• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

دليل اللطف

وجود الامام لطف من الله تعالى بعبيده، لانه بوجوده فيهم يجمع شملهم، ويتصل حبلهم، وينتصف الضعيف من القوي، فاذا عدم بطل الشرع، واكثر احكام الدين واركان الاسلام كالجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والقضايا ونحو ذلك فينتفي الفائدة المقصودة منها، واما غيبة بعض الائمة في بعض الاحيان وتعطل الاحكام في المدد المتطاولة فانما ذلك من جهة الرعية دون الامام فليس ذلك نقصاً على لطف الله تعالى....(الفيض، علم اليقين 1: 376، شبر، حق اليقين 1: 184).
1 ـ دليل اللطف
قالوا: الامام انما يكون لطفاً اذا كان متصرفاً بالامر والنهي وانتم لا تقولون به، فما تعتقدونه لطفاً لا تقولون بوجوبه وما تقولون بوجوبه ليس بلطف.
الجواب: ان وجود الامام بنفسه لطف لوجوده: احدها انه يحفظ الشرائع ويحرسها عن الزيادة والنقصان، وثانيها ان اعتقاد المكلفين بوجود الامام وتجويز انفاذ حكمه عليهم في كل وقت سبب لردعهم عن الفساد، ولقربهم الى الصلاح، وهذا معلوم بالضرورة، وثالثها: ان تصرفه لا شك انه لطف وذلك لا يتم الا بوجوده فيكون وجوده بنفسه لطفاً آخر، والتحقيق أن نقول لطف الامامة يتم بامور: منها ما يجب على الله تعالى، وهو خلق الامام وتمكينه بالتصرف والعلم والنص عليه باسمه ونسبه وهذا قد فعله الله تعالى، ومنها ما يجب على الامام وهو تحمله للامامة وقبوله لها وهذا قد فعله الامام، ومنها ما يجب على الرعية وهو مساعدته والنصرة له وقبول اوامره وامتثال قوله وهذا لم يفعله الرعية، فكان منع اللطف الكامل منهم لا من الله تعالى ولا من الامام.(العلامة الحلي، كشف المراد: 389 ـ 390، المقداد ـ ارشاد الطالبين: 331).
... ان وجود الامام مطلقاً لطف وتصرفه لطف آخر ضرورة ان لكل منهما مدخلاً في القرب الى الطاعة والبعد عن المعصية، الا ان الثاني اقوى من الاول بناء على تفاوت مراتب القرب والبعد، لكن الاول لطف لا مانع عنه فكان واجباً قطعاً، واما الثاني فهو لطف له موانع من جهة العباد لشدّة عنادهم وغلبة مخالفتهم للحق ومتابعتهم للأهواء حتى كادوا ان يقعوا في الفساد، وتكثير الفتن في البلاد، ويؤيده ما روي عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال (لا يخلو الارض من قائم لله بحجة اما ظاهراً مشهوراً او خائفاً مغموراً...).
بهذا التقرير ظهر فساد ما قال بعض المحققين انه لو كفى في كون الامام لطفاً وجوده مطلقاً من غير ظهوره وتصرفه لكان العلم بكونه مخلوق في وقت ما مع عدم وجوده بالفعل كافياً ايضاً، فلا يكون وجوده بالفعل واجباً، وذلك للقطع بان وجود الامام بالفعل لطف لا مانع عنه، وان كان مجرد كونه مخلوقاً في وقت ما لطف ايضاً، وقد تقرر ان كل لطف لا مانع عنه واجب على الله تعالى فوجوده بالفعل واجب عليه تعالى قطعاً.(ابن مخدوم، مفتاح الباب (شرح الباب الحادي عشر): 181 ـ 182).
