المسألة الثانية عشرة: الرد على نهي البديري عن زيارة معالم المدينة المنورة ! (2)
وفي سنة 1422 أخبرني بعض الحجاج بآخر تحريف قاموا به في الضريح النبوي الشريف ، ثم تأكدت منه بنفسي حيث غيروا الكتابة التي على الشبابيك الثلاثة من جهة الرأس الشريف ، وهي كتابة مصنوعة من النحاس على شكل تاج مثلث مكتوب فيه (يا الله يا محمد) وكانوا قاموا قبل سنوات بإزالة ياء النداء من الثانية فصارت الكتابة (يا الله ا محمد) وقد اشتريتُ صورتها بهذا الشكل المحرف كوثيقة..
وهذه السنة غيروا العبارة الى ( يا الله يا مجيد ) ! وإن سألتهم لماذا اخترتم (مجيد) من الأسماء الحسنى التسع والتسعين؟ لأجابوك لأنه أقرب إلى اسم (محمد) لكي نحافظ على شكل ما كان موجوداً !
وهذا من مهارتهم في التدليس في تحريف نصوص الدين وآثاره ، حيث يحرفون المضمون ، ويبقون الشكل ليغشوا المسلمين !
كل هذا لأن أذهانهم الهوجاء وسليقتهم العوجاء تتخيل أن نداء النبي صلى الله عليه وآله (يا محمد) والتوسل به الى الله تعالى ، شرك وكفر !!
أضف إلى ذلك أنهم حذفوا أوغيَّروا كثيراً من الكتابات وأبيات الشعر التي كانت على الضريح النبوي ، وعلى أعمدة الروضة في المسجد الشريف !
وأزالوا الضريح الرمزي لفاطمة الزهراء عليه السلام في أواخر الحجرة النبوية الشريفة ، وأعدموا الرخامة التي كانت تحت الضريح الرمزي ، وقد كتب عليها الحديث النبوي ، وهو: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فاطمة مهجة قلبي ، ووابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها أمناء ربي , حبل ممدود من السماء الى الأرض ،من اعتصم بهم ونجا ، ومن تخلف عنهم هوى )
(رواه الزمخشري في المناقب ص213، وابن أبي الفوارس في الأربعين حديثاً ، والحمويني في فرائد السمطين ، والفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص144، وغيرهم) .
كما غيروا مكان أبواب الحرم ، ومنها باب جبرائيل ، فموضعه الحالي ليس موضعه الأصلي ، وقد جعلوا مكانه شباكاً .
وأزالوا باب علي عليه السلام وهو من جهة البقيع ، سدوه عند تجديد الحائط الشرقي ، وجعلوا مكانه شباكاً .
وأزالوا الرخامة المكتوب عليها آية تغير القبلة في مسجد القبلتين !
وهدموا كثيراً من المزارات الشريفة والآثار المباركة ، وأزالوها .
وقد لاحقت فتاويهم ومعاولهم كل أثر مبارك في المدينة المنورة ، حتى النخلات التي غرسها النبي صلى الله عليه وآله بيده ، والتي واصل المسلمون غَرْسَ مكانها من فِسْلانها كلما شاخت ، فبقيت أثراً مباركاً يستشفي المسلمون بتمرها ، وقد كانت الى مدة قريبة في بستان سلمان الفارسي رضي الله عنه ، وقد أكلتُ منها للتبرك قبل أكثر من عشرين سنة ، فطالتها نيرانهم فأحرقوها ، ثم قلعوها وحرثوا أرضها بالماكنات !!
ولا يتسع المجال لتعداد أفاعيلهم في آثار النبي وآله صلى الله عليه وآله وأصحابه ، التي جعلتهم منفورين عند كل مسلمي العالم !
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
لكن من عجائب هؤلاء المشايخ أن معاولهم والسنتهم خرست أمام حصن زعيم اليهود كعب بن الأشرف ، العدو اللدود للنبي صلى الله عليه وآله ، فما زال حصنه وآثاره في المدينة سليمةً معافاة ! كأنهم أفتوا بوجوب المحافظة عليها ؟!
ففي كتاب تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً ، لأحمد ياسين الخياري مع تعليق عبيد الله محمد أمين كردي ، إصدار نادي المدينة المنورة الأدبي ، مطابع شركة دار العلم في السعودية ، كتب مؤلفه ص22:
(بقية حصن كعب بن الأشرف بأعلى بطحان وليس بالعوالي ، قبل سد العوالي للصاعد إليه من العوالي ، وترى آثاره على اليمين بعد حديقة البلدية بخسمأة متر تقريباً ، وعليها لافتة من إدارة الآثار تمنع تغيير المعالم ) !!
