الحق ـ وقد بينا فيما سلف أنّ هذا الباب مما لا يجب العلم به على سبيل التفصيل، وأنّ العلم على وجه الجملة فيه كافٍ ـ: أن نقول: لابد من أن تكون علة الغيبة عن الاولياء مضاهية لعلة الغيبة عن الاعداء، في أنها لا تقتضي سقوط التكليف عنهم، ولا تلحق اللائمة بمكلفهم تعالى، ولابد من أن يكونوا متمكنين من رفعها وازالتها فيظهر لهم، وهذه صفات لابد من أن تحصل لما تعلل به الغيبة، والا أدى الى ما تقدم ذكره من الفساد.
وإذا ثبتت هذه الجملة فأولى ما علل به التغيب عن الاولياء أن يقال: قد علمنا أن العلم بإمام الزمان على سبيل التعيين والتمييز لا يتمّ إلاّ بالمعجز، فإنّ النصّ ـ في إمامة هذا الامام خاصة ـ غير كاف في تعينه، ولابد من المعجز الظاهر على يده حتى نصدقه في أنّه ابن الحسن عليهما السلام.
والعلم بالمعجز ودلالته على الظهور، طريقه الاستدلال الذي يجوز ان تعترض فيه الشبهة.
ومن عارضته شبهة في من ظهر على يده معجز، فاعتقد انه زور ومخرقة، وأن مظهره كذاب متقول، لَحِقَ بالأعداء في الخوف من جهته.
16 ـ جهة الخوف من الأولياء عند الظهور
فإن قيل: فايّ تقصير وقع من الولي الذي لم يظهر له الامام لاجل هذا المعلوم من حاله؟
وأيّ قدرة له على فعل ما يظهر له الامام معه؟
وإلى ايّ شيء يفزع في تلافي سبب غيبته عنه؟
قلنا: ما أحلنا ـ في سبب الغيبة عن الاولياء ـ إلاّ على معلوم يظهر موضع التقصير فيه، وإمكان تلافيه، لأنّه غير ممتنع أن يكون من المعلوم من حاله أنّه متى ظهر له الامام قصّر في النظر في معجزه، وإنّما اتي في ذلك: لتقصير الناظر في العلم بالفرق بين المعجز والممكن، والدليل من ذلك وما ليس بدليل.
ولو كان من هذا الامر على قاعدة صحيحة وطريقة مستقيمة، لم يجز أن يشتبه عليه معجز الامام عند ظهوره له.
فيجب عليه تلافي هذا التقصير واستداركه، حتى يخرج بذلك من حدّ من يشتبه عليه المعجز بغيره.
17 ـ هل تكليف الولي بالنظر، هو بما لا يطاق؟
وليس لاحد أن يقول: هذا تكليف ما لا يطاق، وحوالة على غيب لا يدرك؛ لأنّ هذا الوليّ ليس يعرف ما قصّر فيه بعينه من النظر والاستدلال، فيستدركه، حتى يتمهد في نفسه ويتقرر، ونراكم تلزمونه على ما لا يلزمه؟!
والجواب عن هذا الاعتراض:
أنّ ما يلزم في التكليف قد يتميّز وينفرد، وقد يشتبه بغيره ويختلط ـ وإنْ كان التمكن من الامرين حاصلاً ثابتاً ـ فالوليّ على هذا إذا حاسب نفسه ورأى إمامه لا يظهر له، وأعتقد أن يكون السبب في الغيبة ما ذكرناه من الوجوه الباطلة (وأجناسها، علم انّه لابد من سبب يرجع إليه).
وإذا رأى أنّ أقوى الاسباب ما ذكرناه، علم أنّ تقصيراً واقعاً من جهته في صفات المعجز وشروطه، فعليه ـ حينئذٍ ـ معاودة النظر في ذلك، وتخليصه من الشوائب، وتصفيته مما يقتضي الشبهة ويوجب الالتباس.
فإنّه متى اجتهد في ذلك حق الاجتهاد، ووفّى النظر نصيبه غير مبخوس ولا منقوص: فلابُدّ له من وقوع العلم بالفراق بين الحقّ والباطل.
وإذا وقع العلم بذلك، فلابد من زوال سبب الغيبة عن الوليّ.
وهذه المواضع، الانسان فيها على نفسه بصيرة، وليس يمكن أن يؤمر فيها بأكثر من التناهي في الاجتهاد والبحث والفحص والاستسلام للحق.
18 ـ استكمال الشروط، أساس الوصول إلى النتيجة
وما للمخالف لنا في هذه المسألة إلاّ مثل ما عليه، لأنّه يقول: إنّ النظر في الدليل إنّما يولّد العلم على صفات مخصوصة، وشروط كثيرة معلومة، متى اختلّ شرط منها لم يتولد العلم بالمنظور فيه.