حكم الامامية بان تعيين الامام واجب على الله تعالى لانها لطف، واللطف واجب على الله تعالى، اما انها لطف فلان الناس إن كان لهم رئيس عام يمنعهم عن المعاصي ويحثهم على الطاعات كانوا معه الى الصلاح اقرب ومن الفساد أبعد، ولا نعني باللطف سوى ذلك، واما ان اللطف واجب على الله تعالى، فلان غرضه الذي هو اطاعة العباد لا يحصل الا به، فلو لم يخلق اللطف فيهم ولهم لكان ناقضاً لغرضه ونقض الغرض عبث تعالى الله عن ذلك، وانحصار هذا اللطف في الرئيس العام معلوم للعقلاء وينبه عليه الوقوع، فانا نجد انه متى تكثرت الرؤساء في عصر كثر الفساد، واذا خلا الناس في قطر من الاقطار عن رئيس ظلم بعضهم بعضاً وانتشر الفساد والفتن بينهم، ويؤيد ذلك ايضاً ما روي عن علي عليه السلام: (لا تخلو الارض من قائم بحجة اما ظاهراً مشهوراً او خائفاً مغموراً لئلاً تبطل حجج الله وبيناته).
فوجود الامام لطف من الله تعالى وقد فعله، وانما كان هذا اللطف واجباً على الله تعالى، لان ايجاد امام يكون عام الرئاسة والشريعة اقرب الى الصلاح في امور معاشهم ومعادهم وابعد عن الفساد فيهما بسبب وجوده وعصمته، وليس مقدوراً للعباد لخفائها عنهم وخصوصاً العصمة، فلابد أن يكون المعين له هو الله سبحانه، وظهوره وتصرفه لطف آخر وهو واجب على العباد، لانه موقوف على تمكينهم له، وقد أخلّوا به حيث أخافوه بسوء اختيارهم لغيره، ورفع يده عن التصرف الذي كان ينبغي له.(الشهيد الثاني، حقائق الايمان: 153 ـ 154).
2 ـ قاعدة اللطف
1 ـ ان الامام لطف في حال غيبته وظهوره اما مع ظهوره فلما مرّ، واما عند غيبته فلانه يجوز المكلف ظهوره كل لحظة فيمتنع من الاقدام على المعاصي وبذلك يكون لطفاً، لا يقال: تصرف الامام إن كان شرطاً في كونه لطفاً وجب على الله تعالى فعله وتمكينه والا فلا لطف، لانا نقول: ان تصرفه لابد منه في كونه لطفاً ولا نسلم انه يجب عليه تعالى تمكينه، لان اللطف انما يجب اذا لم يناف التكليف فخلق الله تعالى الاعوان للامام ينافي التكليف، وانما لطف الامام يحصل ويتم بامور: منها خلق الامام وتمكينه بالقدرة والعلوم والنص عليه باسمه ونسبه وهذا يجب عليه تعالى وقد فعله، ومنها تحمل الامامة وقبولها وهذا يجب على الامام وقد فعله، ومنها: النصرة والذب عنه وامتثال أوامره وقبول قوله وهذا يجب على الرعية.
2 ـ المقرب الى الطاعة والمبعد عن المعصية والقهر والاجبار عليها ليس بلطف لانه مناف للتكليف، ونصب الامام والنص عليه وامرهم بطاعته من الاول وقهرهم على طاعته من قبيل الثاني لانه من الواجبات، فلو جاز القهر عليها لجاز على باقي الواجبات، ولان طاعة الامام هي عبارة عن امتثال اوامر الله تعالى ونواهيه فالقهر على الطاعة قهر على الامتثال.
3 ـ الامام هو الآمر بأوامر الله تعالى والناهي بنواهيه، فلو جاز قهر الناس على طاعته لجاز القهر على الاتيان بما أمر الله تعالى به، والامتناع عما نهى عنه من غير وساطة الامام....(العلامة الحلي ـ الالفين: 64 ـ 66).
قالوا: شرطتم لطفيته بتمكينه فمع عدم تمكينه يسارع المكلف الى معصية ربه، قلنا: لم نشرط ذلك بل نصبه لطف وتمكينه آخر، على انّ المكلف يكون خائفاً مترقباً ظهوره دائماً، قالوا: يكفي ترقب وجوده بعد عدمه كما يكفي ترقب ظهوره بعد غيبته فلا قاطع الان بوجوده، قلنا: قضت الضرورة بعدم استواء الخوف مع غيبته بالخوف مع عدمه وإن جزم بوجوده عند مصلحته.(البياضي ـ الصراط المستقيم 1: 64 ـ 65).