وهذا ما جاء في موقع :http://www.al-madinah.org/arabic/137.htm :
فارع ، حصن كعب بن الأشرف
وهو قلعة صغيرة مبنية على هضبة صخرية في المنطقة الجنوبية الشرقية للمدينة ، يبلغ طول الحصن33 متراً ، وعرضه33 متراً ، وارتفاع ما بقي من جدرانه4 أمتار ، وسمكها متر ، وله باب واحد من الجهة الغربية ، وثمانية أبراج ضخام مبنية من حجارة ضخمة ، طول بعضها140سم ، وعرضها80 سم ، وسمكها40 سم . وبوسطه رحبة واسعة مربعة تبلغ مساحتها ألف متر. وبجوانب الحصن من الداخل10 غرف ، وبداخله بئر ، وقد خرب هذا الحصن عندما أجلى الرسول(ص)بني النضير عن المدينة ، وسمح لهم بحمل ما يستطيعون حمله من أمتعة دون السلاح .
وصاحب هذا الحصن كعب بن الأشرف ، وهو يهودي عربي من قبيلة نبهان ! أمه من بني النضير ، وكان يؤلب المشركين على حرب المسلمين بشعره ويؤذي المسلمين ، فأمر النبي(ص)بقتله ، فذهب بعض الصحابة واحتالوا عليه وأخرجوه من حصنه ليلاً ، وقتلوه سنة 2 للهجرة .
للتوسع: آثار المدينة المنورة / عبدالقدوس الأنصاري ص61 . انتهى.
وانتبه الى قولهم (وهو يهودي عربي من قبيلة نبهان)؟! فهو مقولة الحزب القرشي الذي كان يزعم أن رئيس بني قريظة عربي ، ليبرر تحالفهم معه ضد الإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله ! فمتى سمح اليهود لعربي أن يترأس فيهم ، خاصة بنو النضير أكثر اليهود تعصباً ؟!
قال البيهقي في سننه:9/183: (بعث رسول الله(ص)حين فرغ من بدر بشيرين إلى أهل المدينة ، زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة ، فلما بلغ ذلك كعب بن الأشرف فقال: ويلك أحق هذا؟! هؤلاء ملوك العرب وسادة الناس ، يعني قتلى قريش ، ثم خرج إلى مكة فجعل يبكى على قتلى قريش، ويحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ! .
وفي فتح الباري:7/259: (باب قتل كعب بن الأشرف أي اليهودي ، قال بن إسحاق وغيره...وكان طويلاً جسيماً ذا بطن وهامة ، وهجا المسلمين بعد وقعة بدر ، وخرج إلى مكة فنزل على بن وداعة السهمي.... كان شاعراً وكان يهجو رسول الله(ص)ويحرض عليه كفار قريش....
قدم على مشركي قريش فحالفهم عند أستار الكعبة على قتال المسلمين . ومن طريق أبي الأسود عن عروة أنه كان يهجو النبي(ص)والمسلمين ويحرض قريشاً عليهم...
صنع طعاماً وواطأ جماعة من اليهود أنه يدعو النبي(ص) إلى الوليمة فإذا حضر فتكوا به ، ثم دعاه فجاء ومعه بعض أصحابه فأعلمه جبريل بما أضمروه بعد أن جالسه ، فقام فستره جبريل بجناحه فخرج ، فلما فقدوه تفرقوا ! فقال حينئذ من ينتدب لقتل كعب ) . انتهى .
فليت هؤلاء المشايخ يعاملون آثار النبي وأهل بيته وأصحابه صلى الله عليه وآله و مساجد المدينة الأثرية المباركة ، كما عاملوا آثار حصن كعب اليهودي !!
فقد هدموا مسجد السـقيا الذي هو أحد المساجد السبعة المشهورة ، وكذلك مسجد الشمـس الذي رد الله فيه الشمس من عند غروبها الى وقت العصر ، فكانت معجزة للنبي صلى الله عليه وآله ، فقد هدموه وجعلوه ورشة حدادة !
وهاهم أقفلوا مسجد الغمامة ، القريب من مسجد النبي صلى الله عليه وآله ومنعوا الزوار من التبرك به والصلاة فيه ، مقدمةً لهدمه !
قلت لأحد هؤلاء المشايخ: مادامت آثار النبي وآله وأصحابه صلى الله عليه وآله وقبابهم على قبورهم بدعة يجب أن تهدم ، لسد ذرائع الشرك وعبادة غير الله تعالى، فأفتوا لنا بهدم قبة أحمد بن حنبل في بغداد ، ونحن نكفيكم إياها ؟!
فنظر اليَّ بغضب ولم يجب ! وحسبنا الله ونعم الوكيل .
تمت الرسالة والحمد لله رب العالمين
ووقع الفراغ منها بقم المشرفة في اليوم الثاني من ربيع الثاني سنة 1423
وحررها أقل خدمة العترة النبوية: علي الكوراني العاملي