فإذا قيل لهم مخالفوهم: قد نظرنا في الادلة كما تنظرون فلم يقع لنا العلم بما تذكرون أنّكم عالمون به؟
كان جوابهم: إنّكم ما نظرتم على الوجه الذي نظرنا فيه، ولا تكاملت لكم شروط توليد النظر العلم؛ لأنّها كثيرة، مختلفة، مشتبهة.
فإذا قال لهم مخالفوهم: ما تحيلوننا في الاخلال بشروط توليد النظر الا على سراب، وما تشيرون الى شرط معين أخللنا به وقصرّنا فيه؟!
كان جوابهم: لابد ـ متى لم تكونوا عالمين كما علمنا ـ من تقصير وقع منكم في بعض شروط النظر؛ لأنّكم لو كملتم الشروط واستوفيتموها لعلمتم كما علمنا، فالتقصير منكم على سبيل الجملة واقع، وإنْ لم يمكننا الاشارة الى ما قصرتم فيه بعينه، وأنتم مع هذا متمكنون من أن تستوفوا شروط النظر وتستسلموا للحق وتخلو قلوبكم من الاعتقادات والاسباب المانعة من وقوع العلم، ومتى فعلتم ذلك فلابد من أن تعلموا، والانسان على نفسه بصيرة.
وإذا كان هذا الجواب منهم صحيحاً، فبمثله أجبناهم.
19 ـ الفرق بين الوليّ والعدوّ في علّة الغيبة
فإن قيل: فيجب ـ على هذا ـ أن يكون كلّ وليّ لم يظهر له الامام يقطع على أنه على كبيرة عظيمة تلحق بالكفر؛ لأنّه مقصّر ـ على ما فرضتموه ـ فيما يوجب غيبة الامام عنه، ويقتضي تفويته ما فيه مصلحته، فقد لحق الولي ـ على هذا ـ بالعدو.
قلنا: ليس يجب في التقصير ـ الذي أشرنا اليه ـ أن يكون كفراً ولا ذنباً عظيماً؛ لانه في هذه الحال الحاضرة ما اعتقد في الامام أنّه ليس بإمام، ولا أخافه على نفسه، وإنّما قصر في بعض العلوم تقصيراً كان كالسبب في أنّه علم من حاله انّ ذلك يؤدي الى أن الشك في الامامة يقع منه مستقبلاً، والان ليس بواقع، فغير لازم في هذا التقصير أن يكون بمنزلة ما يفضي اليه مما المعلوم أنه سيكون.
غير إنّه، وإنْ لم يلزم ان يكون كفراً، ولا جارياً مجرى تكذيب الامام والشك في صدقه، فهو ذنب وخطأ، لا ينافيان الايمان واستحقاق الثواب.
وأن {لا} يلحق الولي بالعدو على هذا التقدير؛ لأنّ العدوّ ـ في الحال ـ معتقد في الامامة ما هو كفر وكبيرة، والوليّ بخلاف ذلك.
20 ـ سبب الكفر في المستقبل، ليس كفراً في الحال
والذي يبين ما ذكرناه ـ من أنّ ما هو كالسبب في الكفر لا يلزم أن يكون في الحال كفراً ـ انّه لو اعتقد معتقد في القادر منا بقدرة: (أنّه يصحّ أن يفعل في غيره من الاجسام من غير مماسة)، فهذا خطأ وجهل ليس بكفر، ولا يمتنع أن يكون المعلوم من حال المعتقد أنّه لو ظهر نبي يدعو الى نبوته، وجعل معجزه أن يفعل الله على يديه فعلاً بحيث لا تصل اليه أسباب البشر ـ وهذا لا محالة علم معجز ـ أنّه كان يكذبه فلا يؤمن به، ويجوز أن يقدر أنه كان يقتله؛ وما سبق من اعتقاده في مقدور القادر كالسبب في هذا، ولم يلزم أن يجري مجراه في الكبر والعظم.
وهذه جملة (من الكلام في) الغيبة يطلع بها على أصولها وفروعها، ولا يبقى بعدها إلاّ ما هو كالمستغنى عنه.
ومن الله نستمد المعونة وحسن التوفيق لما وافق الحق وطابقه، وخالف الباطل وجانبه (وهو السميع المجيب بلطفه ورحمته، وحسبنا الله ونعم الوكيل).
تم كتاب (المقنع) والحمد لله أولاً وآخراً (وظاهراً وباطناً).