ان قيل: تصرفه ان كان شرطاً في لطفيته وجب على الله تمكينه وان لم يكن شرطاً سقطت لطفيته، قلنا: تمكينه انما هو بخلقه وقبوله وقد فعلاه ونصرة الرعية له ولم تفعله وليس تمكينه بخلق الانصار له ليقهر الرعية على اتباعه لمنافاة الالجاء التكليف، ولو جاز أن يقهر الامام الرعية على طاعته جاز الالجاء والقهر في جميع التكاليف وهو محال.(اليباضي ـ الصراط المستقيم 1: 70).
فوجوده لطف وتصرفه لطف آخر....(السيد شبر ـ حق اليقين 1: 270).
واما قولهم لا نسلم ان وجوده بدون التصرف لطف، وما يقال من أن المكلف اذا اعتقد وجوده كان دائماً يخاف ظهوره وتصرفه فيمتنع عن القبائح، ففيه: ان مجرد الحكم بخلقه في وقت ما كاف في هذا، فان ساكن القرية اذا انزجر عن القبائح خوفاً من حاكم من قبل السلطان مختف في القرية بحيث لا أثر له كذلك ينزجر خوفاً من حاكم علم أن السلطان يرسله اليها متى شاء، وليس هذا خوفاً من المعدوم بل من موجود مترقب، كما أن خوف الاول من ظهور مترقب فليس بشيء اذ ذلك الموجود اما معصوم أو لا، والثاني باطل فيكون معصوماً، فاما أن يخبر عن الله من غير امره به أمر بأمره به والاول باطل لانه كذب فهو انما يأمر بأمره فاما بلا واسطة بشر فيكون نبياً، او بواسطته، فظهر ان الامام يجب ان يكون موجوداً معصوماً منصوصاً عليه من قبل بشر معصوم الى ان ينتهي الى صاحب الوحي.(الخاجوئي، الرسائل الاعتقادية 1: 386).
3 ـ قاعدة اللطف
اعترض صاحب فضائح الروافض على قاعدة اللطف، وان نصب الامام في كل زمان واجب على الله تعالى فقال: لا واجب على الله، ولو سلمنا لزم اخلال الله بالواجب حيث لم يكن اماماً مع حاجة الناس اليه ولم ينصره الله ليظهره، اما ان ننسب العجز الى الله واما الى الامام.
اجاب القزويني: ليس هذا الوجوب كالوجوب المستعمل في المكلفين، وليس لاحد ايجاب شيء على الله تعالى، والقول بان الخلق يوجبون شيئاً على الله كفر محض، وليس من مذهب ايّ مسلم، لكن معناه ان الله الحكيم لما كلّف عباده ولم يتم هذا التكليف الا بلطف من قبل الله ومن فعل الله، كان على القديم تعالى فعل هذا اللطف لئلاّ يكون التكليف عبثاً ولا يحصل الخلل في حكمته تعالى... فلما كان المكلف مع وجود المعصوم اقرب الى الطاعة وابعد من المعصية، فلابد من نصب الامام لئلاّ يخلّ بالواجب فانه قبيح، لانه تكليف بما لا يطاق فهذا هو معنى الوجوب عليه تعالى لا ان شخصاً يوجب شيئاً على الله.
والله تعالى نصب الامام وعرّفه للناس، ولما كان غائباً فالعيب على المكلفين المنكرين له... وعدم تصرفه لكثرة اعدائه وتقصير المكلفين... وهذا المنع من التصرف كثيراً ما حصل للانبياء، فلما لم يكن المنع نقصاً في النبوة التي هي اعلى من الامامة فلا يكون نقصاً في الامامة.(القزويني ـ النقض: 565 ـ 567).
... ولا يلزم على ما ذكرناه ان يكون المكلفون في حال الغيبة غير مزاحي العلة في التكليف وأن يسقط عنهم تكليف ما الامامة لطف فيه، لان من اخاف الامام من اعدائه ومنكري امامته فأحوجه الى الاستتار تحرزاً من المضرة لم يحصل لطفه بتصرف الامام لأمر يرجع اليه لا الى مكلفه سبحانه، فلا يجب والحال هذه أن يسقط عنه تكليف ما الامامة لطف فيه، كما لا يجب سقوط تكليف ما العلم باستحقاق الثواب والعقاب لطف فيه عمن جهل ذلك من حيث أتى في فقد المعرفة بهما من قبل نفسه، وكذلك سائر العبادات الشرعية كالصلاة وغيرها فان عصيان المكلف بتركها لا يسقط عنه تكليف ما فعلها لطف فيه من حيث كان فوت انتفاعه بهذا اللطف عائداً اليه كذلك في مسألتنا، واما اولياء الامام العالمون بوجوده القاطعون على امامته وفرض طاعته فلطفهم به حاصل في حال غيبته.(ابن زهرة، غنية النزوع 2: 149 ـ 150).
