• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

من معاني الصوم

ثمة مغزى آخر من مغازي الصوم، هو قدرة الصائم على أن يستحضر الله في نفسه في كل دقيقة، فالعبرة ليست بالضار والنافع، ولا ما يجلب الكسب أو الخسران، بل بما يحب الله وما لا يحب، يبيح لك الطيبات عامًا كاملاً، ويحرمها عليك شهرًا واحدًا.
فلم تَصِر الطيبات خبائث، بل الخبث يتخلق في بُعدك أنت عن خالق الطيبات، وفي الصيام تذكرة تربط أول الدنيا بآخرها، فالله قد أحل لآدم وحواء جنة بأسرها، وحرم عليهما شجرة واحدة، كما أحل لك اليوم عامًا بأسره، وحرّم عليك شهرًا واحدًا.

فإن أعرضت عن هذا الشهر طردت من جنة السكينة، كما طرد أبواك من جنة السماء، وفي جنة السكينة استطاع المسلمون الأوائل أن يملكوا ثلثي العالم القديم في تسعين عامًا فقط.
فهل صارت الفوضى إلى دنياهم إلا حين بدأت من أنفسهم؟ لأن التفريط بطبيعته لا يتجزأ، وقد أراد لك الله ألا يجرك بعض التفريط إلى بعض، فأقام جسرًا شفافًا بين نهار الصوم وليله، فأنت تظل صائمًا نهارك، فإذا جنّ عليك الليل فقد أبيح لك كل شيء.
ولكنها إباحة مقيدة، إباحة تحفظ عليك الحياة دون أن تسمح لك بأن تذوب فيها؛ لأن ذوبانك فيها سوف يبغض إليك الصيام الغد، فأنت بالنهار صائم وبالليل محتاط، فصومك نهارًا يقوي لديك الاحتياط ليلاً، كما أن احتياطك ليلاً، يجعلك أصلح لصوم النهار.
والصوم يحمل في طياته تضحية، ومبدأ التضحية في الإسلام قائم على أساس رؤيته للوجود، ومؤدى هذه الرؤية ببساطة أن هناك جسورًا ممتدة بين عالمي الغيب والشهادة، ويجب أن يبقى المضحي ليجني بنفسه ثمرة تضحياته، ويكون آية لمن خلفه، غير أن التضحية يجب أن تكون مرآة ينعكس عليها صفاء العلاقة بين العبد وربه، فليس المهم ضخامة أو ضآلة التضحية، بل المهم حقًّا هو المبدأ الذي عليه تتم التضحية.
لهذا نهى الإسلام تمامًا عن أي تضحية شعائرية تؤدي بالنفس البشرية، أما الأديان التي جعلت العالمين -الغيب والشهادة- عالمًا واحدًا، فإنها لم ترَ بأسًا بأن يكون المضحي بنفسه جزءًا من تضحيته، على أساس أنه انتقل من أحد قسمي العالم إلى القسم الآخر الذي يساويه تمامًا.
وحسبنا أن نذكر عقيدة "السوتي" عند الهنود، تلك العقيدة التي تلزم توابعها من النساء بأن يحرقن أنفسهن، إذا ما هلك عنهن أزواجهن، وعقيدة الانتحار على طريقة "الهاراكيري" عند طبقة الساموراي اليابانيين، تلك العقيدة التي تلزم أتباعها من رجال هذه الطبقة بأن يبقروا بطونهم متى ما لحقت بهم مهانة.
صلاح الدين عبد الله 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page