21 ـ الارتباط مع الامام المهدي عليه السلام
ان الارتباط مع الامام الثاني عشر عليه السلام صار منقطعاً من زمن الغيبة الكبرى... ولكن المنقطع هو بعض الانواع من الارتباط الذي كان مألوفاً بينه وبين الشيعة، وبقي انواع اخر، وهو انه عليه السلام يرانا ولا نراه إلا إذا يرينا نفسه، ويحضر بعض مجالسنا، ويزور الحسين عليه السلام وسائر الائمة، ويحج ويحضر الموسم، وينظر الى اعمال الشيعة وخواصه، ويعين وكلاءه العامة بالدعاء والارشاد والتصرف في قلوبهم... وقد ورد في التوقيع: (انّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللاواء واصطلمكم الاعداء)(مكيال المكارم 1: 44). وهذه الارتباطات معلومة واضحة لمن أمعن النظر في جوامع الحديث والحكايات الواردة في هذه الاتصالات وليست هي بقليلة طيلة الغيبة الكبرى....(الخرازي، بداية المعارف 2: 157).
22 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
أخبرني ابو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد عن محمد بن شاذان بن نعيم عن خادمة لابراهيم بن عبده النيسابوري ـ وكانت من الصالحات ـ أنها قالت: كنت واقفه مع ابراهيم على الصفا، فجاءه صاحب الامر عليه السلام حتى وقف معه وقبض على كتاب مناسكه وحدثه بأشياء.(الشيخ المفيد، الارشاد ج2، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 11/ 352. الكافي 1: 266/ 6، الغيبة للطوسي: 268 / 231، اعلام الورى: 397).
23 ـ رؤيته
اخبرني ابو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن ابي عبد الله بن صالح واحمد بن النضر، عن القنبري قال: جرى حديث جعفر بن علي فذمه، فقلت: فليس غيره؟ قال: بلى، قلت: فهل رأيته؟ قال: لم أره، ولكن غيري رآه، قلت: من غيرك؟ قال: قد رآه جعفر مرتين.(الشيخ المفيد، الارشاد ج2، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 11/ 353. الكافي 1: 267/ 9، الغيبة للطوسي: 248/ 217،اعلام الورى: 397. ونقله المجلسي في البحار 52: 60/ 47).
24 ـ رؤيته
اخبرني ابو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن جعفر المكفوف، عن عمرو الاهوازي قال: ارانيه ابو محمد وقال: (هذا صاحبكم).(الشيخ المفيد، الارشاد ج2، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 11/ 354. الكافي 1: 264/2، 267/12، الغيبة للطوسي: 234/ 203، اعلام الورى: 414، ونقله العلامة المجلسي في البحار 52: 60/48).
25 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
اخبرني ابو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي النيسابوري، عن ابراهيم ابن محمد، عن ابي نصر طريف الخادم انّه رآه عليه السلام.(الشيخ المفيد، الارشاد ج2، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 11/ 354. الكافي 1: 267/ 13، اعلام الورى: 396، وفيهما ابو نصر ظريف، ونقله العلامة المجلسي في البحار 52: 60/ 49).
26 ـ رؤيته
اخبرني ابو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن محمد بن اسماعيل بن موسى بن جعفر ـ وكان اسن شيخ من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالعراق ـ قال رأيت ابن الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام بين المسجدين وهو غلام.(الشيخ المفيد، الارشاد ج2، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 11/ 351. الكافي 1: 266/2، الغيبة للطوسي: 268/ 230، اعلام الورى: 396).
27 ـ رؤيته
اخبرني ابو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن رزق الله قال: حدثني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر قال: حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي ـ وهي عمة الحسن عليه السلام ـ انها رأت القائم عليه السلام ليلة مولده وبعد ذلك.(الشيخ المفيد، الارشاد ج2، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 11/ 351. الكافي 1: 266/3، وانظر مفصلاً في اكمال الدين: 424/1، وغيبة الشيخ: 237/205).
28 ـ رؤيته
اخبرني ابو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد عن فتح مولى الزراري قال: سمعت ابا علي بن مطهر يذكر أنه رآه، ووصف له قدَّه.(الشيخ المفيد، الارشاد ج2، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 11/ 352، الكافي 1: 266/5، الغيبة للطوسي: 269/ 233، ونقله العلامة المجلسي في البحار 52: 60/ ذيل الحديث 45).
29 ـ الرؤية زمن الغيبة الكبرى
وقوع الغيبة الكبرى لا تدل على عدم امكان رؤية الامام فيها والتشرف بخدمته، حتى مع معرفة المشاهد له في حال الرؤية، لان الذي نقطع بكذبه هو ادعاء الباب والنيابة الخاصة، فانه بتولى خدمته من ثقاة اوليائه ولم ينقطع عنه الى الاشتغال بغيره.