4 ـ عدم اللطف في الغيبة
قالوا: في حال ظهوره زوال الشبهات عن رعيته فاللطف معدوم او ناقص حال غيبته.
قلنا: هو معارض بالنبي واستتاره على ان حال ظهوره انما الطريق هو الاستدلال على امامته، فكان حال ظهوره مساوياً لحال غيبته في لطفيته.(البياضي، الصراط المستقيم 2: 224).
واما اولياء الامام العالمون بوجوده القاطعون على امامته وفرض طاعته فلطفهم به حاصل في حال غيبته، لان معنى قولهم انه غائب عنهم لا يعرفون شخصه بعينه ولا يميزونه من غيره ولا يعنون بذلك انهم في جهة وهو في غيرها بحيث لا يشاهدهم ولا يعرف اخبارهم، فهم والحال هذه مردودون عن القبائح به كما لو كان ظاهراً لتجويزهم في كل حال ان يظهر لهم بل حال الغيبة أزجر، لانه اذا ظهر تميز شخصه وتعيّن مكانه فأمكن الاحتراز منه وليس كذلك اذا كان غائباً، ولا يلزمنا اذا سوينا بين الغيبة والظهور في ازاحة العلة في تكليف اوليائه ان يكونوا أغنياء عن ظهوره، لان لهم في ظهوره عليه السلام فوائد كثيرة سوى ما ذكرناه، منها: ازالة دول الظالمين المخيفين لهم ورفع جورهم بعدله، ومنها: التمكن من الأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر وجهاد الكفار، ومنها: سهولة التكليف الشرعي ببيانه وسقوط كلفة النظر الشاق في الطرق الموصلة اليه في حال غيبته، ومنها: براءة الذمم من الحقوق الواجبة له في الاموال المتعذر ايصالها اليه مع الغيبة، وهذه قبائح ترتفع وتكاليف تتغير واخر تسهل فكيف يكونون والحال هذه أغنياء عن ظهوره؟!(ابن زهرة ـ غنية النزوع 2: 150).
5 ـ امامة سائر الائمة
الدليل على خلافه الائمة عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجوه:
1 ـ ما تقدم من الروايات الكثيرة الواردة عنه من ان الخلفاء بعدي اثنا عشر، فان هذا المضمون لا ينطبق الا على مذهب الامامية.
2 ـ النقل المتواتر من الامامية خلفاً عن سلف على امامة كل واحد من هؤلاء بالتنصيص، فقد نص كل امام سابق على امام لاحق نصاً متواتراً.
3 ـ يشترط العصمة في الامامة وغير هؤلاء ليسو بمعصومين اجماعاً فتعينت العصمة لهم، والا لزم خلو الزمان عن المعصوم وهو محال.
4 ـ ان الكمالات النفسانية والبدنية بأجمعها موجودة في كل واحد منهم وكل واحد منهم، كما هو كامل في نفسه مكمل لغيره، وذلك يدل على استحقاقهم الرئاسة العامة، لانهم افضل من كل احد في زمانهم ويقبح عقلاً تقديم المفضول على الفاضل.
5 ـ ان كل واحد منهم ادعى الامامة وظهر المعجزة على يده فيكونون هم الائمة.
6 ـ الامام يجب ان يكون منصوصاً عليه، وليس احد غير من ذكرناهم بمنصوص عليهم اتفاقاً.
7 ـ بطلان سائر المذاهب وعدم صحتها فلولا صحة مذهب الامامية لبطل الشريعة الاسلامية، اذ لا وجود لها خارج ذلكم المذاهب لكن الشريعة الاسلامية حقة باتفاق الخصوم فيكون مذهبنا حقاً لا محالة.(المحسني، صراط الحق3: 313 ـ 314).
6 ـ وجود الامام لطف وتصرفه لطف
ان جميع ابعاد وجود الامام لطف، فوجوده في نفسه مع قطع النظر عن سائر ابعاده لطف، لانه وجود انسان كامل في النظام الاحسن، وهو مما يقتضيه علمه تعالى به ورحمته... هذا مضافاً إلى ان مقتضى تمامية الفاعل وقابلية القابل كما هو المفروض في وجود أئمتنا عليهم السلام هو لزوم وجودهم والا لزم الخلف إمّا في تمامية الفاعل او قابلية القابل، والاول محال لعدم العجز والنقصان والبخل فيه تعالى، والثاني خلاف المفروض، فان قابلية الائمة لكمال الانسانية واضحة وبديهية عند الشيعة الامامية، وفي لسان الاخبار فتدوم الخلافة الالهية بوجودهم كما دل في قوله تعالى: (انّي جاعل في الارض خليفة) على استمرار هذه الخلافة الالهية، ولذا استدل الامام الصادق والكاظم عليهما السلام في موثقة اسحاق بن عمار على استمرار الخلافة وعدم انقطاعها بقوله تعالى: (اني جاعل في الارض خليفة) وقالا: ان الله عزوجل اذا قال قولاً وفى به.(تفسير نور الثقلين 1: 42).
ويؤيده ما ورد في الحديث القدسي عنه تعالى: (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن اُعرف فخلقت الخلق لكي اُعرف)(مصابيح الانوار 2: 405). اذ يعلم منه ان الباعث على ايجاد الانسان هو المعرفة الكاملة به تعالى، فليكن في كل وقت فرد بين آحاد الانسان يعرفه كما هو حقه، ولا يحصل ذلك في غير النبي والامام....
ثم ان تصرفه ايضاً لطف سواء كان ظاهرياً او باطنياً، وسواء كان في الانس او الجن او غيرهما، فاذا منع مانع عن ظهوره للناس بحيث يستر ويغيب فلا يضرّ بكونه لطفاً من جهة او جهات اُخر، فانّ المانع يمنعه عن نوع من انواع لطف أبعاد وجوده، هذا مضافاً إلى ان تصرفه في الناس لا يتوقف جميع انواعه على الظهور، بل له ان يتصرف في بعض الامور مع غيبته عن الناس....
على ان غيبته عن الناس لا يستلزم غيبته عن جميع آحادهم، بل له أن يظهر لبعضهم وإرشاده لهم كما ثبت ذلك بالتواتر من الحكايات الواردة في تشرفهم بخدمته وحل مشاكلهم واهتدائهم بهدايته، كما لا يستلزم غيبته عن الجن من الخلق مع انه امام لهم فانهم ايضاً محجوجون بوجوده، فبمثل ما ذكر ظهر ان لطف وجود الامام لطف مضاعف ولطف على لطف... روى الاعمش عن الصادق عليه السلام قال: لم تخل الارض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور او غائب مستور ولا تخلو إلى ان تقوم الساعة من حجة لله فيها لولا ذلك لم يعبد الله، قال سليمان فقلت للصادق عليه السلام: فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ فقال: كما ينتفعون بالشمس اذا سترها السحاب.(البحار 52: 92) و (الخرازي ـ بداية المعارف 2: 152 ـ 155).
7 ـ نقد قاعدة اللطف
اشكل المحسني على وجوب اللطف على الله تعالى راجع الصراط الحق 2: 329 ـ 335 وذهب إلى قاعدة اخرى في وجوب نصب الامام راجع الصراط الحق 3: 191 ـ 193.
8 ـ نقد قاعدة اللطف
ان الذين يقولون بوجوب اللطف على الله تعالى ويوجبون نصب الامام عليه عزوجل يشكل عليهم الامر في المقام، إذ غيبة المهدي عليه السلام تستلزم ان الله لم يفعل ما هو الواجب عليه. قال المحقق الطوسي في التجريد: ووجوده لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منّا، واوضحه العلامة الحلي في الشرح بقوله: ان وجود الامام بنفسه لطف لوجوه: 1 ـ انه يحفظ الشرائع ويحرسها عن الزيادة والنقصان 2 ـ ان اعتقاد المكلفين بوجود الامام وتجويز انقياد حكمه عليهم في كل وقت سبب لردعهم عن الفساد ولقربهم إلى الصلاح وهذا معلوم بالضرورة. 3 ـ ان تصرفه لا شك انه لطف وذلك لا يتم الا بوجوده فيكون وجوده بنفسه لطفاً وتصرفه لطفاً آخر.