ولهذا فقد روى الشيخ الطبرسي ان توقيعين وردا من الناحية المقدسة الى الشيخ المفيد، وروى هذين التوقيعين يحيى بن بطريق في رسالة نهج العلوم الى نفي المعدوم كما حكى عنه، والذي يزيدنا اطمئنانا بهذين التوقيعين ما ذكره الطبرسي في مقدمة كتابه الاحتجاج، ولا نأتي في اكثر ما نورده من الاخبار باسناده: اما لوجود الاجماع عليه او موافقته لما دلت العقول اليه او لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف.
والذي يزيدنا اطمئنانا أيضاً لهذين التوقيعين ما ذكره المحدث البحراني في اللؤلؤة بعد ما نقل ابياتا في رثاء الشيخ المفيد منسوبه لصاحب الامر وجدت مكتوبه على قبر الشيخ المفيد:
وليس هذا ببعيد بعد خروج ما خرج عنه عليه السلام من التوقيعات للشيخ المذكور المشتملة على مزيد التعظيم والاجلال ثم قال: هذا وذكر الشيخ يحيى بن بطريق الحلي قد تقدم...
وإن كان بعض المتأخرين قد شكك في هذين التوقيعين، لكن الاطمئنان الحاصل عند التأمل فيهما كافٍ في المقام.(الشيخ فارس الحسون، مقدمة تحقيق كتاب الفصول العشرة في الغيبة للشيخ المفيد، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 3/21 ـ 24).
30 ـ ظهوره لخاصة الشيعة زمن ابيه
من الخطوات التي اتبعها الامام الحسن العسكري لتثبيت عقائد الشيعة بامامة ولده المهدي المنتظر ورد الشبهات عنه، هي انه كان يظهر ولده المهدي الى خواص شيعته بين حين وآخر وكانوا يتحدثون معه ويسألونه فيجيبهم.(الشيخ فارس الحسون، مقدمة تحقيق كتاب الفصول العشرة في الغيبة للشيخ المفيد، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 3/ 9، 10).
31 ـ انه خارج العادة والعرف
اما الكلام في قول الخصوم: ان دعوى الامامية لصاحبهم انه منذ ولد الى وقتنا هذا مع طول المدة وتجاوزها الحد مستتر لا يعرف احد مكانه، ولا يعلم مستقره، ولا يدعي عدل من الناس لقاءه، ولا يأتي بخبر عنه، ولا يعرف له اثراً خارجة عن العرف، اذ لم تجر العادة لاحدٍ من الناس بذلك... بل لابد من أن يعرف ذلك بعض اهله واوليائه بلقائه وبخبر منه يأتي اليهم عنه، واذا خرج قول الامامية في استتار صاحبهم وغيبته عن حكم العادات بطل ولم يرج قيام حجة.
(الجواب): ليس الامر كما توهمه الخصوم... وإن جماعة من اصحاب أبي محمد الحسن (العسكري)... قد شاهدوا خلفه في حياته، وكانوا اصحابه وخاصته بعد وفاته، والوسائط بينه وبين شيعته دهراً طويلاً في استتاره: ينقلون اليهم عن معالم الدين ويخرجون اليهم اجوبة عن مسائلهم فيه ويقبضون منهم حقوقه لديهم... (وهم السفراء الاربعة وغيرهم من الوكلاء)، وكانوا (هؤلاء) اهل عقل وامانه وثقة ودراية وفهم وتحصيل ونباهة.. كأبي عمر، وعثمان بن سعيد السمان، وابنه ابي جعفر بن عثمان، وبني الرحبا من نصيبين، وبني سعد، وبني مهزيار بالاهواز، وبني الركولي بالكوفة، وبني نوبخت ببغداد، وجماعة من اهل قزوين وقم، وغيرها من الجبال مشهورون بذلك عند الامامية والزيدية معروفون بالاشارة اليه به عند كثير من العامة... وكان السلطان يعظم اقدارهم بجلالة محلهم في الدنيا، ويكرمهم لظاهر امانتهم واشتهار عدالتهم...
وهذا يسقط دعوى الخصوم وفاق الامامية لهم، أن صاحبهم لم ير منذ ادعوا ولادته، ولا عرف له مكان، ولا خبر احد بلقائه.
فاما بعد انقراض من سميناه من اصحاب ابيه واصحابه عليهما السلام، فقد كانت الاخبار عمن تقدم من ائمة آل محمد عليهم السلام متناصرة بانه لابد للقائم المنتظر من غيبتين: أحداهما أطول من الاخرى، يعرف خبره الخاص في القصرى، ولا يعرف العام له مستقراً في الطولي، إلا من تولى خدمته من ثقاة أوليائه ولم ينقطع عنه الى الاشتغال بغيره....(الشيخ المفيد، الفصول العشرة، ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 3/ 77 ـ 82).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page