اقول: هذه الوجوه ضعيفة فان حفظ الشرع يحصل بتصرفه وارشاده لا بمجرد وجوده قطعاً والزيادة والنقيصة قد وقعتا في الشرع يقيناً سهواً من صلحاء الرواة والمجتهدين وعدولهم وعمداً من اشرارهم، فأين الحراسة؟ فمعنى الحفظ والحراسة ظاهراً انه لو سأله المكلفون يبين الحق بلا زيادة ونقيصة وهذا غير ميسور في غيبته بالضرورة، والاعتقاد بوجوده عليه السلام ولزوم انقياده لا يزيد على الاعتقاد بوجود الله العليم المحيط بكل شيء الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور... فلا أثر له زائداً على ما يترتب على هذا الاعتقاد، ودعوى الضرورة غير مسموعة نعم حضور الامام ورؤيته يوجب ردع اكثر الناس عن المعاصي ويقربهم إلى الصلاح فان الناس ـ الا الأوحدي منهم ـ يتأثرون من المحسوس اكثر من تأثرهم من المعقول كما يشاهد ذلك من تأثرهم من ملاقاة علمائهم. واما ان وجوده مقدمة لتصرفه الذي هو لطف فلا شك فيه غير انه لا يستلزم ان يكون وجوده ايضاً لطفاً ضرورة تباين المقدمة وذيلها، فالوضوء مقدمة للصلاة وليس بصلاة على ان مفاد هذا التلفيق ان وجوده عليه السلام لطف اذا كان له تصرف والا فلا، والمفروض انتفائه في زمن الغيبة فكيف يفرض وجوده لطفاً؟.
{كلام العلامة} ثم قال العلامة: والتحقيق ان نقول لطف الامامة يتم بامور: منها ما يجب على الله تعالى وهو خلق الامام وتمكينه بالقدرة والعلم والنص عليه باسمه ونصبه وهذا قد فعله الله تعالى. ومنها ما يجب على الامام وهو تحمله للامامة وقبوله لها وهذا قد فعله الامام. ومنها ما يجب على الرعية وهو مساعدته والنصرة له وقبول اوامره وامتثال قوله، وهذا لم يفعله الرعية فكان منع اللطف الكامل منهم لا من الله تعالى ولا من الامام.
أقول: العمدة قوله لمن تقدمه: (وهذا لم يفعله الرعية) نقول لهم: ان أردتم جميع الرعية فهو ممنوع قطعاً بل حساً وإن أردتم البعض فما هو ذنب البعض الاخر على انّ لازمه عدم وجوب نصب الانبياء والائمة رأساً لعدم اتفاق الناس بأجمعهم على مساعدة أحد من الانبياء والائمة وهو كما ترى، وعلى الجملة: لا شك انه انما استتر مخافة قتله من الظالمين والملحدين لكن هذا لا يوجب اغتيابه عن مواليه المخلصين بين حين وآخر يرشدهم إلى ما فيه صلاحهم وهداهم.
والتحقيق ان اللطف غير واجب على الله تعالى... ونصب الامام واجب على الله تعالى عقلاً بمناط آخر حررناه في أوائل هذا المقصد وهو لا يجري في المقام، فان الاحكام الشرعية ـ الاّ ما قلّ ـ قد وصلت إلى المكلفين في زمان الصادقين والرضا عليهم السلام، فلا حكم للعقل بعد ذلك في نصب الامام والمتبع بعده النقل، ووجوده عليه السلام، وان كان لطفاً للناس بمعنى ان سبب لانفتاح البركات بل لاستمرار فيض الوجود، فان النبي والائمة عليهم السلام علل غائية لايجاد الخلق كما دلت عليه الروايات لكنه ليس لطفاً بالمعنى المصطلح عند المتكلمين، واما سرّ غيبته عن اوليائه فهو غير معلوم لنا، ولله في افعاله اسرار خفية لا يعلمها الا هو او من أطلعه الله عليها من المعصومين....(المحسني، صراط الحق 3: 459 ـ 461).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page